رضي الله عنه
من أوائل الصحابة الذين رابطوا في بيروت
أَبُو الدَّرْدَاءِ واسمه عويمر بْن زيد بْن قيس بْن عَائِشَة بن أمية بن مالك ابن عامر بْن عَديّ بْن كعب بْن الخزرج بْن الحارث بن الخزرج. وأمه محبة بنت واقد ابن عَمْرو بْن الإطنابة بْن عامر بْن زَيْد مناة بن مالك بن ثعلبة بن كعب. كان قبل الإسلام من كبار التجار في المدينة المنورة.
تأخر إسلامه، فلم يشهد بدرًا، وشهد أحدًا وما بعدها من المشاهد مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وآخى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بينه وبين سلمان الفارسي.
كان من أفاضل الصحابة وفقهائهم وحكمائهم. روى عَنْهُ: أنس بْن مَالِك، وفضالة بْن عُبَيْد، وَأَبُو أمامة، وعبد اللَّه بْن عُمَر، وابن عَبَّاس وَأَبُو إدريس الخولاني، وجبير بْن نفير، وابن المسيب، وغيرهم.
ولي أبو الدرداء قضاء دمشق فِي خلافة عثمان، وتوفي قبل أن يقتل عثمان بسنتين.
إسلامه:
أخرج الحاكم في المستدرك عن الواقدي قال: كان أبو الدرداء رضي الله عنه فيما ذُكر – آخر داره سلاماً، لم يزل متعلَّقاً بصنم له وقد وضع عليه منديلاً، وكان عبد الله بن رواحة رضي الله عنه يدعوه إلى الإِسلام فيأبى؛ فيجيئه عبد الله بن رواحة وكان له أخاً في الجاهلية قبل الإِسلام. فلما رآه قد خرج من بيته خالفه فدخل بيته، وأعجل امرأته وإِنها لتمشط رأسها. فقال: أين أبو الدرداء؟ فقالت: خرج أخوك آنفاً. فدخل بيته الذي كان فيه الصنم ومعه القَدُوم فأنزله وجعل يقدده فِلْذاً فِلْذاً وهو يرتجز:
تبرّأ من أسماء الشياطين كلها … ألا كل ما يدعى مع الله باطل
ثم خرج وسمعت المرأة صوت القَدُوم وهو يضرب ذلك الصنم، فقالت: أهلكتني يا ابن رواحة فخرج على ذلك فلم يكن شيء حتى أقبل أبو الدرداء إلى منزله، فدخل فوجد المرأة قاعدة تبكي شفقاً منه. فقال: ما شأنك؟ قلت: أخوك عبد الله بن رواحة دخل عليّ فصنع ما ترى. فغضب غضباً شديداً، ثم فكَّر في نفسه فقال: لو كان عند هذا خير لدفع عن نفسه. فانطلق حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه ابن رواحة فأسلم.
كان أَبُو الدرداء أقنى أشهل، يخضب بالصفرة، عَلَيْهِ قلنسوة وعمامة قَدْ طرحها بين كتفيه. أَخْرَجَهُ الثلاثة.
كان ميسور الحال فانصرف إلى العبادة:
كُنْتُ تَاجِرًا قَبْلَ أَنْ يُبْعَثَ النَّبِيُّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فَلَمَّا بُعِثَ مُحَمَّدٌ زَاوَلْتُ التِّجَارَةَ وَالْعِبَادَةَ فَلَمْ تَجْتَمِعَا فَأَخَذْتُ الْعِبَادَةَ وَتَرَكْتُ التِّجَارَةَ.
في خدمة النبي صلى الله عليه وسلم:
سمع أبا الدرداء رضي الله عنه أو أبا ذر رضي الله عنه قال: استأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أبيت على بابه يوقظني لحاجته، فأذن لي فبت ليلة.
في غزوة احد: شهد أبو الدَّرْدَاءِ غزوة أُحُد. وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – نَظَرَ إِلَيْهِ يَوْمَئِذٍ وَالنَّاسُ مُنْهَزِمُونَ فِي كُلِّ وَجْهٍ فَقَالَ: نِعْمَ الْفَارِسُ عُوَيْمِرٌ غَيْرَ أُفَّةٍ. يَعْنِي غَيْرَ ثَقِيلٍ.] وَكَانَ أَبُو الدَّرْدَاءِ مِنْ عِلْيَةِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -وَأَهْلِ النِّيَّةِ مِنْهُمْ. وَقَدْ حَدَّثَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – أَحَادِيثَ كَثِيرَةً. وَشَهِدَ مَعَهُ مَشَاهِدَ كَثِيرَةٍ.
كَانَ إِذَا حَدَّثَ الْحَدِيثَ عَنِ النَّبِيِّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنْ لَمْ يَكُنْ هَكَذَا فَشِبْهُهُ فَشَكْلُهُ.
وَخَرَجَ أَبُو الدَّرْدَاءِ إِلَى الشَّامِ فَنَزَلَ بِهَا إِلَى أَنْ مَاتَ.
اسْتُعْمِلَ أَبُو الدَّرْدَاءِ عَلَى القضاء فأصبح يهنئونه. فقال: أتهنئوني بِالْقَضَاءِ وَقَدْ جُعِلْتُ عَلَى رَأْسِ مَهْوَاةٍ مَزَلَّتُهَا أَبْعَدُ مِنْ عَدَنِ أَبْيَنَ وَلَوْ عَلِمَ النَّاسُ مَا فِي الْقَضَاءِ لأَخَذُوهُ بِالدُّوَلِ رَغْبَةً عَنْهُ وَكَرَاهِيَةً لَهُ. وَلَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي الأَذَانِ لأَخَذُوهُ بِالدُّوَلِ رَغْبَةً فِيهِ وَحِرْصًا عَلَيْهِ.
عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: تَفَكُّرُ سَاعَةٍ خَيْرٌ مِنْ قِيَامِ لَيْلَةٍ.
حفظ القرآن: جَمَعَ الْقُرْآنَ فِي زَمَانِ النَّبِيِّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – خَمْسَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ: مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَعُبَادَةُ بْنُ صامت وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَأَبُو أَيُّوبَ وَأَبُو الدَّرْدَاءِ.
جَمَعَ الْقُرْآنَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم – سِتَّةُ نَفَرٍ: أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَأَبُو الدَّرْدَاءِ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَسَعْدٌ وَأَبُو زَيْدٍ.
