د. أسعد محمد نبيل نافع – د. ممدوح عبد الغفور حسن*
(والأرض بعد ذلك دحاها. أخرج منها ماءها ومرعاها. والجبال أرساها. متاعا لكم ولأنعامكم) ( النازعات 30-33).
المقصود من هذا البحث هو تكوين صورة ذهنية لخروج ماء الأرض ومرعاها منها، استنادًا إلى المعارف الحديثة عن الأرض، وقد تتطور هذه الصورة مع التطورات العلمية لكشف دلالات أخرى تنطوي عليها هذه الإشارة. ونبدأ باستعراض بعض المعلومات عن الأرض كخلفية لهذه الصورة الذهنية.
كانت الأرض أول ما شغل تفكير الإنسان منذ أن خلقه الله واستخلفه فيها؛ فاهتم بدراسة هذه الأرض وما عليها والقوى المؤثرة فيها والمادة التي تكونت منها والتغيرات التي تطرأ عليها؛ فالتفكير في الأرض قديم قدم الإنسان نفسه، بل إنه يسبق التفكير في أفرع المعرفة الأخرى، وهو الأصل فيها؛ فمن الطبيعى أن يسعى الإنسان إلى معرفة هذه الأرض التي يدب عليها والبيئة التي يسكنها لكي يحصل على احتياجاته منها من طعام وشراب….الخ، وليتقي أخطارها من ثورات بركانية وفيضانات وأعاصير ونحوها، كما شغفه السعي وراء المعرفة وسعيه وراء تفسير ظواهر الأرض والتأمل في كيفية نشأتها وتطورها وعلاقتها بالكون الذي يحيط بها. ومن محاولة الإنسان الإجابة على هذه التساؤلات نشأت الأصول القديمة للمعرفة العلمية التي تفرعت بمرور الزمن لتصبح علومًا مستقلة على النحو الذي نشهده الآن، على الرغم من تشابكها.
بدأت دراسة الأرض بالظهور كفرع مستقل من العلوم الطبيعية في النصف الثانى من القرن الثامن عشر عندما استخدم أحد العلماء الأوروبيين لفظة geology ليعني بها “دراسة الأرض” . وكان مفهومها محصوراً في دراسة الجزء العلوي من القشرة الأرضية الذي يستطيع الإنسان أن يصل إليه ويتعرف عليه بالمشاهدة المباشرة، من الجبال والسهول والوديان، وكذلك الأعماق التي كان يستطيع أن يسبر أغوارها في المناجم، والتي لم تكن تتعدى بضع عشرات من الأمتار، فضلاً عن الأجزاء الشاطئية من البحار والمحيطات. أما أغوار الأرض البعيدة وتركيبها الداخلي والمساحات الشاسعة من أعماق المحيطات التي يغطيها الماء بعمق 4 كم تقريباً، بالإضافة إلى أبعاد الغلاف الجوي فإنها لم تكن متاحة للدراسة أو للمشاهدة المباشرة أو غير المباشرة، لذلك لم تكن كلمة جيولوجيا تحمل مضمونها الشامل الذي تدل عليه حالياً.
ومع تقدم الزمن وتطور مقدرة الإنسان على سبر أغوار الأرض وأجواز الفضاء، إما بالطرق المباشرة بواسطة الحفر العميق أو المناجم العميقة التي تصل إلى آلاف الأمتار، أو بواسطة الأقمار الصناعية؛ أو بالطرق غير المباشرة باستخدام الوسائل التكنولوجية المتقدمة، استطاع الإنسان أن يتعمق أكثر في دراسة الأرض وكل ما يتعلق بها، وأصبحت الأرض من مركزها إلى نهاية أعلى طبقة في غلافها الجوي متاحة لفحص الإنسان إما مباشرة أو بالطرق غير المباشرة، فازدادت مجالات دراسة الأرض من جوانب متعددة لم تكن مطروقة في الأزمنة السابقة، وبدأت تظهر فروع متخصصة في مجالات محددة للأرض وبدأت تأخذ مكانتها كعلوم مستقلة خاصة بالأرض، ومن أمثلة ذلك علم الجيوكيمياء الذي يختص بدراسة كيمياء الأرض، وعلم الجيوفيزياء الذي يختص بدراسة الخصائص الفيزيائية للأرض ومكوناتها، وعلم الحياة القديمة الذي يختص بدراسة تطور الأحياء منذ نشأتها وحتى الآن.
