رضي الله عنهما
أَبُو طَلْحَةَ. وَاسْمُهُ زَيْدُ بْنُ سَهْلِ بْنِ الأَسْوَدِ بن حرام بن عمرو بن زيد مناة بن عدي بن عمرو بن مالك بْن النّجّار. وأمه عُبَادة بِنْت مالك بْن عدي بْن زَيْد مناة بْن عدي بْن عَمْرو بْن مالك بْن النجار. وكان لأبي طَلْحَة من الولد عَبْد الله وأبو عمير وأمهما أُمُّ سُلَيْم بِنْت مِلْحَانَ بْن خَالِد بْن زيد بْنِ حَرَامِ بْنِ جُنْدُبِ بْنِ عَامِرِ بْنِ غنم بن عدي بن النجار. كَانَ ماهرا في الرمي بالنبال وَهُوَ الَّذِي يَقُولُ: أَنَا أَبُو طَلْحَةَ وَاسْمِي زَيْدُ … وَكُلَّ يَوْمٍ فِي سِلاحِي صَيْدُ
أُمَّ سُلَيْم بِنْت ملحان
بْن خَالِد بْن زيد بْنِ حَرَامِ بْنِ جُنْدُبِ بْنِ عَامِرِ بْنِ غنم بْن عَديّ بْن النجار. وهي الغميصاء. ويقال الرميصاء. ويقال اسمها سهلة. ويقال رميلة. ويقال بل اسمها أنيفة. ويقال رميثة. وأمها مليكة بِنْت مالك بْن عدي بْن زَيْد مناة بن عدي بن عمرو بن مالك بن النجار.
تزوجها مالك بن النضر بن ضمضم بْن زيد بْنِ حَرَامِ بْنِ جُنْدُبِ بْنِ عَامِرِ بْنِ غنم بن عدي بن النجار فولدت له أنس بن مالك. آمَنَتْ بِرَسُولِ اللَّهِ. قَالَتْ: فَجَاءَ أَبُو أَنَسٍ وَكَانَ غَائِبًا فَقَالَ: أَصَبَوْتِ؟ قَالَتْ: مَا صَبَوْتُ وَلَكِنِّي آمَنْتُ بِهَذَا الرَّجُلِ. قَالَتْ: فَجَعَلَتْ تُلَقِّنُ أَنَسًا وَتُشِيرُ إِلَيْهِ قُلْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ. قُلْ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ. قَالَ: فَفَعَلَ. قَالَ: فَيَقُولُ لَهَا أَبُوهُ: لا تُفْسِدِي عَلَيَّ ابْنِي. فَتَقُولُ: إِنِّي لا أُفْسِدُهُ. قَالَ: فَخَرَجَ مَالِكُ أبو أنس فلقيه عدو فقتله فلما بَلَغَهَا قَتْلُهُ قَالَتْ: لا جَرَمَ لا أَفْطِمُ أَنَسًا حَتَّى يَدَعَ الثَّدْيَ حَيًّا وَلا أَتَزَوَّجُ حَتَّى يَأْمُرَنِي أَنَسٌ. فَيَقُولُ قَدْ قَضَتِ الَّذِي عَلَيْهَا. فَتَرَكَ الثَّدْيَ. فَخَطَبَهَا أَبُو طَلْحَةَ وَهُوَ مُشْرِكٌ فَأَبَتْ. فَقَالَتْ لَهُ يَوْمًا فِيمَا تَقُولُ: أَرَأَيْتَ حَجَرًا تَعْبُدُهُ لا يَضُرُّكَ وَلا يَنْفَعُكَ أَوْ خَشَبَةً تَأْتِي بِهَا النَّجَّارَ فَيَنْجُرُهَا لَكَ هَلْ يَضُرُّكَ هَلْ يَنْفَعُكَ؟ قَالَ: فَوَقَعَ فِي قَلْبِهِ الَّذِي قَالَتْ. قَالَ: فَأَتَاهَا فَقَالَ: لَقَدْ وَقَعَ فِي قَلْبِي الَّذِي قُلْتِ. وَآمَنَ. قَالَتْ: فَإِنِّي أَتَزَوَّجُكَ وَلا آخُذُ مِنْكَ صَدَاقًا غَيْرَهُ.
