د. حيدر محمد الجدي*
أدناه مجموعة من الدراسات الموثقة والنتائج العلمية التي تم التوصل إليها من أعرق الجامعات والمراكز البحثية، والتي تقدم شهادة علمية على أهمية الصيام وفوائده الصحية:
الدراسة الأولى: صيام ثلاثين يوماً مضاد للسرطان ويقوي المناعة
نشرت مجلة Journal of proteomics دراسة علمية في 15/4/2020 حول ما يسمى بالصيام المتقطع بين الفجر والغروب لمدة ثلاثين يوماً وفوائده، تقول هذه الدراسة: إن الصيام المتقطع من الفجر إلى الغروب يومياً ولمدة ثلاثين يوماً متتالية له فوائد جمة، كمضاد للسرطان، وتحسين استقلاب البروتين والشحوم في البدن، مع إصلاح جيني لـ D.N.A الخلوي، وتحسين في الجهاز المناعي ووظائف الأعضاء، وقد كانت النقاط الرئيسة في الدراسة كالتالي:
1- كانت الدراسة حول الصيام المتقطع من الفجر إلى غروب الشمس، وهو ما يشابه إجمالاً الصوم الإسلامي.
2- إن الصوم من الفجر إلى الغروب ينتج عنه إفراز مواد بروتينية مضادة للسرطان.
3- الصيام من الفجر إلى الغروب لمدة ثلاثين يوماً كانت وقاية من السمنة والسكري والمتلازمة الاستقلابية.
4- الصيام لثلاثين يوماً من الفجر إلى الغروب سبب في تنظيم إصلاح المادة الوراثية الخلوية في الجينات، وأهمها الـ D.N.A مع الجهاز المناعي عمومًا.
5- إن الصيام لثلاثين يومًا بشكل مستمر من الفجر إلى الغروب يشكل بروتينات وقائية ضد الزهايمر والمشاكل العصبية التي تسببها الشيخوخة عمومًا، وهو ما يدعو للتأمل في أثر الصيام الشرعي الذي أمرنا الله به.
الدراسة الثانية: الصيام ينظم السكر في الدم، يقاوم الالتهابات ويحسن وظائف الدماغ
في دراسة نشرتها مجلة health line عن أنواع الصيام، ذكرت أنهما نوعان:
الأول: وهو الشائع في الغرب وهو الصيام لفترة تصل ما بين 24 و72 ساعة متواصلة.
والثاني: الصيام المتقطع الذي يكون فيه صيام أيام لفترة محدودة في اليوم، ثم يتبعه فترة إفطار، وهو الأشبه بالصيام الإسلامي.
ملخص الدراسة:
1- الفوائد المثبتة أخيرًا أن الصيام المتقطع والصوم يومًا بديلاً (صيام يوم وإفطار يوم أو صيام يومين وإفطار يومين) تقلل مقاومة الأنسولين، فيتحقق أكبر سيطرة على السكر في الدم من خلال ذلك، وتختلف مقاومة الأنسولين نسبيا بين الرجال والنساء.
2- تبين من خلال الدراسة أن الصوم يسبب قوة في المناعة وقدرة أكبر على مقاومة الالتهابات.
3- الصيام يساهم في السيطرة على كمية الشحوم والكوليسترول في الدم.
4- الصيام يحسن وظائف الدماغ، ومنع حالات تدرك الخلايا العصبية التي يمكن أن تسبب الخرف الشيخوخي لاحقاً.
5- يساعد هذا النوع من الصوم على تخفيف الوزن، من خلال تقليل أخذ الحريريات اليومية والتحكم بالاستقلاب الداخلي في الجسم.
6- يزيد الصوم من إفراز هرمون النمو، الذي يعد ذو أهمية في النمو والاستقلاب الجسمي، وزيادة القوة، وتخفيف الوزن.
7- تبين من خلال التجارب على العديد من الحيوانات أن الصيام المتقطع لفترة معدودة من الأيام يزيد في نسبة العمر بين الحيوانات المصومة، فعمرها عمومًا يكون أطول من غيرها.
