دكتور محمد السقا عيد*
العدد الثامن والأربعون شتاء 2019- 48
عالم من الروعة في التنسيق والدقة وآية جديدة من آيات الخالق في أجسامنا تحكم ما لا يُحصى من الأحداث الإرادية واللاإرادية في حياة الإنسان وتصرفاته.
إنها شبكة بريدية من الهرمونات التي تقوم بنقل الأوامر الصادرة من الدماغ إلى الخلايا ذات العلاقة، والتي تتحكم في جميع الفعاليات الضرورية لحياة الإنسان.
التركيب الكيميائي للهرمونات
الهرمونات مواد كيميائية يتركب بعضها من البروتينات أو الكربوهيدرات، وبعضها يوجد في صورة عضوية حرة، وكذلك منها ما يتحد في تركيبة مع بعض العناصر غير العضوية مثل هرمون الأنسولين الذي يتحد مع الزنك، ووجد أن بعضها يتكون من إستروئيدات مثل الهرمونات الجنسية وهرمونات الغدد الكظرية ومجموعة أخرى تتكون من مشتقات الفينول مثل هرمون الأدرينالين الذي يفرز من نخاع الغدد الكظرية.
تعريف الهرمونات
جاء في الموسوعة الصحية الحديثة عن تعريف الهرمونات ما يلي:
الهرمونات عبارة عن إفرازات باطنية تفرزها الغدد الصماء، تنتقل مباشرة إلى مجرى الدم دون الاستعانة بقنوات، وتفرز أعضاء أخرى في الجسم مثل الكبد والكليتين هرمونات، لكن معظم الهرمونات مصدرها الغدد.
مهمة الهرمونات
هو تنظيم النشاطات الداخلية في الجسم؛ مثل: النمو والتغذية، وتخزين المواد الغذائية، واستعمالها وعمليات التناسل، فإذا أفرزت الغدد أكثر أو أقل من الهرمونات، فإن مظهر الشخص يمكن أن يكون غير طبيعي.
وهناك غدد في الجسم تفرز هرمونات لها صلة بما يجعلنا نتصرف كذكور أوكإناث، إذاً فالهرمونات تعتبر مسؤولة إلى درجة كبيرة عنا وعن صحتنا.
والهرمونات هي مواد كيماوية تعمل بكميات غاية في البساطة وتدور في الدم بصفة مستمرة ليل نهار، ولها أبعد الأثر في وظائف أعضاء الجسم جميعًا الخامل منها والعامل.
والهرمونات مواد كيماوية فعالة تقرّر في جسدنا نسبة النمو والشكل والنعومة والرجولة والأنوثة، والقوة والضعف والانفعالات، وكل ما يمت إلى البقاء بصلة.
ويعتبر كل هرمون بمثابة رسول كيميائي محدد الوظيفة يسري في مجرى الدم، من الغدة المفرِزة إلى الخلية أو النسيج الهدف؛ ليؤدي دورًا محددًا، فالهرمونات في الأصل عبارة عن بروتينات أو سلاسل بيبتيدية، وهذه السلاسل تعتبر إحدى مراحل تكوين البروتين .وتمتاز بما يلي:
أ – تنتج هذه الهرمونات من مناطق محددة في جسم الكائن الحي تعرف بالغدد الصماء وتنتقل إلى الدم مباشرة لتلعب دورًا كبيرًا في تنظيم وظائف الجسم.
ب– لا تحدث الهرمونات تأثيرها في نفس المنطقة التي تفرزها بل تؤثر في مناطق أخرى بالجسم.
ج – يعتبر وجود الهرمونات أساسيًا في تنسيق وتنظيم وظائف الجسم لكن بكميات صغيرة.
د – الهرمونات إما أن تكون لها تأثير حافزي أي منشط، أو تأثير مثبط.
هـ – ومن ناحية التركيب الكيميائي وُجِد أن بعضها يتكون من بروتينات مثل الأنسولين، وبعضها الآخر يتكون من استروئيدات مثل الهرمونات الجنسية وهرمونات الغدد الكظرية، ومجموعة ثالثة تتكون من مشتقات الفينول مثل هرمون الأدرينالين الذي يفرز من نخاع الغدد الكظرية.