بناء المسجد النبوي:
خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن رواحة وأبي الدرداء رضي الله عنهما ومعهما قصبة يذرعان بها المسجد، فقال: «ما تصنعان» ؟ فقالا: أآدنا أن نبني مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم على بنيان الشام، فيقسم ذلك على الأنصار، فقال: «هاتياها» فأخذ القصبة منهما ثم مشى بها حتى أتى الباب فدحا بها، وقال: «كلا، ثُمام وخشيبات وظُلَّة كظلَّة موصى، والأمر أقرب من ذلك» قيل: وما ظلُّه موسيك قال: «إذا قام أصاب رأسُه السقفَ»
المؤاخاة:
آخَى النَّبِيَّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – بَيْنَ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ.
آخَى بَيْنَ أَبِي الدَّرْدَاءِ وَبَيْنَ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الأَشْجَعِيِّ. وَشَهِدَ عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ خَيْبَرَ مُسْلِمًا. وَكَانَتْ رَايَةُ أَشْجَعَ مَعَ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ.
نَزَلَ سَلْمَانُ عَلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ. وَكَانَ أَبُو الدَّرْدَاءِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ مَنَعَهُ سَلْمَانُ وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَصُومَ مَنَعَهُ. فَقَالَ: أَتَمْنَعُنِي أَنْ أَصُومَ لِرَبِّي وَأُصَلِّيَ لِرَبِّي؟ فَقَالَ: إِنَّ لِعَيْنِكَ عَلَيْكَ حَقًّا وَإِنَّ لأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا فَصُمْ وَأَفْطِرْ وَصَلِّ وَنَمْ. [فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فَقَالَ: لَقَدْ أُشْبِعَ سلمان علما].
دَخَلَ سَلْمَانُ عَلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ فَقِيلَ لَهُ هُوَ نَائِمٌ. قَالَ: فقال مَا لَهُ؟ قَالُوا: إِنَّهُ إِذَا كَانَ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ أَحْيَاهَا وَيَصُومُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ. قَالَ: فَأَمَرَهُمْ فَصَنَعُوا طَعَامًا فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ ثُمَّ أَتَاهُمْ فَقَالَ: كُلْ. قَالَ: إِنِّي صَائِمٌ. فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى أَكَلَ. ثُمَّ أَتَيَا النَّبِيَّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فَذَكَرَا لَهُ ذَلِكَ [فَقَالَ النبي. ص: عُوَيْمِرُ سَلْمَانُ أَعْلَمُ مِنْكَ وَهُوَ يَضْرِبُ عَلَى فَخِذِ أَبِي الدَّرْدَاءِ عُوَيْمِرُ سَلْمَانُ أَعْلَمُ مِنْكَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ لا تَخُصَّ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ بِقِيَامٍ بَيْنَ اللَّيَالِي وَلا تَخُصَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِصِيَامٍ بين الأيام] .
وأخرج البخاري عن أبي جُحَيفة رضي الله عنه قال: آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين سلمان وأبي الدرداء رضي الله عنهما، فزار سلمان أبا الدرداء فرأى أم الدرداء رضي الله عنها مُتبَذِلة، فقال لها ما شأنك؟ قالت: أخوك أبو الدرداء ليس له حاجة في الدنيا، فجاء أبو الدرداء فصنع له طعاماً فقال: كل، فإني صائم، قال: ما أنا بآكل، حتى تأكل، فأكل فلما كان الليل ذهب أبو الدرداء يقوم، قال: نم، فنام، ثم ذهب يقوم، فقال: نم، فلما كان من آخر الليل قال سلمان: قم الآن، فصلَّيا، فقال له سلمان: إنَّ لربك عليك حقاً، ولنفسك عليك حقاً، وأهلك عليك حقاً؛ فاعطِ كلَّ ذي حقَ حقَّه. فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، فقال النبي صلى الله عليه وسلم «صدق سلمان» .
فَسَكَنَ أَبُو الدَّرْدَاءِ الشام وسكن سلمان الكوفة.
أخوان في الله يتناصحان:
عن عبد الله بن هبيرة أن أبا الدرداء كان قاضيا بالشام فكتب إلى سلمان هلم إلى أرض الجهاد وأرض المقدسة فأجابه سلمان كتبت تدعوني إلى أرض الجهاد وأرض المقدسة ولعمري ما الأرض تقدس المرء ولكن المرء يقدسه عمله وقد بلغني أنك جلست كئيبا تداوي فإن كنت طبيبا مبرئا فطوباك وإن كنت متطببا فاتق لا تقتل إنسانا فتدخل النار قال فكان أبو الدرداء إذا قضى بين اثنين ثم شك في قضائه قال ردوهما ثم يقول متطبب والله.
قال أَبُو الدرداء: أعوذ بالله أن يأتي علي يَوْم، لا أذكر فيه عَبْد اللَّهِ بْن رواحة، كان إذا لقيني مقبلًا ضرب بين ثديي، وَإِذا لقيني مدبرًا ضرب بين كتفي ثم يقول: يا عويمر، اجلس فلنؤمن ساعة، فنجلس، فنذكر اللَّه ما شاء، ثم يقول: يا عويمر، هذه مجالس الإيمان.
كان عبد الله بن رواحة إذا لقيني قال لي: يا عُمير اجلس نتذاكر ساعة، فنجلس فنتذاكر، ثم يقول: هذا مجلس الإيمان، مَثَلُ الإِيمان مَثُلُ قميصك، بينا أنك قد نزعته إذا لبسته، وبينا أنك قد لبسته إذ نزعته، القلب أسرع تقلُّباً من القدر إذا استجمعت غليانها.
مر الصحابي سهل بْن الحنظلية (أنصاري ممن بايع تحت الشجرة) بأبي الدرداء وجلساء له فسلم عليه، فقال أَبُو الدرداء: كلمة تنفعنا ولا تضرك، فقال: قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” المنفق عَلَى الخيل في سبيل اللَّه، كالباسط يديه بالصدقة، لا يقبضها “.
أبا الدرداء رضي الله عنه إبتنى بدمشق قنطرة، فبلغ ذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو بالمدينة، فكتب إليه: يا عُويمر بن أم عويمر، أما كان لك في بنيان فارس، والروم ما يكفيك حتى تبني البنيانات؟ وإِنما أنتم يا أصحاب محمد قدوة.
