أ. صلاح سلام
علمتني الأيام أن آخذ الأمور بتفاؤل وحسن نيّة على أن أقرنها بشيء من الحذر خشية عواقبها.
ووجدت ان كل امر بدأ بالخشونة والقسوة أو بمخالفة طبيعة الأشياء او بمعاكسة مجريات الأمور لم ينتهِ على خير ولم يؤدِّ إلى حسن العاقبة. وان اللين في التعامل مع الشر كالقسوة في التعاطي مع الفطرة والخير.
لست هنا بصدد طرح آراء ونظريات، إن هي إلا الحقيقة ولئن أعطيت عليها امثلة حسّية واقعية سيكون وقعها أشد إيلاما.
فالذي لم يعِ بعد أن المشهد اللبناني شديد الحساسية وان الذي يرتقي سلم الزعامة بشعارات طائفية لا بد ان يصل إلى أفق مسدود لا يتعدى الطائفة التي حرّضها ثم لا يلبث ان يعجز حتى عن تحقيق الاستقرار والتوازن العادل ولو داخل طائفته. فيكتشف بعد فوات الأوان أنه خسر بقية الشرائح الوطنية ولم يربح لا هو ولا طائفته شيئا له قيمة إلا الحذر منه ومن برنامجه ومن اتباعه.
كذلك فإن من حرم الناس بعض حقوقها أو مكتسباتها المعنوية أو المادية وهو في السلطة كانت عاقبته انه يخسر محبة الناس وعطفهم وانه لن يعود إلى السلطة ثانيةً.
ومما تعلمته ورأيته ان من حكم بخبث وضغينة ما لبث أن انقلب عليه خبثه وحاق به مكره واحاطت به ضغينته وانه لم يجد عند شدته من يمد له يد العون والنجدة. قال تعالى: {ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله}.
وأخطر ما تعلمته ورأيته ان الدم لا ينتج سلاما ولا يولد إلا الدم ولا يورث إلا الدم، فيزرع الأحقاد والضغائن في الجيل الذي قاسى منه وفي الأجيال اللاحقة.
ومما علمتنيه الأيام أن من خدع قومه إما ان ينتهي إلى سوء العاقبة ولئن هو نجا لم ينج منها بنوه وأحفاده.
هذا ما تعلمته في دولة الأرض فكيف إذا نصبت عدالة السماء ميزانها يوم القيامة؟
وخلاصة القول “ان ليس كل ما يلمع ذهباً” فليس كل ما يبدأ بالهتاف والتصفيق والتهليل قد ينتهي إلى خير، إلا إذا سلمت النوايا وسلمت الوسائل وكان القصد السلام. والسلام…