المهندس الدكتور عبد الدائم كحيل*
ملخص البحث
في هذا البحث سوف نكتشف بعض الأسرار الطبية لرياضة المشي من خلال استعراض أهم الدراسات العلمية التي أثبتت أن المشي علاج لعدد كبير من الأمراض. إن ممارسة المشي بانتظام تقي من أمراض القلب والأوعية الدموية. وإن السير لخطوات قليلة يمكن أن ينشط خلايا الدماغ ويقوي الذاكرة ويطور القدرات على التفكير الإبداعي… هاك فوائد تتعلق بعلاج مرض السكري وارتفاع ضغط الدم والكولسترول. ولذلك فإن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم اهتم بالمشي واعتبر أن المشي إلى المساجد من الأعمال التي تُذهب الخطايا، وكذلك فإن القرآن أمر أيضاً بالمشي، فدعونا نعيش هذه الرحلة العلمية الإيمانية في أسرار هذه الرياضة الرائعة.
مقدمة
إنه علاج سحري لكثير من الأمراض وبخاصة الأمراض الأكثر انتشاراً.. إنه العلاج المجاني الذي لا يكلفك شيئاً على عكس بقية العلاجات التي تكلف الكثير… إنها رياضة المشي السريع، رياضة أثبتت فعاليتها في هذا العصر للتمتع بنظام مناعة أقوى وصحة أفضل. إنها الرياضة الأقدم والتي بدأت مع وجود الإنسان على هذه الأرض.
هل تعلم عزيزي القارئ أن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم كان يمارس رياضة المشي التي يقول عنها العلماء إنها من أفضل أنواع الرياضة؟ بل وكان يأمر أصحابه بضرورة الإكثار من المشي إلى المساجد، واعتبر أن أهم ما يمحو الله به السيئات والذنوب هو المشي إلى المساجد، وذلك في قوله: (وكثرة الخطا إلى المساجد).
سوف نكتشف من خلال فقرات هذا البحث العلمي العديد من الحقائق العلمية حول العلاج السحري لأمراض العصر ألا وهو المشي المنتظم، وكيف أن العلماء قد أثبتوا أن المشي كل يوم وبانتظام يعالج أكثر الأمراض استعصاء على الطب مثل مرض السكري وارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب…
ففي عصر كثرت فيه أمراض السكري والضغط والكولسترول.. في عصر أصبحت أمراض القلب والعمود الفقري والاكتئاب… تسيطر على كثير من الناس.. في هذا العصر تبرز الحاجة لعلاج فعال لهذه الأمراض جميعاً.. إنه العلاج السحري لأمراض العصر .. إنه علاج مجاني لمعظم مشاكلنا اليوم.. إنه المشي.. دعونا نقرأ ونتأمل ونطبق هذه النصائح على أنفسنا منذ هذه اللحظة..
طوّر قدراتك الإبداعية
في عصرنا الحاضر كثُرت ضغوط الحياة اليومية، وتعقدت مشاكل الحياة وأصبح الإنسان بحاجة لأساليب جديدة لحل هذه المشاكل، والتمكن من اتخاذ القرار الصحيح في العمل أو الدراسة أو الحياة الاجتماعية. وربما تعجب عزيزي القارئ إذا أخبرتك بأن أفضل وأسهل طريقة لتحقيق ذلك هي ممارسة رياضة المشي!
فهذه دراسة علمية جديدة لجامعة ستانفورد Stanford University يثبت العلماء من خلالها أن المشي يطور لدى الإنسان القدرة على التفكير الإبداعي بنسبة 60 % . وتستمر القدرة على هذا التفكير الإبداعي حتى بعد التوقف عن المشي. وقد كانت نتائج الدراسة مبهرة للباحثين، حيث تحسنت القدرات الإبداعية لدى جميع من مارسوا المشي، على عكس الذين بقوا جالسين.
