هذا الرجل فعلها قبل 77 عاما
محمد الحربي*
47- العدد السابع والأربعون خريف 2018
قام شاب بالطواف سباحة حول الكعبة بعد هطول أمطار غزيرة على مكة المكرمة قبل 77 عاماً، حينها غمرت المياه صحن المطاف لأكثر من المتر والنصف، لتغطي الحجر الأسود.
تلك القصة تحكيها صورة التقطت للشاب البحريني علي العوضي عام 1941، في عبادة نادرة تمارس بالسباحة، حيث سجلت كتب السير، أن صحابياً سبق أن طاف سباحة بالبيت العتيق.
البحريني علي العوضي الذي توفي منتصف 2015، أشار، في تقارير صحافية سابقة، إلى أنه في نفس العام، كان يدرس في مكة وعمره لا يتجاوز 12 عاماً، وقد هطلت أمطار غزيرة وقتها استمرت أسبوعاً كاملاً لم تنقطع لا في الليل ولا في النهار.
وفي اليوم الأخير من أيام المطر، قرر العوضي مع أخيه واثنين من أصدقائه ويصحبهم أستاذه، الذهاب للحرم المكي، فوجدوا أن الماء قد غطى الحرم ليقفوا لمشاهدة المنظر المهيب، واقترح العوضي – وهو متمرس على السباحة – أن يطوفوا سباحة بالكعبة المشرفة، لينالوا هذه العبادة سباحة، فنزل مع شقيقه وأحد أصدقائه لينفذوا الفكرة.
وقد التقطت الصورة للعوضي وهو بالقرب من مقام إبراهيم، بينما يجلس شقيقه وصديقه على باب الكعبة للاستراحة بعد طواف مختلف ونادر.
من أول من طاف بالكعبة سباحةً؟
وقصة المطر مع الكعبة المشرفة، تناقلتها كتب السير منذ العصور الأولى لحياة الرسول صلى الله عليه وسلم قبيل البعثة، حيث انهدم البيت العتيق من أثر المطر وشارك الرسول الكريم في البناء بوضع الحجر الأسود في مكانه.
كما نقلت السيرة، أن أول من طاف بالبيت العتيق سباحة هو الصحابي عبدالله بن الزبير بن العوام، حيث أخرج ابن أبي الدنيا عن طريق ليث عن مجاهد، قال: ما كان باب من العبادة إلا تكلفه ابن الزبير، ولقد جاء سيل بالبيت العتيق، فرأيت ابن الزبير يطوف سباحة.
وممن طاف سباحة بالبيت العتيق من العلماء بدر الدين بن جماعة (639-733هـ) ، قال صاحب كتاب “كشف الخفاء ومزيل الإلباس: ” (وهو فعل حسن؛ حتى أن البدر بن جماعة طاف بالبيت سباحة، كلما حاذى الحجر غطس لتقبيله، واتفق لغيره من المكيين وغيرهم. بل قال مجاهد إن ابن الزبير -رضي الله عنه- طاف سباحة، وقد جاء سيل طبق الأرض وامتنع الناس من الطواف).
ويعد الطواف سباحة من العبادات النادرة، حينما يغمر الصحن المياه، وقد شهدت مكة العديد من السيول الكبيرة لكنها بحسب المؤرخين، لا ترتقي أن تمارس فيها السباحة، حيث كان الناس يخوضون في الماء بأقدامهم عدا الحادثتين الشهيرتين إحداهما في عصر صدر الإسلام والأخرى قبل نحو 77 عاماً.
* المصدر: العربية.نت ـ تاريخ النشر: الأربعاء 28 رمضان 1439 هـ – 13 يونيو 2018
[1] إسماعيل بن محمد العجلوني الدمشقي أبو الفداء (المتوفى: 1162هـ)، كشف الخفاء ومزيل الإلباس (المكتبة العصرية تحقيق عبد الحميد هنداوي ج2 ص309).