شَهِدَ أَبُو طَلْحَةَ الْعَقَبَةَ مَعَ السَّبْعِينَ من الأنصار في روايتهم جميعا وشهد بدرًا وأحدًا والخندق والمشاهد كلها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – آخَى رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – بَيْنَ أَبِي طَلْحَةَ وَأَرْقَمَ بْنِ الأَرْقَمِ الْمَخْزُومِيِّ.
في غزوة أحد:
عَنْ أَبِي طَلْحَةَ قَالَ: رَفَعْتُ رَأْسِي يَوْمَ أُحُدٍ فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ فَمَا أَرَى أَحَدًا مِنَ الْقَوْمِ إِلا يَمِيدُ تَحْتَ حَجَفَتِهِ مِنَ النُّعَاسِ. وَكَانَ أَبُو طَلْحَةَ يَشُورُ نَفْسَهُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – وَيَقُولُ: إِنِّي جَلْدٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَوَجِّهْنِي فِي حَوَائِجِكَ وَمُرْنِي بِمَا شِئْتَ.
في أحد عند الصدمة:
وثبت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم جماعة أي من أصحابه منهم أبو طلحة فإنه استمرّ بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم يحوز عنه بحجفته. وكان رجلا راميا شديد الرمي، فنثر كنانته بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، أي وصار يقول: نفسي لنفسك الفداء، ووجهي لوجهك الوقاء، فلم يزل يرمي بها. وكان الرجل يمرّ بالجعبة بضم الجيم من النبل فيقول صلى الله عليه وسلم انثرها لأبي طلحة، أي وكسر ذلك اليوم قوسين أو ثلاثة، وصار رسول الله صلى الله عليه وسلم يشرف: أي ينظر إلى القوم. وفي لفظ: ليرى مواضع النبل، فيقول له أبو طلحة: يا نبي الله بأبي أنت وأمي لا تشرف يصبك سهم من سهام القوم، نحري دون نحرك انتهى، أي ويتطاول أبو طلحة بصدره يقي رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولا زال صلى الله عليه وسلم يرمي عن قوسه أي المسماة بالكتوم لعدم تصويتها إذا رمى عنها حتى صارت شظايا: أي ذهب منها قطع.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَكَانَ أَبُو طَلْحَةَ. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. صَيِّتًا. وَكَانَ من الرماة المذكورين مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قَالَ: [قَالَ رَسُولُ الله. ص: لَصَوْتُ أَبِي طَلْحَةَ فِي الْجَيْشِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ رَجُلٍ] .
وكانت أُمَّ سُلَيْمٍ مَعَ النَّبِيِّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – يَوْمَ أُحُدٍ وَمَعَهَا خِنْجَرٌ. تسقي العطشى وتداوي الجرحى.
يوم حنين:
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ يَوْمَ حُنَيْنٍ: مَنْ قَتَلَ قَتِيلا فَلَهُ سَلَبُهُ. فَقَتَلَ أَبُو طَلْحَةَ يَوْمَئِذٍ عِشْرِينَ رَجُلا فَأَخَذَ أَسْلابَهُمْ] . وشهدت أم سليم يوم حنين وهي حامل بعبد الله بن أبي طلحة.
شَهِدَتْ أُمُّ سليم حنينا مع رسول الله وَمَعَهَا خِنْجَرٌ قَدْ حَزَمَتْهُ عَلَى وَسَطِهَا. وَإِنَّهَا يَوْمَئِذٍ حَامِلٌ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ. قَالَ أَبُو طَلْحَةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذِهِ أُمُّ سُلَيْمٍ مَعَهَا خِنْجَرٌ. فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَّخِذْهُ إِنْ دَنَا مِنِّي أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ بَقَرْتُ بِهِ بَطْنَهُ. وَقَالَ عَفَّانُ: بَعَجْتُ بِهِ بَطْنَهُ. أُقْتَلُ الطُّلَقَاءَ وَأَضْرِبُ أَعْنَاقَهُمُ انْهَزَمُوا بِكَ. قَالَ: [فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ وَقَالَ: يَا أُمَّ سُلَيْمٍ إِنَّ اللَّهَ قَدْ كَفَى وَأَحْسَنَ] .
