أ. صلاح سلام
نسمع في هذه الأيام كثيراً من التصريحات المقرونة بالمغالطات، غريبة على مصطلحات العرب عموماً واللبنانيين خصوصاً، تخويف الناس من الإسلام القادم، وإنذارهم بشر مستطير يهدد مستقبل أولادهم ومصيرهم في الشرق. تصعيد نفسي، وتحريض ضد أقوام ضعفاء لا يزالون يقتلون يومياً بالعشرات ويخرجون بلا مأوى إلى العراء.
شعوب فقيرة مقهورة مضىى على استعبادها وإذلالها أزمان طويلة، لم تكن تملك من الأمر شيئاً، لا هي حكمت ولا احتلت، ولا نكّلت ولا قتلت ، عاشت لقرون في فقر وبؤس شديدين، تلهث وراء لقمة العيش وتدفع من دم أبنائها أثمان حروب الآخرين، جيوش من المرتزقة منظمة غريبة عن البلاد منهم المماليك وأشباه المماليك لا يزال بعضهم يحكم إلى يومنا هذا، هم الذين يحكمون الناس باسم الاسلام والمسلمين، والاسلام والمسلمون أول ضحاياهم. يمتصون خيرات بلادهم، ويعبثون بمجتمعاتهم ويستبيحون أعراضهم، أبعدوهم عن السلطة ومنعوهم من حمل السلاح، يتحدثون باسمهم ويتخذون قرارات الحرب والسلم عنهم، يصالحون العدو ويقاتلون الصديق، والتهمة تلصق بالاسلام والمسلمين، والدين من مثل هؤلاء براء، والمسلمون آخر من يعلم ولا حول لهم ولا قوة. حتى الدول الإسلامية المسالمة لم تسلم من شرهم ولا من مؤامراتهم، ثم نقرأ في كتب التاريخ أن الجناة مسلمون والقتلة متفقهون وأنهم نفذوا جرائمهم بفتاوى شرعية، وكل ذلك هراء وافتراء.
تاريخهم كتبه أعداؤهم ومستعمروهم، منعوهم من التحصيل العلمي لقرون طويلة ووضعوا من تعلم منهم تحت مراقبةٍ لصيقة، وقتل منهم من نشر وثيقة أو نظم شعراً أو طالب بالحرية.
ظلمهم حكامهم ومستعمروهم وظلمهم التاريخ، وها بعض الناس اليوم يظلمونهم مسبقاً قبل أن ينالوا الحد الأدنى من الحرية والكرامة، وهم لا يزالون تحت الحديد والنار. ثم أنه ليس من الحكمة معاداة الأمم الواعدة، وإطلاق الأحكام المسبقة الجائرة عليها.
بالله عليكم إعدلوا وارحموا، لا تظلموا الإسلام ولا المسلمين، وصبوا جام غضبكم على القتلة الحقيقيين والجناة التاريخيين. فقد ظلموا الإسلام والمسلمين أكثر مما ظلموا بقية الضعفاء والمستضعفين. والشجاع الشريف هو الذي يتشدد على الظالم وليس الذي يشد على يده.