كيف آخى النبي بين الصحابة؟ الراوي ليس أبا الدرداء
عن سعد أو سعيد بن عامر الجمحي قال قال رسول الله ص – ذات يوم يا أبا بكر تعال ويا عمر تعال إني أمرت أن أؤاخي بينكما بوحي أنزل علي من السماء وأنتما أخوان في الدنيا وأخوان في الجنة فليسلم كل واحد منكما على صاحبه وليصافحه فأخذ أبو بكر بيد عمر فتبسم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال يكون قبله ويموت قبله يا زبير تعال يا طلحة تعال أمرت أن أؤاخي بينكما فأنتما أخوان في الدنيا وأخوان في الجنة فليسلم كل واحد منكما على صاحبه وليصافحه ففعلا ثم قال لأبي عبيدة بن الجراح ولسالم مولى أبي حذيفة مثل ذلك ففعلا ثم قال لأبي بن كعب ولابن مسعود مثل ذلك ففعلا ثم قال لمعاذ ولثوبان مثل ذلك ففعلا ثم قال لأبي طلحة ولبلال مثل ذلك ففعلا ثم قال لأبي الدرداء وسلمان مثل ذلك ففعلا ثم قال لسعد بن أبي وقاص وصهيب مثل ذلك ففعلا ثم قال لأبي ذر ولهلال مولى المغيرة بن شعبة مثل ذلك ففعلا ثم قال لأبي أيوب الأنصاري ولعبد الله بن سلام مثل ذلك ففعلا ثم قال يا أخي يا أسامة تعال ويا هند تعال حجاما كان يحجم النبي (صلى الله عليه وسلم) الذي شرب من دم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال لهما مثل ذلك ففعلا قال فالتفت عبد الرحمن بن عوف إلى عثمان بن عفان فقال إنا لله وإنا إليه راجعون هلكنا ما لنا لا يلتفت إلينا نعوذ بالله من معتبته ومن موجدة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فالتفت إليهما رسول الله ص – فقال الله ما الله لكما بماقت ولا رسوله عليكما بواجد وانكما لتكرمان على الله وعلى رسوله وعلى ملائكته ولكن أردت أن أدعو بكما نهاني الملك الذي نزل بهذا الأمر من عند الله فقال أخرهما فإنهما غنيان وإنما أخرتكما لأموالكما وكذلك يحاسب الناس يوم القيامة يعجل حساب الفقير ويؤخر حساب الأغنياء وهم في الحبس الشديد وأنتما أخوان في الدنيا وأخوان في الجنة فليسلم كل واحد منكما على صاحبه ويصافحه ثم قال لهما أرضيتما قالا نعم الحمد لله الذي لم يفضحنا فقال لهما رسول الله ص – ألا أزيدكما قالا بلى يا رسول الله قال فإنكما أخوان في هذه الدار وفي دار الجنة كأخي إلياس ومؤمن آل فرعون، ياسين إن الياس كان أحب الناس إلى مؤمن آل ياسين فبعث الله جبريل إلى إلياس أن الله قد واخى بينك وبين عبده المقتول ظلما فأنا أشهد الله وأشهدكما أني قد واخيتكما جميعا في هذه الدار وفي دار الآخرة فأنتم خير الناس مأدبة وموالي وأمرت أن أواخي بين فاطمة بنت محمد وأم سليم هنيئا لأم سليم بلطفها برسول الله ص – وأمرت أن أؤاخي بين عائشة بنت أبي بكر وبين امرأة أبي أيوب ألا جزى الله آل أبي طلحة وآل أبي أيوب كما صلى على محمد وآل إبراهيم.( تاريخ دمشق لابن عساكر (19/ 417)
نظرة النبي والصحابة إليه:
-قال النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” عويمر حكيم أمتي “.
-كَانَ بعض الصحابة يقولون فيه: أَبُو الدَّرْدَاءِ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ. قَالَ مُعَاوِيَةُ أَلا إِنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ أَحَدُ الْحُكَمَاءِ.
-كوَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو يَقُولُ حَدِّثُونَا عَنِ الْعَاقِلَيْنَ. فَيُقَالُ: مَنِ الْعَاقِلانِ؟ فَيَقُولُ: مُعَاذٌ وَأَبُو الدَّرْدَاءِ.
-وعَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: شَامَمْتُ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فَوَجَدْتُ عِلْمَهُمُ انْتَهَى إِلَى سِتَّةٍ: إِلَى عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَعَبْدِ اللَّهِ وَمُعَاذٍ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ. فَشَامَمْتُ هَؤُلاءِ السِّتَّةِ فَوَجَدْتُ عِلْمَهُمُ انْتَهَى إِلَى عَلِيٍّ وَعَبْدِ اللَّهِ.
عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَمِيرَةَ السَّكْسَكِيِّ. وَكَانَ تِلْمِيذًا لِمُعَاذٍ: أَنَّ مُعَاذًا أَمَرَهُ أَنْ يَطْلُبَ الْعِلْمَ مِنْ أَرْبَعَةٍ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلامٍ وَسَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ وَعُوَيْمِرٍ أَبِي الدَّرْدَاءِ.
في عهد عمر بن الخطاب:
فتح دمشق:
أن خالد بن الوليد وجماعة المسلمين نزلوا على حصار دمشق فحاصروها أربعة اشهر ويزيد بن أبي سفيان على بابها الصغير وأبو عبيدة على باب الجابية وخالد بن الوليد على دير خالد عند باب شرقي وأبو الدرداء نازل ببرزة في مسلحة في جماعة من المسلمين
لما فتح المسلمون الشام أرسل عمر بْن الخطاب، عبادة بن الصامت وأرسل معه معاذ بْن جبل، وأبا الدرداء، ليعلموا الناس القرآن بالشام ويفقهوهم في الدين، وأقام عبادة بحمص، وأقام أَبُو الدرداء بدمشق، ومضى معاذ إِلَى فلسطين.
إستأذن أبو الدرداء عمرَ في أن يأتي الشام. فقال: لا آذن لك إلا أن تعمل. قال: فإني لا أعمل. قال: فإني لا آذن لك. قال: فأنطلقُ، فأُعلّمُ الناس سنّة نبيهم صلى الله عليه وسلم وأصلِّي بهم، فأذن له. فخرج عمر رضي الله عنه إلى الشام،… قال يرفأ مولى عمر فانطلقنا حتى إذا قمنا على باب أبي الدرداء قال: السلام عليكم. قال: وعليك السلام. قال: أأدخل؟ قال: أدخل. فدفع الباب فإذا ليس له غَلَق. فدخلنا إلى بيت مظلم، فجعل عمر رضي الله عنه يلمسه حتى وقع عليه، فجسّ وساده فإذا برذعة، وجسّ فراشه فإذا بطحاء، وجسّ دثاره فإذا كساء رقيق. فقال أبو الدرداء رضي الله عنه: من هذا أمير المؤمنين؟ قال: نعم. قال: أما – والله – لقد إستبطأتك منذ العام. قال عمر رضي الله عنه: رحمك الله، ألم أوسع عليك؟ ألم أفعل بك؟ فقال له أبو الدرداء رضي الله عنه: أتذكر حديثاً حدَّثناه رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عمر؟ قال: أيّ حديث؟ قال: «لِيَكُنْ بَلاغُ أحدكم من الدنيا كزاد الراكب» . قال: نعم. قال: فماذا فعلنا بعده يا عمر؟ قال: فما زالا يتجاوبان بالبكاء حتى أصبحا.
