رضي الله عنه
مقدمة: سلمة بْن الأكوع وقيل: سلمة بْن عمرو بْن الأكوع، واسم الأكوع سنان بْن عَبْد اللَّهِ بْن قشير بْن خزيمة بْن مالك بْن سلامان بْن أسلم الأسلمي.
كان يكنى بأبي مسلم، ثم بأَبي إياس، نسبة لابنه إياس وكان سلمة ممن بايع تحت الشجرة مرتين، وسكن المدينة، ثم انتقل فسكن الربذة.
وكان شجاعًا راميًا محسنًا خيرًّا فاضلًا، روى عنه جماعة من أهل المدينة، وقال له رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” خير رجالتنا سلمة بْن الأكوع “. قاله في غزوة ذي قرد لما استنقذ لقاح رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وروي عنه، أَنَّهُ قال: بايعت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْم الحديبية عَلَى الموت.-عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ قَالَ: غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – سَبْعَ غَزَوَاتٍ وَمَعَ زَيْدِ بن حارثة تسع غزوات حين أَمَّرَهُ رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – عَلَيْنَا.
إسلامه: أسلم سنان بْن عَبْد اللَّهِ بْن قشير بْن خزيمة بْن مالك بْن سلامان بْن أسلم بْن أفصى الأسلمي قديمًا، وصحب النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هو وابناه سلمة، وعامر.
هجرته:
أخرج البيهقي عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلِّي بأصحابه ثم ينصرف فيقول لأصحابه: «ليأخذ كل رجل بقدر ما عنده» ، فيذهب الرجل بالرجل والرجلين والثلاثة، ويذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم بالباقين.
جهاده:
سَرِيَّةُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. إِلَى بَنِي كِلابٍ بِنَجْدٍ
وهي ناحية ضرية فِي شعبان سنة سبع من مهاجر رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ –عن إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ بْنُ الأَكْوَعِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: غَزَوْتُ مَعَ أَبِي بَكْرٍ إِذْ بَعَثَهُ النَّبِيُّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – عَلَيْنَا فَسَبَى نَاسًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَقَتَلْنَاهُمْ. فَكَانَ شِعَارُنَا: أَمِتْ أَمِتْ! قَالَ: فَقَتَلْتُ بِيَدَيَّ سَبْعَةً أَهْلَ أَبْيَاتٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ.
– عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ قَالَ: غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – سَبْعَ غَزَوَاتٍ. فَذَكَرَ الْحُدَيْبِيَةَ وَخَيْبَرَ وَحُنَيْنًا وَيَوْمَ الْقَرَدِ.
– عَنْ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَامَ رَجُلٌ مِنْ عِنْدِ النَّبِيِّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فَأُخْبِرَ أَنَّهُ عَيْنٌ لِلْمُشْرِكِينَ فَقَالَ: مَنْ قَتَلَهُ فَلَهُ سَلَبُهُ. قَالَ فَلَحِقْتُهُ فَقَتَلْتُهُ فَنَفَّلَنِي النَّبِيُّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – سَلَبَهُ.
يسار الراعي مولى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يرعى إبله فقتله العرنيون، وسملوا عينه، وحمل ميتا إلى قباء، فدفن هناك.
روى سلمة بن الأكوع، أن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَهُ مولى اسمه يسار، فنظر إليه وهو يحسن الصلاة فأعتقه، وبعثه فِي لقاح فِي الحرة، فكان بِهَا، فأظهر ناس من عرينة الإسلام، وجاءوا وهم مرضى قد عظمت بطونهم، فبعث بهم النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى يسار، فكانوا يشربون ألبان الإبل حَتَّى انطوت بطونهم، فقتلوا الراعي: والقصة مشهورة.
