د. هدى محمد لطفي*
مقدمة
للماء أهمية كبيرة في حياتنا. فهو مصدر النماء والحياة على ظهر الأرض منوطة بالماء بنص القرآن الكريم في آيات كثيرة ومنها قوله تعالى: (وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون) الأنبياء 30 (وهو الذي يرسل الريح بشراً بين يدي رحمته حتى إذا أقلَّت سحابا ثقالا سقناه لبلد ميّت فأنزلنا به الماء فأخرجنا به من كل الثمرات كذلك نخرج الموتى لعلكم تذكرون) الأعراف 57 (وترى الأرض هامدة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج) الحج 5 (أولم يروا أنا نسوق الماء إلى الأرض الجرز فنخرج به زرعاً تأكل منه أنعامهم وأنفسهم أفلا يبصرون) السجدة 27 وقد جعله الله سبحانه وتعالى سبباً في شفاء نبيه أيوب عليه السلام مما ابتلى به فقال تعالى: (واذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وعَذَابٍ ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وشَرَابٌ) ص 41, 42 .
وخير ماء على وجه الأرض ماء زمزم لما رُوي عن الرسول صلى الله عليه وسلم عن ابن عباس رضى الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خير ماء على وجه الأرض ماء زمزم فيه طعام الطعم، وشفاء السقم, وشر ماء على وجه الأرض بوادي برهوت) وبرهوت بئر عميقة بحضرموت لا يستطاع النزول إلى مقرها .
ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ماء زمزم لما شرب له, فإن شربته تستشفي به شفاك الله, وإن شربته ليشبعك أشبعك الله, وإن شربته لقطع ظمئك قطعه الله، وهي هزمة جبريل وسقيا إسماعيل) أخرجه الدار قطني وسعيد بن منصور موقوفاً أخرجه أحمد وابن ماجة منه مرفوعاً: ماء زمزم لما شرب له، من رواية جابر.
وعن عائشة رضى الله عنها قالت (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحمل زمزم في الاداوى والقرب وكان يصب على المرضى ويسقيهم) .
ولزمزم أسماء كثيرة منها: طيبة (لأنها للطيبين والطيبات) برة وعصمة (لأنها للأبرار) مضنونة (لأنه ضن بها على غير المؤمنين) سيدة (لأنها سيدة جميع المياه) معذبة (لأن المؤمن يستعذبها ويستحليها كأنها حليب) سالمة (لأنها لا تقبل الغش) مباركة (لأن ماءها لا ينفد أبدا) كافية (لأنها تكفى عن الطعام وغيره) عافية (لأن من شرب منها لا يهزل) .
والتساؤل هو فيمَ تختلف ماء زمزم عن المياه الأخرى؟
لقد ذكر في كتاب (المعتمد في الأدوية المفردة) طبعة 1951 – أن المياه تختلف عن بعضها البعض لا في جوهر المائية ولكن بحسب ما يخالطها، وبحسب الكيفيات التي تغلب عليها.وبحسب طرق ووسائل تنقيتها… ومن أهم المياه، الماء المؤين (الماء القلوي والماء المتفقد والماء الميكرو متفقد والماء المختزل): يعد الماء المؤين أفضل أنواع مياه الشرب المتاحة على الإطلاق حيث إنه يزيل الشوائب ويحتوى على أس هيدروجيني قلوي كما أنه يحتوى على كمية كبيرة من الأكسجين وله معامل أكسدة واختزال سالب … والماء المؤين له مذاق ناعم وحلو بسبب ما يحتويه من تركيز للأيونات السالبة (التي يتميز بها ماء ينابيع الجبال النقي) وهو منعش كذلك، وكل هذه المواصفات تنطبق على ماء زمزم حيث إنه ماء قلوي نقى من الينابيع الجبلية .
وأهم من الماء المؤين المياه المعدنية: وهي أفضل من مياه الصنبور من ناحية معامل خفض الأكسدة (القدرة على إزالة ذرات الأكسجين النشطة) ويوجد الآلاف من مصادر المياه المعبأة بعضها جيد وبعضها أقل جودة، وقد قسم كتاب (Vitamins and minerals) طبعة 1995 المياه المعدنية إلى ثلاث مجموعات:
– مياه معدنية فقيرة بالمعادن: وهي تحتوي على 50 ملج من الأملاح المعدنية في اللتر.
– مياه معدنية متوسطة الغنى بالمعادن: وهي تحتوي على كمية تزيد عن 500 ملج من الأملاح المعدنية في اللتر.
– المياه المعدنية غنية بالمعادن: وهي تحتوى على كمية تزيد عن 1500 ملج من الأملاح المعدنية في اللتر.
ومن التحليل الكيميائي لماء زمزم وجد أنها تحتوى على 2000 ملج من الأملاح المعدنية في اللتر.
