أ. مريم ديب*
47- العدد السابع والأربعون خريف 2018
أمّة حزينة ومنكسرة
أمّة اثّاقلت إلى الأرض وعبدت الدنيا ونسيت الله
أمّة ألهت نفسها بكل شيء وتركت الصلاة والعبادة
أشغلت نفسها بحب الدنيا، حبِّ الذل بدلا من العزّة
أصبحت قلوبنا تهوى المعاصي والملذات، وتتكاسل عن الصلاة والصوم والذكر، وحتى عن قراءة القرآن الكريم، قد أصبحت ثقيلة جداً على سمعنا وعلى ألسنتنا.. ماتت قلوبنا
حتى في يوم عرفات، في هذا اليوم العظيم، غفلنا عن الله!
كنت أتحدث في يوم عرفات إلى صديقة لي في العمل وقلت لها في نهاية الدوام، لا تنسي الدعاء اليوم، لا تنسي أنه يوم ذكر واستغفار وقرب من الله عز وجل
لا تنسي أن تكوني مع الله، مع من خلقنا وأكرمنا وجعلنا أحبّ الخلق عنده.
قالت: لا أستطيع، سآخذ أمي وأختي إلى المقبرة لزيارة أموات لنا ونأخذ لهم الورود.. لن يكون عندي وقت لغير ذلك.
أبكاني جوابها، بكيت بشدة لأننا لم نعد نعلم أن الموتى لا ترفع درجاتهم إلا بصلاح من يدعو لهم من الأحياء.. ترانا نسينا أنفسنا، ونسينا كيف نتقرب إلى ربنا سبحانه!
ليت الأمر يقف عند هذه الغفلة، لكننا نعيش في الغفلة، نأخذ من الدين ما يصل إلى أسماعنا نتفا، ولا نسأل ولا نتعلم ولا نفقه! ألمثل هذا تراجعت أمتنا وانحدرت بين الأمم؟
ولعلّ هذه الحادثة هي من أبسط ما نواجه، إذ بات الزنا تحرر، والمخدرات راحة من تعب الحياة، والخيانة تجربة، والمثلية الجنسية حرية شخصية، فاضطرب الإنسان وتزعزع كيانه النفسي والاجتماعي والحياتي بأكمله، وحلّ الحزن وانتشرت الكآبة وهبطنا إلى أسفل ما يكون.
ازدادت المشاكل وازداد البعد عن الله تعالى، واللجوء إلى الله صار مشقة ووهم، بل ولم يعد يخطر بالبال.
رفضنا اللجوء إلى الركن الشديد، رفضنا طمأنينة القلب بذكر الله، وانشراح الصدر بتلاوة كتاب الله.
العداوة بين العبد والخالق صارت واضحة كالشمس، والعداوة بيننا وبين بعضنا سيدة الموقف،
أمس أصدقاء واليوم أعداء كأننا لا نعرف بعضنا أبدا وكأننا لم نكن يوماً إخوة.
حتى بعض من يعمد إلى إظهار انتمائه الديني إلى العلن، تتعارض سلوكياته مع ما يؤمن به، فنرى أخلاقه وسلوكياته مختلفة عن تعاليم دينه، ونرى البعد عن الله تعالى واضحاً في أسلوب حياته.. فأصبحنا كالقشورلا لبّ فينا…
أخاف أن نكون قد اقتربنا من النهاية، من تلك اللحظة التي قد يستبدلنا فيها الله بقوم أخرين يحبهم ويحبونه.. قوم يعزّ الله بهم دينه، يباهي بهم ملائكته، لا يفترون عن الدعوة إليه وعن الدلالة عليه.
بتنا راضين بتقاعسنا واستخفافنا، ونطمع ان يتولانا ربنا بفضله ورحمته! إنها عين الوقاحة.
يا الله كم أخاف أن يأتينا هذا اليوم بغتة ونحن لا نشعر.
أين نحن من قول الله تعالى:
{وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَن ْيَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ (54) وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ (55) أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ (56)} [سورة الزمر].
{… رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْأَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا…} [البقرة: 286]، ربنا وأعِنّا على أنفسنا واهدِ قلوبنا وسدد خطانا.
*من صديقات منتدى الإعجاز العلمي في القرآن والسنة.