بريد القراء*
هل يشبه إدمان الانترنت إدمان الكحول أو المخدرات؟ ومتى يستوجب تدخّل المعالجين النفسيين؟
أكّدت المعالجة النفسية والأستاذة الجامعية الدكتورة كارول سعادة أنه “لا يُمكن اعتبار كلّ مستخدم للانترنت أو الهاتف الذكي مدمناً”. موضحةً انّ “الانترنت لا يحتوي مثل الكحول أو المخدرات على مواد تسبب الادمان وتسرّعه”. ولا يمكن إغفال إيجابيات الانترنت وحسناته في مضامير حياتية مختلفة، حيث انه “يسهّل التواصل بين الناس، ويساعد في البحث عن المعلومات”، إلّا أنّها حذّرت من طريقة استخدامه حالياً، حيث برزت مشكلة فعلية تعرف بالـcyber dependance أو ادمان الانترنت، والذي بدأ يصنّف عالمياً كمرض نفسي يؤدّي الى إضطرابات نفسية خطيرة، ويُشبّه الى حدّ بعيد إدمان الكحول أو المخدرات، وبالتالي بدأ المعالجون النفسيون درس عوارضه للبحث عن سبل لعلاجه”.
عوارض نفسية وجسدية
وقسّمت سعادة عوارض ادمان الانترنت الى جسدية ونفسية، موضحة انّ “من العوارض الجسدية آلام الظهر والرأس والعيون، اضافة الى مشاكل في النوم تتمثّل بالقلق والأرق”.
أمّا بالنسبة الى العوارض النفسية فهي تظهر من خلال:
1 – الفرح: شعور المدمن بالفرح والنشوة عندما يستخدم الانترنت.
2 – التعلّق الشديد بالانترنت، حيث تبدأ ساعات تصفّح الصفحات الالكترونية تزداد تدريجاً حتى يصبح الفرد عاجزاً عن وقف استخدام الشبكة العنكبوتية.
3 – الضياع:عندما يكون المدمن موجوداً في مكان لا يمكنه استخدام الانترنت فيه، نلاحظ أنه ينقصه شيء أساسي تماماً كمن تنقطع عنه مادة الادمان (كالكحول أو المخدرات)، فيشعر بالقلق والاحباط والاكتئاب والتوتّر.
4 – الانترنت أولوية: لا يمكن لمدمن الانترنت الاستغناء عنه، لأنه يصبح أولوية في حياته، وهذا ما يؤدّي الى تفضيله الانترنت على أصدقائه وأهله، فتنقطع علاقاته الاجتماعية ويعيش حالاً من الانزواء والانطواء.
5 – الكذب: يكذب مدمن الانترنت عندما يتعلّق الامر بساعات استخدامه للشبكة العنكبوتية، فلا يقرّ بالوقت الحقيقي.
الى ذلك، حذّرت سعادة من تداعيات الادمان الخطيرة على الإنسان، مشددة على انّ “الانترنت قد يؤثر سلباً في الحياة الاجتماعية والعائلية والعملية، وفي الحياة المدرسية والجامعية لدى الطلاب، ويؤدي الى تراجع مستواهم العلمي، فعندما ينامون في وقت متأخّر يستيقظون في اليوم التالي من دون حماسة ونشاط، ما يفقدهم تركيزهم في الصفوف”.
نماذج
أمّا عن الأشخاص المعرّضين أكثر للإصابة بإدمان الانترنت، فذكرت سعادة خصوصاً المراهقين والجامعيين. كذلك، ذكرت حالات أخرى يكون فيها الانسان معرّضاً الى الانجراف وراء الانترنت، وتكون شخصيته أرضاً خصبة للوقوع في هذا المرض ومنها: “الفشل العاطفي، والملل، والانزواء، والمعاناة من نبذ المجتمع، اضافة الى الخجل وفقدان الثقة بالنفس”.
ومن الأسباب التي تدفع بالانسان الى الادمان على الانترنت هو أن “يكون محاطاً بعدد كبير من المدمنين”، ملاحظةً بأنّ الادمان يتجلّى أكثر عبر “مواقع التواصل الاجتماعي أو المواقع الجنسية، وليس عبر مواقع البحوث والدراسات”.
الحلول لتتخلّص من خطر الادمان
قدّمت سعادة بعض النصائح المفيدة وأهمّها:
1 – الرقابة الذاتية: أي أن يساعد المدمن ذاته ليخلّص نفسه، من خلال عدم الاستسلام للمرض.
2 – إتّخاذ القرار: يمكن للمدمن أن يساعد ذاته للتخلّص من إدمانه ما أن يتّخذ القرار في ذلك، فالادمان على الانترنت كغيره من أنواع الادمان يتطلّب إرادة قوية، وإقتناعاً مباشراً من المريض بوجوب تخلّصه منه.
3 – الشفاء التدريجي: كأيّ مرض آخر أو إدمان آخر، يتطلّب الشفاء من إدمان الانترنت المرور بمراحل علاجية تدريجية والابتعاد عن مادة الادمان شيئاً فشيئاً، فيبدأ المدمن بالتقليل من ساعات إستخدامه للإنترنت.
4 – العلاقات الاجتماعية: يمكن أن يتخطّى الانسان إدمانه من خلال إعادة بناء علاقاته الاجتماعية وحياته العملية والعاطفية، فيضع لنفسه هدفاً يسهل بلوغه.
ودعت سعادة أخيراً الأهل والمجتمع والاختصاصيين الى “البحث عن السبب الحقيقي الذي أدّى الى الادمان، ومعالجة المدمن على تخطّيه إذا فشل في معالجة نفسه بمفرده”، ناصحةً إيّاهم بالتوجّه الى إختصاصيين يعالجونه معرفياً وسلوكياً “فيتمكّن أوّلاً من إكتشاف أهمية الانترنت في حياته وما يعنيه له، ثمّ يعمد الى التخلّص من المرض على مراحل”.
تخلّص من إدمان النت في عشرة أيّام (1)
للمرّة الأولى في العالم، اُفتتح قسم متخصص بعلاج الإدمان على الإنترنت في مركز «برادفورد» الطبي في ولاية بنسلفانيا الأميركية. يضم القسم أربعة أسرة فقط لأنّ طريقة العلاج تستوجب وجود 4 «مرضى» في الوقت نفسه، فيما يستغرق 10 أيام يتم في الثلاثة الأولى منها«التخلص من السموم الرقمية» ثمّ يخصص الأسبوع التالي لـ«حصص نفسيّة». وفي حديث لـ«فوكس نيوز»، توّقعت صاحبة الفكرة وأستاذة علم النفس في «جامعة بونافونتور» كيمبرلي يونغ أن تُزال علامات الإدمان بالطريقة نفسها التي تطبّق على مدمني المخدرات والعقاقير.
____________________________
* نقلاً عن مقال في جربدة الجمهورية للأستاذة كارول سعادة بتاريخ 10/9/2013 (بتصرف).
(1) الاخبار العدد ٢١٠٠ الثلاثاء ١٠ أيلول ٢٠١٣.