د. عبد الجواد الصاوي*
يعتقد كثير من الناس أن للصيام تأثيراً سلبياً على صحتهم، وينظرون إلى أجسامهم نظرتهم إلى الآلة الصماء، التي لا تعمل إلا بالوقود، وقد اصطلحوا على أن تناول ثلاث وجبات يومياً، أمر ضروري لحفظ حياتهم، وأن ترك وجبة طعام واحدة سيكون لها من الأضرار والأخطار الشيء الكثير كنتيجة طبيعية للجهل العلمي، بطبيعة الصيام الإسلامي وفوائده المحققة وفي هذه المقالة سنلقي الضوء على أوجه الإعجاز العلمي في الصيام.
الوجه الأوّل: الوقاية من العلل والأمراض:
أخبر الله سبحانه وتعالى أنه فرض علينا الصيام وعلى كل أهل الملل قبلنا، لنكتسب به التقوى الإيمانية التي تحجزنا عن المعاصي والآثام، ولنتوقى به كثيراً من الأمراض والعلل الجسمية والنفسية، قال تعالى: { يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون } [ البقرة 183] وقال صلى الله عليه وسلم ” الصيام جنة ” أي وقاية وستر (الحديث رواه مسلم 2/807 رقم 163، وأحمد 2/283، والنسائي 4/163).
وقد ثبت من خلال الأبحاث الطبية بعض الفوائد الوقائية للصيام ضد كثير من الأمراض والعلل الجسمية والنفسية، منها على سبيل المثال لا الحصر:
1- يقوي الصيام جهاز المناعة، فيقي الجسم من أمراض كثيرة، حيث يتحسن المؤشر الوظيفي للخلايا اللمفاوية عشرة أضعاف، كما تزداد نسبة الخلايا المسئولة عن المناعة النوعية (Tlymphocytes) زيادة كبيرة، كما ترتفع بعض أنواع الأجسام المضادة في الجسم، وتنشط الردود المناعية نتيجة لزيادة البروتين الدهني منخفض الكثافة[1].
2- الوقاية من مرض السمنة وأخطارها، حيث إنه من المعتقد أن السمنة كما قد تنتج عن خلل في تمثيل الغذاء، فقد تتسبب عن ضغوط بيئية أو نفسية أو اجتماعية، وقد تتضافر هذه العوامل جميعاً في حدوثها، وقد يؤدي الاضطراب النفسي إلى خلل في التمثيل الغذائي، وكل هذه العوامل التي يمكن أن تنجم عنها السمنة، يمكن الوقاية منها بالصوم من خلال الاستقرار النفسي والعقلي الذي يتحقق بالصوم نتيجة الجو الإيماني الذي يحيط بالصائم، وكثرة العبادة والذكر، وقراءة القرآن، والبعد عن الانفعال والتوتر، وضبط النوازع والرغبات، وتوجيه الطاقات النفسية والجسمية توجيهاً إيجابياً نافعاً.
3- يقي الصيام الجسم من تكون حصيات الكلى، إذ يرفع معدل الصوديوم في الدم فيمنع تبلور أملاح الكالسيوم، كما أن زيادة مادة البولينا في البول، تساعد في عدم ترسب أملاح البول، التي تكون حصيات المسالك البولية[2].
4-يقي الصيام الجسم من أخطار السموم المتراكمة في خلاياه، وبين أنسجته، من جراء تناول الأطعمة، وخصوصاً المحفوظة والمصنعة منها وتناول الأدوية واستنشاق الهواء الملوث بهذه السموم[3] .