غزوة الغابة: أخرج الإِمام أحمد عن سَلَمة بن الأكوع رضي الله عنه قال: قدمنا المدينة زمن الحديبية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرجت أنا وربَاح غلامُ النبي صلى الله عليه وسلم ـ (بظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم وخرجت بفرس لطحلة بن عبيد الله أريد أن أُنَدِّيه مع الإِبل. فلما كان بغَلَس أغار عبد الرحمن بن عيينة على إبل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقتل راعيها، وخرج يطردها هو وأناس معه في خيل. فقلت: يا رباح أقعد على هذا فألْحقهُ بطلحة، وأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قد أُغير على سَرْحه. قال: وقمت على قِلْ، فجعلت وجهي من قِبل المدينة، ثم ناديت – ثلاث مرات -: يا صباحاه. قال: ثم اتَّبعت القوم معي سيفي ونبلي، فجعلت أرميهم وأعقِر بهم، وذلك حين يكثر الشجر، فإذا رجع إِليّ فارس جلست له في أصل شجرة ثم رميت، فلا يُقبل إليّ فارس إلا عقرت به، فجعلت أرميهم وأنا أقول:
أنا ابن الأكوعِ واليومُ يومُ الرُّضَّع
قال: فألحق برجل منهم فأرميه وهو على راحلة، فيقع سهمي في الرجل حتى أنتظم كتفه فقلت
خذها وأنا ابن الأكوعِ واليوم يوم الرُّضَّعِ
فإذا كنت في الشجر أحرقتهم بالنبل، فإذا تضايقت الثنايا عَلَوت الجبل فردَّيتهم بالحجارة.
فما زال ذلك شأني وشأنهم أتبعهم، وأرتجز حتى ما خلق الله شيئاً من ظَهْر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا خلَّفته وراء ظهري، فاستنقذته من أيديهم، ثم لم أزل أرميهم حتى ألقَوا أكثر من ثلاثين رمحاً وأكثر من ثلاثين رمحاً وأكثر من ثلاثين بُرْدة يَستخِفُّون منها، ولا يُلْقون من ذلك شيئاً إلا جعلت عليه حجارة، وجمعته على طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا امتدّ الضحى أتاهم عُيَينة بن بدر الفَزاري مَدداً لهم وهم في ثنيَّة ضيِّقة، ثم علَوت الجبل فأنا فوقهم، فقال عيينة: ما هذا الذي أرى؟ قالوا: لقينا من هذا البُرَح ما فارقنا بسَحَر حتى الآن، وأخذ كلَّ شيء بأيدينا وجعلته وراء ظهره. فقال عيينة لولا أنَّ هذا يرى أن وراءه طلباً لقد ترككم، ليَقُم إِليه نفر منكم. فقام إليه نفر منهم أربعة فصعدوا في الجبل. فلما أسمعتهم الصوت قلت: أتعرفونني؟ قالوا: ومن أنت؟ قلت: أنا ابن الأكوع، والذي كرّم وجه محمد لا يطلبني رجل منكم فيدركني، ولا أطلبه فيفوتني. فقال رجل منهم إنّ أظنّ. قال: فما برحت مقعدي ذلك حتى نظرت إلى فوارس رسول الله صلى الله عليه وسلم يخلّلون الشجر، وإِذ أولهم الأخرم الأسديّ، وعلى أثره أبو قتادة فارس رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى أثره المقداد بن الأسود الكِندي، فولّى المشركون مدبرين، وأنزِل من الجبل فآخذ عِنان فرسه، فقلت: يا أخرم إئذن القوم – يعني إحذرهم – فإني لا آمن أن يقتطعوك فاتئد حتى يلحق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه. قال: يا سلمة إن كنت تؤمن بالله واليوم الآخر، وتعلم أنَّ الجنة حق والنار حق فلا تَحُل بيني وبين الشهادة. قال: فخلّيت عنان فرسه، فيلحق بعبد الرحمن بن عيينة، ويعطف عليه عبد الرحمن فاختلفا طعنتين، فعقر الأخرم بعبد الرحمن، وطعنه عبد الرحمن فقتله؛ فتحول عبد الرحمن على فرس الأخرم، فيلحق أبو قتادة بعبد الرحمن، فاختلف طعنتين فعقر بأبي قتادة وقتله أبو قتادة، وتحول أبو قتادة على فرس الأخرم.