أنواع الهرمونات
تقسم الهرمونات حسب تركيبها الكيميائي إلى أربعة مجاميع كيميائية، وهي:
– الستيرويدات : مثل الإندروجينات، الإستروجينات.
– مشتقات الحموض الأمينية: مثل الثيروكسين، الأدرينالين.
– الببتيدات: مثل الفازوبرسين، الكورتيكوتروبين.
– البروتينات: مثل الأنسولين، السكرتين.
آلية عمل الهرمونات
هناك ثلاثة طرق رئيسة للتنشيط الهرموني:
1. قد ينشط الهرمون أحد الجينات، ومن الأمثلة عليها الهرمونات الجنسية، التي لها القدرة على الانتقال إلى داخل نواة الخلية والارتباط مع الحموض النووية (DNA).
2. قد ينشط الهرمون أحد الأنزيمات، ومن الأمثلة عليها هرمون الأدرينالين الذي ينشط أنزيمًا معينًا داخل الغشاء الخلوي، ويحدث هذا الأنزيم التغير المطلوب مع بقاء الهرمون خارج الغشاء الخلوي.
3. قد يغير الهرمون من مقدرة الجدار الخلوي؛ ليسمح بعبور بعض المواد إلى الداخل أو الخارج، ومن الأمثلة عليها هرمون الأنسولين وهرمون النمو؛ حيث يعتبران مثالين على مقدرة الهرمونات على تغير النفاذية. فالأنسولين يسمح بدخول الجلوكوز إلى داخل الخلية، أما هرمون النمو فيسمح بدخول الأحماض الأمينية إلى الخلية؛ لكي يتم تصنيع البروتين.
لماذا نخاف الهرمونات ؟ ولماذا يجب الحذر عند التعامل معها؟
1- هذا يعود إلى طبيعة الهرمونات نفسها ، فالهرمونات مواد حساسة جداً وتفرز بالجسم بنسب ضئيلة جداً لذا فأي خطأ سواء بالزيادة أو النقصان فى نسبها سيؤدي إلى تأثير جوهري .
2- هناك علاقات مختلفة فيما بين الهرمونات وبعضها فنجد مثلاً أن زيادة بعض هرمونات الجسم يؤدي إلى نقص هرمونات أخرى مثل هرمون الإنسولين المسؤول عن تقليل نسبة السكر، هناك هرمون مضاد له وهو هرمون الجلوكاجون وهو المسؤول عن زيادة نسبة السكر فى الدم ولذلك فإن الجسم بطبيعته يقوم بعملية موازنة بين احتياجاته وبين نسب هذه الهرمونات فى الدم فإذا تم تعاطي الهرمونات بطريقة صناعية غير مدروسة سيؤدي ذلك الى تشويش هذه النسب الطبيعية الربانية فى الجسم.
إذن فالهرمونات التي نطلق عليها إسم “ساعي البريد” عبارة عن جزيئات معقدة جداً لا يمكن شرحها إلا بمعادلات ورموز كيميائية معقدة.
وإن قيام جزيء الهرمون بمعرفة ما تحمله من رسائل وإلى أي خلية تحملها، ومواصلة سيرها في الظلام الدامس للجسم ( الذي يكبرها بمليارات المرات) دون أن تضل طريقها، ثم قيامها بتنفيذ هذه الوظيفة على أحسن وجه دون أي قصور، هذا كله عمل خارق ومعجزة مدهشة.
ويكفي هذا المثال فقط لمعرفة مدى كمال وروعة الأنظمة التي أودعها الله تعالى في جسم الإنسان وصدق الله القائل {إن في ذلك لآيات للعالمين}.
______________________________________________
* إستشاري طب وجراحة العيون وعضو الجمعية الرمدية المصرية. وللراغبين بمتابعة البحث بكامله مع المراجع كاملة العودة الى الموقع www.eajaz.org .