أ.صلاح سلام
كيف يمكن تحمل هذه الأوضاع الضاغطة ؟ كيف يمكن مواجهة أعباء الحياة في ظل مناخٍ من القلق والضيق؟ تطور الأوضاع الأمنية يترافق مع تراجع الحالة الاقتصادية والمعيشية. كأن المواطن بات متأكداً من أن خبراً سيئاً مفاجئاً لا بد ستنقله وسائل الإعلام قريباً جدًا. الأخبار السارة نادرة والأحداث الأمنية المتتالية أدت بنسبة كبيرة من المواطنين إلى حالة من عدم الاكتراث الظاهر تصاحبها حالة حزن مكبوتة لم يعد الإفصاح عنها مجديًا.
لكن عجلة الحياة تدور والسعي في مناكب الأرض لا يتوقف. فكيف الصمود إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولا؟ لا بد للذي خلقنا أن يكون قد أعدّ لنا ما نقاوم به ضعفنا وحزننا ويأسنا.
نعم الخطة موجودة ومكتوبة، وقد مارسها ملايين المؤمنين منذ مئات السنين، بدليل بقاء هذا الإرث العظيم من يومهم ذاك مرورًا بيومنا وإلى يوم الدين. إنها خطة العودة إلى الداخل:
أمرنا خالقنا أن نهرع إلى الصلاة عند كل خطب، نفرغ عندها أحزاننا ونجدد ارتباطنا بمولانا ونملأ قلوبنا أملاً به ورجاء منه ونجاة مما يحيق بنا.
أمرنا أن نتعهد القراءة في كتابه الكريم ونتدبر في معانيه العميقة حتى نجد الدواء الشافي.
أمرنا أن نخلو بأنفسنا صباح ومساء ومتى سنحت الفرصة، نشكو إليه ضعفنا وقلة حيلتنا، مهما بلغت قوتنا.
أمرنا أن نكثر من الحمد والتسبيح والتكبير والتهليل، حتى ينتصر الإيمان في داخلنا على كل شك او ضعف، وحتى نشعر أن الله معنا أينما كنا وحيثما حللنا.
أمرنا أن نكثر من ذكره حتى نشغل به عن غيره، فيحبنا ونحبه حتى نوقن أن الحياة الدنيا شريط قصير وأن الآخرة خير وأبقى.
أمرنا ان نعود إلى أنفسنا لنعيد حساباتنا ونقوّم تفكيرنا فنرى هل ماخسرناه دنيا أم دين؟ فإن كان دنيا كان عرَضاً قليلا، وإن كان في الدين كان هو الخسران المبين.
هكذا نحصّل السعادة الداخلية التي لا يمكن لأحد ان ينتزعها منا والتي تشعر الانسان المؤمن بالارتباط العظيم، فهو في حفظ الله ورعايته، مهما جرى، ومن كان متصلاً بربه كان أقوى الناس وأسعد الناس.