في خيبر:
عَنْ أَبِي طَلْحَةَ قَالَ: كُنْتُ رِدْفَ رَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – يَوْمَ خَيْبَرَ.
قَالَ لِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَقْبَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ أَنَا وَأَبُو طَلْحَةَ وَصَفِيَّةُ رَدِيفَتُهُ عَلَى نَاقَتِهِ. فَبَيْنَا نَحْنُ نَسِيرُ عَثَرَتْ نَاقَةُ رَسُولِ اللَّهِ فَصُرِعَ وَصُرِعَتِ الْمَرْأَةُ. فَاقْتَحَمَ أَبُو طَلْحَةَ عَنْ رَاحِلَتِهِ فَأَتَى النَّبِيَّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ هَلْ ضَارَّكَ شَيْءٌ؟ قَالَ: لا. عَلَيْكَ بِالْمَرْأَةِ. قَالَ: فَأَلْقَى أَبُو طَلْحَةَ ثَوْبَهُ عَلَى وَجْهِهِ ثُمَّ قَصَدَ الْمَرْأَةَ فَنَبَذَ الثَّوْبَ عَلَيْهَا فَقَامَتْ فَشَدَّهَا عَلَى رَاحِلَتِهِ فَرَكِبَ وَرَكِبْنَا نَسِيرُ حَتَّى إِذَا كُنَّا بِظَهْرِ الْمَدِينَةِ. أَوْ أَشْرَفْنَا عَلَى الْمَدِينَةِ. قَالَ: آئِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ] . فَلَمْ نَزَلْ نَقُولُهَا حَتَّى قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ.
في حجة الوداع:
أَنَّ النَّبِيَّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فِي حَجَّتِهِ لَمَّا حَلَقَ بَدَأَ بِشِقِّهِ الأَيْمَنِ. قَالَ هَكَذَا فَوَزَّعَهُ بَيْنَ النَّاسِ فَأَصَابَهُمُ الشَّعَرَةُ وَالشَّعْرَتَانِ وَأَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ وَأَكْثَرُ. ثُمَّ قَالَ بِشِقِّهِ الآخَرِ هَكَذَا فَقَالَ: أَيْنَ أَبُو طَلْحَةَ؟ قَالَ فَدَفَعَهُ إِلَيْهِ. قَالَ مُحَمَّدٌ فَحَدَّثْتُ بِهِ عُبَيْدَةَ قُلْتُ: إِنَّا قَدْ أَصَبْنَا عِنْدَ آلِ أَنَسٍ مِنْهُ شَيْئًا. قَالَ فَقَالَ عُبَيْدَةُ: لأَنْ يَكُونَ عِنْدِي مِنْهُ شَعْرَةٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كُلِّ صَفْرَاءَ وَبَيْضَاءَ فِي الأَرْضِ.
لَمَّا حَجَّ النَّبِيُّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – تِلْكَ الْحِجَّةِ حَلَقَ فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ قَامَ فَأَخَذَ شَعْرَهُ أَبُو طَلْحَةَ. ثُمَّ قَامَ النَّاسُ فأخذوا.
العلاقات الأسرية:
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – الْمَدِينَةَ أَخَذَ أَبُو طَلْحَةَ بِيَدِي فَانْطَلَقَ بِي إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فقال: يَا رَسُولَ اللَّهِ. إِنَّ أَنَسًا غُلامٌ كَيِّسٌ فَلْيَخْدُمْكَ. قَالَ: فَخَدَمْتُهُ فِي السَّفَرِ وَالْحَضَرِ وَاللَّهِ مَا قَالَ لِي لِشَيْءٍ صَنَعْتُهُ لِمَ صَنَعْتَ هَذَا هَكَذَا؟ وَلا لِشَيْءٍ لَمْ أَصْنَعْهُ لِمَ لَمْ تَصْنَعْ هَذَا هَكَذَا؟.