5- يخفف الصيام ويهدئ ثورة الغريزة الجنسية، وخصوصاً عند الشباب، وبذلك يقي الجسم من الإضطرابات النفسية والجمسية، والانحرافات السلوكية، وذلك تحقيقاً للإعجاز في حديث النبي صلى الله عليه وسلم ” يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء”[4] إذا التزم الشاب الصيام وأكثر منه وذلك لقوله النبي صلى الله عليه وسلم ” فعليه بالصوم ” أي فليكثر من الصوم المتواصل. [وفي دراسة[5] عن تأثير الصوم] على الغدد الجنسية جاءت النتائج إيجابية وسلط الضوء على وجه الإعجاز في هذا الحديث الشريف وقد وجد أن الإكثار من الصوم مع الاعتدال في الطعام والشراب، وبذل الجهد المعتاد يقترب من الصيام المتواصل، ويجني الشاب فائدته في تثبيط غرائزه المتأججه بيسر، كما لا يتعرض إلى أخطار هذا النوع من الصيام. وهذا البحث يجلي بوضوح الإعجاز في قول النبي صلى الله عليه وسلم ” فإنه له وجاء” من وجهين:
الأول: الإشارة إلى أن الخصيتين هما مكان إنتاج عوامل الإثارة الجنسية، حيث أن معنى الوجاء أن ترض أنثيا الفحل ( خصيتاه ) رضاً شديداً، يذهب شهوة الجماع، ويتنزل في قطعة منزلة الخصي وقد ثبت أن في الخصيتين خلايا متخصصة في إنتاج هرمون التيستوستيرون (Testosterone) وهو الهرمون المحرك والمثير للرغبة الجنسية، وأن قطع الخصيتين (الخصي) يذهب هذه الرغبة، ويخمدها تماماً.
الثاني: إن الإكثار من الصوم مثبط للرغبة الجنسية وكابح لها، وقد ثبت في هذا البحث هبوط مستوى هرمون الذكورة ( التيستوستيرون)، هبوطاً كبيراً أثناء الصيام المتواصل، بل وبعد إعادة التغذية بثلاثة أيام، ثم ارتفع ارتفاعاً كبيراً بعد ذلك، وهذا يؤكد أن الصيام له القدرة على كبح الرغبة الجنسية مع تحسينها بعد ذلك، وهذا يؤكد فائدة الصوم في زيادة الخصوبة عند الرجل بعد الإفطار.
الثاني: (…) بعد أن أخبرنا الله سبحانه وتعالى، وأخبرنا رسوله صلى الله عليه وسلم أن الصيام يحقق لنا وقاية من العلل الجسمية والنفسية، ويشكل حاجزاً وستراً لنا من عقاب الله، أخبرنا جل في علاه أن في الصيام خيراً ليس للأصحاء المقيمين فقط، بل أيضاً للمرضى والمسافرين، والذين يستطيعون الصوم بمشقة، ككبار السن ومن في حكمهم، قال تعالى{ أياماً معدودات في من كان منكم مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين فمن تطوع خيراً فهو خير له وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون} [البقرة: 184] (…)
وقد تجلت هذه الفوائد واستقر خبرها في زماننا هذا، لمن أوجب الله عليهم الصيام، ولمن أطاقوه من أهل الرخص، الذين يستطيعون تناول وجبتي الفطور والسحور كالأصحاء.
بعض الأمراض الخطرة التي كان يخشى عليها من الصيام:
– كان وما زال الأطباء يعتقدون أن الصيام يؤثر على مرضى المسالك البولية، وخصوصاً الذين يعانون من تكوين الحصيات، أو الذين يعانون من تكوين الحصيات، أو الذين يعانون من فضل كلوي فينصحون مرضاهم بالفطر وتناول كميات كبيرة من السوائل. وقد ثبت خلاف ذلك، إذ ربما كان الصيام سبباً في عدم تكون بعض الحصيات، وإذابة بعض الأملاح، ولم يؤثر الصيام مطلقاً حتى على من يعانون أخطر الأمراض الجهاز البولي، وهو مرض الفشل الكلوي مع الغسيل المتكرر.
– كان يعتقد أن الفقدان النسبي لسوائل الجسم، وانخفاض عدد ضربات القلب، وزيادة الإجهاد أثناء الصوم يؤثر تأثيراً سلبياً على التحكم في منع تجلد الدم، وهو من أخطر الأمراض، وقد ثبت أن الصيام الإسلامي لا يؤثر على ذلك في المرضى الذين يتناولون الجرعات المحددة من العلاج[6].
– ثبت أن الصيام لا يشكل خطراً على معظم مرضى السكر، إن لم يكن يفيد الكثيرين منهم[7].