ولذلك فإن ممارسة المشي ضرورية لتطوير الذاكرة وتنشيطها ومساعدة الدماغ على حل المشاكل، وبخاصة لمن يرغب باتخاذ قرار سليم، فإن المشي، وبناء على الدراسة السابقة، يساعد على التفكير السليم واتخاذ قرارات صائبة، ويسهل حل المشاكل اليومية العالقة.
تخلص من الاجهادات وامنح نفسك السعادة
من منا لا يحلم ببلوغ أقصى درجات السعادة في هذه الحياة؟ ولكن ما هو السبيل لتحقيق ذلك؟ إنه المشي! ففي دراسة جديدة لجامعة لويولا Loyola University يقول البروفسور Aaron Michelfelder أستاذ طب الأسرة في الجامعة المذكورة:
عندما تتمشى عبر الأماكن الطبيعية مثل غابة، فإن مستويات الكريات البيضاء في الدم تزداد، وفي الوقت نفسه تنخفض مستويات هرمون الإجهاد كما ينخفض ضغط الدم وينخفض معدل ضربات القلب. وإذا أردت أن تتخلص من الآثار السلبية للجلوس الطويل أمام الكمبيوتر أو التلفزيون، فما عليك إلا أن تبدأ بممارسة رياضة المشي، وهذا النظام سوف يساعد خلايا دماغك على العمل بكفاءة أعلى، وسيمنحك سعادة أكثر.
تخلّص من الاكتئاب والحزن
الاضطرابات النفسية تغزو العالم اليوم بسبب تراكم المعلومات وسهولة التواصل ونقل الأخبار من جهة، ومن جهة ثانية بسبب المشاكل الاقتصادية ومشاكل البيئة وبسبب بعد الناس عن القيم الروحية… ولذلك لابد من البحث عن أسلوب حياة جديد يمنع هذه الاضطرابات النفسية ويخففها.. إنه أيضاً أسلوب المشي!
فهذه دراسة علمية أثبت الباحثون من خلالها أن هناك علاقة وثيقة بين ممارسة النشاطات البدنية مثل المشي وبين الوقاية من الاكتئاب. حيث أثبتت دراسات كثيرة أجريت على مدى أكثر من مئة عام، أن المشي هو علاج فعال للاكتئاب، ولكن بشرط أن يكون المشي منتظماً ويمارسه المريض في أوقات الصباح والمساء.
ولذلك فإن المشي ضروري لكل واحد منا لتخفيف أعباء الحياة، والتخلص من الضغوط النفسية المتراكمة.. بل وحتى التمتع بحياة مطمئنة وهادئة.
ينصح الخبراء كل من يريد أن ينشط ذاكرته ويتمتع بقدرة أعلى على التفكير واتخاذ القرار أن يمارس رياضة المشي بانتظام، لأن الدراسات العلمية أثبتت أن المشي يساعد على تطوير التفكير الإبداعي وتنشيط خلايا الدماغ.
عالجي سرطان الثدي مجاناً
إن فوائد المشي لا تقتصر على تخفيف الاضطرابات النفسية أو الوقاية من أمراض القلب وضغط الدم والسكري… بل هناك وقاية حقيقية من بعض أنواع السرطان… فالمشي السريع لمدة سبع ساعات كل أسبوع يخفض من احتمال الإصابة بسرطان الثدي بنسبة 20 % ، هذا ما قررته دراسة لجامعة ييل Yale University تبين أن رياضة المشي تساعد مريضات سرطان الثدي على العيش لمدة أطول والتمتع بصحة أفضل.
وفي دراسة أخرى حسب جامعة University of South Carolina تبين أن المشي لمدة نصف ساعة في اليوم ولمدة خمسة أيام في الأسبوع بخفض احتمال الإصابة بالجلطة القلبية بنسبة 40 % من أولئك الخاملين الذين لا يمارسون أي نوع من أنواع الرياضة.
وحسب المجلة البريطانية للطب الرياضي British Journal of Sports Medicine فقد ثبت أن المشي لمدة نصف ساعة يومياً يعالج الاكتئاب، كما أكدت راسة حسب University of Virginia أن المشي يقي من مرض الزهايمر Alzheimer’s disease وبالتالي يؤخر ظهور أعراض الشيخوخة وينشط خلايا الدماغ ويساهم في تجديد خلايا الجسم بشكل عام .
