أ.د.خالد حسين*

حددت سرعة الضوء بالمسافة التي يقطعها الضوء في ثانية واحدة في الفراغ المادي الاّ أن هذه القيمة تقل عند عبور الضوء في وسط مادي وذلك حسب تغيير كثافة هذا الوسط. والمعلوم أنه قد أمكن في العام 1983 التوصل إلى الرقم 299792,458 كلم بالثانية كقيمة محدودة ومقاسة بدقة عالية (أجزاء من المليار) باستخدام ضوء أشعة ليزر عالية الكثافة والدقة في التوجيه. أما النظرية النسبية فقد افترضت ثبات سرعة الضوء كما افترضت عدم خضوعها لقانون تحول السرعات النسبية دون اي اثبات تجريبي لذلك وقد تأسست النظرية النسبية على فرضية عدم جواز تخطي سرعة الضوء من اية نقطة مادية في الكون الاّ ان هذه الفرضية قد رفضت في الفيزياء الكمية الحديثة إبان دراسة الجسيمات الدقيقة في الفيزياء الكونية .

خاض الكثيرون في تفسير بعض الآيات القرانية وتحميلها معان فيزيائية (جل هذا الكثير من غير المتخصصين) تخص تحديد سرعة الضوء ووقعوا في الشطط والمحظور عندما ادعوا ان أكبر سرعة في الكون هي سرعة الضوء أو زعموا أن حد سرعة تنفيذ الامر الرباني في الكون يعادل سرعة الضوء ولا يستطيع ان يتخطاه وهكذا نسبوا ذلك للقرآن الكريم .

من الناحية العلميّة لا يمكن اقرار هذه الفرضية في النظرية النسبية وذلك لعدم امكانية التثبت منها بالتجربة والقياس خاصة بعد ان أجريت تجارب في جنيف (CERN ) بمهمة OPERAفي أيلول 2011م عن سرعة الجسيم المادي المسمى نوترينو ( Neutrino) التي فاقت سرعة الضوء بقيمة تعادل 6 كلم في الثانية الواحدة. حيث أجرى 160 باحثا من 30 بلدا 15000 رصدًا قياسيًا لاحداث نيوترينوية على مسار بلغ طوله 730 كلم بدقة تعادل 10 من مليار من الثانية عند قياس الزمن أدت الى تقويض النظرية النسبية وجاءت النتائج مذهلة حيث أفضت النتائج الفيزيائية الى ضرب المسلمات السائدة للنظرية النسبية ولا سيما ثبات سرعة الضوء كحد أقصى للسرعات المادية. ان هذه الاستنتاجات المهمة تم بيانها فيما نشرناه سابقًا بمناسبة السنة العالمية للفيزياء (د.خالد حسين نشره البحث العلمي العدد 120 أيار 2005م ) في أبحاث معتمدة من المجلس الوطني للبحوث العلمية- لبنان تحت عنوان: “نقد مقارن وموجز للنسبية العامة في الفيزياء الكمية ما نصه: ان النور يخضع كذلك لقانون تحول السرعات النسبية خارقًا بذلك مسلمة النظرية النسبية العامة التي بدأت تتلقى السهام لعدم امكانية التثبت من صدقينها تجريبيًا رغم التطور العلمي الهائل في علوم الكون “

هذا ما أكده فريق من العلماء في 23 أيلول 2011 في المهمة العلميةOpera بين الCERN والGran Sasso (راجع الموقع www.cern.ch) عندما تم بالقياس الدقيق التثبت من تفوق سرعة الNeutrino على سرعة الضوء بمقدار 6 كلم في الثانية.

أما من الناحية الدينية فلقد ثبتت حادثة الاسراء والمعراج للرسول محمد صلى الله عليه وسلم في جزء يسير من الليل حيث أسرى به صلى الله عليه وسلم الى بيت المقدس وعرج به صلى الله عليه وسلم الى السماء السابعة وعاد إلى مكة المكرمة خلال جزء يسير من الليل متخطيا بذلك سرعة الضوء بشكل ضخم ومذهل. ويزداد ذهولنا بخاصة إذا خطر ببالنا ان رحلة كهذه ضمن حدود الكون المرئي تستغرق 28 مليار سنة (14 مليار ذهاب + 14 مليار إياب) اذا سافرنا بسرعة الضوء.

نخلص من ذلك كله انه لا يصح أبدا أن نتحدث عن أكبر سرعة في الكون أو السرعة القصوى للامر الرباني الكوني وانها تعادل سرعة الضوء وانها توجد محددة في القران الكريم.

والله الموفق للصواب.

 ________________

* باحث وأستاذ محاضر في كلية العلوم، الجامعة اللبنانية. وأستاذ الإعجاز العلمي في القرآن والسنة في جامعة الجنان في طرابلس. ومستشار في الهيئة الإدارية لمنتدى الإعجاز العلمي في القرآن والسنة في لبنان.