أ.صلاح سلام
47- العدد السابع والأربعون خريف 2018
حينما يقول لك جميع من حولك أن التدخين مضر بالصحة ويسبب الأورام الخبيثة ومع ذلك تواصل التدخين؛ ولو شاهدت بأم عينك!
وإذا فهمت واستوعبت أن الوجبات السريعة مضرة بالصحة وتقصّر في الأعمار ثم ما أن تشعر بالجوع حتى تدخل إلى أقرب مطعم يقدم هذه الوجبات فتطلب وجبةً دسمة!
ولو ردد الناس من حولك أن الاستقامة هي عين الكرامة، وأن لا تصاحب الأراذل، ثم عدت إلى هؤلاء لتمضي معهم سهراتك وفجراتك!
ولو سمعت حيّ على الصلاة حيّ على الفلاح مراراً وتكراراً، وأدرت ظهرك لكل المساجد وتغافلت عن الصلاة بشتى المشاغل! فأين يكون الخلل؟
إنه الخلل ذاته الذي يجعل الانسان يختزن في داخله أحقاده وعقده وحالاته النفسية، هو الخلل ذاته الذي يمنع أحدنا من إعادة مناقشة موروثاته الاجتماعية والعائلية ليميز الخبيث من الطيب بينها، كيف يكفّ المرء عما استغرق فيه من الضلال لسنوات طويلة؟
الدواء معروف منذ القدم، مذكور في الكتاب والسنة، لكنه جاء الآن عن طريق العلم والتجربة والاكتشاف لمن لا يؤمن إلا بالعلم، إنه الصمت والتفكر والتمعن في عزلة بعيداً عن الناس، عن الضوضاء في الخارج وعن النوازع والميول في الداخل. وقد قال الله تعالى من قبل: {ويتفكرون}.
وها قد أثبت العلم أن العزلة والصمت يؤثران في قنوات معينة من الدماغ فتهدأ وتستكين، وتفسح في المجال لقنوات أخرى تنمو وتظهر من خلالها الحقائق وتضمر بعدها الأوهام والتهيؤات.
المواجهة إذن داخلية فمن تعلم كيف ومتى وماذا؟ كان سيّد نفسه.