بث العلم في اهل الشام:
لَمَّا كَانَ زَمَنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ كَتَبَ إِلَيْهِ يَزِيدُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ: إِنَّ أَهْلَ الشَّامِ قَدْ كَثُرُوا وَمَلَئُوا الْمَدَائِنَ وَاحْتَاجُوا إِلَى مَنْ يُعَلِّمُهُمُ الْقُرْآنَ وَيُفَقِّهُهُمْ فَأَعِنِّي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بِرِجَالٍ يُعَلِّمُونَهُمْ. فَدَعَا عُمَرُ أُولَئِكَ الْخَمْسَةَ فَقَالَ لَهُمْ: إِنَّ إِخْوَانَكُمْ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ قَدِ اسْتَعَانُونِي بِمَنْ يُعَلِّمُهُمُ الْقُرْآنَ وَيُفَقِّهُهُمْ فِي الدِّينِ. فَأَعِينُونِي رَحِمَكُمُ اللَّهُ بِثَلاثَةٍ مِنْكُمْ. إِنْ أَجَبْتُمْ فَاسْتَهِمُوا وَإِنِ انْتُدِبَ ثَلاثَةٌ مِنْكُمْ فَلْيَخْرُجُوا. فَقَالُوا: مَا كُنَّا لِنَتَسَاهَمَ. هَذَا شَيْخٌ كَبِيرٌ لأَبِي أَيُّوبَ وَأَمَّا هَذَا فَسَقِيمٌ لأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ. فَخَرَجَ مُعَاذٌ وَعُبَادَةُ وَأَبُو الدَّرْدَاءِ. فَقَالَ عُمَرُ: ابْدَءُوا بِحِمْصَ فَإِنَّكُمْ سَتَجِدُونَ النَّاسَ عَلَى وُجُوهٍ مُخْتَلِفَةٍ. مِنْهُمْ مَنْ يُلَقَّنُ فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَوَجِّهُوا إِلَيْهِ طَائِفَةً مِنَ النَّاسِ. فَإِذَا رَضِيتُمْ مِنْهُمْ فَلْيَقُمْ بِهَا وَاحِدٌ وَلْيَخْرُجْ وَاحِدٌ إِلَى دِمَشْقَ وَالآخَرُ إِلَى فِلَسْطِينَ. وَقَدِمُوا حِمْصَ فَكَانُوا بِهَا حَتَّى إِذَا رَضُوا مِنَ النَّاسِ أَقَامَ بِهَا عُبَادَةُ وَخَرَجَ أَبُو الدَّرْدَاءِ إِلَى دِمَشْقَ وَمُعَاذٌ إِلَى فِلَسْطِينَ فَمَاتَ بِهَا. وَأَمَّا أَبُو الدَّرْدَاءِ فَلَمْ يَزَلْ بِدِمَشْقَ حَتَّى مَاتَ.
تعليم الناس القرآن:
عن أبي عبيد الله مسلم بن مشكم قال قال لي أبو الدرداء اعدد من يقرأ عندنا يعني في مجلسنا هذا قال قال أبو عبيد الله فعددت ألفا وستمائة ونيفا فكانوا يقرؤون ويتسابقون عشرة عشرة لكل عشرة منهم مقرئ وكان أبو الدرداء قائما يستفتونه في حروف القرآن يعني المقرئين فإذا أحكم الرجل من العشرة القراءة تحول إلى أبي الدرداء وكان أبو الدرداء يبتدئ في كل غداة إذا انفتل من الصلاة فيقرأ جزءا من القرآن وأصحابه محدقون به يسمعون ألفاظه فإذا فرغ من قراءته جلس كل رجل منهم في موضعه واخذ على العشرة الذين أضيفوا إليه وكان ابن عامر مقدما فيهم قال وحدثنا سليمان بن أحمد نا أبو زرعة الدمشقي نا هشام نا يزيد بن مالك عن أبيه قال كان أبو الدرداء يأتي المسجد ثم يصلي الغداة ثم يقرأ في الحلقة ويقرئ حتى إذا أراد القيام قال لأصحابه هل من وليمة نشهدها أو عقيقة أو فطرة فإن قالوا نعم قام إليها وإن قالوا لا قال اللهم إني أشهدك أني صائم وأن أبا الدرداء هو الذي سن هذه الحلق يقرأ فيها
المرابطة في ثغر بيروت:
أول من نزل دمشق من أصحاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبو الدرداء، وبلال مؤذن رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وواثلة بْن الأسقع، ومعاوية .
قدم سلمان دمشق فلم يبق فيها شريف إلا عرض عليه المنزل فقال إني قد عزمت أن أنزل على بشير بن سعد مرّتي هذه، فسأل عن أبي الدرداء فقيل: مرابط فقال: وأين مرابطكم يا أهل دمشق قالوا بيروت فخرج إلى بيروت. تاريخ دمشق لابن عساكر (10/ 294)
لما قدم سلمان من الكوفة إلى الشام لزيارة أخيه أبي الدرداء سأل عنه أبي الدرداء فقيل: هو مرابط فقال: وأين مرابطكم؟ فقالوا بيروت. فتوجه قبله فقال لهم سلمان يا أهل بيروت ألا أحدثكم حديثا يذهب الله به عنكم غرض الرباط سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول رباط يوم وليلة كصيام شهر وقيامه ومن مات مرابطا في سبيل الله أجير من فتنة القبر وجرى له صالح ما كان يعمل إلى يوم القيامة.
(نقله الذهبي في سير الأعلام، من طريق يحيى بن حمزة القاضي 1 / 505 – 506 والوافي بالوفيات 15 / 309).