8- أظهرت النتائج أن الصيام المتقطع لفترة معدودة من الأيام يساعد في علاج الأورام من خلال زيادة فعالية العلاج الكيميائي.
الدراسة الثالثة: معلومات تثير الدهشة ونصائح للصائمين
أجريت دراسة علمية بجامعة هارفارد الأمريكية في 19/6/2018 م بعنوان: الصيام المتقطع معلومات جديدة تثير الدهشة Intermittent fasting: Surprising update وقد تواتر فيها الحديث أن للصيام المتقطع الكثير من الفوائد، ومنها إنقاص الوزن
Intermittent fasting can help weight loss ، وخلاصة ذلك التأثير هو أن الصيام المتقطع على البدن يكمن في أن الجسم عادة ما يستهلك الكربوهيدرات، أي السكريات بسهولة، فإذا أوقفت بالصيام سبَّب ذلك إنقاص الأنسولين، فيلتف الجسم لاستهلاك الدسم المختزن؛ مما يسبب حرق الدهون الضارة وانقاص الوزن.
وقالت الباحثة والخبيرة في الاستقلاب الخلوي د. ديبورة ويليكسر وهي بروفيسورة في جامعة هارفارد بكلية الطب ورئيسة قسم أمراض السكر في مستشفى )ماساتشاسيتس) العام، “هنالك أدلة على أن الصيام اليومي بإيقاع ثابت، أي لمدة 8 – 10ساعات على الأقل في فترة النهار من اليوم فيه فائدة مهمة، وأنها تنصح الناس بذلك دوماً لمقاومة أمراضهم ومنها السكري”.
وهذا الصيام هو ما يشبه فعلياً الصيام الإسلامي بمواصفاته الكاملة، سواء الساعات التي لا تقل عن 8/10 ساعات أو التي تتعداها أحياناً، وهو ما سيكون فيه فائدة أكبر حسب هذه الدراسات.
ثم قدمت الدراسة توصيات بعنوان: أربع طرق نحو صحة أفضل وهي على النحو التالي:
1- اجتنب السكريات والحبوب المكررة في طعامك أي استخدم الحبوب الكاملة فيه.
2- لا تتناول وجبات صغيرة بين الوجبات، واجعل جسمك يحرق الشحوم.
3- قلل الساعات التي تأكل فيها في اليوم، واجعل منها على الأقل 8 ساعات بدون طعام (ومؤكدين على أنها في النهار حصرا وليست في المساء أو الليل قبل النوم).
4- تجنب تناول الوجبات الخفيفة أو الأكل في الليل.
الدراسة الرابعة: يخفض الإنسولين وينقص الوزن
في دراسة بعنوان الصيام المتقطع: هل هو خيار صحيح لك؟
Intermittent Fasting: Is it Right for You يقول استشاري التغذية في الصحة متشيغان ريسكامب: عندما ينزل مستوى الأنسولين بشكل جيد ولفترة جيدة، فإن هذا يساهم في إنقاص الوزن بشكل واضح وهو ما يحصل في فترة الصيام المتقطع، كما أكد أن الأنسولين ينخفض عن معدله في الدم عندما يصوم الإنسان، مما يسبب حرق المخزون من السكريات كطاقة، ومع تكرر الأمر سيحصل نقص الوزن، وإن الصيام المتقطع يسمح لجهاز الهضم بالاستراحة والإصلاحات اللازمة فيه في فترة الصيام، وذلك عندما يستخدم الجسم مدخراته من الدسم وتصبح هي الوقود المحروق لإنتاج الطاقة والاستقلاب، كل هذا يسبب إنقاص الوزن، ولذا توضح نتائج الدراسات الأخيرة أمراً واعداً لا سيما إن تم استعمال الرياضة وحميةٍ أغلبها من النباتات كما في طعام منطقة البحر الابيض المتوسط.
