جود سكاكيني
هناك قناعة سائدة بأن المرأة مخلوق مضطهد وضعيف، وبأن الإسلام قام بتهميشها وسحق قيمتها وطمس حقوقها، بل يؤمن البعض بأنها مظلومة في الاسلام ولم تعط حقها الكامل.
هيهات وهيهات على من يتعرف إلى الاسلام ولم يدرك حقيقته ورسالته والأخلاق والآداب السامية والشريفة التي يسعى لها.
الله عز و جل في قرآنه العظيم أعز المرأة واعتنى بها عناية لم تكن للرجل أبدا، لقد كفل لها عفتها وجعلها عزيزة وسامية في مكانتها. وهذا الأمر اختص به المرأة المؤمنة دون غيرها من النساء (وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنّ) [النور، 30].
فالمرأة بطبيعتها جميلة وفاتنة وفتانة مهما كان عمرها وشكلها، فعليها أن تغض من نظرها حتى تحفظ كرامتها وطاقتها، من ناحية، وتجتهد لئلا تكون فتنة للناس، من ناحية ثانية. فبحفظ مفاتنها تكون قد اجتنبت الحرام، وأطاعت الله عز وجل، وفي الوقت نفسه، جاهدت نفسها في أن لا تبدي زينتها، وهو أمر عظيم، لأن المرأة بطبيعتها تحب أن تتزين…فلم لا تجعل زينتها حلالاً طيباً لزوجها؟ فالجوهرة لا يمسها أحد ولا ينظر إليها أحد فهي كنز مكنون مصان يٌقدم لمن يحفظ قيمته، ويٌقدّر ثمنه.
تقول فاطمة (وهي لأب مسيحي، اعتنقت الاسلام منذ 15 عاماً): إذا كنتُ إنسانة مؤمنة يجب أن أمتثل لأمر الله عز وجل لأن الحجاب من الإيمان فيجب أن يكون مزروع بداخلي ومقتنعة به وأحبه… والحمدلله عز وجل أعطاني القناعة الكاملة بذلك.
معاني الحجاب
أولاً، الحجاب أصل في العقيدة، من حيث الإقرار بالعبودية للخالق والامتثال لأوامره، بما يعني أن هناك مَن فوقي مَن هو شهيد على أعمالي ورقيب على خواطري وخبير بسريرتي، فأنا لست ربة نفسي. وهذا أكبر جهاد للنفس من حيث إقرارها بالعبودية وبأن الألوهية لله وحده، من جهة، وتقييدها باتباع قواعد الشرع ونهيها عن اتباع الهوى، من جهة ثانية.
ثانياً، الحجاب هو بمثابة إعلان تَكشف من خلاله المرأة عن هويتها ومرجعيتها وتبعيتها للدين الاسلامي؛ وضمنا هو بمثابة تحذير لكل من تُسوّل له نفسه العبث معها؛أنا مسلمة تعني أنني سلّمت أمري إلى الله، ومن يتجرأ على إيذائي فحسابه عند الله … أنا محجبة يعني انني احتجبت عن شهوات نفسي لصالح انشغالي بما أمرني به ربي.
ثالثاً، الحجاب يعني الخط الأحمر الذي ترسمه المرأة المسلمة بينها وبين نفسها، فهو بمثابة عهد مع الله على صيانة جسدها وكرامتها وعقلها وروحها. لأن المخاطَب الأول من وراء فريضة الحجاب هو المرأة نفسها، والحجاب في معناه العميق يعني أن تحجب المرأة نفسها عن أهوائها وشهواتها، التي تعادل شهوة الرجل بمرات، وفي هذا المعنى، يكون الأصل في حجاب المرأة، برأينا، حماية المرأة من نفسها، لا حماية النساء من بطش الرجال!!
وفي احتجاب المرأة عن رغباتها إظهار لدورها الحقيقي الذي أوكلها الله تعالى به وهو الحفاظ على استمرارية النوع البشري، وتنشئة أجيال قادرة على خلافة الأرض وإصلاحها، وهو دور عظيم لا يليق إلا بالمرأة المؤمنة.
رابعاً، الحجاب طهارة لقلوب المؤمنين والمؤمنات على السواء، لأن العين لا ترى والقلب لا يشتهي، والعكس صحيح، وهنا أكدت فاطمة: “عندما العين ترى محاسن المرأة القلب يشتهيها، وهنا تنزرع الشهوة داخل الرجل حتى لو لم يفكر بها، تنزرع عنده في اللاوعي”، وبالتالي، فإن لم يعص الله معها فسيعصيه مع غيرها.
وأخيراً…الحمدلله الذي جعلنا مسلمين وزرع فينا اليقين وفطرنا على الاسلام وهدانا إلى السبيل وأنعم علينا بالتوحيد، الحمد لله الواجد المعطي الذي اكرمنا كمسلمات وأعزنا بالإسلام ومن غيرته علينا أراد أن يحجبنا عن أنفسنا والعباد.
_________________________
* من أصدقاء منتدى الإعجاز العلمي في القرآن والسنة في لبنان.