{…وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ } [سورة النحل: 8]
يجهل الكثيرون أن الصراصير يمكنها مقاومة الكوارث النووية! لكن هناك مخلوق آخر سنتحدث عنه اليوم وهو حيوان مجهري مثير للدهشة لأنه بإمكانه العيش بسعاده في أحلك الظروف التي ستودي حتما إلى هلاك بقية الحيوانات التي تعيش على سطح الأرض, إنها “بطيئات المشية \ Tardigrada” تعرف عمومًا بدببة الماء أو خنازير الطحلب هي رتبة من الانسلاخيات، وهي حيوانات مجزئة تمتلك ثمانية أرجل.
يستطيع هذا الكائن تحمل أقسى ظروف المعيشة كالعيش بدون ماء أو هواء لمدة عقد كامل (10 سنوات)، ويمكنه العيش في الفراغ أو في الفضاء لسنة كاملة حيث أجريت عليه تجربة بالفعل عام 2007 وأرسل للفضاء على متن محطة الفضاء الدولية وبقي على قيد الحياة طوال فترة التجربة التي استغرقت 12 يومًا, وبإمكانك تجميد هذا المخلوق العجيب الذي لا يتعدى طوله الواحد ملم في أدنى درجات الحرارة قرب الصفر المطلق ما يقارب -273 درجة مئوية (الصفر المطلق) وكذلك بإمكانك غليه في درجات حرارة مرتفعة تصل إلى 357 درجة مئوبة ولن يمكنك سحب الإبتسامة من وجهه وسيظل مقاوما لهذه الظروف المستحيلة بالنسبة لنا.
ليس ذلك فقط فبإمكان دببة الماء تحمل 5,700 طيف من الإشعاعات القاتلة مع العلم أن من 10-20 طيف من هذه الإشعاعات يمكنها أن تقتل البشر وغالبية الحيوانات التي تعيش على الكرة الأرضية. ومصدر غذائه الرئيسي هو خلايا الكائنات الحية ويعيش أيضًا على النباتات أي أنه غير متطلب في طعامه ويتوافر طعامه في كل مكان تقريبا ومعدل عمر هذا الحيوان الصغير هو 200 عامًا فقط.
تعيش دببة الماء في كل مكان تقريبًا في الكرة الأرضية من أعالي الجبال إلى أعماق المحيطات حيث أنه بإمكانه تحمل ضغط يزيد عن الضغط المتولد عند أعمق نقطة للبحر على سطح الكرة الأرضية.
قال الله تعالى في سورة لقمان: {هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (11)}.
وتنفيذاً لقوله الله تعالى في سورة آل عمران: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (191)}. نرى أن من أقل فوائد هذا الخلق أن نتعظ حين نرى في مثل هذا الكائن الضعيف مثل هذه القوة كما نرى في الانسان، القوي نظرياً، مثل هذا الضعف.
____________________
* من بريد القراء. raedme@gmail.com