بعض الأمراض التي يعالجها الصيام
يعالج الصيام عدداً من الأمراض الخطيرة أهمها:
أ- الأمراض الناتجة عن السمنة: كمرض تصلب الشرايين، وضغط الدم، وبعض أمراض القلب.
ب- يعالج بعض أمراض الدورة الدموية الطرفية مثل: مرض الرينود (Raynaud’s disease ) ومرض برجر[8].
جـ- يعالج الصيام المتواصل ( الطبي ) مرض إلتهاب المفاصل المزمن (الروماتويد)[9].
د- يعالج الصيام الإسلامي ارتفاع حموضة المعدة، وبالتالي يساعد في التئام قرحة المعدة مع العلاج المناسب[10].
هـ- لا يسبب الصيام أي خطر على المرضعات، أو الحوامل، ولا يغير من التركيب الكيميائي، أو التبدلات الاستقلابية في الجسم عند المرضعات، وخلال الشهور الأولى والمتوسطة من الحمل[11].
فوائد أخرى تجنى بالصوم:
1- يمكن الصيام آليات الهضم والامتصاص في الجهاز الهضمي وملحقاته، من أداء وظائفها على أتم وأكمل وجه، وذلك بعدم إدخال الطعام والشراب على الوجبة الغذائية، أثناء هضمها وامتصاصها.
كما يتيح الصيام راحة فسيولوجية للجهاز الهضمي وملحقاته، وذلك بمنع تناول الطعام والشراب لفترة زمنية، تتراوح من 9 – 11 ساعة بعد امتصاص الغذاء كما تستريح آليات الامتصاص في الأمعاء طوال هذه الفترة من الصيام. وتتمكن الانقباضات الخاصة (Migrating Motor Complex ) بتنظيف الأمعاء، من عملها المستمر دون توقف[12].
2- يمكن الصيام الغدد الصماء ذات العلاقة بعمليات الاستقلاب، في فترة ما بعد الامتصاص، ومن أداء وظائفها، في تنظيم وإفراز هرموناتها الحيوية على أتم حال، وذلك بتنشيط آليات التثبيط والتنبيه لها يومياً، ولفترة دورية ثابتة، ومتغيرة طوال العام، وبالتالي يحصل توازن بين الهرمونات المتضادة في العمل، مثل هرموني: النمو والإنسولين، كهرمونات بناء من ناحية، وهرموني: الجلوكاجون والكوريتزول، كهرمونات هدم من ناحية أخرى، والذي يتوقف على توازنها الدقيق، تركيز الأحماض الأمينية في الدم، توازن الاستقلاب.
3- ينشط الصيام آليات الاستقلاب أو التمثيل الغذائي في البناء والهدم للجلوكوز والدهون، والبروتينات في الخلايا، لتقوم بوظائفها على أكمل وجه.
4- أما إذا اقتصر الجسم على البناء فقط، وكان همه التخزين للغذاء في داخله، فإن آليات البناء تغلب آليات الهدم، فيعتري الأخيرة – لعدم استعمالها بكامل طاقتها -، وهن تدريجي، تظهر ملامحه عند تعرض الجسم لشدة مفاجئة، بانقطاع الطعام عنه في الصحة، أو المرض، فقد لا يستطيع هذا الإنسان مواصلة حياته، أو مقاومة مرضه.
5- يحسن الصيام خصوبة المرأة والرجل على السواء[13] .
6- يستفيد الإنسان من العطش أثناء الصيام استفادة كبيرة، حيث يساعد في إمداد الجسم بالطاقة، وتحسين القدرة على التعلم، وتقوية الذاكرة.
7- تتهدم الخلايا المريضة والضعيفة في الجسم عندما يتغلب الهدم على البناء أثناء الصيام، وتتجدد الخلايا أثناء مرحلة البناء.
8- كذلك فإن أداء الصيام الإسلامي طاعة لله وخشوعاً له، ورجاء فيما عنده سبحانه من الأجر والمثوبة، لعمل ذو فائدة جمة لنفس الإنسان وجسمه، حيث يبث في النفس السكينة والطمأنينة، وينعكس هذا بدوره على آليات الاستقلاب فيجعلها تتم في أوفق وأيسر وأنفع السبل، مما يعود بالنفع والفائدة على الجسم.
