رضي الله عنه
أستاذنا اليوم
أَبُو الْهَيْثَمِ بْنُ التَّيِّهَانِ.: واسمه مالك بْن بلي بْن عَمْرو بْن الحاف بْن قضاعة حليف لبني عَبْد الأشهل. وكان يقول: محياي ومماتي لبني عَبْد الأشهل.
وكان أبو الهيثم يكره الأصنام فِي الجاهلية ويؤفف بها ويقول بالتوحيد هُوَ وأسعد بْن زرارة.
وشهد أَبُو الهيثم بدْرًا وأحدًا والخندق والمشاهد كلها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – وبعثه رسول الله إلى خيبر فخرص عليهم التمرة. وذلك بعد ما قتل عبد الله بن رواحة بمؤتة.
أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ مِنَ الأَنْصَارِ: أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ وَذَكْوَانُ بْنُ عَبْدِ قَيْسِ. خَرَجَا إِلَى مَكَّةَ يَتَنَافَرَانِ إِلَى عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ فَقَالَ لَهُمَا: قَدْ شَغَلَنَا هَذَا الْمُصَلِّي عَنْ كُلِّ شَيْءٍ. يَزْعُمُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ. قَالَ: وَكَانَ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ وَأَبُو الْهَيْثَمِ بْنُ التَّيِّهَانِ يَتَكَلَّمَانِ بِالتَّوْحِيدِ بِيَثْرِبَ. فَقَالَ ذَكْوَانُ بْنُ عَبْدِ قَيْسٍ لأَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ حِينَ سَمِعَ كَلامَ عُتْبَةَ: دُونَكَ هَذَا دِينُكَ. فَقَامَا إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فَعَرَضَ عَلَيْهِمَا الإِسْلامَ فَأَسْلَمَا ثُمَّ رَجَعَا إِلَى الْمَدِينَةِ. فَلَقِيَ أَسْعَدُ أَبَا الْهَيْثَمِ بْنَ التَّيِّهَانِ فَأَخْبَرَهُ بِإِسْلامِهِ وَذَكَرَ لَهُ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ.ص. وَمَا دَعَا إِلَيْهِ. فَقَالَ أَبُو الْهَيْثَمِ: فَأَنَا أَشْهَدُ مَعَكَ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ. وَأُسْلِمُ.
موقفه يوم بيعة العقبة: حضر أبو الهيثم بيعة العقبة الثانية في سبعين من الأنصار ومعهم بعض النساء، وبينما كان الْبَرَاءُ يُكَلِّمُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعْتَرَضَ الْقَوْلَ أَبُو الْهَيْثَمِ بْنُ التَّيِّهَانِ حَلِيفُ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الرِّجَالِ حِبَالًا، وَإِنَّا قَاطِعُوهَا – يَعْنِي الْعُهُودَ – فَهَلْ عَسَيْتَ إِنْ نَحْنُ فَعَلْنَا ذَلِكَ، ثُمَّ أَظْهَرَكَ اللهُ أَنْ تَرْجِعَ إِلَى قَوْمِكَ، وَتَدَعَنَا؟ قَالَ: فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ: ” بَلِ الدَّمَ الدَّمَ، وَالْهَدْمَ الْهَدْمَ (وفي رواية الهرم الهرم: أي دمي دمكم ومعكم لآخر العمر) أَنَا مِنْكُمْ، وَأَنْتُمْ مِنِّي أُحَارِبُ مَنْ حَارَبْتُمْ، وَأُسَالِمُ مَنْ سَالَمْتُمْ “، …
فَكَانَ أَبُو الْهَيْثَمِ بْنُ التَّيِّهَانِ بين أَوَّلَ ثلاثة ضَرَبوا عَلَى يَدِ رَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – ومعه الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ وَأَسْعَدُ بْنُ زرارة.