كانت صلة الرضاع تربط بين ام سليم واختها ام حرام وبين السيدة آمنة ام النبي صلى الله عليه وسلم، ففي «مزيل الخفاء» أن أم سليم وأختها خالتا النبي صلى الله عليه وسلم من جهة الرضاع، وعليه فلا دلالة في دخوله صلى الله عليه وسلم عليهما والخلوة بهما على جواز الخلوة بالأجنبية.
وروى انس أَنَّ النَّبِيَّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – دَخَلَ عَلَى أَبِي طَلْحَةَ فَرَأَى ابْنًا لَهُ يُكْنَى أَبَا عُمَيْرٍ حَزِينًا. قَالَ وَكَانَ إِذَا رَآهُ مَازَحَهُ النَّبِيُّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قَالَ فَقَالَ: مَا لِي أَرَى أَبَا عُمَيْرٍ حَزِينًا؟ قَالُوا: مَاتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ نُغَرُهُ الَّذِي كَانَ يَلْعَبُ بِهِ. قَالَ فَجَعَلَ النَّبِيُّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – يَقُولُ: أَبَا عُمَيْرٍ مَا فعل النغير؟] .
[زَارَ رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – أُمَّ سُلَيْمٍ فَصَلَّى فِي بَيْتِهَا صَلاةً تَطَوُّعًا وَقَالَ: يَا أُمَّ سُلَيْمٍ إِذَا صَلَّيْتِ الْمَكْتُوبَةَ فَقُولِي سُبْحَانَ اللَّهِ عَشْرًا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَشْرًا وَاللَّهُ أَكْبَرُ عَشْرًا ثُمَّ سَلِي اللَّهَ مَا شِئْتِ فَإِنَّهُ يُقَالُ لَكِ نَعَمْ نَعَمْ نَعَمْ]
عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – لَمَّا أَرَادَ أَنْ يَحْلِقَ رَأْسَهُ بِمِنًى أَخَذَ أَبُو طَلْحَةَ شِقَّ شَعْرِهِ فَحَلَقَ الْحَجَّامُ فَجَاءَ بِهِ إِلَى أُمِّ سُلَيْمٍ. فَكَانَتْ أُمُّ سليم تجعله في سكها. قَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ:
وَكَانَ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – يَجِيءُ يَقِيلُ عِنْدِي عَلَى نِطْعٍ. وَكَانَ مِعْرَاقًا. قَالَتْ: فَجَاءَ ذَاتَ يَوْمٍ فَجَعَلْتُ أَسْلُتُ الْعَرَقَ فَأَجْعَلُهُ فِي قَارُورَةٍ لِي. فَاسْتَيْقَظَ النَّبِيِّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فَقَالَ:
مَا تَجْعَلِينَ يَا أُمَّ سُلَيْمٍ؟ فَقَالَتْ: بَاقِي عَرَقِكَ أُرِيدُ أَنْ أُدَوِّفَ بِهِ طِيبِي.
عَنْ أَنَسٍ [أَنَّ النَّبِيَّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – دَخَلَ عَلَى أُمِّ سُلَيْمٍ فَأَتَتْهُ بِتَمْرٍ وَسَمْنٍ فَقَالَ: أَعِيدُوا سَمْنَكُمْ فِي سِقَائِكُمْ وَتَمْرَكُمْ فِي وِعَائِكُمْ فَإِنَّنِي صَائِمٌ. ثُمَّ قَامَ فِي نَاحِيَةِ الْبَيْتِ فَصَلَّى صَلاةً غَيْرَ مَكْتُوبَةٍ فَدَعَا لأُمِّ سُلَيْمٍ وَلأَهْلِ بَيْتِهَا. فَقَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي خُوَيِّصَةً. قَالَ: مَا هِيَ؟ قَالَتْ: خَادِمُكَ أَنَسُ. فَمَا تَرَكَ خَيْرَ آخِرَةٍ وَلا دُنْيَا إِلا دَعَا لِي بِهِ. ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ ارْزُقْهُ مَالا وَوَلَدًا وَبَارِكْ لَهُ. فإنني لَمِنْ أَكْثَرِ الأَنْصَارِ مَالا] . وَحَدَّثَتْنِي ابْنَتِي أَمِينَةُ أَنَّهُ قَدْ دُفِنَ لِصُّلَّبِي إِلَى مَقْدَمِ الْحَجَّاجِ الْبَصْرَةَ تِسْعًا وَعِشْرِينَ وَمِائَةً.