ثم إنِّي خرجت أعدو في أثر القوم حتى ما أرى من غبار صحابة النبي صلى الله عليه وسلم شيئاً، ويعرضون قبل غيبوبة الشمس إلى شِعْب فيه ماء يقال له «ذو قَرَد» . فأرادوا أن يشربوا منه فأبصروني أعدو وراءهم فعطفوا عنه، وأسندوا في الثنيّة ثنيّة ذي بئر» وغربت الشمس وألحق رجلاً فأرميه فقلت:
خذها وأنا ابن الأكوعِ واليوم يوم الرضّعِ
قال: فقال: يا ثُكَلْ أمِّ أكوع بكرة فقلت: نعم، أي عدوَّ نفسه – وكان الذي رميته بكرة -، وأتبعته سهماً آخر، فعلق به سهمان، ويخلِّفون فرسين فجئت بهما أسوقهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على الماء الذي أجليتهم عنه – ذي قَرَد -. وإذا بنبي الله صلى الله عليه وسلم في خمس مائة، وإِذا بلال قد نحر جزوراً ممَّا خلَّفت فهو يشوي لرسول الله صلى الله عليه وسلم من كبدها وسنامها، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله خلِّني فأنتخب من أصحابك مائة، فآخذ على الكفار بالعَشوة فلا يبقى منهم مُخْبر إلا قتلته. فقال: «أكنت فاعلاً ذلك يا سلَمة؟» قال: قلت: نعم، والذي أكرمك. فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى رأيت نواجذه في ضوء (النار) ، ثم قال: «إنهم يُقْرَون الآن بأرض غطفان» فجاء من غطفان فقال: «مرّوا على فلان الغطفاني، فنحر لهم جزوراً، فلما أخذوا يكشِطون جلدها رأوا غَبَرة فتركوها وخرجوا هراباً.
فلما أصبحنا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «خير فرساننا أبو قتادة وخير رجَّالتِنا سلمة» . فأعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم سَهْمَ الفارس والراجل جميعاً، ثم أردفني وراءه على العَضْباء راجعين إلى المدينة. فلما كان بيننا وبينها قريبٌ من ضحوة – وفي القوم رجل من الأنصار كان لا يُسبق – جعل ينادي: هل من مسبق؟ ألا رجل يسابق إِلى المدينة؟ فأعاد ذلك مراراً وأنا وراء رسول الله صلى الله عليه وسلم مُرْدِفي، فقلت له: أما تُكرم كريماً، ولا تهاب شريفاً؟ قال: لا، إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قلت: يا رسول الله – بأبي أنت وأمِّي – خلّني فلأسبق الرجل. قال: «إن شئت» . قلت: إذهب إِليك. فطفر عن راحلته، وثنيت رجلي فطفرت عن الناقة، ثم إنِّي ربطت عليه شَرَفاً أو شَرَفين – يعني استبقيت من نَفَسي -، ثم إن عدوت حتى ألحقه فأصكَّ بين كتفيه بيدي، قلت: سبقتك والله أو كلمة نحوها. قال: فضحك، قال: إِن أظنُّ، حتى قدمنا المدينة. وهكذا رواه مسلم؛ عنده: فسبقته إلى المدينة، فلم نلبث إلا ثلاثاً حتى خرجنا إلى خيبر.
-مقتل أخيه بخيبر:
عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه – فذكر حديثاً طويلاً، وذكر فيه رجوعهم من غزوة بني فَزارة. قال: فلم نمكث إلا ثلاثاً حتى خرجنا إلى خيبر.