تسميته بين الاثني عشر نقيباً: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ: ” أَخْرِجُوا إِلَيَّ اثْنَيْ عَشَرَ مِنْكُمْ يَكُونُوا كُفَلَاءَ عَلَى قَوْمِهِمْ كَكَفَالَةِ الْحَوَارِيِّينَ لِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ … وكان أبو الهيثم أحد النقباء الإثني عشر.
بعد الهجرة: وآخَى رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – بَيْنَ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ وَأَبِي الْهَيْثَمِ بْنِ التَّيِّهَانِ.
سقيا المسلمين من بئره: وكان لأبي الهيثم بئر تدعى جاسم: وَكَانَ النَّبِيِّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَشْرَبُ مِنْ جَاسِمَ بِئْرِ أَبِي الْهَيْثَمِ بْنِ التَّيِّهَانِ بِرَاتِجَ (حي من أحياء المدينة المنورة).
عَنِ الْهَيْثَمِ بْنِ النَّضْرِ بْنِ دَهْرٍ الأَسْلَمِيِّ قَالَ: خَدَمْتُ رَسُولَ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – وَلَزِمْتُ بَابَهُ فِي قَوْمٍ مَحَاوِيجَ (فقراء). فَكُنْتُ آتِيهِ بِالْمَاءِ مِنْ جَاسِمَ. بِئْرِ أَبِي الْهَيْثَمِ بْنِ التَّيِّهَانِ. وَكَانَ مَاؤُهَا طَيِّبًا.
«جَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا إِلَى أَبِي الْهَيْثَمِ بْنِ التَّيْهَانِ فِي جَاسُومَ (جاسُم) فَشَرِبَ مِنْهَا، وَصَلَّى فِي حَائِطِهِ».
ضيافته للنبي صلى الله عليه وسلم: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَوَجَدَ فِيهِ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ وَعُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ. فَسَأَلَهُمَا. فَقَالاَ: أَخْرَجَنَا الْجُوعُ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «وَأَنَا أَخْرَجَنِي الْجُوعُ». فَذَهَبُوا إِلَى أَبِي الْهَيْثَمِ بْنِ التَّيِّهَانِ الْأَنْصَارِيِّ. فَأَمَرَ لَهُمْ بِشَعِيرٍ عِنْدَهُ يُعْمَلُ. وَقَامَ يَذْبَحُ لَهُمْ شَاةً.
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «نَكِّبْ عَنْ ذَاتِ الدَّرِّ». (وفي رواية الترمذي: إياك والحلوب والمعنى واحد)، فَذَبَحَ لَهُمْ شَاةً. وَاسْتَعْذَبَ لَهُمْ مَاءً. فَعُلِّقَ فِي نَخْلَةٍ. ثُمَّ أُتُوا بِذلِكَ الطَّعَامِ. فَأَكَلُوا مِنْهُ. وَشَرِبُوا مِنْ ذلِكَ الْمَاءِ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لَتُسْئَلُنَّ عَنْ نَعِيمِ هذَا الْيَوْمِ».
عن أبي هريرة: أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لأبي الهيثم بن التَّيهان: “هل لك خادم؟ ” قال: لا، قال: “إذا أتانا سَبْيٌ، فأْتِنا” فأُتِي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ برأسين ليس معهما ثالث، فأتاه أبو الهيثم، فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “اختر منهما”، فقال: يا نبي الله، اختر لي. فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “إن المستشار مؤتمن، خذ هذا فإني رأيته يصلي، واستوص به معروفاً” فانطلق أبو الهيثم إلى امرأته، فأخبرها بقول رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقالت امرأته: ما أنت ببالغ ما قال فيه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا أن تعتقه، قال: فهو عتيق.
شهد أبو الهيثم المواقف جميعاً بدر وأحد والخندق والحديبية وفتح مكة وعاش عهد أبي بكر الصديق وتوفي في أواخر عهد عمر بن الخطاب.
