د. أسامة الكرم*
يستهل المولى عز وجل آياته في سورة الأعلى فيأمرنا أن نسبح باسمه، أي ان نمجده… لماذ؟ فقد ظل السر اكثر من 14 قرناً من الزمان. اما الآن فنحن ندرك جيدا عظمة هذة السورة الكريمة ومعجزاتها الكبيرة . [سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى {1} الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى {2} وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى{3} وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى {4} فَجَعَلَهُ غُثَاء أَحْوَى {5}]
المرعى هو النبات الاخضر الشديد الانبات الذي يعيش به الحيوان. والغثاء هو كما جاء في لسان الميزان: بالضم والمد، ما يحمل السيل من القَمَشِ والقذر، الهالك البالي من ورق الشجر الذي إذا خرج السيل رأيته مخالطًا زبده. إذن غثاء يعني نبات جاف له عدة صفات … متحرك بقوة… متعرض لضغط شديد … مر عليه زمن طويل فتغير لونه من الخضرة للسواد…أما معنى “أحوى” أي مظلم، مائل للسواد… ، مأخوذ من الحُوَّة – بضم الحاء مع تشديد الواو المفتوحة – وهى لون يكون بين السواد والخضرة أو الحمرة . إنه لون البترول… ووصف الغثاء بأنه أحوى ، لأنه إذا طال عليه الزمن، وأصابته المياه، اسود وتعفن فصار أحوى…أي أن المرعى أي النبات الكثيف الذي يرعى به الحيوان يجعله الله بقدرته سائل غزير مضغوط لونه مائل للسواد يتحرك مثل ماء السيل أي بقوة .
لقد اكتشف العلماء البترول قبل عقود قليلة من الان…وبلا شك لم يكن معروفاً في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ..ولقد توصل العلماء ان أصل البترول نباتات كثيفة و حيوانات (أي مرعى ) وقد تحللت وتحولت عبر الزمن وتحت حرارة وضغط طبقات التربة المتراكمة الى مادة البترول . وهذا يشير الى ان المناطق التي يكثر فيها البترول الآن كانت عبر ملايين السنين الماضية مناطق خصبة بالنبات وهي اصل البترول وان كانت في الوقت الحاضر لا تدل على ذلك ، كما هو البترول في الجزيرة العربية الذى ينتج من وسط الصحراء وقد اكتشف حديثا بالتصوير الفضائي ان الربع الخالي يوجد فيه أثار لقرى قديمة وآثار لأنهار عظيمة مما يؤكد انها كانت مروجًا وبساتين وهذه حقيقة ما اشار اليه النبي صلى الله عليه وسلم حينما قال ( لا تقوم الساعة حتى تعود بلاد العرب مروجًا وانهارًا ).
وفي إشارة اخرى يقول عز من قائل في سورة يس الآية 80: [ الذى جعل لكم من الشجر الاخضر نارًا فاذا انتم منه توقدون ] وهنا يجب أن ندقق النظر في الكلمتين الشجر الاخضر وأيضاً كلمة توقدون أي أن الاخضر أصبح وقوداً وطاقة.
سبحان الله إنها معجزة قرآنية جديدة . يطالبنا فيها الله ان نسبح باسمه ونمجده. إنه يتحدث عن الوقود الذي هو عصب حياتنا اليوم وعن أصل تكوينه عبر السنين…
____________________
* http://www.ibtesama.com/vb/showthread-t_110508.html