عن إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي قَالَ: بَارَزَ عَمِّي يَوْمَ خَيْبَرَ مَرْحَبَ الْيَهُودِيَّ فَقَالَ مَرْحَبٌ:
قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي مَرْحَبُ … شَاكِي السِّلاحِ بَطَلٌ مُجَرَّبُ
إِذَا الْحُرُوبُ أَقْبَلَتْ تَلَهَّبُ فَقَالَ عَمِّي عَامِرٌ:
قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي عَامِرُ … شَاكُ السِّلاحِ بَطَلٌ مُغَامِرُ
فَاخْتَلَفَا ضَرْبَتَيْنِ فَوَقَعَ سَيْفُ مَرْحَبٍ فِي تُرْسِ عَامِرٍ وَذَهَبَ عَامِرٌ يَسْفُلُ لَهُ. فَرَجَعَ السَّيْفُ عَلَى سَاقِهِ فَقَطَعَ أَكْحَلَهُ فَكَانَتْ فِيهَا نَفْسُهُ. قَالَ سَلَمَةُ بْنُ الأَكْوَعِ: فَلَقِيتُ نَاسًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فَقَالُوا: بَطَلَ عَمَلُ عَامِرٍ قَتَلَ نَفْسَهُ! قَالَ سَلَمَةُ: فَجِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – أَبْكِي فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَبْطَلَ عَمَلُ عَامِرٍ؟ قَالَ: وَمَنْ قَالَ ذَاكَ؟ قُلْتُ: أُنَاسٌ مِنْ أصحابك! [قال رسول الله. ص: كَذَبَ مَنْ قَالَ ذَاكَ! بَلْ لَهُ أَجْرُهُ مَرَّتَيْنِ] . إِنَّهُ حِينَ خَرَجَ إِلَى خَيْبَرَ جَعَلَ يَرْجُزُ بِأَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – وَفِيهِمُ النَّبِيُّ يَسُوقُ الرِّكَابَ وَهُوَ يَقُولُ:
تَاللَّهِ. لَوْلا اللَّهُ مَا اهْتَدَيْنَا. … وَمَا تَصَدَّقْنَا وَمَا صَلَّيْنَا
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَيْنَا. … إِذَا أَرَادُوا فِتْنَةً أَبَيْنَا
وَنَحْنُ عَنْ فَضْلِكَ مَا اسْتَغْنَيْنَا. … فَثَبِّتِ الأَقْدَامَ إِنْ لاقَيْنَا
وَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً علينا [فقال رسول الله. ص: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: عَامِرٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ: غَفَرَ لَكَ رَبُّكَ] قَالَ: وَمَا اسْتَغْفَرَ لإِنْسَانٍ قَطُّ يَخُصُّهُ إِلا اسْتُشْهِدَ. فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَالَ: يَا رَسُولَ الله لو ما مَتَّعْتَنَا بِعَامِرٍ. فَتَقَدَّمَ فَاسْتُشْهِدَ. قَالَ سَلَمَةُ: ثُمَّ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – أرسلني إلى علي [فقال: لأعطين الراية رَجُلا يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ] . قَالَ: فَجِئْتُ بِهِ أَقُودُهُ أَرْمَدَ فَبَصَقَ رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فِي عَيْنَيْهِ ثُمَّ أَعْطَاهُ الرَّايَةَ فَخَرَجَ مَرْحَبٌ يَخْطِرُ بِسَيْفِهِ فَقَالَ:
قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِي مَرْحَبُ … شَاكُ السِّلاحِ بَطَلٌ مُجَرَّبُ
إِذَا الْحُرُوبُ أَقْبَلَتْ تَلَهَّبُ
فَقَالَ عَلِيٌّ. صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَبَرَكَاتُهُ:
أَنَا الَّذِي سَمَّتْنِي أُمِّي حَيْدَرَهْ … كَلَيْثِ غَابَاتٍ كَرِيهِ الْمَنْظَرَهْ
أَكِيلُهُمْ بِالصَّاعِ كَيْلَ الْمَنْدَرَهْ!
فَفَلَقَ رَأْسَ مَرْحَبٍ بِالسَّيْفِ. وَكَانَ الْفَتْحُ عَلَى يَدَيْهِ.