الدراسة الخامسة : يؤخر الشيخوخة
أجريت دراسة علمية في جامعة هارفارد الأمريكية اتضح من خلالها أن الصيام
المتقطع يقلل من تأثيرات الشيخوخة وملامحها على الجسم، كما أنه ينقص الوزن، والضغط الشرياني المرتفع، وينقص الكوليسترول. إن الحمية تعمل بشكل جيد عندما يتوقف الإنسان عن الطعام لفترة معينة من النهار، مع تجنب الأكل في الليل، مع الانتباه إلى عدم أخذ أي وجبات خفيفة بينها.
ومن الأبحاث المهمة المطروحة الآن والتي لا تزال قيد العمل عليها، هي عملية الصيام التي تقتل الخلايا السرطانية، من منطلق أن تجويع الخلية السرطانية، ولا سيما نقص السكر سيسبب دخولها المبكر في مرحلة الموت الخلوي المبرمج، والتي قد تكون حسب هذه الدراسات أمراً واعداً في علاج السرطانات مستقبلاً.
وهذه دراسة بعنوان: أنت لا تستطيع تجويع خلايا السرطان لكن ممكن أن تعالجه بالغذاء.
You Can’t ‘Starve’ Cancer, but You Might Help Treat It with Food
وتقول دراسة بعنوان:
Starving pancreatic cancer of cysteine may kill tumor cells
وتعني: أن تجويع خلايا سرطان البنكرياس لمادة السيستين ممكن أن تقتل خلايا سرطان البنكرياس.
وأنه بالملاحظة تبين أن نوع الغذاء مع العلاج الكيماوي ممكن أن يكون أكثر فعالية، ومنها إنقاص السكر، والمواد الدسمة عمومًا في الطعام، وهي من الأفكار المهمة التي يتم العمل عليها حالياً.
وهناك دراسة أخرى ذات أهمية شديدة تؤكد على أن الصيام هو أفضل من الامتناع عن بعض المواد من الطعام، وأنه هو المسبب لإيقاف نمو الخلية السرطانية، وقد نشر هذه الدراسة مركز الابحاث الأمريكية عام 2014 م :
US National Library of Medicine National Institutes of Health
من أهم ما ورد في ملخصها: أن الصيام هو أهم من تحديد الحمية في المغذيات؛ حيث إنه يسبب توقف إفراز العامل المنمي للخلايا السرطانية فيوقف نموها فعليًا. ولو استعرضنا ما يقوم به العلماء الآن من دراسات لوجدنا أنها كلها تؤكد أن للصيام تأثيراً حقيقياً على علاج الأمراض، وأن له أثر فعال في كل ما ذكرناه سابقا، مع الاختلاف في نظرية آلية تأثيره.
وعموماً مواقع المراكز مفتوحة في النت وغيره لمن أراد التوسع. أعود لأقول إن من أهم الملاحظات التي رأيتها في هذه الدراسات أنها تؤكد على الصيام خلال أوقات النهار بين 8 – 10 ساعات على الأقل يؤدي إلى نتائج مذهلة في الفوائد الصحية والعلاجية، فضلاً عن وجود ما يقارب مئات الدراسات التي صدرت حول هذا النوع من الصيام، وهو بحد ذاته ما يطابق الصيام الإسلامي، الذي يبدأ من الفجر إلى غروب الشمس، ولا بد أن الأيام والسنين القادمة ستظهر أكثر فأكثر من الحقائق العجيبة للصوم الذي جعله الله أصلاً من أصول الدين وركنًا من أركان الإسلام فسبحان من دعانا لما يحيينا، وهو العالم سبحانه بما خلق، وبما هو أصلح لخلقه قال تعالى: {ألا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الخبير} (الملك: 14).
* طبيب اختصاصي في الأمراض الباطنية. وللراغبين بمتابعة البحث بكامله مع المراجع كاملة العودة الى الموقع www.ioqas.org.sa ( العدد 62 يناير 2022).