خطوات قليلة
دراسة أجريت في جامعة University of Pittsburgh أثبت الباحثون من خلالها الفوائد الكبيرة لرياضة المشي وبشكل خاص على الصحة العقلية. فهذا هو الدكتور Dr. Bassett من مركز University of Tennessee Obesity Research Center يقول:
حتى لو مشيت خطوات قليلة فإن هذا العمل سيكون مفيداً جداً للحفاظ على الوزن الصحي.
ويقول الباحثون في هذه الدراسة إن المشي ضروري جداً للدماغ وتنشيط الذاكرة.
تخلص من السكري والوزن الزائد والشحوم
وحسب مجموعة من الدراسات لجامعة هارفارد أثبت الباحثون أن رياضة المشي وممارسة بعض النشاطات البدنية الخفيفة بانتظام يساعد على تخفيف الوزن الزائد وحرق المزيد من السعرات الحرارية وبالتالي علاج مرض السكري ويحسن أداء الرئتين وعضلة القلب ويحسن المزاج كما يساعد على علاج اضطرابات النوم والأرق .
من الفوائد المهمة لرياضة المشي السريع إذابة الشحوم الزائدة وبالتالي تخفيف الوزن من دون آثار جانبية. وينصح الباحثون بضرورة المشي لعشرة آلاف خطوة في اليوم وبخاصة بطريقة المشي السريع. إن المشي لمدة ساعة يمكن أن تخسر 300 سعرة حرارية أي ما يعادل تناول قطعة بيتزا كبيرة. وفي حالة المشي السريع يمكن أن تخسر ضعف الكمية من السعرات الحرارية.
إياك والجلوس الطويل
أكثر عدو للإنسان هو الجلوس لفترات وبخاصة أمام الكمبيوتر، حيث يؤدي هذا الجلوس إلى أمراض كثيرة أهمها أمراض القلب والسكري والوزن الزائد الذي بدوره يزيد من نسبة الكولسترول الضار في الدم، فما هو العلاج؟
العلاج نجده في دراسة علمية أجريت عام 2010 وتبين بنتيجتها أن الذين يقضون ساعات طويلة في مشاهدة التلفزيون ويجلسون لفترات طويلة أو يقضون أوقاتاً طويلة في ركوب السيارات يكون احتمال الموت المبكر لديهم أكبر من غيرهم.
ولذلك فإن المشي مهم جداً بعد فترات الجلوس الطويل، وهذه الرياضة الخفيفة تصبح ضرورية لأولئك الذين يعملون لساعات طويلة وراء أجهزة الكمبيوتر، مع التأكيد على ضرورة الوقوف والتمشي لخطوات كل نصف ساعة أو ساعة مثلاً.
علاج ضغط الدم والسكري ونخر العظام
ما أكثر الدراسات العلمية التي تخبرنا عن فوائد المشي، ومن هذه الفوائد ما نجده على موقع health.gov حيث كشف الخبراء عن العديد من الفوائد لرياضة المشي وبخاصة فإن الذي يمشي كل يوم ويمارس الأنشطة البدنية فإنه يعيش أطول من غيره ممن لا يمارس رياضة المشي. كما أن المشي يساهم في خفض ضغط الدم لدى مرضى الضغط المرتفع، ويقي من احتشاء العضلة القلبية.
إذا أردت أن تعزز نظام المناعة لديك وتتمتع بصحة أفضل وتتخلص من الإجهادات وضغوط العمل أو الدراسة، فما عليك إلا أن تبدأ بالمشي في أماكن مليئة بالأشجار مع تأمل مخلوقات الله تعالى والتفكر في خلق الكون وتتذكر لقاء الله عز وجل والحياة الآخرة… هذا الأسلوب سيكون علاجاً لكثير من الأمراض المزمنة، ووقاية من أهم أمراض العصر مثل السكري وضغط الدموالكولسترول والوزن الزائد ومشاكل النوم والاكتئاب واضطرابات نظم القلب.
