د. إبراهيم طرابية*
البترول أي النفط مادة اقتصادية ذات أهمية كبرى توجد في خزانات بترولية داخل القشرة الأرضية. وكلمة بترول Petroleum مشتقة من Petro يعنى صخر ومن oleum يعنى زيت بمعنى زيت الصخر أي بترول. إن هذا الخام تكون علمياً نتيجة لدفن الكائنات الحية (النباتية والحيوانية) بسبب الحركات الأرضية المؤثرة على القشرة الأرضية. ويتميز هذا الخام البترولي بأنه أقل كثافة من الماء وأثقل من الغاز الطبيعي فلو تصادف تواجدهم معًا في خزان واحد فيكون ترتيبهم كالآتي : ماء يعلوه بترول ثم يعلوه غاز طبيعي.
وتوجد هناك عدة نظريات علمية تفسر أصل تكوين البترول وأهمها :-
1- النظرية غير العضوية بناءاً على إمكانية تحضير مركبات مثل غاز الميثان –الأثين – الأستلين – البنزين من مصادر غير عضوية.
2- النظرية العضوية تعتمد على وجود مادة البورفرين والنتروجين في بقايا نباتية وحيوانية.
ولكن في الحقيقة لقد تكون هذا الخام البترولي من أصل عضوي نباتي وهذا يتبين من قول الله عز وجل ” الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ ” (يس80 ).
وبدراسة دورة الماء في الطبيعة من خلال القرآن الكريم فإنه يمكن استنتاج الكثير عن الحقائق العلمية الخاصة بتواجد البترول والغاز الطبيعي وهل هذا الخام يهاجر من خزان إلى آخر وهل أيضاً البترول مخزون لا ينفذ أما ماذا ؟
بالتفكر والتمعن في قوله تعالى: (أَخْرَجَ مِنْهَا ماءها وَمَرْعَاهَا) [سورة: النازعات – الآية: 31] نجد أن كل ماء الأرض يخرج منها، فلقد تبين علميًا أن اغلب الماء إن لم يكن كله يخرج مع البراكين ثم يمر هذا الماء بعدة مراحل حتى يصبح نقيًا صالحاً للاستخدام ونوجز تلك المراحل كالآتي :-
1- البراكين حيث يصاحبه كميات هائلة من المياه سواء حدث على سطح القارات أو على قيعان البحار والمحيطات وحينئذ تعرف تلك المناطق المائية التي يحدث بها براكين بالبحر المسجور.
2- الرياح تقوم بدور تلقيح للسحب لقوله تعالى: (وَأَرْسَلْنَا الرّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنزَلْنَا مِنَ السماء مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَآ أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ) [سورة: الحجر – الآية: 22] وقال تعالى: (اللّهُ الّذِي يُرْسِلُ الرّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً فَيَبْسُطُهُ فِي السماء كَيْفَ يشاء وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلاَلِهِ فإذا أَصَابَ بِهِ مَن يشاء مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ) [سورة: الروم – الآية: 48].
3- أشعة الشمس حيث تتبخر مياه البحار والمحيطات مكونة سحب وعند تلقيحها بواسطة الرياح أو اصطدامها بجسم بارد فتسقط الأمطار، قال تعالى: (وَجَعَلْنَا سِرَاجاً وَهّاجاً * وَأَنزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ ماء ثَجّاجاً) [سورة: النبأ – الآية:13- 14]
4- الجبال الشامخات لها دور فعال في تكوين الثلوج على قممها عند اصطدام السحب بها وعندما ترتفع درجة الحرارة يذوب هذا الجليد مكونا أنهاراً قال تعالى: (وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ وَأَسْقَيْنَاكُم ماءً فُرَاتاً) [سورة: المرسلات – الآية: 27]
5- الصخور حيث تلعب مسامية الصخور دوراً هاماً في تجميع مياه الأمطار على هيئة خزانات جوفية Aquifers وهذا النوع من المياه يعرف بالمياه الجوفية Ground Water. قال تعالى: (أَلَمْ تَرَ أَنّ اللّهَ أَنزَلَ مِنَ السماء ماءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الأرْضِ ثُمّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً مّخْتَلِفاً أَلْوَانُهُ ثُمّ يَهِـيجُ فَـتَرَاهُ مُصْفَـرّاً ثُمّ يَجْعَلُهُ حُطَاماً إِنّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَىَ لأولي الألْبَابِ) [سورة: الزمر – الآية: 21] وقال تعالى: (وَأَنزَلْنَا مِنَ السماء ماءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنّاهُ فِي الأرْضِ وَإِنّا عَلَىَ ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ) [سورة: المؤمنون – الآية: 18] وهذه الخزانات الجوفية قد توجد قريبة من السطح أو عميقة ، قال تعالى: (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤكم غَوْراً فَمَن يَأْتِيكُمْ بماء مّعِينٍ) [سورة: الملك – الآية: 30]
6- البحار والمحيطات ودورها تعمل كخزان مياه سطحي بلا حدود حيث تتعرض المياه لعملية التبخر Evaporation بتأثير أشعة الشمس.
وجه المقارنة بين البترول والماء
1-الخزان: إن تواجد المياه في الأرض يكون على هيئة إسكان إلى أن يشاء الله تعالى. قال تعالى: (وَأَنزَلْنَا مِنَ السماء ماء بِقَدَرٍ فَأَسْكَنّاهُ فِي الأرْضِ وَإِنّا عَلَىَ ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ) [سورة: المؤمنون – الآية: 18] بينما تواجد البترول يكون على هيئة مٌكث لقوله تعالى: (…. وَأَمّا مَا يَنفَعُ النّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأرْضِ ….) [سورة: الرعد – الآية: 17]. ومن هنا يتبين استمرارية المياه في الوجود بينما البترول موجود بصفة مؤقتة وإنه في طريقه للنضوب.
2- الهجرة: من (الآية: 18 سورة: المؤمنون) و (الآية: سورة: الزمر 21) يتبين أن الماء يهاجر أينما توافر له مسلكًا مثل فالق أو صخور ذات مسامية ونفاذية عالية والبترول أيضاً يهاجر إما بداخل الخزان البترولي وتسمى هذه الهجرة بالهجرة الأولية Primary Migration وإما أن يهاجر من خزان إلى آخر وتسمى بالهجرة الثانوية Secondary Migration.
3-الحاجز: إنه عند تقابل ماء النهر العذب بماء البحر المالح فتتكون منطقة تسمى بالبرزخ والحجر المحجور.
قال تعالى: (وَهُوَ الّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَـَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَـَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخاً وَحِجْراً مّحْجُوراً) [سورة: الفرقان – الآية: 53]
بينما عند تقابل البترول بالماء الجوفي فإنه يطفو فوق الماء ويتكون بينهما حاجز حيث لا يذوب البترول في الماء .
______________________
* دكتوراه فى الجيوفيزياء. ibrtarb@hotmail.com. وللراغبين بمتابعة البحث بكامله مراجعة الموقع www.quran-m.com