أ.صلاح سلام
مسميات سلبية منفرة أطلقت على مسلمين فرادى وجماعات خلال العقود الأخيرة، أصوليون ومتعصبون ومتشددون وتكفيريون ومتطرفون كانت آخرها “إسلاميون” بحيث اقتربت كثيراً من اسم الدين ولم يعد بينها وبين”مسلمون” إلا ترتيب الحروف!
الملفت ان الذين يطلقون هذه التسميات هم أجانب ومن غير المسلمين، والمؤسف أن الذين يرددونها ويوافقون عليها بل ويعتمدونها هم من المسلمين.
قبل عدة قرون أشيع أن الإسلام هو دين السيف وإذ بالأيام تكذب هذه المقولة ويتبين للناس قاطبة أن المسلمين هم أول ضحايا السيف ولا يزالون، بدءاً من محاكم التفتيش في إسبانيا مروراً بروسيا القيصرية ثم السوفياتية، بحيث قتل من قتل وتهجر من هجّر، وحرم من بقي حتى من اقتناء القرآن الكريم.
وبقيت نسبة المسلمين المتطرفين أقل من نسبة المتطرفين في أية أمة، لكن الإعلام الموجّه يضخم القليل ويقلل الكثير. فمتى عرف أن المرتكب مسلم تقوم الدنيا ولا تقعد ويجري التشديد على أنه مسلم قبل كل شيء. أما الجرائم البشعة التي يكون مرتكبها من غير المسلمين فتعزى إلى يميني متطرف أو إلى مريض نفسياً أو إلى ظروف قاهرة، ولا يشار إلى دينه.
بكل سطحية وعن سابق تعمد، تنسب كل الموروثات الاجتماعية المتخلفة زوراً إلى الإسلام كالثأر والختان الإلزامي للإناث، واضطهاد الزوجة، وجرائم الشرف. والإسلام من كل ذلك براء.
ولهوليود منذ إنشائها، ومعروف من يقف وراءها ويسيطر على مقدراتها، دور خطير في ترسيخ الصورة السيئة عن العرب والمسلمين، فلا يرتدي الزي العربي إلا الأشرار ولا يوصفون إلا بالغدر والفساد، وقد استقوا ذلك من كتب المستشرقين الأوائل الذي يصفون العرب والإسلام بأبشع الأوصاف. وفي أطروحة الدكتوراة للراحل إدوارد سعيد كلام منصف ودقيق يصف فيه هجمة غالبية المستشرقين وتحاملهم على العرب والإسلام.
ويصب فريق من غير المسلمين ومن بعض المسلمين مدنيين وروحيين، الزيت على النار، ليصفوا شعباً بأسره من المسلمين أو قوماً بأنهم إرهابيون أو تكفيريون. فيتغاضى الإعلام عن تغطية مجازر ترتكب بحقهم في شرق آسيا وإفريقيا وروسيا وحتى في أوروبا وفي الشرق الأوسط.
حتى أن بعض ألسِنة مسؤولين عالميين مدنيين وروحيين تلهج بعبارات معادية للإسلام وكأن عقيدة الإسلام هي عدوهم السياسي وهذا أمر مستغرب ومستهجن، ثم يتراجعون ويعتذرون عن “زلة اللسان” وإذا بهذه الزلة تتكرر وتستعاد.
الهجمة على معتقد روحي سامٍ فيها ما فيها من الهواجس والتجني وتبعث على التساؤل: ما الذي يخيف هؤلاء من الإسلام ومن المسلمين والمسلمون عامةً مستبعدون عن التكنولوجيا، ممنوعون منها، والأسلحة التي بين أيديهم متخلفة لا تسمح إلا بقتال بعضهم بعضا. والجوع والفقر والأمية يضربون مجتمعين في أعماق بلاد المسلمين. ومعظم وسائل إعلام العرب والمسلمين غربية الطقس، تسوّق ما يروجه إعلام الغرب، فلماذا كل هذه الفوبيا؟
لقد نجح الغرب إلى حد كبير في ترسيخ هذه الصورة السلبية في أذهان الناس، وعلى المسلمين وخاصة العرب مسيحيين ومسلمين أن لا ينساقوا في هذا الاتجاه وان يثابروا على أخلاقهم وتعاليم أديانهم وسماحة نفوسهم ووحدة مواقفهم ليثبتوا عكس ذلك وليستعيدوا تعايشهم الكريم الذي دام قروناً طويلة بسلام وأمان واطمئنان، فكانوا مضرب الأمثال.
الدين الحقيقي هو الدين الرحب الذي يفسح للجميع مكاناً ويحفظ لكل ذي حق حقه. وبالصمود والتسامح والتعاون وبشيء من التنازل والتضحية يستعيد العرب بكل طوائفهم ومذاهبهم سمعتهم ومجدهم، حتى ولو طالت المعاناة، وذلك من أصل الجهاد.