وهذه نتائج تحاليل ماء زمزم لمركز أبحاث الحج بجامعة الملك عبد العزيز كما ذكرت في كتاب ( وصايا طبيب) طبعة 1997 والتي تؤكدها نتائج تحليل مختبر مصلحة المياه والصرف الصحي بالمنطقة الغربية لعام 1400 هجرية كما وضحها كتاب (عالج نفسك بماء زمزم) طبعة 2005.
التركيز ملغ/لتر القياسات
ومن التحاليل الكيماوية يتبين أن:
– ماء زمزم نقي لا لون له ولا رائحة، ذو مذاق رائح قليلاً.
– اسه الهيدروجيني(7.8) وبذلك يكون قلوياً إلى حد ما .
– يحتوى على تركيزات عالية من الصوديوم والكالسيوم والمغنيزيوم والمعادن الأخرى ولكنها تقع ضمن مقاييس منظمة الصحة العالمية ماعدا الصوديوم فهو مرتفع.
– العناصر السامة الأربعة وهي الزرنيخ والرصاص والكادميوم والسيلينيوم توجد بأقل من مستوى الضرر بكثير بالنسبة للاستخدام البشرى.
ومن المعالجة بالأشعة فوق البنفسجية وجد أن:
ماء زمزم خالية من الجراثيم ويؤكد هذا كتاب (المعتمد في الأدوية المفردة) طبعة 1951 حيث يقول: إن أفضل المياه مياه العيون في الأرض الحارة، التي لا يغلب على تربتها شيء من الأحوال والكيفيات الغربية، ويكون طين مسلكها حراً، لا حمأة فيه ولا سبخة ولا غير ذلك فإن الطين يأخذ منه اللزوجات الغريبة، أو تكون حجرية فتكون أولى بأن لا تعفن عفونة الأرضية.
ومما تقدم يتضح لنا أن ماء زمزم قلوي غنى بالمعادن المفيدة للجسم ويوضح كتاب (التوازن الحمضي ـ القلوي في الصحة والمرض) طبعة 2003. فوائد شرب الماء القلوي المتأين وهى:
– يمد الجسم بقدر كبير من الطاقة.
– يعادل الأس الهيدروجيني للجسم.
– يزيل الفضلات الحمضية من الجسم .
– مضاد قوى للأكسدة ومزيل قوى للسموم (يمنح الالكترونات لذرات الأكسجين النشطة الحرة).
– يساعد على امتصاص العناصر الغذائية بكفاءة أفضل إلى داخل الجسم.
– يساعد الجسم في تمثيل المعادن المؤينة بسهولة أكبر.
– يساعد في تنظيم الهضم وتحسينه بصفة عامة بإعادة التوازن للجسم.
– يقلل من تأكسد الأعضاء الحيوية ويدمر خلايا السرطان.
– له معامل أكسدة واختزال سالب لذلك يعد وسطاً معادياً للبكتيريا.
ومن الأمراض التي ثبت أن الماء القلوي الغنى بالأكسجين والمتوازن اسه الهيدروجيني يحسنها هي:
السكر – ضغط الدم – الربو – حمى القش – أمراض الحساسية – فرط الحموضة – عسر الهضم – الانتفاخ – هشاشة العظام – أمراض الدورة الدموية – الصداع النصفي – الزيادة المفرطة في الوزن – عدم انتظام الدورة الشهرية – ضعف البصر – رفع المناعة ضد الأمراض – كما انه يؤدى إلى إبطال عملية الشيخوخة الحيوية .
أما فوائد المياه المعدنية: فهي عديدة:
فقد ذكر أنها مفيدة في علاج عسر الهضم والامساك المصاحب لمتلازمة القولون العصبي ومفيدة في علاج اللثة، حيث إنها تقلل من حساسية الأسنان كما إنها تقلل من فترة علاج قرحة الاثنى عشر ومرض الارتجاع المريئي إذا قرن بأخذ العلاج بمفرده وتحدث تحسناً لمرضى التهاب المفاصل وتحسن من جفاف الجلد في كبار السن كما أنها مفيدة في علاج حصى الكلى والمثانة.
وبالنسبـــة للمياه المعــدنية الغنيــــة بالكبريت لقــد أثبت أن استعمال هذه المياه تقلل من التأثيرات الضارة للإشعاع على الكبد والأمعاء الدقيقة وتعيد البناء الداخلي للخلايا. وتحافظ على تكوين المني وتمنع تطور عمليات الهدم للخلايا الجنسية وأضاف أن استنشاق هذه المياه يفيد في علاج الاعتلال الرئوي المزمن.
كما أن استخدام المياه المعدنية المحتوية على الكبريت والكلوريد والبيكربونات مع حمام الطمي مفيد في علاج الصدفية.
