أ. خالد حنون*
كلما أمعنا النظر في أحاديث رسول الله كلما إزددنا يقينا بصدق ما جاء به صلى الله عليه وسلم، خصوصا تلك “الأحاديث الغيبية” التي نكتشفها في عصور متأخرة. فقد جاء في مسند الإمام أحمد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أن النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:” لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَدَخَلْتُمُوهُ”. وهذا وللأسف ما نراه في مجتمعاتنا الآن دون أن ندري من أين أتى هذا الإتباع وإلام يرمز.
المصيبة الكبرى هي في كون العديد من هذا التقليد يعود إلى قوم لوط الذين غضب الله عليهم وأنزل فيهم عذابه. فمن يطالع كتب التفسير[1]، يجد أن هناك حوالي خمسين فعلاً و صفةً لهؤلاء القوم ما سبقهم عليها أحد من العالمين. وإذا دققنا و تأملنا في الكثير منها نرى أنها ترتكب من قبل بعض شبابنا وشاباتنا دون التدقيق في أصلها ومغزاها. وإذا سألناهم لماذا تلبسون أو تفعلون هكذا ردوا “بأنها الموضة أو للتسلية ليس إلا .
الخمسون هذه لن نسردها كلها لسببين: الأول لعدم التطويل والثاني لعدم الحديث عن فواحشهم المؤذية في هذا المقام. وقد اخترنا منها بعض الهيئات والأفعال وهي على الوجه التالي:
1- شرب الخمور: وهذه أصبحت مصيبة المصائب في بلادنا. إذا بعد أن يئس أعداء الإسلام من ترويج الخمور في بلاد المسلمين على نطاق واسع طلعوا عليهم “بالبيرة بدون كحول” أو “البيرة الشرعية”.وهي لا تقل خطورة عن أي نوع من أنواع الخمور ويمكن مراجعة بحثنا في العدد السابق (البيرة بدون كحول ما عليها وما عليها)
2- الجلوس في الشوارع: وقد ورد عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِيَّاكُمْ وَالْجُلُوسَ فِي الطُّرُقَاتِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لَنَا بُدٌّ مِنْ مَجَالِسِنَا نَتَحَدَّثُ فِيهَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا أَبَيْتُمْ إِلَّا الْمَجْلِسَ فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهُ قَالُوا وَمَا حَقُّهُ قَالَ غَضُّ الْبَصَرِ وَكَفُّ الْأَذَى وَرَدُّ السَّلَامِ وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ(رواه مسلم). والذي يمش في طرقاتنا لا يرى إلا عكس ما أوصى به النبي.وقد زاد عليه فتياننا وشبابنا شرب الاركيلة.
3- اللَّطْمُ عَلَى رِقَابِهِمْ بعضهم البعض والصفير بالأصابع.. و”الموهبة” الأخيرة كانوا يفعلونها لتطير الحمام.
4- حَل و إسبال الْإِزَارِ: والإزار كما هو معلوم يغطي المنطقة الواقعة بين السرة والركبة وحل وإسبال الإزار لو تم سيكشف حتما عن البطن ، وهذه الهيئة كانت تساعد في لفت نظر “الزبون” عند هؤلاء القوم. وهذا ما تفعله الفتيات اليوم دون أن تعرف رمزية تلك الهيئة. ولو علم الشباب بأن إرخاء” البنطلون” إلى الحدود الدنيا يعني أنهم يعرضون “خدماتهم” على الرجال لرفضوا اتباع هذه الموضة.
5- حل أزرار القمصان: ليبدو ” جمال الصدور” عند الرجال وهذه أيضا من ادوات الدعاية والغواية عند قوم لوط لجذب “الزبائن”.وللأسف هذه العادة منتشرة بين الكثير من الشباب والشابات
6- تشبه الرجال بالنساء والنساء بالرجال: إرتداء الرجال لباس النساء وَالتزين بزينتهن وكذلك النساء بلباس الرجال. ومنها كما نرى تطويل الشعور ولبس الحرير ووضع الحلق في الأذن… وقد ورد عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ لَعَنَ الْمُتَشَبِّهَاتِ مِنْ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ وَالْمُتَشَبِّهِينَ مِنْ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ(سنن أبي داوود
7- تطريف الأصابع بالصباغ: وفي أيامنا يوجد شبيها لهذا وهو طلاء الأظافر.
8- مضغ العلكة (اللبان): وَفَرْقَعَتها، رمزاً للميوعة وطلب الهوى…
9- نقص الكيل والميزان: ويكفي قوله تعالى: وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ.( سورة المطففين)
وقد جاء في مسند احمد أن النبي قال: مَلْعُونٌ مَنْ عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ. فهل ما يحصل في بلاد المسلمين من تلك المظاهر وغيرها يدل على رضا الله أو سخطه؟
____________________________________________
*من أصدقاء منتدى الإعجاز العلمي في القرآن والسنة في لبنان
[1] لمن اراد التوسع في ذلك فليراجع: تفسير القرطبي- تفسير الالوسي- الكبائر للذهبي- المحاسن والمساوئ لإبراهيم البيهقي- سراج الملوك الطرطوشي- سلوة الأحزان للاجتناب عن مجالسة الأحداث والنسوان. المشتولي