عن أبي الدرداء قال سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول يوم الملحمة الكبرى بأرض يقال لها الغوطة فيها مدينة يقال لها دمشق فهي خير مساكن الناس يومئذ. (تاريخ دمشق لابن عساكر (1/ 231)
عن أبي الدرداء قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق يقذف الله بهم كل مقذف يقاتلون فضول الضلالة لا يضرهم من خالفهم حتى يقاتلوا الأعور الدجال وأكثرهم أهل الشام (تاريخ دمشق لابن عساكر (1/ 267)
عن أبي الدرداء أنه قال ليخرجنكم الروم من الشام كفرا كفرا حتى يوردونكم البلقاء كذلك الدنيا تميد وتفنى والآخرة تدوم وتبقى.
عن أبي الدرداء قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أهل الشام وأزواجهم وذراريهم وعبيدهم إلى منتهى الجزيرة مرابطون فمن نزل مدينة من المدائن فهو في رباط أو ثغر من الثغور فهو في جهاد. (تاريخ دمشق لابن عساكر (1/ 282)
عن أبي الدرداء أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال ستجندون أجنادا مجندة جندا بالشام وجندا باليمن وجندا بالعراق وجندا بمصر قالوا فخر لنا يا رسول الله قال عليكم بالشام قالوا إنا أصحاب ماشية وعمود ولا نطيق الشام قال فمن لم يطق الشام قال فمن أبى فليلحق بيمنه وليستق بغدره فإن الله تعالى قد تكفل لي بالشام وأهله
عن أبي الدرداء قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بينا أنا نائم رأيت عمود الإسلام احتمل من تحت رأسي فظننت أنه مذهوب به فأتبعته بصري فعمد به إلى الشام. (تاريخ دمشق لابن عساكر (1/ 107)
عن ابي الدرداء إن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال بينا أنا نائم رأيت عمود الكتاب احتمل من تحت وسادتي رأسي فظننت أنه مذهوب به فأتبعته بصري فعمد به إلى الشام ألا وإن الإيمان حين تقع الفتن بالشام (تاريخ دمشق لابن عساكر (1/ 108)
في عهد عثمان بن عفان:
ولي قضاء في دمشق وشارك في فتح جزيرة قبرس. كان أمير الجيش الذي غزا قبرس في عهد عثمان هو معاوية بن أبي سفيان في خلافة عثمان، ومعه أبو ذر، وأبو الدرداء، وغيرهما من الصحابة، وذلك سنة سبع وعشرين.
زهد أبي الدرداء رضي الله عنه وإقباله على العبادة:
أخرج الطبراني عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: كنت تاجراً قبل أن يُبعث النبي صلى الله عليه وسلم فلما بُعث النبي صلى الله عليه وسلم أردت أن أجمع بين التجارة والعبادة فلم يستقم، فتركت التجارة فتركت التجارة وأقبلت على العبادة. قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح. اهـ.
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن أي الدرداء رضي الله عنه نحوه، زاد: والذي نفس أبي الدرداء بيده، ما أحب أن لي اليوم حانوتاً على باب المسجد لا يخطئني فيه صلاة، أربح فيه كل يوم أربعين ديناراً وأتصدَّق بها كلِّها في سبيل الله. قيل له: يا أبا الدرداء، وما تكره من ذلك؟ قال: شدّة الحساب.
وعند أبي نعيم أيضاً من طريق آخر عنه قال: ما يسرني أن أقوم على الدرج من باب المسجد فأبيع وأشتري فأصيبَ كل يوم ثلاث مائة دينار أشهد الصلاة كلها في المسجد، ما أقول: إن الله عزّ وجلّ لم يحل البيع يحرم الربا، ولن أحب أن أكون من الذين لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله.
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن خالد بن حُدَير الأسلمي أنه دخل على أبي الدرداء رضي الله عنه وتحته فراش من جلد أو صوف، وعليه كساء صوف وسِبتية صوف وهو وَجِع وقد عرق، فقال: لو شئتَ كسيت فراشك بوَرِق وكساء مِرعِزِّيّ مما يبعث به أمير المؤمنين؟ قال: إن لنا داراً، وإِنا لنظعن إليها ولها نعمل. عن حسَّان بن عطية أن أصحاباً لأبي الدرداء رضي الله عنه تضيَّفوه فضيّفهم، فمنهم من بات على لِبدة، ومنهم من بات على ثيابه ما هو فلما أصبح غدا عليهم فعرف ذلك منهم فقال: إن لنا داراً لها نجمع وإليها نرجع.
وعند أحمد عن محمد بن كعب أن ناساً نزلوا على أبي الدرداء رضي الله عنه ليلة قَرَّة، فأرسل إليهم بطعام سخن ولم يرسل إليهم بلُحُف. فقال بعضهم: لقد أرسل إلينا بالطعام فما هنأنا مع القرّ، لا أنتهي أو أبيِّن له، قال الآخر: دعه، فأبى فجاء حتى وقف على الباب رآه جالساً وامرأته ليس عليها من الثياب إلا ما لا يذكر؛ فرجع الرجل وقال: ما أراك بتّ إلا بنحو ما بتنا به. قال: إن لنا داراً ننتقل إليها قدَّمنا فرشنا ولحفنا إليها، ولو ألفيتَ عندنا منه شيئاً لأرسلنا إِليك به، وإِن بين أيدينا عقبة كئوداً المُخِفُّ فيه خير من المُثْقِل. أفهمت ما أقول لك؟ قال: نعم.
من أخلاقه وفضائله:
-عن أم الدرداء كان إذا رأى الميت قد مات على حالة صالحة قال هنيئا له ليتني بذلك فقالت له أم الدرداء لم تقول ذلك فقال هل تعلمين يا حمقاء أن الرجل يصبح مؤمنا ويمسي منافقا قالت وكيف قال يسلب إيمانه ولا يشعر لأنا لهذا بالموت أغبط مني لهذا بالبقاء في الصلاة والصيام
-جاء رجل إلى أبي الدرداء رضي الله عنه فقال: يا أبا الدرداء احترق بيتك، قال: ما احترق ثم جاء آخر فقال: مثل ذلك، فقال: ما احترق ثم جاء آخر فقال: يا أبا الدرداء، انبعثت النار حتى انتهت إلى بيتك طفئت، قال: قد علمت أن الله عز وجل لم يكن ليفعل (ذاك) قال: يا أبا الدرداء ما ندري أي كلامك أعجب؟ قولك: ما احترق، أو قولك: قد علمت أن الله لم يكن ليفعل ذاك قال: ذاك كلمات سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم من قالهن حين يصبح لم تصبه مصيبة حتى يمسي: «اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، عليك توكلت وأنت رب العرش الكريم. ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، ولا حول ولا قوة إلاَّ بالله العلي العظيم. أعلمُ أنَّ الله على كل شيء قدير، وأن الله قد أحاط بكل شيء علماً. اللهم إنِّي أعوذ بك من شر نفسي ومن شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها، إنَّ ربي على صراط مستقيم» .