إن الصيام كاقتناع فكري وممارسة عملية، يقوي لدى الإنسان كثيراً من جوانبه النفسية، فيقوي لديه الصبر، والجلد، وقوة الإرادة، وضبط النوازع والرغبات، ويضفي على نفسه السكينة والرضا والفرح… وقد أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ” للصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقي ربه فرح بصومه ” (متفق عليه).
9- ثبت بالدليل العلمي القاطع أن الصيام الإسلامي ليس له أي تأثير سلبي على الآداء العضلي وتحمل المجهود البدني، بل بالعكس أظهرت نتائج البحث القيم الذي أجراه الدكتور أحمد القاضي وزملاؤه (دليل جديد على الإعجاز العلمي لحديث ” صوموا تصحوا ” وآية { وإن تصوموا خير لكم } بالولايات المتحدة الأمريكية أن درجة تحمل المجهود البدني وبالتالي كفاءة الآداء العضلي قد ازداد بنسبة 200% عند 30% من أفراد التجربة، و7% عند 40% منهم، وتحسنت سرعة دقات القلب بمقدار 9%، كما تحسنت درجة الشعور بإرهاق الساقين بقمدار 11%.[14]
وهذا يبطل المفهوم الشائع عند كثير من الناس من أن الصيام يضعف المجهود البدني، ويؤثر على النشاط فيقضون معظم النهار في النوم والكسل.
يسر الصيام الإسلامي وسهولته:
تشير الدراسات العلمية المحققة، في وظائف أعضاء الجسم، أثناء مراحل التجويع، إلى يسر الصيام الإسلامي وسهولته، تحقيقاً لقوله تعالى: {يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر} [ البقرة:185] وفي تفسير الآية قال الرازي: إن الله تعالى أوجب الصوم على سبيل السهولة واليسر، وما أوجبه إلا في مدة قليلة من السنة، ثم ما أوجب هذا القليل على المريض ولا على المسافر (التفسير الكبير للرازي 2/82 ط3 دار الباز).
كما يتجلى يسر الصيام الإسلامي في إمداد الجسم بجميع احتياجاته الغذائية، وعدم حرمانه من كل ما هو لازم ومفيد له، فالإنسان في هذا الصيام، يمتنع عن الطعام والشراب فترة زمنية محدودة، من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، وله حرية المطعم والمشرب من جميع الأغذية والأشربة المباحة ليلاً، ويعتبر الصيام الإسلامي بهذا تغييراً لمواعيد تناول الطعام والشراب فحسب فلم يفرض الله سبحانه الانقطاع الكلي عن الطعام لمدد طويلة، أو حتى لمدة يوم وليلة، تيسيراً وتخفيفاً على أمة خاتم الأنبياء صلى الله عليه وسلم، وقد تجلى هذا اليسر بعد تقدم وسائل المعرفة والتقنية في هذا العصر.
فقد قسمت المراجع الطبية التجويع إلى ثلاث مراحل: مرحلة مبكرة، ومتوسطة، وطويلة الأجل[15].
وتقع المرحلة المبكرة بعد نهاية فترة امتصاص آخر وجبة ( أي بعد حوالي 5 ساعات من الأكل ) وحتى نهاية فترة ما بعد الامتصاص والتي تتراوح مدتها حوالي 12 ساعة، وقد تمتد إلى 40 ساعة عند بعض العلماء، في هذه الفترة يقع الصيام الإسلامي كما يقع في فترة امتصاص الغذاء، وهذه الفترة من الانقطاع عن الطعام آمنة تماماً بالمقاييس العلمية، فالجلوكوز هو الوقود الوحيد للمخ، والدهون لا تتأكسد بالقدر الذي يولد أجساماً كيتونية بالدم أثناء هذه الفترة، كما لا يستهلك البروتين في إنتاج الطاقة بالقدر الذي يحدث خللاً في التوازن النتروجيني في الجسم. مما حدا ببعض العلماء أن يسقط فترة ما بعد الامتصاص من مراحل التجويع أصلاً، وهذه الحقيقة تجعل الصيام الإسلامي متفرداً في يسره وسهولته عكس مراحل التجويع الأخرى.