مع بداية القرن العشرين، بدأت دراسة الأرض تخرج عن مفهوم الجيولوجيا القديم وظهر مفهوم جديد لها يشمل كل هذه الفروع، وأصبحت كلمة جيولوجيا تعني دراسة كل ما يتعلق بالأرض من جميع الزوايا. ومع تقدم القرن العشرين تشابكت أفرع الجيولوجيا المختلفة مع باقي أفرع المعرفة في العلوم الأخرى إلى الحد الذي استلزم ظهور اصطلاح جديد للتعبير عن دراسة الأرض مــن كل الزوايا وهو “علوم الأرض Earth Sciences”، والذي يعرَّف بأنه كل أفرع العلم التي تختص بدراسة الأرض بكل مكوناتها وما فيها من ثروات وما يجري في داخلها وعلى سطحها من عمليات إلى علاقتها بالأجرام السماوية الأخرى، وبدأت المعاهد والجامعات التي تدرس فيها الجيولوجيا تتوسع في دراستها وتدريسها، بل بدأت بعض الجامعات تخصص لدراسة الجيولوجيا، بمفهومها الحديث، كلية كاملة لعلوم الأرض.
وكان من الطبيعى أن يلازم هذا التطور العلمي تطور في المفاهيم العلمية عن الأرض ومكوناتها، وعن تفسير الظواهر والعمليات الجيولوجية، وبمعنى آخر تطور في الصور الذهنية عن العمليات الجيولوجية التي يراها الإنسان في الجزء العلوي من القشرة الأرضية التي يعيش على سطحها ويحصل منها على كل احتياجاته. وقد ذكرت الأرض في القرآن الكريم في عدد كبير من الآيات والإشارات العلمية، التي تعطي الإنسان صورًا ذهنية عن كل ما يخص الأرض، ومن الطبيعى أيضاً أن تتطور هذه الصور الذهنية مع التطور العلمي الحديث، ومن أمثلة هذ التطور في الصور الذهنية صورة خروج الماء والمرعى من الأرض في مراحل نشأتها.
الماء والمرعى في القرآن الكريم:
أشار القرآن الكريم إلى الأرض التي نعيش عليها ونحصل منها على كل ما يقيم حياتنا في عدد كبير من الآيات تتناول الكثير من جوانبها(1) ، وفي ظل علم بدائي ومعلومات بدائية عن الأرض فسر القدماء بعض هذه الإشارات الكريمة تفسيرات اعتمدت على المعارف التي كانت سائدة في ذلك الوقت، ولكن التقدم العلمي خلال القرن العشرين أدى إلى تراكم الكثير من المعلومات، لذا نؤكد أننا لا نقصد التفسير أو الإعجاز، ولكن تكوين الصورة الذهنية العلمية عن ظاهرة ماء الأرض ومرعاها التي وردت في الآية من سورة النازعات (أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءهَا وَمَرْعَاهَا ) .
نزلت هذه الآية على قوم يسكنون الصحراء، حيث كان الرعي من أهم أنشطتهم الاقتصادية، والآبار والعشب الذي ترعاه أنعامهم من أهم مقومات حياتهم، ومن هذا المنطلق وفي ظل علم بدائي بالنسبة لمعارفنا الحالية كان التفسير الطبيعى والمنطقي بالنسبة لهم هو أن خروج الماء من الينابيع والآبار هو خروج من الأرض، وأن نمو العشب من التربة الصحراوية هو أيضاً خروج من الأرض، إذن “أخرج منها ماءها ومرعاها” هو وصف بليغ لظاهرة طبيعية تحدث أمام أعينهم.