أخبرني يزيد بن أبي عبيد قال رأيت أثر ضربة في ساق سلمة فقلت يا أبا مسلم ما هذه الضربة قال هذه ضربة أصابتني يوم خيبر وقال الناس أصيب سلمة فأتي بي النبي (صلى الله عليه وسلم) فنفث فيه ثلاث نفثات فما اشتكيتها حتى الساعة
صحبته ومآثره:
عن إِياس بن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال: أصاب أسَلَم وجعٌ. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «يا أسلمُ أبدوا» . قالوا: يا رسول الله نكره أن نرتد، ونرجع على أعقابنا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «أنتم باديتنا ونحن حاضرتكم، إذا دعوتمونا أجبناكم وإِذا دعوناكم أجبتمونا؛ أنتم المهاجرون حيث كنتم» .
صلح الحديبية: عَنْ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ عَنْ أَبِيهِ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ. يَعْنِي أَنَّهُ شَهِدَ الْحُدَيْبِيَةَ مَعَ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وبايع تَحْتَ الشَّجَرَةِ. وَنَزَلَ فِيهِمُ الْقُرْآنُ: «لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ» الفتح: 18.
عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ قَالَ: بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ تَحْتَ الشَّجَرَةِ. قَالَ ثُمَّ تَنَحَّيْتُ فَلَمَّا خَفَّ النَّاسُ قَالَ: يَا سَلَمَةُ مَا لَكَ لا تُبَايِعُ؟ قُلْتُ: قَدْ بَايَعْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: وَأَيْضًا. قَالَ: فَبَايَعْتُهُ. قُلْتُ عَلَى مَا بَايَعْتُمُوهُ يَا أَبَا مُسْلِمٍ؟ قَالَ: عَلَى الْمَوْتِ.
– عَنْ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَتِ الْحُدَيْبِيَةُ فِي ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ سِتٍّ وَكُنَّا فِيهَا سِتَّ عَشْرَةَ مِائَةً. وَأَهْدَى رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – جَمَلَ أَبِي جَهْلٍ.
-عَنْ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ بن الأكوع عن أبيه قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – غَزْوَةَ الْحُدَيْبِيَةِ فَنَحَرْنَا مِائَةَ بَدَنَةٍ وَنَحْنُ بِضْعَ عَشْرَةَ مِائَةً وَمَعَهُمْ عُدَّةُ السِّلاحِ وَالرِّجَالِ وَالْخَيْلِ. وَكَانَ فِي بُدْنِهِ جَمَلُ أَبِي جَهْلٍ فَنَزَلَ بِالْحُدَيْبِيَةِ فَصَالَحَتْهُ قُرَيْشٌ عَلَى أَنَّ هَذَا الْهَدْيَ مَحَلُّهُ حَيْثُ حَبَسْنَاهُ.
– وَقَدْ روى سَلَمَةُ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ.
– عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ أَنَّهُ كَانَ لا يَسْأَلُهُ أَحَدٌ بِوَجْهِ اللَّهِ إِلا أَعْطَاهُ. وَكَانَ يَكْرَهُهَا وَيَقُولُ: هِيَ الإِلْحَافُ. وكَانَ سَلَمَةُ بْنُ الأَكْوَعِ إِذَا سُئِلَ بِوَجْهِ اللَّهِ أَفَفَ وَيَقُولُ: مَنْ لَمْ يُعْطَ بِوَجْهِ اللَّهِ فَبِمَاذَا يُعْطَى؟ وَكَانَ يَقُولُ: هِيَ مَسْأَلَةُ الإِلْحَافِ. (الإلحاح والتشديد).
-وكَانَ يَتَحَرَّى مَوْضِعَ الْقِحْفِ يُسَبِّحُ فِيهِ. وَذَكَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – كَانَ يَتَحَرَّى ذَلِكَ الْمَكَانَ. قَالَ وَكَانَ بَيْنَ الْقِبْلَةِ وَالْمِنْبَرِ قَدْرُ مَمَرِّ شاة.
– أَنَّ سَلَمَةَ بْنَ الأَكْوَعِ كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ صَدَقَةَ مَالِهِ.
– عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأكوع أنه كان ينهى عَنْ لِعْبِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ وَيَقُولُ: هِيَ مَأْثَمَةٌ.
– عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأكوع أَنَّهُ تَوَضَّأَ فَمَسَحَ مُقَدَّمَ رَأْسِهِ وَغَسَلَ قَدَمَيْهِ وَنَضَحَ بِيَدِهِ جَسَدَهُ وَثِيَابَهُ.
– عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ أَنَّهُ كَانَ يَسْتَنْجِي بِالْمَاءِ.
– أَجَازَ الْحَجَّاجُ سَلَمَةَ بِجَائِزَةٍ فَقَبِلَهَا.
– عَنْ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ يَكْتُبُ لَنَا بِجَوَائِزَ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى الْكُوفَةِ فَنَذْهَبُ فَنَأْخُذُهَا.
وكان سَلَمَةَ بْنَ الأَكْوَعِ يُحْفِي شَارِبَهُ أَخِي الْحلق.
عن إِيَاسَ بْنِ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – أَبَا بَكْرٍ إِلَى فَزَارَةَ وَخَرَجْتُ مَعَهُ حَتَّى إِذَا مَا دَنَوْنَا مِنَ الْمَاءِ عَرَّسَ أَبُو بَكْرٍ. حَتَّى إِذَا مَا صَلَّيْنَا الصُّبْحَ أَمَرَنَا فَشَنَنَّا الْغَارَةَ فَوَرَدْنَا الْمَاءَ. فَقَتَلَ أَبُو بَكْرٍ مَنْ قَتَلَ وَنَحْنُ مَعَهُ. قَالَ سَلَمَةُ: فَرَأَيْتُ عُنُقًا مِنَ النَّاسِ فِيهِمُ الذَّرَارِيُّ فَخَشِيتُ أَنْ يَسْبِقُونِي إِلَى الْجَبَلِ فَأَدْرَكْتُهُمْ فَرَمَيْتُ بِسَهْمٍ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْجَبَلِ.
فَلَمَّا رَأَوُا السَّهْمَ قَامُوا فَإِذَا امْرَأَةٌ مِنْ فَزَارَةَ فِيهِمْ عَلَيْهَا قَشْعٌ مِنْ أَدَمٍ. مَعَهَا ابْنَتُهَا مِنْ أَحْسَنِ الْعَرَبِ. فَجِئْتُ أَسُوقُهُمْ إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَنَفَّلَنِي أَبُو بَكْرٍ ابْنَتَهَا فَلَمْ أَكْشِفْ لَهَا ثَوْبًا حَتَّى قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ. ثُمَّ بَاتَتْ عِنْدِي فَلَمْ أَكْشِفْ لَهَا ثَوْبًا حَتَّى لَقِيَنِي رَسُولُ اللَّهِ. ص. فِي السُّوقِ [فَقَالَ: يَا سَلَمَةُ هَبْ لِيَ الْمَرْأَةَ! فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ! وَاللَّهِ لَقَدْ أَعْجَبَتْنِي وَمَا كَشَفْتُ لَهَا ثَوْبًا! فَسَكَتَ حَتَّى إِذَا كَانَ مِنَ الْغَدِ لَقِيَنِي رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فِي السُّوقِ وَلَمْ أَكْشِفْ لَهَا ثَوْبًا فَقَالَ: يَا سَلَمَةُ هَبْ لِيَ الْمَرْأَةَ لِلَّهِ أَبُوكَ! قَالَ: فَقُلْتُ: هِيَ لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ: فَبَعَثَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم – إلى أَهْلِ مَكَّةَ فَفَدَى بِهَا أَسْرَى مِنَ الْمُسْلِمِينَ كانوا في أيدي المشركين] .
أخرج البخاري عن سَلَمة رضي الله عنه قال: بايعت النبي صلى الله عليه وسلم ثم عدلت إلى ظلِّ الشجرة. فلمَّا خفَّ الناس قال: «يا ابن الأكوع ألا تبايع؟» قال: قلت: قد بايعت يا رسول الله. قال: «أيضاً» فبايعته الثانية، فقلت له: يا أبا مسلم على أي شيء كنتم تبايعون يومئذٍ؟ قال: على الموت. وأخرجه أيضاً مسلم، والترمذي، والنسائي كما في العيني، والبيهقي، وابن سعد. وأخرج البخاري أيضاً عن عبد الله بن زيد رضي الله عنه قال: لما كان زمن الحرَّة أتاه آتٍ فقال له: إنَّ ابن حنظلة يبايع الناس على الموت. فقال: لا أبايع على هذا أحداً بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم .
