رئيس التحرير
العدد الحادي والثلاثون – خريف 2014
منذ أن ظهر علم الإعجاز ومادته تنبع وتفور، فالاكتشافات والأبحاث في الشرق والغرب لا تتوقف، ومن يقرأ في الكتاب المبين وفي الحديث الشريف لا يجد غرابة فيما يعلن عنه من اكتشافات.
في علم الأجنة والطب كما في الفلك وكذلك في علوم الأرض وحتى في علوم النفس والاجتماع والاقتصاد والتشريع، ما يجعل الانسان المثقف العاقل المدرك يعجب ويتساءل: يعجب أولاً بالرعيل الأول من الصحابة والتابعين ومن بعدهم، أولئك الذين آمنوا طوعاً واستجابةً بلا برهان علمي او دليل حسّي سوى أن وجود النبي صلى الله عليه وسلم بينهم شغف القلوب وسما بالأرواح فهدأت النفوس وصفت النوايا فانضبطت الجوارح واستكانت الغرائز.
ويتساءل أهل العقود الأخيرة ونحن منهم، كيف يمكن لمن تعلم واستنار وقارن بين ما جاء في القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف وبين العلم الحديث ان يؤمن ببعض الكتاب وينكر البعض الآخر أو يتجاهله؟
كيف يؤمن بان الله حق وان الرسل حق وان القرآن حق وان الموت حق وسؤال القبر حق وان البعث حق والحساب والميزان حق وان الجنة حق والنار حق ثم ينصرف إلى شؤون دنياه وأهوائه ولا يعمل لآخرته تعبداً وأخلاقاً ومعاملات.
كيف يرى الموت يتخطف الناس من حوله ولا يتحضر للاستحقاق الذي لا بد آت؟ كيف يستمر في المعاصي وطلب الملذات المحرمة وهو يعي ان الموقف القادم سيكون حرجاً وان كلَّ نفس بما كسبت رهينة!
إذا كانت الحياة لا تستقيم والنفس لا ترتاح إلا إذا استقام الانسان وكان من أهل الخير والصلاح، فكيف إذا كان أداؤه سيستتبع وقفة بين يدي خالقه فإما ان ينظر إليه نظرة رحمة فيغفر له ويقربه، وإما ان ينظر إليه نظرة غضب وما بعد ذلك أصعب من أن يوصف.
صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد وصفوا له رجلاً اختل عقله بأنه مجنون فقال: “لا تقولوا مجنون بل قولوا مريض، المجنون من يعصي الله”.