في عهد أبي بكر:
كان أَبُو الْهَيْثَمِ بْنُ التَّيِّهَانِ رجلاً كثير النخل والشاء وكَانَ يَخْرُصُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ. فَلَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ. ع. بَعَثَهُ أَبُو بَكْرٍ. رَحِمَهُ اللَّهُ. فَأَبَى فَقَالَ: قَدْ خَرَصْتَ لِرَسُولِ اللَّهِ. فَقَالَ: إِنِّي كُنْتُ إِذَا خَرَصْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ فَرَجَعْتُ دَعَا اللَّهَ لي (وفي رواية كان يستغفر لي فمن يغفر لي الآن). فتركه أبو بكر.
في خلافة عمر بن الخطاب:
لَمَّا اسْتُخْلِفَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَجْلَى يَهْوَدَ خَيْبَرَ، فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ مَنْ يُقَوِّمُ الْأَمْوَالَ، فَبَعَثَ أَبَا الْهَيْثَمِ بْنَ التَّيْهَانِ
تُوُفِّيَ أَبُو الْهَيْثَمِ بْنُ التَّيِّهَانِ سَنَةَ عِشْرِينَ بِالْمَدِينَةِ. فِي خِلافَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ.
من أخبار أم أبي الهيثم:
جاء رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى دار أبي الهيثم فتَقَدَّمَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أبا بكر وعمر فَاسْتَأْذَنَ عَلَيْهِمْ، وَأُمُّ أَبِي الْهَيْثَمِ تَسْمَعُ السَّلَامَ تُرِيدُ أَنْ يَزِيدَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ السَّلَامِ فَلَمَّا أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَنْصَرِفَ، خَرَجَتْ أُمُّ أَبِي الْهَيْثَمِ تَسْعَى فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: قَدْ سَمِعْتُ تَسْلِيمَكَ وَلَكِنْ أَرَدْتُ أَنْ تَزِيدَنَا مِنْ سَلَامِكَ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيْنَ أَبُو الْهَيْثَمِ؟» قَالَتْ: قَرِيبٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ ذَهَبَ يَسْتَعْذِبُ لَنَا مِنَ الْمَاءِ، ادْخُلُوا، السَّاعَةَ يَأْتِي، فَبَسَطَتْ لَهُمْ بِسَاطًا تَحْتَ شَجَرَةٍ حَتَّى جَاءَ أَبُو الْهَيْثَمِ مَعَ حِمَارِهِ وَعَلَيْهِ قِرْبَتَانِ مِنْ مَاءٍ فَفَرِحَ بِهِمْ أَبُو الْهَيْثَمِ وَقَرَّبَ تَحِيَّتَهُمْ. وَصَعِدَ أَبُو الْهَيْثَمِ عَلَى نَخْلَةٍ فَصَرَمَ أَعْذَاقًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” حَسْبُكَ يَا أَبَا الْهَيْثَمِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ تَأْكُلُونَ مِنْ بُسْرِهِ وَمِنْ رُطَبِهِ، وَتَلَذُّوا بِهِ، ثُمَّ أَتَاهُمْ بِمَاءٍ فَشَرِبُوا عَلَيْهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَذَا مِنَ النَّعِيمِ الَّذِي تُسْأَلُونَ عَنْهُ» ، ثُمَّ قَامَ أَبُو الْهَيْثَمِ إِلَى شَاةٍ لِيَذْبَحَهَا فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِيَّاكَ وَاللَّبُونَ» ، ثُمَّ قَامَ أَبُو الْهَيْثَمِ فَعَجَنَ لَهُمْ وَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ رُءُوسَهُمْ فَنَامُوا فَاسْتَيْقَظُوا وَقَدْ أَدْرَكَ طَعَامُهُمْ، فَوَضَعَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ فَأَكَلُوا وَشَبِعُوا وَحَمِدُوا اللَّهَ، وَأَتَاهُمْ أَبُو الْهَيْثَمِ بِبَقِيَّةِ الْأَعْذَاقِ فَأَصَابُوا مِنْهُ… ولما سلم رسول الله صلى الله عليه وسلم منصرفاً قَالَتْ لَهُ أُمُّ أَبِي الْهَيْثَمِ: لَوْ دَعَوْتَ لَنَا فَقَالَ: «أَفْطَرَ عِنْدَكُمُ الصَّائِمُونَ وَأَكَلَ طَعَامَكُمُ الْأَبْرَارُ وَصَلَّتْ عَلَيْكُمُ الْمَلَائِكَةُ» .