في الناس أن يزيد خطب إلى أبي الدرداء فردّه، وخطب إليه رجل من ضعفاء المسلمين فأنكحه، قال فقال أبو الدرداء: إني نظرت للدرداء، ما ظنكم بالدرداء إذا قامت على رأسها الخصيان ونظرت في بيوت يلتمع فيها بصرها، أين دينها منها يومئذ؟
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن أبي الدراء رضي الله عنه قال: إنا لنكشر في وجوه أقوام ونضحك إليهم وإن قلوبنا لتلعنهم.
وأخرج البخاري عن أم الدرداء قلت: دخل عليَّ أبو الدرداء رضي الله عنه وهو مُغضب فقلت: ما أغضبك؟ فقال: والله ما أعرف من أمر محمد صلى الله عليه وسلم شيئاً إلا أنَّهم يصلُّون جميعاً.
من أقوال أبي الدرداء ومواعظه:
– لا يَكُونُ عَالِمًا حَتَّى يَكُونَ مُتَعَلِّمًا وَلا يَكُونُ عَالِمًا حَتَّى يَكُونَ بِالْعِلْمِ عَامِلا.
– إِنَّكَ لَنْ تَفْقَهَ كُلَّ الْفِقْهِ حَتَّى تَرَى لِلْقُرْآنِ وُجُوهًا.
– اطْلُبُوا الْعِلْمَ. فَإِنْ عَجَزْتُمْ فَأَحِبُّوا أَهْلَهُ. فَإِنْ لَمْ تُحِبُّوهُمْ فَلا تُبْغِضُوهُمْ.
– مَنْ يَزْدَدْ عِلْمًا يَزْدَدْ وَجَعًا!
-إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ أَنْ يُقَالَ لِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلِمْتَ؟ فَأَقُولَ: نَعَمْ. فَيُقَالُ: فَمَا عَمِلْتَ فِيمَا عَلِمْتَ؟
سُمِع أبو الدرداء على المنبر يخطب ويقول إني لخائف يوم يناديني ربي عز وجل فيقول يا عويمر فأقول لبيك فيقول كيف عملت فيما علمت فتأتي كل آية في كتاب الله زاجرة وآمرة فيسألني فريضتها فتشهد علي الآمرة أني لم أفعل وتشهد علي الزاجرة أني لم أنتهِ فأترك.
قيل لأبي الدرداء رضي الله عنه: أن أبا سعد بن منبِّه أعتق مائة مُحَرَّر. فقال: إن مائة مُحَرَّر من مال رجل لكثير، وإن شئت أنبأتك بما هو أفضل من ذلك: إيمان ملزوم بالليل والنهار، ولا يزال لسانك رطباً من ذكرالله عز وجل.
كَانَ أَبُو ذَرٍّ وَأَبُو الدَّرْدَاءِ فِي مِظَلَّتَيْنِ مِنْ شَعْرٍ بِدِمَشْقَ.
إِنَّ ذَا الدِّرْهَمَيْنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَشَدُّ حِسَابًا مِنْ ذِي الدِّرْهَمِ.
أَنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ تَرَكَ الْغَزْوَ سَنَةً، فَأَعْطَى رَجُلا صُرَّةً فِيهَا دَرَاهِمُ، فَقَالَ: انْطَلِقْ فَإِذَا رَأَيْتَ رَجُلا يَسِيرُ مِنَ الْقَوْمِ حَجْرَةً، فَادْفَعْهَا إِلَيْهِ، قَالَ: فَفَعَلَ، قَالَ: فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ، وَقَالَ: اللَّهُمَّ، إِنَّكَ لَمْ تَنْسَ حُدَيْرًا، فَاجْعَلْ حُدَيْرًا لا يَنْسَاكَ، فَأَخْبَرَ أَبَا الدَّرْدَاءِ، فَقَالَ: وَلِيُّ النِّعْمَةِ رَبُّهَا.
مر أبو الدرداء عَلَى رَجُل قَدْ أصاب ذنبًا، وكانوا يسبونه، فَقَالَ: أرأيتم لو وجدتموه فِي قليب ألم تكونوا مستخرجيه؟ قَالُوا: بلى، قَالَ: فلا تسبوا أخاكم، واحمدوا اللَّه الَّذِي عافاكم، قَالُوا: أفلا نبغضه؟ قَالَ: إنَّما أبغض عمله، فإذا تركه فهو أخي.
مر أبو الدرداء برجل في حمص، وهو يقول: ” سبحان الله، لا نبيع شيئا ولا نشتري “، فقال أبو الدرداء: ” أخرق، فِي دنياه ضيع فِي آخرته “.
وأخرج البخاري في الأدب عن بلال بن سعد الأشعري أن معاوية -رضي الله عنه – كتب إلى أبي الدرداء رضي الله عنه: اكتب إليَّ فُساق دمشق، فقال: ما لي وفُسّاق دمشق ومن أين أعرفهم؟ فقال ابنه بلال: أنا أكتبهم، فكتبهم: قال: من أين علمت؟ ما عرفتَ أنهم فساق إلا وأنت منهم، ابدأ بنفسك، ولم يرسل بأسمائهم.
قيل لأم الدرداء: ما كان أكثر عمل أبي الدرداء رضي الله عنه؟ قالت: التفكر والاعتبار. وكان يقول: تفكُّر ساعة خير من قيام ليلة. ومرّ ثوران على أبي الدرداء وهما يعملان، فقام أحدهما ووقف الآخر فقال أبو الدرداء: إنَّ في هذا لمعتبراً.
وعند ابن عساكر عن أبي الدرداء قال: من الناس مفاتيح للخير مغاليق للشر ولهم بذلك أجر، ومن الناس مفاتيح للشر مغاليق للخير وعليهم بذلك إصْر، وتفكر ساعة خير من قيام ليلة.
– أن رجلاً أتى أبا الدرداء وهو يريد الغزو فقال: يا أبا الدرداء أوصني، فقال: اذكر الله في السّراء يذكرك في الضرّاء، وإذا أشرفت على شيء من الدنيا فانظر إلى ما يصير.
وأخرج ابن عساكر عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: تعلَّموا الصَّمْت كما تَعَلَّمون الكلام، فإن الصمت حلم عظيم، وكن إلى أن تسمع أحرص منك إلى أن تتكلم، ولا تتكلَّم في شيء لا يعنيك، ولا تكن مضحاكاً من غير عجب، ولا مشَّاء إلى غير أرب.