عن أنس قال: [قال النبي. ص: دَخَلْتُ الْجَنَّةَ فَسَمِعْتُ خَشْفَةً بَيْنَ يَدَيْ فَإِذَا أَنَا بِالْغُمَيْصَاءِ بِنْتِ مِلْحَانَ] .
عَنْ أُمِّ سُلَيْمٍ الأَنْصَارِيَّةِ قَالَ [لَهَا النبي. ص: مَا لأُمِّ سُلَيْمٍ لَمْ تَحُجَّ مَعَنَا الْعَامَ؟ قَالَتْ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ كَانَ لِزَوْجِي نَاضِحَانِ فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَحَجَّ عَلَيْهِ وَأَمَّا الآخَرُ فَتَرَكَهُ يَسْقِي عَلَيْهِ نَخْلَهُ. قَالَ:
فَإِذَا كَانَ رَمَضَانُ أَوْ شَهْرُ الصَّوْمِ فَاعْتَمِرِي فِيهِ فَإِنَّ عُمْرَةً فِيهِ مِثْلُ حَجَّةٍ. أَوْ تَقْضِي مَكَانَ حَجَّةٍ] .
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ قَالَتْ: [يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبَا طَلْحَةَ وَابْنَهُ حَجَّا عَلَى نَاضِحِهِمَا وَتَرَكَانِي. فَقَالَ رسول الله ص: عُمْرَةٌ فِي رَمَضَانَ تُجْزِيكِ مِنْ حَجَّةٍ مَعِي] .
عَنْ أَنَسٍ قَالَ: [كَانَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ مَعَ نِسَاءِ النَّبِيِّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – وَهُنَّ يَسُوقُ بِهِنَّ سَوَّاقٌ. قَالَ: فَأَتَى عَلَيْهِنَّ النَّبِيُّ فَقَالَ: يَا أَنْجَشَةُ رُوَيْدَكِ سَوْقُكِ بِالْقَوَارِيرِ] .
ام سليم تشارك في غسل ام كلثوم بنت النبي:
عَنْ أَسْمَاءِ بِنْتِ عُمَيْسٍ قَالَتْ: أَنَا غَسَّلْتُ أُمَّ كُلْثُومِ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – وَصَفِيَّةَ بِنْتَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. وَجَعَلْتُ عَلَيْهَا نَعْشًا أُمِّرَتْ بِجَرَائِدَ رَطْبَةٍ فَوَارَيْتُهَا. غَسَلَهَا نِسَاءٌ مِنَ الأَنْصَارِ فِيهِنَّ أُمُّ عَطِيَّةَ وَنَزَلَ فِي حُفْرَتِهَا أَبُو طَلْحَةَ.
عَنْ [أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – جَالِسًا عَلَى قَبْرِهَا فَرَأَيْتُ عَيْنَيْهَ تَدْمَعَانِ فَقَالَ: لا ينزل في قبرها احد قارف اهله الليلة(يقصد الجماع)، ، وقال: افيكم احد لم يقارف أهله الليلة؟ فقال ابو طلحه: انا يا رسول الله، فقال: انزل، فنزل.