عندما تعتبر المشي جزء من نظام حياتك اليومي، فإن ذلك سيساهم في وقايتك من العديد من أنواع السرطان مثل سرطان القولون والرئة وتبرز أهمية المشي بالنسبة للنساء في وقايتهم من سرطان الثدي. إن المشي المنتظم يمنع الإصابة بالنوع الثاني من السكري type 2 diabetes وكذلك الإصابة بالمتلازمة الأيضية metabolic syndrome وهي عبارة عن خلل في أيض الجسم، ما يتسبب في تكون الشحوم داخل تجويف البطن، الأمر الذي يرفع مخاطر الإصابة بأمراض مثل السكري وأمراض القلب والذبحة القلبية. كما تمنع رياضة المشي ما يسمى القاتل الصامت: نخر العظام osteoporosis.
عالج أمراض القلب
لقد أصبحت أمراض القلب هي السبب الأول للوفاة في كثير من دول العالم مثل الولايات المتحدة الأمريكية، وقد لاحظ الباحثون وعلى مدى عشرات السنين أن المشي ينشط عضلة القلب ويمنع احتشاء العضلة القلبية. ومن هذه الدراسات ما أكده باحثون أن الخطوة الأولى للوقاية من أمراض القلب هي المشي! فقد أظهرت الدراسات العلمية العلاقة الوثيقة بين ممارسة رياضة المشي والوقاية من أمراض الأوعية القلبية cardiovascular disease (CVD) .
ولذلك إذا أردت أن تتمتع بقلب سليم وتعيش عمراً مديداً فعليك ألا تستخف برياضة المشي، وإن خطوات قليلة تمشيها كل يوم يمكن أن تكون سبباً في حماية قلبك من هذه المشاكل.
زيادة في العمر
إذا أردت أن تزيد من عمرك فما عليك إلا أن تبدأ بالمشي، فقد كانت نتائج الدراسات التي أجرتها جامعة هارفارد مذهلة ومفاجئة للباحثين. وحسب دراسة حديثة فإن ممارسة المشي بانتظام لمدة كافية كل يوم يزيد متوسط عمر الإنسان بمقدار سبع سنوات!
ولذلك يتفق كثير من العلماء اليوم على أن المشي هو علاج متكامل لكثير من الأمراض، وإن الخمول يمثل موتاً بطيئاً لمن عود نفسه على الجلوس لفترات طويلة. فالخمول يزيد من احتمال الإصابة بمرض السكري ويزيد احتمال الإصابة بسرطان الثدي بالنسبة للنساء… ببساطة فإن الخمول عدو الإنسان الأول.
نشط ذاكرتك بسهولة
أما الطلاب والمشتغلين في البحث العلمي أو الذين يعملون في مجالات فكرية مثل أعمال برمجة الكمبيوتر أو التأليف أو التخطيط… فهؤلاء سوف يقدم لهم المشي خدمات مجانية لتنشيط الذاكرة لديهم ورفع القدرات الفكرية والقدرة على معالجة المعلومات.
فالعلماء يؤكدون أن المشي لمدة 150 دقيقة في الأسبوع موزعة على خمسة أيام (بمعدل 30 دقيقة لكل يوم) يعتبر فعالاً للحفاظ على وزن مثالي وكذلك التخلص من أمراض القلب والأوعية الدموية، وتخفض الاكتئاب إلى النصف. والفائدة الأهم تتمثل في زيادة حجم المنطقة المسؤولة عن الذاكرة في الدماغ hippocampus وبالتالي فإن رياضة المشي تقوي الذاكرة. بالإضافة إلى التخلص من الكولسترول الضار في الجسم .