من خلال عرض الحقائق السابقة، ندرك أن مدة الصيام الإسلامي والتي تتراوح من 12-16 ساعة في المتوسط، يقع جزء منها في فترة الامتصاص، ويقع معظمها في فترة ما بعد الامتصاص، ويتوفر فيها تنشيط جميع آليات الامتصاص والاستقلاب بتوازن، فتنشط آلية تحلل الجليكوجين، وأكسدة الدهون، وتحللها وتحلل البروتين، وتكوين الجلوكوز الجديد منه، ولا يحدث للجسم البشري أي خلل في أي وظيفة من وظائفه، فلا تتأكسد الدهون بالقدر الذي يولد أجساماً كيتونية تضر بالجسم، ولا يحدث توازن نتروجيني سلبي لتوازن استقلاب البروتين، ويعتمد المخ البشري، وخلايا الدم الحمراء، والجهاز العصبي، على الجلوكوز وحده للحصول منه على الطاقة بينما التجويع أو الصيام الطبي – القصير والطويل منه – لا يقف عند تنشيط هذه الآليات، بل يشتد حتى يحدث خللاً في بعض وظائف الجسم.
يعتبر الصيام الإسلامي تمثيلاً غذائياً فريداً، إذ يشتمل على مرحلتي البناء والهدم، فبعد وجبتي الإفطار والسحور، يبدأ البناء للمركبات الهامة في الخلايا، وتجديد المواد المختزنة، والتي استهلكت في إنتاج الطاقة، وبعد فترة امتصاص وجبة السحور، يبدأ الهدم، فيتحلل المخزون الغذائي من الجليكوجين والدهون، ليمد الجسم بالطاقة اللازمة، أثناء الحركة والنشاط في نهار الصيام.
لذلك كان تأكيد النبي صلى الله عليه وسلم وحثه على ضرورة تناول وجبة السحور، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ تسحروا فإن في السحور بركة ” (متفق عليه).
وذلك لإمداد الجسم بوجبة بناء يستمر لمدة 4 ساعات، محسوبة من زمن الانقطاع عن الطعام، وبهذا أيضاً يمكن تقليص فترة ما بعد الامتصاص إلى أقل زمن ممكن، كما أن النبي صلى الله عليه وسلم حث على تعجيل الفطر حيث قال: ” لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر – (متفق عليه) ” وتأخير السحور فقد روى عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: ” تسحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قمنا إلى الصلاة، قيل: كم كان بينهما ؟ قال خمسون آية ” (متفق عليه) وهذا من شأنه تقليص فترة الصيام أيضاً إلى أقل حد ممكن، حتى لا يتجاوز فترة ما بعد الامتصاص ما أمكن، وبالتالي فإن الصيام الإسلامي لا يسبب شدة، ولا يشكل ضغطاً نفسياً ضاراً على الجسم البشري، بحال من الأحوال.
وبناء على هذه الحقائق يمكننا أن نؤكد أن الذي يتوقف أثناء الصيام، هو عمليات الهضم والامتصاص، وليست عمليات التغذية، فخلايا الجسم تعمل بصورة طبيعية، فخلايا الجسم تعمل بصورة طبيعية، وتحصل على جميع احتياجاتها اللازمة لها، من هذا المخزون بعد تحلله، والذي يعتبر هضماً داخل الخلية، فيتحول الجليكوجين إلى سكر الجلوكوز، والدسم والبروتينات إلى أحماض دهنية وأحماض أمينية، بفعل شبكة معقدة من الإنزيمات، والتفاعلات الكيمائية الحيوية الدقيقة، والتي يقف الإنسان أمامها مشدوهاً معترفاً بجلال الله وعلمه، وعظيم قدرته وإحكام صنعه.