قد يكون ذلك التفسير مقنعاً لقوم يعيشون في بقعة محدودة من الأرض يحصلون فيها على الماء من الينابيع والآبار، ولا يهتمون بغير هذا الماء العذب الذي يقيمون عليه حياتهم، إلا ما ندر في حالة العواصف الرعدية والسيول. ولكن بتقدم العلم واستكشاف أقاصي الأرض وأعماق المحيطات تبيّن لنا أن الماء الذي يخرج من الينابيع والآبار ما هو إلا جزء يسير من ماء الأرض الذي يدور في دورة الماء الطبيعية ؛ فهو يتصاعد بخاراً من البحار والمحيطات ثم يهطل أمطاراً وثلوجاً ليعود إلى المحيط مرة أخرى، أما الجزء الأكبر من ماء الأرض ككل فهو الموجود في البحار والمحيطات التي تغطى حوالي 362 مليون كيلومتر مربع(2) ، أي حوالي 71% من سطح الكرة الأرضية، ويبلغ حجم الماء الموجود في هذه البحار والمحيطات حوالى 1350 مليون كيلومتر مكعب؛ أي قدر حجم اليابسة الظاهر فوق سطح البحر بحوالى 18 مرة(3)!!! وبالإضافة إلى ذلك نجد أن الماء العذب الذي يخرج من الينابيع والآبار هو أيضا جزء يسير من الماء العذب في المصادر الأخرى، مثل الجليد والماء الجوفي ورطوبة الجو.
وبعد معرفة هذه المعلومات عن ماء الأرض يطرح سؤال: هل تقصد الآية الكريمة ماء الأرض ككل؟ أم تقتصر على الماء الذي يخرج من الينابيع والآبار فقط؟ من وجهة نظرنا سنضع الفرضية التفسيرية بأن الآية الكريمة تقصد ماء الأرض ككل، ماء البحار والمحيطات والأنهار والبحيرات وكل ما هو على سطحها من الماء وكل ما هو في باطنها، أو بمعنى آخر كل ماء الأرض الذي يدور في دورته الطبيعية؛ من البحر وإلى البحر. فإذا كان الأمر كذلك؛ فإننا نرى عدم قصر هذه الإشارة على ماء الينابيع والآبار فقط، بل يجب أن نفكر: كيف خرج ماء الأرض كله منها؟
من ناحية أخرى هناك بلدان لا ترى الماء يخرج من الينابيع والآبار؛ بل تراه ينزل من السماء، ففي البلدان التي تقع على خط الاستواء مثلا يرى الناس الماء ينزل من السماء بصورة مستمرة، ولا تشكل لهؤلاء الناس ظاهرة الينابيع والآبار ما يثير الاهتمام، فالمــاء لديهم متوافر ولا تتأثر الحياة بغياب الينابيع والآبار، نفس الشىء يمكن أن يقال عن المناطق التي يغطيها الجليد لفترات طويلة كل عام؛ فالينابيع والآبار لا تشكل ظاهرة ذات بال إذا وجدت. كذلك أشار القرآن الكريم في آيات متعددة إلى نزول الماء من السماء؛ بل إن الأمطار التي تنزل في المناطق الصحراوية قد تأتى في عواصف رعدية تبعث الرهبة في النفوس وقد تشكل ظاهرة أكبر تأثيراً من خروج الماء من الينابيع والآبار.
إذن وصف خروج الماء العذب من الأرض لا يأخذ أهميته إلا في المناطق الصحراوية فقط، ولكن القرآن الكريم نزل لكل زمان ومكان ولكافة البشر؛ فأصبح لزاماً على المشتغلين بالعلم أن يساهموا في تطوير الصورة الذهنية عن خروج الماء من الأرض، ليس لقاطني الصحاري فقط، ولكن لكل من يقرأ القرآن في كل زمان ومكان، ولا يقتصر هذا على زمن معين أو بيئة معينة فقط، ولكن لا بد من أن تكون الصورة الذهنية متطورة مع التقدم العلمى، ولا يجب أن نعتبر أن تفسيرنا الحالي لخروج ماء الأرض منها هو نهاية المطاف، وخاصة من يشتغل بالعلم منا، نحن إذن ننظر لهذه الإشارة القرآنية الكريمة من زاوية شمول المعنى بما يخص الأرض كلها، وليس منطقة دون أخرى؛ وهذا يؤكد مغزى سؤالنا السابق: كيف خرج ماء الأرض منها؟
وإذا كان أجدادنا قد تناولوا هذه الإشارة بالتفسير بناء على قدر معارفهم العلمية وعلى ما كانوا يرونه حولهم، فلا شك أننا أجدر بتفسيرها منهم لأن معارفنا أكثر من معارفهم وما نراه أكثر مما كانوا يرونه مما يحقق شمولية وعمومية القرآن لكل زمان ولكل مكان، وبنفس المنطق فإن أحفادنا سيكونون أجدر منا بتفسيرها أيضا لأن معارفهم ستكون أكثر من معارفنا. ولقد توصلت معارفنا الحالية عن معانٍ أكثر عمقًا مما قال به السابقون؛ وما نظرتنا الحالية إلا صورة ذهنية عن خروج الماء والمرعى من الأرض، وننتظر تعديل هذه الصورة مع التقدم العلمي والاكتشافات المستقبلية, ونعتقد أن ذلك جانب من جوانب الإعجاز العلمي ” سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم….. ” الآية(…)
