رئيس التحرير
العدد الرابع عشر – صيف 2010
نشترك جميعًا في ردة فعل واحدة حين يتسلم أحدنا رسالة من ساعي البريد. نحاول أن نقرأ من الخارج اسم مرسلها ونجسّها لعل فيها هدية ما أو بعض المال، ونتحسس ما فيها أو نشمها إذا كانت مرسلة من أحد الأحبة. ونسرع إلى زاوية نخلوا فيها عن البقية لنفضّ الكتاب ونقرأ الجواب.
يندر أن ترى شخصًا يستلم رسالة ويلقيها على الطاولة قبل أن يتفحصها، ولا تجد إنسانًا سويًا يستلم رسالة ويهملها ولا يفتحها.
هذا إذا كانت الرسالة من شخص تعرفه وقد لا تعرفه، لكن الفضول يدفعنا دائمًا إلى فتحها والاطلاع عليها؛ فإن كانت تعنينا ازددنا بها اهتمامًا وان كانت لغيرنا وجهناها إليه أدبًا وأخلاقًا.
فكيف إذا كانت الرسالة تعنينا وفيها خلاصنا وكان المرسل خبيرًا بنا يعرفنا تمامًا، ويعرف أمراضنا.
الرسالة هي القرآن الكريم والمرسل هو الله تعالى، وفي الرسالة سلام منه وتحية، ومحبة لنا وتعريف به وبنا، بأصلنا ومنتهانا، بحياتنا وشقائنا وسعادتنا، بطريقة عيشنا وكفاحنا، بأخبار من سبقنا وعمل بها فنجا، ومن أدار ظهره لها فهوت به الريح في وادٍ سحيق، وضاع وأضاع أهله وولده.
عجبًا كيف وصلتنا رسالة غير عادية واذا ببعضنا يتصفح بعض أوراقها وبعضنا الآخر لم يقرأها البتة وكثيرون لم يقرأوها مليًا.
فمتى نقرأ أخطر رسالة في العمر؟ لن ينفع الندم حين يعاتبنا ربنا ويقول: {كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى}.
لو أتتك رسالة من مالك الشقة التي تسكن فيها كم من الوقت تستمهل لتقرأها ولعل فيها انذار بالإخلاء. وأما رسالة مالك الملك كله: الشقة والسيارة والأجل والرزق والدنيا والآخرة… متى نقرؤها؟