زوجته: مليكة بنت سهل بْن زَيْد بْن عامر بْن عَمْرو بن جشم. أسلمت وبايعت رسول الله – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – وهي امرأة أبي الهيثم بن التيهان وولدت له.
إبنته: أميمة بنت أبي الهيثم مالك بن التيهان بن مالك بن بلي قضاعة حليف بني عبد الأشهل بن جشم. وأمها مليكة بنت سهل بْن زَيْد بْن عامر بْن عَمْرو بن جشم.أسلمت وبايعت رسول الله وهي التي ورثته. ولم يكن له غيرها..
ولدا أخته: عبد الله ابن سهل وأخوه رافع بن سهل وأمهما الصعبة بِنْت التيهان بْن مالك أخت أبي الهيثم بْن التيهان. شهدا أحداً راجلين، وجرحا وخرجا في اليوم الثاني في غزوة حمراء الأسد يحمل أحدهما الآخر. واستشهد عبد الله في غزوة الخندق رماه المشركون بسهم.
بقية أهله: وكان أَبُو الهيثم وأخوه عبيد آخر وُلِدَ عَمْرو بْن جشم
استشهد عبيد في غزوة احد واستشهد ولده الوحيد عبيد الله في اليمامة في حرب الردة وبذلك انقرضوا فلم يبق منهم أحد. وورثهما الضحاك بْن خليفة الأشهلي.
عقب رسول الله على حسن تصرف زوجة أبي الهيثم حين أوصته بعتق الخادم:
إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَبْعَثْ نَبِيًّا وَلاَ خَلِيفَةً إِلاَّ وَلَهُ بِطَانَتَانِ بِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالمَعْرُوفِ وَتَنْهَاهُ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَبِطَانَةٌ لاَ تَأْلُوهُ خَبَالاً، وَمَنْ يُوقَ بِطَانَةَ السُّوءِ فَقَدْ وُقِيَ.
ما نتعلمه من أبي الهيثم التيهان رضي الله عنه:
-عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: صَنَعَ أَبُو الْهَيْثَمِ بْنُ التَّيْهَانِ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: طَعَامًا فَدَعَا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ فَلَمَّا فَرَغُوا قَالَ: «أَثِيبُوا أَخَاكُمْ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا إِثَابَتُهُ؟ قَالَ «إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا دُخِلَ بَيْتُهُ فَأُكِلَ طَعَامُهُ، وَشُرِبَ شَرَابُهُ، فَدَعَوْا لَهُ فَذَلِكَ إِثَابَتُهُ»
-عَنْ مَالِكِ بْنِ التَّيْهَانِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَالَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ كُتِبَ لَهُ عَشْرُ حَسَنَاتٍ، وَمَنْ قَالَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ كُتِبَ لَهُ عِشْرُونَ حَسَنَةً، وَمَنْ قَالَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ كُتِبَ لَهُ ثَلَاثُونَ حَسَنَةً».