التصور العلمي لخروج الماء من الأرض:
تتفق جميع النظريات الجيولوجية الحديثة عن أصل الأرض في أنها قد مرت بمرحلة كانت فيها كتلة من المواد الصخرية المنصهرة منذ حوالى 4500 مليون سنة، وأثناء تبريدها كانت تتصاعد منها المواد الطيارة من غازات وأبخرة، وكان من أهمها بخار الماء، الذي كان يتكثف في طبقات الجو العليا ثم يتساقط على الكرة الملتهبة ليتبخر مرة أخرى ويتصاعد بخاراً مرة أخرى ثم يتساقط ثانية، وهكذا ظل الماء يتبخر ويتكثف مع المواد الطيارة الأخرى حتى بردت الأرض إلى درجة تسمح ببقاء الماء سائلاً على سطحها؛ فتكونت البحار والمحيطات وبدأت دورة الماء الجيولوجية التي نعرفها جميعاً. وهكذا نجد أن ماء الأرض قد خرج منها في البداية قبل أن تتكون لها قشرتها الصلبة الباردة التي مكنت الماء أن يسيل عليها(4).
وإذا ما عدنا إلى الإشارة الكريمة بعد هذا التصور، نجد أن فهمنا لخروج الماء من الأرض قد تطور وتعمق، وأن التعبير القرآنى قد صاغ هذا الفهم في بلاغة شملت تصور السابقين والمحدثين. وهكذا نجد أن التعبير القرآني قد انطوى على معانٍ متعددة اكتشف منها السابقون ما دخل في إدراكهم وأضاف إليه المحدثون بحد ما وصل إليه علمهم، ولا يدرى أحد ما سيكتشفه اللاحقون من معانٍ أخرى بقدر زيادة علمهم، وستظل الإشارة العلمية القرآنية مصدراً لمعانٍ أخرى يكشف عنها واحدة بعد أخرى إلى يوم الساعة.
من ناحية أخرى، لا يمكن التصور بعد تقدم العلم أن المقصود من ماءها يتوقف فقط على ماء الينابيع والآبار لأنه من الواضح أن منطوق الآية يتحدث عن خلق الأرض، وأيضاً تتحدث الآيات السابقة عن خلق السماء، كما تتحدث الآيات اللاحقة عن رسو الجبال. وهكذا نجد أن التفسير واكتشاف وجوه الإعجاز منهج متطور ومتغير، أما النص القرآنى فهو لا يتأثر بطريقة فهم المفسرين كل حسب علمه.
هذا عن الماء، فماذا عن المرعى؟
إذا فهمنا خروج ماء الأرض منها بهذه الصورة، فلا يمكن إذن أن يكون المرعى هو العشب الذي ترعاه الأنعام، بل يجب أن يكون شيئاً يمكن أن ينطبق عليه ما انطبق على الماء؛ شىء خرج مع الماء بنفس الطريقة وفي نفس الزمن، أما العشب فلم يظهر على سطح الأرض إلا بعد أن بردت تماماً وأصبحت مهيأة لظهور الحياة، وقد استغرق ذلك ما لا يقل عن بليونين (ألفي مليون) من السنين بحسابنا. فما هو هذا الشىء الذي خرج مع الماء من الأرض في بداية تكوينها ويمكن أن يقال عنه مرعى؟
بالرجوع إلى نشأة الأرض، نجد أن هناك غازات ومواد متطايرة أخرى خرجت من الأرض الملتهبة مع بخار الماء، منها غاز ثانى أكسيد الكربون الذي يمكن النظر إليه على أنه مرعى؛ وبدونه لم يكن من الممكن ظهور النباتات الخضراء التي تقوم بالتمثيل الضوئى الذي هو منشأ الغذاء للنبات والحيوان على حد سواء، فمن الممكن إذن النظر إلى العشب على أنه لم يتواجد إلا لوجود ثانى أكسيد الكربون سابقاً عليه؛ فإن كان العشب هو مرعى الأنعام فإن ثانى أكسيد الكربون هو مرعى العشب، تتغذى الأنعام على العشب، ويتغذى العشب على ثانى أكسيد الكربون. ليس هذا فحسب؛ بل هناك مواد أخرى لا تقل أهمية عن ثانى أكسيد الكربون في تكوين المواد العضوية التي هى مصدر المرعى بمعنى الغذاء، مثل النتروجين والفوسفور والنشادر، ولم تكن هذه المعلومات معروفة في زمن نزول القرآن لكي يدرجها المفسرون القدامى في تفاسيرهم؛ لكن الخالق سبحانه أشار إليها لكي يكتشفها خليفته في الأرض، وها نحن نكتشفها واحدة تلو الأخرى.