وعن المياه المعدنية المحتوية على النترات فقد لوحظ وجود علاقة عكسية بين شرب الماء المحتوى على النترات وسرطان المستقيم وسرطان الرحم. وأن تراكم النترات والنيتريت فى الخلايا الكلوية يؤدى إلى زيادة الحامض الأميني ارجينبن (حامض أميني ينتج من التمثيل الايضى للنترات والنيتريت ويدخل في تصنيع اكسيد النيتريك مما يؤدى إلى زيادة إنتاج أكسيد النيترك، وهو كما ذكر مفيد في حفاظ وظائف الكلى وفي تأخير تقدم الأمراض التي تصيب الكلى. وحديثا وجد أن النيترات مفيدة في علاج الذبحة الصدرية وكعامل مضاد لفقر الدم الموضعي ولكن في الحقيقة أن هذه الجزئية تحتاج لمزيد من البحث العلمي لبيان أهمية احتواء المياه المعدنية على النيترات هل لها دور علاجي أم لها دور واقٍ (الحفاظ على قوام المياه من التلوث) أم لها الاثنين معاً..
والمياه المعدنية الغنية بالكالسيوم إنها تمتلك معدل امتصاص مساوياً لمعدل امتصاص الكالسيوم الموجود باللبن أو احسن قليلا وهذا الكالسيوم يعمل على حماية الكتلة العظمية بالإضافة انه يقلل من مستوى هرمون الباراثرمون (هرمون يحافظ على مستوى الكالسيوم بالدم وعند نقص مستوى الكالسيوم بالدم يزيد إفراز هذا الهرمون ويعمل على سحب الكالسيوم من العظم) لذلك شرب هذه المياه يساعد في منع هشاشة العظام .
أما بالنسبة للمياه المعدنية الغنية بالمغنيزيوم فقد وجد أنها تفيد في علاج المرضى الذين يعانون من مشاكل بالقلب وارتفاع في ضغط الدم. كما أضاف أن معدل امتصاص المغنيزيوم من هذه المياه مساوٍ لمعدل امتصاص مستحضر صيدلي محضر من المغنيزيوم ومن الأمراض التي ثبت فاعلية المغنيزيوم في علاجها كما أشار إليها كتاب (وصايا طبيب طبعة 1997) هي اضطرابات القلب وحاله السبات أو القصور الكلى بعد التسمم الحملى وفي الهمود والتعب العضلي بعد استعمال الأدوية المدرة للبول لفترة طويلة وحالات التوتر العصبي ما قبل الطمث.
ولقد ذكرأن المياه المعدنية الغنية بالصوديوم والبيكربونات والكلوريدات تعمل على زيادة الاستجابة المناعية وزيادة الخلايا المكونة للاجسام المضادة بنسبة تصل إلى 95.86% كما أنها تزيد من قدرة الخلايا الالتهامية على التهام. وان شرب هذه المياه لم يغير من وزن الجسم ولا ضغط الدم ولا يؤثر في بنية العظم ولكنها تقلل من إفراز الكالسيوم في البول .كما أنها تقلل من زيادة الدهون في الدم في السيدات بعد انقطاع الطمث.
ومن الجدير بالذكر أن أثناء التعرض للجو شديد الحرارة يحدث نقص في كل من الصوديوم والبوتاسيوم في سيرم الدم ، ومع المجهود الشديد يزيد معدل الفقد في كل من الصوديوم والبوتاسيوم مع زيادة كمية العرق وهذا قد يفسر ارتفاع الصوديوم في ماء زمزم عن المعدل المسموح به لتعويض هذا النقص حيث الجو شديد الحرارة في هذه الأماكن المقدسة.
وكم من إنسان كان قد أصيب بداء وما أن آتي إلى بئر زمزم وشرب منه بنية الشفاء فكان الشفاء بإذن الله.
وقد قال ابن القيم رحمه الله في (زاد المعاد) وقد جربت أنا وغيري من الاستشفاء بماء زمزم أموراً عجيبة، واستشفيت به من عدة أمراض، فبرأت بإذن الله. وشاهدت من يتغذى به الأيام ذوات العدد قريباً من نصف شهر أو أكثر ولا يجد جوعاً.
ومن كل ما تقدم وما سوف يكتشف، يتبين لنا بيقين معجزات النبي الكريم صلى الله عليه وسلم الذي وصفه الله تعالى: (وما ينطق عن الهوى.إن هو إلا وحي يوحي) النجم3 ـ 4. والذي أشار إلى زمزم بقوله: (ماء زمزم لما شرب له) وجعل الشرب منها والاغتسال بمائها ,ونضحها على المريض سنة من سننه .
______________________________
* وللراغبين بمتابعة البحث بكامله مراجعة الموقع www.eajaz.org
المراجع:
1 – يوسف بن عمر بن على بن رسول التركماني(المعتمد في الأدوية المفردة) تحقيق مصطفى السقا
بيروت- لبنان دار القلم طبعة 1951.
2- لينارد ميرفن: الفيتامينات والمعادن 1995 Vitamins and minerals.
3 – ابن القيم الجوزية: الطب النبوي دار إحياء الكتب العربية 1957.
4 – حسان شمس باشا: وصايا طبيب دمشق دار العلم 1997.
5 – هيرمان اهيرا (التوازن الحمضي – القلوي في الصحة والمرض) بيروت – لبنان دار الخيال (2003).
6 – خالد جاد: عالج نفسك بماء زمزم، المنصورة مصر دار الغد الجديد 2005.