الأستاذ الدكتور نظمي خليل أبو العطا*
قال تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاء مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُون{164}} (سورة البقرة).
وفي هذا البحث سوف نتعرض للتفسير العلمي لقوله تعالى: {واختلاف الليل والنهار} لنتدبر جانباً من الإعجاز النباتي في الآية السابقة.
1- أهمية النهار لاستمرار الحياة على الأرض :
المعلوم علميًا أن النهار وضوء الشمس وما تمدنا به من حرارة وإشعاعات من أهم العوامل التي سخرها الله سبحانه وتعالى لقيام الحياة واستمرارها على كرتنا الأرضية فعندما يسقط ضوء الشمس على النباتات الخضراء فإنها ، بما أودع الله سبحانه وتعالى فيها من خصائص حيوية ، تحوّل تلك الطاقة الضوئية إلى طاقة كيميائية على هيئة روابط في المواد السكرية، بعملية البناء الضوئي (Photosynthesis) حيث يثبت النبات ثاني أكسيد الكربون في وجود الماء ولولا عملية البناء الضوئي ما كانت على الأرض أية حياة، فجميع صور الطاقة على الأرض تقريبًا وجميع المواد الغذائية عليها مصدرها عملية البناء الضوئي ولولا الضوء ما تمت تلك العملية ولفنيت البشرية وجميع الكائنات الحية.
2. أهمية الليل لاستمرار الحياة على الأرض:
كما أن أهم العلميات الحيوية تتم في الضوء، فإنه توجد الملايين من العمليات الحيوية المهمة لا تتم إلا في الليل فالعلماء يقسمون تفاعلات البناء الضوئي إلى تفاعلات الضوء وهي التي لا تتم إلا في الضوء (النهار ) وتفاعلات الظلام وهي تتم في الليل ولا تحتاج إلى الضوء حتى تتم.
3. أهمية اختلاف الليل والنهار لاستمرار الحياة:
اختلاف الليل والنهار طولاً وقصرًا نورًا وإظلامًا برودة ودفئًا من أهم عوامل استمرار الحياة على الأرض ففي النباتات الزهرية إذا لم تتكون الأزهار لا تتكون الثمار ولا الحبوب وهذه الأزهار لا تتكون في أي نبات إلا إذا تكونت فيه أولاً مادة كيميائية حيوية تؤدي إلى عملية الإزهار هذه المادة تسمى هرمون الإزهار (Flowering Hormone) وهذه المادة تتكون فقط عندما يختلف الليل والنهار في حياة النبات فتكوين هذا الهرمون متوقف على تتابع فترة الإضاءة وفترة الإظلام ومدة كل منهما واستمرارها، وشدة الضوء والظلام.
فقد خلق الله سبحانه وتعالى في المملكة النباتية نباتات تحتاج إلى فترة إظلام يومية لا تقل عن عدد معين من الساعات حتى تزهر ولذلك سميت هذه النباتات بنباتات الليل الطويل. وتوجد أيضاً نباتات تحتاج إلى فترة إضاءة يومية لا تقل عن عدد معين من الساعات حتى تزهر ولذلك سميت بنباتات النهار الطويل. إذا نقلنا نبات من نباتات الليل الطويل إلى بيئة فيها النهار أطول فإن هذه النباتات تفشل في تكوين الأزهار والثمار والحبوب. وإذا قطعنا ليل النباتات المحتاجة إلى ليل طويل بالضوء الصناعي فإن عملية تكوين هرمون الإزهار تفشل وتقف، ويقف الإزهار وتكوين الثمار.
كما تبين بالتجربة أن طبقة الأوزون تحمي كائنات الأرض من شدة الإضاءة ونوعيتها وزيادة الضوء عن الحد المقدر يؤدي إلى هلاك الكائنات الحية، فعندما زادت كمية الضوء وتغيرت نوعيتها بالنسبة إلى بعض النباتات انخفضت نسبة البروتين فيها 20% عن المعدل ووجد أن الليل ضروري لحماية تلك النباتات والحفاظ عليها من الهلاك. وأيضاً فإن النهار حيوي وضروري واختلاف الليل والنهار قصراً وطولاً ضروري من الناحية العلمية وعلى من ينكر آيات الله أن يثبت لنا عكس ذلك.
_______________________
* أستاذ النبات في جامعة عين الشمس سابقاً، مدير مركز ابن النفيس للخدمات الفنية في البحرين حالياً. للراغبين بمتابعة البحث بكامله مراجعة الموقع www.55a.net