من فضائلهما رضي الله عنهما:
مرض ابنهما الصغير ابو عمير وَأَبُو طَلْحَةَ غَائِبٌ فِي بَعْضِ حِيطَانِهِ. فَهَلَكَ الصَّبِيُّ فَقَامَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ فَغَسَّلَتْهُ وَكَفَّنَتْهُ وَحَنَّطَتْهُ وَسَجَتْ عَلَيْهِ ثَوْبًا وَقَالَتْ: لا يَكُونُ أَحَدٌ يُخْبِرُ أَبَا طَلْحَةَ حَتَّى أَكُونَ أَنَا الَّذِي أُخْبِرُهُ. فَجَاءَ أَبُو طَلْحَةَ فَتَطَيَّبَتْ لَهُ وَتَصَنَّعَتْ لَهُ وَجَاءَتْ بِعَشَاءٍ. فَقَالَ: مَا فَعَلَ أَبُو عُمَيْرٍ؟ فَقَالَتْ: تَعَشَّهْ فَقَدْ فَرَغَ. فَتَعَشَّى وَأَصَابَ مِنْهَا مَا يُصِيبُ الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِهِ. ثُمَّ قَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ: يَا أَبَا طَلْحَةَ أَرَأَيْتَ أَهْلَ بَيْتٍ أَعَارُوا أَهْلَ بَيْتٍ عَارِيَةً فَطَلَبَهَا أَصْحَابُهَا أَيَرُدُّونَهَا أَوْ يَحْبِسُونَهَا؟ فَقَالَ: بَلْ يَرُدُّونَهَا عَلَيْهِمْ. قَالَتْ: فَاحْتَسِبْ أَبَا عُمَيْرٍ. فَقَالَ لَهَا: وَاللَّهِ لا تَغْلِبِينِي اللَّيْلَةَ عَلَى الصَّبْرِ. فَغَدَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ فَأَخْبَرَهُ بِقَوْلِ أُمِّ سُلَيْمٍ. فقال: الحمد لله الذي جعل في أمتي مثل صابرة بني إسرائيل، فقيل: يا رسول الله ما كان من خبرها؟
قصة صابرة بني إسرائيل:
كان في بني اسرائيل امرأة وكان لها زوج وكان له منها غلامان، وكان زوجها أمرها بطعام تصنعه ليدعو عليه الناس، ففعل واجتمع الناس في داره، فانطلق الغلامان يلعبان، فوقعا في بئر كانت في الدار، فكرهت أن تنغص على زوجها الضيافة، فأدخلتهما البيت وسجتهما بثوب، فلما فرغوا دخل زوجها، فقال: أين ابناي، قالت: هما في البيت، وإنها كانت تمسحت بشيء من الطيب وتعرضت للرجل حتى وقع عليها ثم قال: أين ابناي؟ قالت: هما في البيت، فناداهما أبوهما فخرجا يسعيان، فقالت المرأة: سبحان الله. والله لقد كانا ميتين ولكن الله أحياهما ثوابا لصبري.
ولما علم النبي صلى الله عليه وسلم بقصتهما قال: [ بَارَكَ اللَّهُ لَكُمَا فِي غَابِرِ لَيْلَتِكُمَا!] فَحَمَلْتُ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ حَتَّى إِذَا وَضَعْتُهُ. وَكَانَ الْيَوْمُ السَّابِعُ. قَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ لابنها أنس: اذْهَبْ بِهَذَا الصَّبِيِّ وَهَذَا الْمِكْتَلِ وَفِيهِ شَيْءٌ مِنْ تَمْرٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَكُونَ هُوَ الَّذِي يُحَنِّكُهُ وَيُسَمِّيهِ. قَالَ: فَأَتَيْتُ بِهِ النَّبِيَّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فَمَدَّ النَّبِيُّ رِجْلَيْهِ وَأَضْجَعَهُ وَأَخَذَ تَمْرَةً فَلاكَهَا ثُمَّ مَجَّهَا فِي فِيِّ الصَّبِيِّ. فَجَعَلَ الصَّبِيُّ يَتَلَمَّظُهَا. [فَقَالَ النَّبِيُّ: أَبَتِ الأَنْصَارُ إِلا حُبَّ التَّمْرِ] .
وجاء لعبد الله هذا الذي جاء من جماع تلك الليلة تسعة أولاد كلهم قد قرؤوا القرآن. وبارك الله بذرية هذا الرجل في العراق إلى يومنا هذا.