قال: ما في المؤمن بَضْعة أحبُّ إلى الله عز وجل من لسانه، به يدخله الجنة. وما في الكافر بَضْعة أبغضُ إلى الله عز وجل من لسانه، به يدخله النار.
عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: إني لآمركم بالمعروف وما أفعله، ولكني أرجو من الله أن أوجر عليه.
وأخرج ابن عساكر عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: نعم صومعة الرجل المسلم بيته، يكف فيه نفسه وبصره وفرجه، وإياكم والمجالس في السوق؛ فإنها تُلهي وتُلغي.
مما رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال أبو الدَرْداء: لقد رأيتُنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره في يوم شديد الحرّ، حتى إِن الرجل ليضع يده على رأسه من شدة الحر، وما فينا صائم إِلا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعبد الله بن رواحة.
روى عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: ” من سلك طريق العلم سهل اللَّه لَهُ طريقًا إِلَى الجنة “.
عن أبي الدرداء، أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ” أيعجز أحدكم أن يقرأ كل ليلة ثلث القرآن؟ ” قالوا: نحن أعجز من ذَلِكَ وأضعف، قَالَ: ” فإن الله عَزَّ وَجَلَّ جزأ القرآن ثلاثة أجزاء، فجعل {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} جزءا من أجزاء القرآن “
وعند الطبراني عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل يشكو قسوة قلبه، قال: «أتحب أن يلين قلبك وتدرك حاجتك؟» أرحم اليتيم، وامسح رأسه، وأطعمه من طعامك، يلن قلبك، وتدرك حاجتك»
عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: سألت عائشة رضي الله عنها عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: كان خلقه القرآن، يرضى لرضاه ويسخط لسخطه.
جلس عبادة، وَأَبُو الدرداء، والحارث بْن معاوية، فقال أَبُو الدرداء: أيكم يذكر يَوْم صلى بنا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى بعير من المغنم؟ قال عبادة: أنا، قال: فحدث، قال: صلى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى بعير من المغنم، فلما انصرف تناول وبرة من وبر البعير، ثم قال: ما يحل لي من غنائمكم ما يزن هذه إلا الخمس، وهو مردود فيكم.
– عن النبي (صلى الله عليه وسلم) في قوله تعالى ” كل يوم هو في شأن ” قال من شأنه أن يغفر ذنبا ويفرج كربا ويرفع قوما ويضع آخرين “
-قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إن المتحابين في الله في ظل الله يوم لا ظل إلا ظله على منابر من نور يفزع الناس ولا يفزعون إذا أراد الله بأهل الأرض عذابا ذكرهم فصرف العذاب عنهم بفضل منزلتهم منه
– رأى النبي (صلى الله عليه وسلم) رجلا يمشي أمام أبي بكر فقال أمشى أمام من هو خير منك إن أبا بكر خير من طلعت عليه الشمس وغربت
– قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) (من أصبح معافى في بدنه امنا في سربه عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بأسرها يا ابن جعشم يكفيك منها ما سد جوعتك ووراى عورتك وما فوق الإزار حساب عليك)
– أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال (من أخذ على تعليم القرآن قوسا قلده الله يوم القيامة قوسا من نار)
-عن أنس الجهني قال دخلت على أبي الدرداء أعوده في مرضه فقلت يا أبا الدرداء إنا نحب أن تصح فلا تمرض فقال سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول إن المليلة (حمى تصيب العظم) والصداع يولعان بالمؤمن وإن ذنبه مثل جبل أحد حتى لا يدعا عليه من ذنبه مثقال حبة من خردل
– عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال حبك الشئ يعمي ويصم
– قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إذا أتاك الله من هذا المال من غير مسألة ولا إشراف فخذه فكله وتموله
– عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال من مشى في ظلمة الليل إلى المساجد آتاه الله تعالى نورا يوم القيامة
– قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلا احدثكم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة قلنا بلى يا رسول الله قال صلاح ذات البين وفساد ذات البين يعني هي الحالقة
-عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال لا يبلغ العبد حقيقة الإيمان حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه
-عن أبي الدرداء عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال من زحزح عن طريق المسلمين شيئا يؤذيهم كتب الله تعالى له بها حسنة ومن كتب الله له عنده حسنة أوجب له بها الجنة
عن معدان بن أبي طلحة اليعمري قال: قال لي أبو الدرداء: أين مسكنك؟ قلت: في قرية دون حمص قال أبو الدرداء: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول ما من ثلاثة في قرية ولا يؤذن ولا يقام فيهم الصلاة إلا استحوذ عليهم الشيطان عليك بالجماعة فإنما يأكل الذئب القاصية.
سنة نسيها الناس: عن أبي الدرداء قال كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إذا كانت ليلة ريح شديد وكان مفزعه المسجد حتى يسكن الريح وإذا حدث في السماء حدث من خسوف شمس أو قمر كان مفزعه إلى المصلى حتى ينجلي.
– قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أبغوني الضعفاء فإنما ترزقون وتنصرون بضعفائكم
– قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من قال حين يصبح لا إله إلا الله والله أكبر أعتق الله رقبته من النار
– قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إن العبد إذا لعن شيئا صعدت اللعنة إلى السماء فتغلق أبواب السماء دونها ثم تهبط إلى الأرض فتغلق أبوابها يعني دونها ثم تأخذ يمينا وشمالا فإذا لم تجد مساغا رجعت إلى قائلها
-ح: إنكم تدعون يوم القيامة بأسمائكم وأسماء آبائكم فأحسنوا أسماءكم
– عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إنه قال فرغ الله إلى كل عبد من خمس من أجله وعمله ورزقه وأثره ومضجعه لا يتعداهن
– أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال قال الله تعالى ابن آدم لا تعجزني من أربع ركعات من أول النهار أكفك آخره
– عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال قال الله عز وجل إني والجن والإنس في نبأ عظيم أخلق ويعبد غيري وأرزق ويشكر غيري
– قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كان داود يقول اللهم إني أسألك حبك وحب من يحبك والعمل الذي يبلغني حبك اللهم اجعل حبك أحب إلي من نفسي وأهلي ومن الماء البارد.