بشرى لمرضى الكلية
في دراسة علمية أجريت على بعض من مرضى الكلى، يقول العلماء إن مرضى الكلية المزمن يستفيدون كثيراً من ممارسة المشي تنشط خلايا الدم البيضاء المسؤولة عن مقاومة الأمراض، وكذلك تساعد على منع الالتهابات. إن المشي لمدة ساعة بشكل منتظم ولمدة ستة أشهر يمكن أن يزيد عدد خلايا الدم البيضاء بشكل ملحوظ، ويعزز النظام المناعي لدى المريض. وبالنتيجة ينخفض خطر الإصابة بأمراض القلب عند مرضى الكلى المزمن.
وهناك دراسة أخرى لجامعة University of Leicesterتؤكد أن المشي يساعد على الوقاية من أمراض الكلى، وينصح العلماء بضرورة المشي لمدة نصف ساعة كل يوم ولخمسة أيام في الأسبوع على الأقل.
نصائح ضرورية
– يمكنك عزيزي القارئ البدء بمائة خطوة وزيادة ذلك إلى ثلاثة آلاف خلال نصف ساعة، وإذا أردت خفض خطر إصابتك بالأمراض القلبية الوعائية يمكنك ممارسة الرياضة الخفيفة نصف ساعة كل يوم.
– ينصح الخبراء باستخدام عدّاد الخطى لضمان الفعالية القصوى لتمرين المشي السريع، مع ضرورة معرفة ما إذا كان معدل ضربات القلب يرتفع بشكل كافٍ. وكذلك ضرورة ممارسة الرياضة الخفيفة لنصف ساعة يومياً لخمسة أيام بالأسبوع على الأقل لأن هذه الفترة كافية للوقاية من عدة أمراض.
– يؤكد الباحثون على أن ممارسة رياضة المشي ضرورية للجميع أكانوا رياضيين أم غير رياضيين، فالمنافع الصحية لرياضة المشي مهمّة بشكل خاص للنساء.
- يعتقد الباحثون اليوم أن جميع أنواع الرياضة مفيدة للجسم، وتقوي العظام والعضلات وتعالج الشعور بالإحباط والاكتئاب، ويؤكد الأطباء أن رياضة المشي على رأس قائمة أنواع الرياضة!
النظام الإسلامي في ممارسة المشي
يحاول الخبراء اليوم وضع خطط عملية لممارسة المشي بانتظام، أو تشترك في أحد النوادي لكسب بعض الأصدقاء بالإضافة لتحديد أوقات للمشي والالتزام بها… كما ينصحون بضرورة التأمل في الطبيعة أثناء المشي… ولكن الإسلام وفّر علينا كل هذه الجهود ومنحنا أسلوباً رائعاً لممارسة المشي خمس مرات كل يوم! هل تعلمون كيف؟
لقد وجه النبي الكريم نصيحة لنا في زمن لم يكن أحد يدرك شيئاً عن فوائد المشي فأكد في عدد من الأحاديث الشريفة على أهمية المشي إلى المساجد في أوقات الصلاة فقال: (ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات؟ قالوا: بلى يا رسول الله قال: إسباغ الوضوء على المكاره وكثرة الخطا إلى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط) [رواه مسلم].
وتأملوا معي هذه العبارة الرائعة التي أطلقها النبي الكريم قبل أربعة عشر قرناً، عندما لم يكن أحد يدرك فوائد المشي وأهميته فقال:(وكثرة الخطا إلى المساجد)، فهذا من أهم الأعمال التي تقرب المؤمن من ربه ويجعله رفيقاً للنبي صلى الله عليه وسلم في الجنة، ليس هذا فحسب، بل هناك فوائد دنيوية كثيرة كما رأينا تشمل التمتع بصحة نفسية وجسدية أفضل.