كان أَبو طَلْحَةَ كَانَ يُكْثِرُ الصَّوْمَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فَمَا أَفْطَرَ بَعْدَهُ إِلا فِي مَرِضٍ أَوْ فِي سَفَرٍ حَتَّى لَقِيَ اللَّهَ.
إمتثاله عند نزول آية تحريم الخمر مطلقاً:
{إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [المائدة: الآية 90] إلى قوله فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ [المائدة: الآية 91]. عن أنس رضي الله عنه كما في البخاري: كنت ساقي القوم الخمر بمنزل أبي طلحة، أي وهو زوج أمه رضي الله عنهم، ونزل تحريم الخمر، فمرّ مناد ينادي: ألا إن الخمر قد حرمت، فقال أبو طلحة اخرج فانظر ما هذا الصوت؟ قال: فخرجت، فقلت: هذا مناد ينادي: ألا إن الخمر قد حرمت، فقال لي: اذهب فأهرقها، فقال بعض القوم: قتل قوم: أي في أحد وهي في بطونهم. وفي رواية قالوا: يا رسول الله كيف بمن مات من أصحابنا، وكان شربها، فأنزل الله تعالى لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا [المائدة: الآية 93] أي لأن ذلك كان قبل تحريمها مطلقا.
(حَفْرُ قَبْرِ النبي) :
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي حُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَمَّا أَرَادُوا أَنْ يَحْفِرُوا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ يَضْرَحُ [2] كَحَفْرِ أَهْلِ مَكَّةَ، وَكَانَ أَبُو طَلْحَةَ زَيْدُ بْنُ سَهْلٍ هُوَ الَّذِي يَحْفِرُ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ، فَكَانَ يَلْحَدُ، فَدَعَا الْعَبَّاسُ رَجُلَيْنِ، فَقَالَ لِأَحَدِهِمَا: اذْهَبْ، إلَى أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ، وَلِلْآخَرِ اذْهَبْ إلَى أَبِي طَلْحَةَ. اللَّهمّ خِرْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَوَجَدَ صَاحِبَ أَبِي طَلْحَةَ أَبَا طَلْحَةَ، فَجَاءَ بِهِ، فَلَحَدَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
مع عمر بن الخطاب:
جهاده في حرب العراق: على عهد عمر طلب سعد جيشاً من 8 آلاف فلم يتوفر لعمر سوى أربعة فأرسلها ومعهم أربعة نفر وكتب يقول كل واحد منهم بألف. منهم أبو طلحة الذي قال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم: –ح: لَصَوْتُ أَبِي طَلْحَةَ فِي الْجَيْشِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ رَجُلٍ] .
وصية عمر وتعيين الشورى والحارس:
أَرْسَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِلَى أَبِي طَلْحَةَ الأَنْصَارِيِّ قُبَيْلَ أَنْ يَمُوتَ بِسَاعَةٍ فَقَالَ: يَا أبا طلحة كن في خمسين من قومك مِنَ الأَنْصَارِ مَعَ هَؤُلاءِ النَّفَرِ أَصْحَابِ الشُّورَى فَإِنَّهُمْ فِيمَا أَحْسِبُ سَيَجْتَمِعُونَ فِي بَيْتِ أَحَدِهِمْ. فَقُمْ عَلَى ذَلِكَ الْبَابِ بِأَصْحَابِكَ فَلا تَتْرُكْ أَحَدًا يَدْخُلُ عَلَيْهِمْ وَلا تَتْرُكْهُمْ يمضي اليوم الثالث حتى يؤمروا أحدهم. اللهم أَنْتَ خَلِيفَتِي عَلَيْهِمْ. يَا أَبَا طَلْحَةَ، إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ طَالَمَا أَعَزَّ الإِسْلامَ بِكُمْ، فَاخْتَرْ خَمْسِينَ رَجُلا مِنَ الأَنْصَارِ، فَاسْتَحِثَّ هَؤُلاءِ الرَّهْطَ حَتَّى يَخْتَارُوا رَجُلا مِنْهُمْ وَقَالَ لِلْمِقْدَادِ بْنِ الأَسْوَدِ: إِذَا وَضَعْتُمُونِي فِي حُفْرَتِي فَاجْمَعْ هَؤُلاءِ الرَّهْطَ فِي بَيْتٍ حَتَّى يَخْتَارُوا رَجُلا مِنْهُمْ، وَقَالَ لِصُهَيْبٍ: صَلِّ بِالنَّاسِ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ.
