باسم وحيد الدين علي
تعريف بالقرآن الكريم: “كتاب الله فيه نبأ من قبلكم وخبر من بعدكم وحكم ما بينكم هوالفصل ليس بالهزل من تركه من جبار قصمه الله ومن ابتغى الهدى من غيره أضله الله وهو حبل الله المتين وهو الذكر الحكيم وهو الصراط المستقيم هو الذي لا تزيغ به الأهواء ولا تشبع منه العلماء ولا تلتبس به الألسن ولا يخلق عن الرد ولا تنقضي عجائبه هو الذي لم تنته الجن إذ سمعته عن أن قالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد من قال به صدق ومن حكم به عدل ومن عمل به أجر ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم”.[1]
تعريف مصطلح عليه:” القرآن هو كلام الله المنزل على النبي محمد صلى الله عليه وسلم، المكتوب في المصاحف، المنقول بالتواتر، المتعبد بتلاوته، المعجز ولو بسورة منه، إبتداءً بسورة الفاتحة واختتامًا بسورة الناس”.[2]
هدف القرآن الكريم: أجاب الله تعالى عن ذلك بقوله: {…وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ {89} }، (سورة النحل).
العمل به: القرآن يوالي من يواليه ولا يجير من يعاديه، وفي الحديث:” إن هذا القرآن لا يليه من جبار فيعمل بغيره إلا قصمه الله ولا يبتغي علما سواه إلا أضله الله ولا يخلق عن رده وهو الذي لا تفنى عجائبه من يقل به يصدق ومن يحكم به يعدل ومن يعمل به يؤجر ومن يقسم به يقسط “. [3]
أسلوبه: قال فيه ابن عباس رضي الله عنهما:” إن القرآن ذو شجون، وفنون، وظهور، وبطون. لا تنقضي عجائبه، ولا تبلغ غايته. فمن أوغل فيه برفق نجا، ومن أوغل فيه بعنف غوى. أخبار وأمثال وحرام وحلال، وناسخ ومنسوخ، ومحكم ومتشابه، وظهر وبطن. فظهره التلاوة، وبطنه التأويل. فجالسوا به العلماء، وجانبوا به السفهاء، وإياكم وزلة العالم”.[4]
وصية سيدنا أبي بكر الصديق فيه:
“…وهذا كتاب الله فيكم لا يطفأ نوره، ولا تنقضي عجائبه، فاستضيئوا بنوره، وانتصحوا كتابه، واستضيئوا منه ليوم الظلمة، فإنه إنما خلقكم لعبادته، ووكل بكم كراما كاتبين، يعلمون ما تفعلون…”.[5]
وقال سيدنا عمر بن الخطاب عنه: “إن الله تعالى رفع بالقرآن رجالاً ووضع رجالاً…”[6].
من خصائصه:
-سهولة حفظه: قال تعالى: وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ {17} (سورة القمر).
-لا تزيغ به الأهواء: فيه ألف أمر وألف نهي من قرأه فقه ومن فقهه اتبعه ومن اتبعه استقام.
-لا تلتبس به الألسن: صاغه المولى تعالى ببلاغة وسلاسة، جعلت له وقعًا خاصًا في قلب القارئ والسامع، فما أخطأ في قراءته أحد إلا سمع التصحيح من بعض الحاضرين وقد يكون بعضهم أقل علمًا وأدنى شأنًا.
-لا يخلق عن الرد: ما داوم عليه قارئ إلا تعلق به ووجد فيه دائمًا شيئًا جديدًا وعبرةً لم ينتبه إليها من قبل، ولكل محب له فتحه الخاص وحنينه المحبب إليه. كم مرة نقرأ سورة الفاتحة، وكم مرة تتفتح لنا منها المعاني؟
-لا تشبع منه العلماء: إذ لا يزال العلماء يستنبطون منه العلوم والعبر إلى يومنا هذا.
وعلوم القرآن كثيرة وافرة ومتشعبة، تبحث في نواحٍ متعددة منها: الوحي ونزول القرآن وأسباب نزوله، المكي منه والمدني، ترتيب الآيات والسور، التفسير، جمع القرآن، أسلوب القرآن، المحكم والمتشابه، الناسخ والمنسوخ، الأحرف السبعة، القراءات والقرّاء، فواتح السور، حقوق القرآن على بني الإنسان، …وآخرها إعجازه العلمي.
-لا تنقضي عجائبه: هو كلام معجز:
قال تعالى: – قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا {88} (سورة الإسراء).
وقال أيضاً: – وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُواْ شُهَدَاءكُم مِّن دُونِ اللّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ {23} فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ فَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ {24} (سورة البقرة).
تكفل الله تعالى بالمحافظة عليه:
– إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ {9} (سورة الحجر).
– … وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ {41} لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ {42} (سورة فصلت).
أسماؤه:
1-القرآن: وهو الاسم الغالب وكلمة ” قرآن ” هي من القراءة على وزن غفران، بمعنى الإكثار من القراءة والمداومة عليها، قال تعالى: إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ {17} (سورة القيامة).
2-الكتاب: والمقصود به كتاب الله الذي يضم كلامه تعالى القائل: ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ {2} (سورة البقرة). فالقرآن من القراءة، والكتاب للدلالة على التدوين.
3-الذكر: بمعنى فيه ذكر لله وتذكير للناس بربهم، قال تعالى: وَهَذَا ذِكْرٌ مُّبَارَكٌ أَنزَلْنَاهُ أَفَأَنتُمْ لَهُ مُنكِرُونَ {50} (سورة الأنبياء). وقال أيضاً: إِنْ هُوَ إِلاّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ {27} لِمَن شَاء مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ {28} (سورة التكوير).
4-الفرقان: فرق بين الحق والباطل وبين الإيمان والكفر وبين الحلال والحرام وبين الخير والشر…قال تعالى: تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا {1}،(سورة الفرقان).
5-النور:… فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ {157} (سورة الأعراف).
– يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُم بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُّبِينًا {174} (سورة النساء).
-صفاته: هو الصراط المستقيم (سورة الأنعام 126)، وهو كلام الله (التوبة 6)، وهو الوحي(النجم4)، وهو حكيم (الزخرف 4) وعربي (فصلت 3) ومجيد(البروج21)…
وإلى لقاء آخر إن شاء الله.
[1] رواه الترمذي عن سيدنا علي رضي الله عنه.
[2] د.نور الدين عتر ،علوم القرآن الكريم ص10 ط6 مطبعة الصباح بدمشق،
د.محمد أمين فرشوخ، المدخل إلى علوم القرآن والعلوم الإسلامية ص14، دار الفكر العربي، بيروت.
[3] رواه الإمام أحمد في مسنده عن علي، زيادة الجامع الصغير حديث رقم 56.
[4] أخرجه ابن أبي حاتم عن ابن عباس، راجع الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي في تفسير أول سورة آل عمران.
[5] أخرجه الحاكم في المستدرك عن عبد الله بن عكيم.
[6] السمرقندي، كتاب تنبيه الغافلين ، باب ما جاء في فضل القرآن.