-عَنْ مَالِكِ بْنِ التَّيِّهَانِ، قَالَ: اجْتَمَعَتْ مِنَّا جَمَاعَةٌ عِنْدَ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا أَهْلُ سَافِلَةٍ، أَهْلُ عَالِيَةٍ، نَجْلِسُ هَذِهِ الْمَجَالِسَ فِيهَا فَمَا تَأْمُرُنَا؟ قَالَ: «أَعْطُوا الْمَجَالِسَ حَقَّهَا» قُلْنَا: وَمَا حَقُّهَا؟ قَالَ: «غُضُّوا أَبْصَارَكُمْ، وَرُدُّوا السَّلَامَ، وَأَرْشِدُوا الْأَعْمَى، وَمُرُوا بِالْمَعْرُوفِ، وَانْهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ»
إذا أراد الله بعبد خيرا:
لَمَّا قَدِمَ أَبُو الْحَيْسَرِ أَنَسُ بْنُ رَافِعٍ مَكَّةَ، وَمَعَهُ فِتْيَةٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ فِيهِمْ إِيَاسُ بْنُ مُعَاذٍ يَلْتَمِسُونَ الْحِلْفَ مِنْ قُرَيْشٍ عَلَى قَوْمِهِمْ مِنَ الْخَزْرَجِ، سَمِعَ بِهِمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَاهُمْ فَجَلَسَ إِلَيْهِمْ، فَقَالَ لَهُمْ: ” هَلْ لَكُمْ إِلَى خَيْرٍ مِمَّا جِئْتُمْ لَهُ؟ ” قَالُوا: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: ” أَنَا رَسُولُ اللهِ، بَعَثَنِي إِلَى الْعِبَادِ أَدْعُوهُمْ إِلَى أَنْ يَعْبُدُوا اللهَ لَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَأُنْزِلَ عَلَيَّ كِتَابٌ ” ثُمَّ ذَكَرَ الْإِسْلَامَ، وَتَلَا عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ، فَقَالَ إِيَاسُ بْنُ مُعَاذٍ، وَكَانَ غُلَامًا حَدَثًا: أَيْ قَوْمِ، هَذَا وَاللهِ خَيْرٌ مِمَّا جِئْتُمْ لَهُ، قَالَ: فَأَخَذَ أَبُو حَيْسَرٍ أَنَسُ بْنُ رَافِعٍ حَفْنَةً مِنَ الْبَطْحَاءِ فَضَرَبَ بِهَا فِي وَجْهِ إِيَاسِ بْنِ مُعَاذٍ، وَقَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُمْ وَانْصَرَفُوا إِلَى الْمَدِينَةِ ” فَكَانَتْ وَقْعَةُ بُعَاثٍ بَيْنَ الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ قَالَ: ثُمَّ لَمْ يَلْبَثْ إِيَاسُ بْنُ مُعَاذٍ أَنْ هَلَكَ، قَالَ مَحْمُودُ بْنُ لَبِيدٍ: فَأَخْبَرَنِي مَنْ حَضَرَهُ مِنْ قَوْمِي عِنْدَ مَوْتِهِ أَنَّهُمْ لَمْ يَزَالُوا يَسْمَعُونَهُ يُهَلِّلُ اللهَ وَيُكَبِّرُهُ وَيَحْمَدُهُ وَيُسَبِّحُهُ حَتَّى مَاتَ، فَمَا كَانُوا يَشُكُّونَ أَنْ قَدْ مَاتَ مُسْلِمًا لَقَدْ كَانَ اسْتَشْعَرَ الْإِسْلَامَ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ حِينَ سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا سَمِعَ “قال محمد بن مسلمة وسلمة بن سلامة بن وقش وأبو الهيثم بن التَّيِّهان: لم يَنشَبْ إياسٌ حين رجع أن مات، فلقد سمعناه يهلِّل حتى مات، فكانوا يتحدثون أنه مات مسلماً لما سَمِع من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
خاتمة:
قدم الأنصار تضحيات كثيرة تماما كما توقع أبو الهيثم بن التيهان ليلة العقبة لدرجة أن أنس رفع يديه يوماً مناجياً فقال: ” يَا رَبِّ سَبْعِينَ مِنَ الْأَنْصَارِ يَوْمَ أُحُدٍ , وَسَبْعِينَ يَوْمَ بِئْرِ مَعُونَةَ , وَسَبْعِينَ يَوْمَ مُؤْتَةَ , وَسَبْعِينَ يَوْمَ الْيَمَامَةِ”.