وتابع قوله لأبي طلحة: وَأَدْخِلْ عَلِيًّا وَعُثْمَانَ وَالزُّبَيْرَ وَسَعْدًا وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ وَطَلْحَةَ إِنْ قَدِمَ، وَأَحْضِرْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ وَلا شَيْءَ لَهُ مِنَ الأَمْرِ، وَقُمْ عَلَى رُءُوسِهِمْ، فَإِنِ اجْتَمَعَ خَمْسَةٌ وَرَضُوا رَجُلا وَأَبَى وَاحِدٌ فَاشْدَخْ رَأْسَهُ- أَوِ اضْرِبْ رَأْسَهُ بِالسَّيْفِ- وَإِنِ اتَّفَقَ أَرْبَعَةٌ فَرَضُوا رَجُلا مِنْهُمْ وَأَبَى اثْنَانِ، فَاضْرِبْ رُءُوسَهُمَا، فَإِنْ رَضِيَ ثَلاثَةٌ رَجُلا مِنْهُمْ وَثَلاثَةٌ رَجُلا مِنْهُمْ، فَحَكِّمُوا عَبْدَ اللَّهِ ابن عُمَرَ، فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ حَكَمَ لَهُ فَلْيَخْتَارُوا رَجُلا مِنْهُمْ، فَإِنْ لَمْ يَرْضَوْا بِحُكْمِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَكُونُوا مَعَ الَّذِينَ فِيهِمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، وَاقْتُلُوا الْبَاقِينَ إِنْ رَغِبُوا عَمَّا اجْتَمَعَ عَلَيْهِ النَّاسُ.
قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: لَمَّا أُصِيبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَالَ أَبُو طَلْحَةَ: مَا مِنْ أَهْلِ بَيْتٍ مِنَ الْعَرَبِ حَاضِرٌ وَلا بَادٍ إِلا قَدْ دَخَلَ عَلَيْهِمْ بِقَتْلِ عُمَرَ نَقْصٌ.
جهاده في شيبته ووفاته:
شهد أبو طلحة المشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكذلك مع أبي بكر وكذلك في عهد عمر وادركته الشيخوخة في عهد عثمان. وكَانَ أَبُو طَلْحَةَ رَجُلا آدَمَ مَرْبُوعًا لا يُغَيِّرُ شَيْبَهُ. عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ أَبَا طَلْحَةَ قَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ: «انْفِرُوا خِفافاً وَثِقالًا» التوبة:40. فَقَالَ: أَرَى رَبِّي يَسْتَنْفِرُنَا شُيُوخَنَا وَشُبَّانَنَا. جَهِّزُونِي أَيْ بَنِيَّ جهزوني. فقال بَنَوْهُ: قَدْ غَزَوْتَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – وَمَعَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا. وَنَحْنُ نَغْزُو عَنْكَ. فَقَالَ: جَهِّزُونِي. فَرَكِبَ الْبَحْرَ فَمَاتَ فَلَمْ يَجِدُوا لَهُ جَزِيرَةً إِلا بَعْدَ سَبْعَةِ أَيَّامٍ فَدَفَنُوهُ فِيهَا وَلَمْ يَتَغَيَّرْ.
توفي سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاثِينَ في عهد الخليفة عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وَهُوَ يَوْمَئِذٍ ابْنُ سَبْعِينَ سَنَةً. وَأَهْلُ الْبَصْرَةِ يَرْوُونَ أَنَّهُ رَكِبَ الْبَحْرَ فَمَاتَ فِيهِ فَدَفَنُوهُ فِي جَزِيرَةٍ.