فمن أخبر محمداً صلى الله عليه وسلم أن في الصيام وقاية للإنسان من أضرار نفسية وجسدية؟ ومن أخبره أن فيه منافع وفوائد يجنيها الأصحاء؟ بل ومن يستطيع الصيام من المرضى وأصحاب الأعذار !! ومن أخبره صلى الله عليه وسلم بأن الصيام سهل ميسور، لا يضر بالجسم ولا يجهد بالنفس؟ ومن أطلعه على أن كثرة الصوم تثبط الرغبة الجنسية؟ وتخفف من حدتها وثورتها خصوصاً عند الشباب !! فيصير الشباب آمناً من الاضطرابات الغريزية النفسية، ومحصناً ضد الانحرافات السلوكية !! وخصوصاً أنه نشأ في بيئة لا تعرف هذا الصيام ولا تمارسه.
” إنه الله… آمنت بالله “
* الباحث في الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة. وللراغبين بمتابعة البحث بكامله مراجعة الموقع www.nooran.org
[1] Riyad Albiby and Ahmed Elkadi, A Priliminary Report on efects of Islamic fasting on lipoproteins and immunity. the joumal of JMA vol 17. 188, page 84
[2] د. فاهم عبد الرحيم وآخرون. تاثير الصيام الإسلامي على مرضى الكلى والمسالك البولية، نشرة الطب الإسلامي، العدد الرابع – أعمال وأبحاث المؤتمر العالمي الرابع عن الطب الإسلامي – منظمة الطب الإسلامي، الكويت، 1407هـ – 1986، ص707-714.
[3] الصيام معجزة علمية. د. عبد الجواد الصاوي ص 1223، 144 – 1413هـ – 1992م ط 1 دار القبلة.
[4] زيادة الجامع الصغير للسيوطي، حديث عن ابن مسعود رقم 4239.
[5] K. Inesh, Beitins, Thomas, Badger et al (1981) Reproductive Function during Faasting -Men.J. of clin endocrin and Metabol. 53: 258 – 266
[6] Jalal Saour, Does Ramadan fasting complicate anticoagulant therapy? Fasting: its effects on health and diseases basic principles and clinical practice (Abstracts) college of Medicine King Saud University. Riyadh, December /1990.
[7] Sulimami RA. Famuyiwa FO, Laagan MA. Diabetes mellitus and Ramadan fasting (1988): the need for critical appraisal. Diabetic Medicine 8:549-552.
[8] (S.M. Bakir (1991) Can fasting in Ramadan help in some periphral vascular diseases ? JIMA: VOL. 23: 163 – 164. )
[9] A N N. Mariuden. 1. Trang. N venizelos, and pamblad. (1983) Neutrophil functions and clinical performance after total fasting in patients with rheumatis. Annals of rheumatic diseases. 42: 54 – 51
[10] Muazzam MG., Ali M. N. and Husain A. (1963) Observations on the effects of Ramadan Fasting on Gastric acidity. The Meducus, 25:228.
[11] Prentice, AM ; prentice, A, Lamb WH, Lunn PG: (1983) Austins, Hum Nutr clin Nutr 37 (4) 283 – 94..
[12] M.Y. Sukkar, H. A. El-Munshid & M.S. M. Ardawi 1993, “ Concise Human Physiology” Blackwell Scientific Publication, Oxford, pp 175 – 181
[13] Husan Nastrat and Mansour Suliman, Effect of Ramadan fasting on plasma progeserone and prolactin. Islamic international conference on Islamic legislation & the Current Medical problems 2-3 Fib 987 Cairo – Egypt)) S.M.A. Abbas and A. H. Basalamah Effects of Ramadan Fast on Male Fertility (1986) , Archives of Andrology, 16: 161 – 166.
[14] د. أحمد القاضي – معهد الطب الإسلامي للتعليم والبحوث – بنماسيتي – فلوريدا – الولايات المتحدة. ولقد نشرنا هذا المقال في العدد الثالث من مجلة “الإعجاز”.
[15] J. Hywel Thomas and Brian Gillham, Will’s Biochemical Basis of Medicine – 2nd Edition, (1989), Landon. pp 97-114 , 272-79