دلالات أخرى:
إذا أخذنا الصورة الذهنية الحديثة عن الماء والمرعى في ظل إشارات قرآنية أخرى نجد الآتى:
1- نرى أن الماء قد ذكر بمفرده ثم قرن به المرعى دلالة للإشارة إلى المشرب والمأكل بصفة عامة، وهذا التصور يرجحه ما جاء في سورة عبس في وصف طعام الإنسان والأنعام الآيات 24-32 ” فلينظر الإنسان إلى طعامه* أنا صببنا الماء صبا* ثم شققنا الأرض شقا* فأنبتنا فيها حبا* وعنبا وقضبا* وزيتونا ونخلا *وحدائق غلبا* وفاكهة وأبا* متاعا لكم ولأنعامكم*”
2- ذكر الماء أولا وبمفرده لأنه: مميز عن كل ما خرج من الأرض إلى سطحها، وأول ما تحتاجه الأحياء قبل الغذاء و”جعلنا من الماء كل شيء حي” ، وليس له بديل. أما الغذاء فهو متنوع وفيه البدائل الكثيرة؛ فهو نباتى، وحيوانى آكل اللحوم أو الجيف، ومتنوع كالإنسان، كذلك تنوعه في مكوناته.
وتجدر الإشارة إلى أنه في أواخر القرن العشرين تم كشف جديد عن باطن الأرض يشير إلى وجود كميات هائلة من المياه على أعماق تتراوح ما بين 400 و700 كم تحت سطح الأرض(5) ، ولا زالت النتائج تتوالى عن هذا الكشف لتحديد كيفية وجود هذا الماء في الصخور في هذه الأعماق السحيقة، ومدى علاقته بالمياه السطحية، وقد قدر بعض الباحثين كمية هذا الماء بحوالى عشرة أضعاف مجموع المياه في المحيطات والبحار. فهل يا ترى سيؤدى هذا الكشف إلى تطور الصورة الذهنية التي عرضناها هنا عن ماء الأرض؟ وماذا عن المرعى؟ إن شغف الإنسان إلى المعرفة سيدفعه إلى البحث والقراءة ، وقد يكون ذلك في دلالات أول كلمة من الوحي “اقرأ”.
___________________________
* للراغبين بمتابعة البحث بكامله مراجعة الموقع www.eajaz.org
هوامش:
1- النجار 1994.
2- إميليانى طبعة 1992 1995 ص 287.
3- إميليانى السابق ص 287.
4- تاربوك ولوتجنز 1989.
5- Bergeron 1997.
المراجع:
1. القرآن الكريم.
2. معجم ألفاظ القرآن الكريم: مجمع اللغة العربية، جمهورية مصر العربية، دار الشروق، القاهرة 1981.
3. المنتخب في تفسير القرآن الكريم، الطبعة الثامنة 1981: المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، لجنة القرآن والسنة، القاهرة.
4. تفسير ابن كثير.
5. زغلول النجار وعبد الله الدفاع 1988. إسهام علماء المسلمين الأوائل في تطور علوم الأرض: مكتب التربية العربى لدول الخليج.
6. تاربوك ولوتجنزن ترجمة عمر سليمان حمودة والبهلول على اليعقوبى ومصطفي جمعة سالم 1989. الأرض، مقدمة للجيولوجيا الطبيعية:منشورات مجمع الفاتح للجامعات، ليبيا 633ص.
– Bergeron, M. 1997. Deep Waters: New Scientist, Aug. 1997, pp 22-26.
– Emiliani, C.1997. Planet Earth, Cosmology, Geology and the Evolution of Life and Environment: Cambridge low-price Edition, Press Syndicate of the University of Cambridge, New York, USA and Melbourne, Australia, 718p.