وحسب الدكتور Bassett فإنك عندما تمشي 5000-7500 خطوة في اليوم فإنك تعتبر نشيطاً، وبناء على ذلك لو فرضنا أنك تمشي إلى مسجد متوسط المسافة يبعد عنك بحدود 500 متر أي بما يعادل 625 خطوة، فسيكون مجموع ما تسيره في اليوم هو:
(625 خطوة للذهاب + 625 خطوة للعودة) × 5 أوقات = 6250 خطوة كل يوم
أي أن النظام الإسلامي لرياضة المشي للمساجد يضمن لك أن تكون نشيط البدن… وهذا النظام مطابق لمعظم الدراسات المتعلقة برياضة المشي…، وبخاصة أن المؤمن أثناء المشي للمساجد يكون متفائلاً ويمارس هذا المشي بكل سرور وراحة نفسية، ويوزع هذه الدقائق الخمسين على مدى اليوم كله (حسب مواقيت الصلاة وبما يتفق مع حركة شروق الشمس وغيابها) ولا يقتصر على فترة محددة… وهذا سينعكس إيجابياً على الفوائد الطبية التي سيجنيها المؤمن من ممارسة هذه الرياضة.
ومن هنا ندرك لماذا جاء التعبير النبوي الشريف بهذه الصيغة (كثرة الخطا) ليعطينا رسالة لطيفة إلى ضرورة المشي لمسافات أطول واختيار مساجد متنوعة تبعد عنا مسافات مختلفة ولا نقتصر على مسجد قريب جداً منا… إذاً لا تترك عزيزي القارئ هذا الخير الكثير يفوتك وابدأ منذ هذه اللحظة بممارسة رياضة المشي إلى المساجد لأداء الصلوات المفروضة… ولا تنسَ أن تتلو بعض الآيات أثناء ذهابك وعودتك مع التأمل والتدبر في معاني الآيات … وبذلك تكون قد استفدت من هذه الرياضة السحرية لأقصى الحدود…
خاتمة
إن ممارسة رياضة المشي تساعدك على صفاء الذهن وهذا بدوره يساعدك على تدبر القرآن وفهمه بشكل أفضل، وحفظه بصورة أسرع. وكلنا يعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعجز ولم يحنِ ظهره، وكان يجاهد ويقوم الليل ويركب الخيل حتى آخر لحظة من حياته، وكل هذا بسبب التزامه بتعاليم الإسلام وحرصه على إقامة الصلاة على وقتها.
ومن منا لم يسمع بالحديث الشهير: (المؤمن القوي خيرٌ وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير، احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز) [رواه مسلم]. فهذا الحديث يشحذ همّة المؤمن ويحضّه على النشاط والحركة، وهو ما ينصحنا به الباحثون اليوم!
وأخيراً نصيحتنا لكل إنسان يحب أن يجدد حياته ويستفيد من الفوائد الكبيرة لهذه الرياضة، أن يبدأ بالمحافظة على أداء الصلوات في المساجد ويستغل فترة المشي إلى المسجد بتلاوة آيات من القرآن الكريم، ولا يمشي صامتاً بل يردد بعض الآيات والأذكار والأدعية… وهذا الأسلوب له دور كبير في تنشيط خلايا الدماغ لأنه يساعد على التأمل… مع محاولة اختيار مساجد تبعد مسافات مختلفة، ومحاولة المشي لأطول مسافة ممكنة بالتدرج بحيث يبدأ بمسجد قريب ثم يختار مسجداً على مسافة أبعد… وهكذا حتى يجني فوائد المشي في الدنيا ويكون من الفائزين برحمة الله ورضوانه يوم لقاء الله تعالى.
ولا ننسى أن الله تبارك وتعالى أمرنا أن نمشي في الأرض فقال: (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ) [الملك: 15]. وهذا يدل على اهتمام الإسلام بهذه الرياضة والتي جعل منها جزءاً أساسياً من نظام حياتنا اليومية..فالحمد لله على نعمة الإسلام.
إضافة من “الإعجاز”:
-ح: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْتِي مَسْجِدَ قُبَاءٍ كُلَّ سَبْتٍ، مَاشِيًا وَرَاكِبًا» (أخرجه البخاري في صحيحه عن ابن عمر). وتبعد قباء عن المدينة بضعة كيلومترات. فكان يخرج إلى مسجدها قبيل الشروق، ويعود بعد صلاة العصر ليؤم الناس بصلاة المغرب في المدينة.
ـــــــــــــ
* وللراغبين بمتابعة البحث بكامله مراجعة الموقعwww. kaheel7.com