مرضه ووفاته رضي الله عنه:
عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ أَنَّهُ قَالَ: أُحِبُّ الْفَقْرَ تَوَاضُعًا لِرَبِّي وَأُحِبُّ الْمَوْتَ اشْتِيَاقًا إِلَى رَبِّي وَأُحِبُّ الْمَرَضَ تكفيرا لخطيئتي.
أَنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ اشْتَكَى فَدَخَلَ عَلَيْهِ أَصْحَابُهُ فَقَالُوا: يَا أَبَا الدَّرْدَاءِ مَا تَشْتَكِي؟ قَالَ: أَشْتَكِي ذُنُوبِي. قَالُوا: فَمَا تَشْتَهِي؟ قَالَ: أَشْتَهِي الْجَنَّةَ. قَالُوا: أَفَلا تَدْعُو لَكَ طَبِيبًا؟ قَالَ: هُوَ الَّذِي أَضْجَعَنِي.
لَمَّا حَضَرَ أَبَا الدَّرْدَاءِ الْمَوْتُ جَاءَهُ حَبِيبُ بْنُ مَسْلَمَةَ فَقَالَ: كَيْفَ تَجِدُكَ يَا أَبَا الدَّرْدَاءِ؟
قَالَ: أَجِدُنِي ثَقِيلا. قَالَ: مَا أَرَاهُ إِلا الْمَوْتَ. قَالَ: أَجَلْ. قَالَ: جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا.
أن أبا الدرداء لما نزل بِهِ الموت بكى، فقالت لَهُ أم الدرداء: وأنت تبكي يا صاحب رَسُول اللَّه؟ ! قَالَ: نعم، وما لي لا أبكي، ولا أدري علام أهجم من ذنوبي.
وجزع جزعًا شديدًا، فقالت لَهُ أم الدرداء: ألم تك تخبرنا أنك تحب الموت؟ قَالَ: بلى، وعزة ربي، ولكن نفسي لما استيقنت الموت كرهته، ثُمَّ بكى، وقَالَ: هَذِهِ آخر ساعاتي من الدنيا، لقنوني لا إله إلا اللَّه، فلم يزل يرددها حتَّى مات.
وقيل: دعا ابنه بلالًا، فَقَالَ: ويحك يا بلال! اعمل للساعة، اعمل لمثل مصرع أبيك، واذكر بِهِ مصرعك وساعتك، فكأن قَدْ، ثُمَّ قبض.
تُوُفِّيَ أَبُو الدَّرْدَاءِ بِدِمَشْقَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاثِينَ فِي خِلافَةِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَلَهُ عَقِبٌ بِالشَّامِ.
قبور عدد من الصحابة بباب الصغير بدمشق:
قبور الصحابة الذين بظاهر دمشق بباب الصغير أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان وفضالة بن عبيد وواثلة بن الأسقع وسهل بن الحنظلية وأوس بن أوس وهم داخل الحظيرة مما يلي القبلة وأبو الدرداء خارج الحظيرة وأم الدرداء (3) خلف الحظيرة وعبد الله بن أم حرام ويعرف بابن امرأة عبادة بن الصامت محاذي طريق الجادة وجماعة يقولون أنه قبر أبي بن كعب وليس بصحيح وأم حبيبة (4) ابنة أبي سفيان أخت معاوية رضي الله عنهم زوجة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) على قبرها بلاطة مكتوب عليها اسمها في جنب حظيرة الصحابة (5) وأختها على قبرها أيضا بلاطة مكتوب عليها وبلال بن رباح مؤذن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) على قبره أيضا بلاطة مكتوب عليها اسمه.( تاريخ دمشق لابن عساكر (2/ 418).
أم الدرداء، محبة بنت الربيع:
بن عمرو بن أبي زهير بن مالك بْن امرئ القيس بْن مالك الأغر بْن ثعلبة بْن كعب بْن الخزرج بْن الحارث. وأمها هزيلة بِنْت عُتْبة بْن عَمْرو بْن خديج بن عامر بن جشم بن الحارث بن الخزرج. وهي أخت سعد بن الربيع النقيب من أهل بدر لأبيه وأمه. تزوجها أبو الدرداء عامر بْن زيد بْن قيس بْن عَائِشَة بْن أمية بن مالك بن عدي بن كعب بن الخزرج فولدت له بلالًا. وأسلمت محبة وبايعت رسول الله – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ –
عن إبراهيم بن أبي عبلة قال مرض أهلي فكانت أم الدرداء تصنع لي الطعام فلما برؤوا قالت إنما كنا نصنع طعامك إذ كان أهلك مرضى فأما إذا برؤوا فلا.
عَنْ سُلَيْمِ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: انْطَلَقْتُ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَمَرَرْتُ بِأُمِّ الدَّرْدَاءِ بِدِمَشْقَ فَأَمَرَتْ لِي بِدِينَارٍ وَسَقَتْنِي طِلاءٍ. يَعْنِي الرُّبَّ.
وكانت رضي الله عنها تسأل عن حديث الرسول الله صلى الله عليه وسلم وتتبعه:
سمعت أم الدرداء تقول: خرجت من الحمام فلقيني رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: ” من أين أقبلت يا أم الدرداء؟ ” فقلت: من الحمام، فقال: ” والذي نفسي بيده، ما منكن امرأة تضع ثيابها في بيت أحد إلا وهي هاتكة كل ستر بينها وبين الرحمن عَزَّ وَجَلَّ “.
سمعت أم الدرداء، قالت: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: ” يستجاب للمرء بظهر الغيب لأخيه، فما دعا لأخيه بدعوة إلا قال الملك: ولك بمثل ” وكانت أم الدرداء من فضلاء النساء وعقلائهن، ومن ذوات العبادة.
إخوة أبي الدرداء:
سبيع وأخوه عُبَادة بْن قَيْس بن عبسة بن أمية بْن عامرة بْن عدي بْن كعب. وهما عما أبي الدرداء. وليس لعبادة عقب. وشهد عباده بدرا واحدا والخندق والحديبية وخيبر ويوم مؤتة وقتل يومئذٍ شَهِيدًا فِي جُمَادَى الأُولَى سَنَةَ ثَمَانٍ مِنَ الهجرة. وذكر عَبْد الله بْن مُحَمَّد بْن عمارة الْأَنْصَارِيّ أنّه كان لسبيع بْن قَيْس أخ لأبيه وأمه يُقَالُ له زَيْد بْن قَيْس. ولم يشهد بدْرًا وَقَدْ صَحِبَ النَّبِيَّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ –
أولاده:بِلالِ بْنِ أَبِي الدَّرْدَاءِ وبثينة بِنْت أبي الدرداء