أخرج ابن أبي شيبة والترمذي في الشمائل عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال: كان عثمان بن عفان رضي الله عنه يتَّزر إلى أنصاف ساقيه وقال: هكذا كانت إزرة حبِّي.
عِكرمة بْن عَمّار، حدَّثنا إياس بْن سَلَمة، قَالَ: مَا كذب أَبِي قط فِي جَدٍّ، ولا هزل.
روى إياس بْن سلمة بْن الأكوع، عن أبيه، أن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رجلًا يقال له: بسر بْن راعي العير يأكل بشماله، فقال له: كل بيمينك، قال: لا أستطيع، قال: لا استطعت، قال: فما وصلت يمينه بعد إِلَى فيه.
عن إياس بن سلمة بن الأكوع عن أبيه قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) النجوم أمان لأهل السماء وأهل بيتي أمان لأمتي
تقبيل يد النبي وأيدي سلمة بن الأكوع وأنس والعباس:
وأخرج الطبراني في الأوسط عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال: بايعت النبي صلى الله عليه وسلم بيدي هذه، فقبلناها فلم ينكر ذلك.
وأخرج البخاري في الأدب المفرد عن عبد الرحمن بن رَزِين قال: مررنا بالرَّبذَة فقيل لنا: ههنا سلمة بن الأكوع رضي الله عنه، فأتيته فسلمنا عليه وأخرج يده فقال: بايعتُ بهاتين نبي الله صلى الله عليه وسلم فأخرج كفاً له ضخمة كأنها كف بعير، فقمنا إليها فقبلناها. وأخرجه ابن عسد عن عبد الرحمن بن زيد العراقي نحوه. وأخرج البخاري أيضاً في الأدب عن ابن جدعان قال ثابت لأنس رضي الله عنه: أمَسِسْت النبي صلى الله عليه وسلم بيدك؟ قال: نعم، فقبلها،
وأخرج البخاري أيضاً في الأدب عن صهيب قال: رأيت علياً رضي الله عنه يقبل يد العباس رضي الله عنه ورجليه.
وفاته:
– عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ أَنَّهُ اسْتَأْذَنَ النَّبِيُّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فِي الْبَدْوِ فأذن له. وعن مُحَمد بن إِياس ابن سَلَمة، أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ، “أَنَّ سَلَمة بْنَ الأَكوَعِ قَدِمَ المَدِينةَ، فَلَقِيَهُ بُرَيدَةُ بنُ حُصَيبٍ، فَقال: ارتَدَدتَ عَن هِجرَتِكَ؟ فَقال: مَعاذَ اللهِ، إِنِّي فِي إِذنٍ مِنَ النَّبيِّ صَلى اللَّهُ عَلَيه وسَلم، سَمِعتُ النَّبيَّ صَلى اللَّهُ عَلَيه وسَلم يَقول: ابدُوا يَا أَسلَمُ، واسكُنُوا الشِّعابَ، فَقالُوا: نَخافُ أَن نَتَعَرَّبَ بَعد هِجرَتِنا؟ قَالَ: أَنتُم مُهاجِرُونَ حَيثُ كُنتُم”.
عن سعيد بن إياس بن سلمة بن الأكوع أن أباه حدثه أن سلمة قدم المدينة فلقيه بريدة بن الحصيب فقال ارتددت عن هجرتك يا سلمة فقال معاذ الله إني في إذن من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول ابدوا يا أسلم فتنسموا الرياح واسكنوا الشعاب فقالوا إنا نخاف يا رسول الله أن يضرنا ذلك في هجرتنا فقال أنتم مهاجرون حيث كنتم.
كف بصره في آخر عمره وكان يقوده خادم له.
– تُوُفِّيَ سَلَمَةَ بْنُ الأَكْوَعِ بِالْمَدِينَةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانِينَ سَنَةً.