المسلمون الذين لا يعرفهم المسلمون: الهنود الحمر

أ. جهاد ترباني* زرعوا في عقولنا من قبل أن قارتي أمريكا الشمالية والجنوبية كانتا مجهولتين حتى عام 1492 م، عندما اكتشفها بحار إيطالي يدعى “كريستوفر كولومبوس”، وأن هذا البحار الذي كان يعمل لصالح ملكي إسبانيا فرناندو وإيزابيلا، قد وجد أناساً … Continue reading

دراسات حول الصيام الطبي المتقطع وأثره على الصحة

د. حيدر محمد الجدي* أدناه مجموعة من الدراسات الموثقة والنتائج العلمية التي تم التوصل إليها من أعرق الجامعات والمراكز البحثية، والتي تقدم شهادة علمية على أهمية الصيام وفوائده الصحية: الدراسة الأولى: صيام ثلاثين يوماً مضاد للسرطان ويقوي المناعة نشرت مجلة  … Continue reading

مخطوط قرآني في القارة الأميركية سبق كولومبوس بخمسة قرون

اكتشاف جديد

ترجمة وإعداد أ. دانة عبده جرادي

مقدمة- صدمة الاكتشاف الجديد: يتضمن هذا المقال حقيقتين، الأولى أنه كان من المعتقد منذ قرونٍ عديدة، أنَّ كريستوفر كولومبس هو أوّل العابرين للمحيط الأطلسي وصولاً إلى العالم الجديد. ولكن وجدت مجموعة باحثين من جامعة رود ايلاند (Rhode Island) أنَّ المسلمين هم أوَّل العابرين والمستقرين على شواطئ أمريكا، ويعتبر هذا البحث مغَيِّراً للتاريخ الذي نعرفه.
وقد صرَّحَ البروفيسور ايفان يوريسكو (Evan Yuriesci)، المسؤول عن فريق البحث، أنَّ هذا الاكتشاف كان صادماً لجميع أفراد فريق البحث.

قبور جماعية لبحارة قبل كولومبوس بخمسة قرون:
قال البروفيسور يوريسكو: “كنا نتوقع إيجاد آثار للأمريكان الأصليين في عصور ما قبل التاريخ، لأنَّ هذا ما كنا نجده في تلك المنطقة خلال العقود الماضية. لم نكن نتوقع إيجاد أواني فخّارية تعود للقرن التاسع، والتي احتوت على مخطوطات قديمة مكتوبة باللغة العربية”.
كما وجد الباحثون آثاراً لقبورٍ جماعيّة لبحّارة ذلك القرن، ولكن كانت العظام في حالة متقدّمة من التحلّل، ما جعل من المستحيل الحصول على عينة من الحمض النووي (DNA).
من جهة أخرى، أظهرت أسنان البحّارة تسوّس سابق لأوانه، ما قد يظهر أنَّ سبب الوفاة هو الحمية الغذائية الفقيرة بالإضافة لمرض غير معروف.
كما وجد الباحثون العديد من الأقمشة والعملات النقديّة. وللأسف لم يستطع فريق البحث التعرّف على باقي القطع الأثرية، وذلك بسبب الصّدأ الذي محا أي أثر للكتابات الموجودة على السيوف والعملات النقديّة.

المخطوطة القرآنية
وجد الباحثون آنيتين فخّاريتين بحالة جيّدة، احتوت الأولى على مخطوطة والأخرى على بهارات مجهولة المصدر، والتي من الممكن أن تساعد فريق البحث على معرفة أصول أولئك البحارين.
حدّد المختص بالعصور الوسطى كريم ابن فلاح (Karim Ibn Fallah) من جامعة ماستشوستس (Massachussets) عمر المخطوطة مستنداً إلى الخط الكوفي، فقال كريم أن هذه المخطوطة تعود إلى القرن التاسع.
وأضاف: “الخط الكوفي هو أقدم الخطوط العربية، يتضمّن هذا الخط نسخة معدّلة من الخطّ النبطيّ القديم. وكان أول ظهور للخط الكوفي في نهاية القرن السابع في مدينة الكوفة في العراق، ومن المذهل إيجاد هذا الخط في أمريكا”.
ويؤكد عالم المتاحف بايرون كنت (Byron Kent) أنّ هذا الاكتشاف مقلق، يقول كنت: “لا شك أن الخرائط العربية كانت من الأفضل في العالم، ولكن لم تُظهر خرائطهم القديمة معرفتهم بأمريكا. كان العرب آنذاك ذوي خبرة تكنولوجية كافية لإيصالهم إلى أمريكا، ولكن لم يكن في السابق أي دليل مُعتمد يُثبت نجاحهم في الوصول، إلى الآن”.
يقول العلماء أنَّ كولومبس بذاته يدين لمهارات المسلمين في الملاحة البحرية، حيث أن تلك الخبرات التكنولوجية كانت تمكنهم من الوصول إلى العالم الجديد (مصدر هنا).

كريستوف كولومبوس إلى مزبلة التاريخ
أما الحقيقة الثانية فهي أن شعوب الغرب اكتشفت أن كولومبوس لم يكن سوى قرصاناً سيء السمعة قام بأعمال اضطهاد واغتصاب وإبادات جماعية لأعداد من السكان الأصليين، وانطلقت في الولايات المتحدة والمكسيك حملات لتحطيم تماثيل كولومبوس أو إزالتها من الحدائق والساحات العامة في المدن الكبرى بدأت في 24/11/2018، حيث أزيل تمثال كريستوفر كولومبوس في مدينة لوس أنجلوس باعتباره نقطة سوداء في تاريخ القارة الأمريكية، وقال متظاهرون إن كريستوفر كولومبس مجرم حرب وبمثابة قرصان قاد حملة احتلال غاصبة كما ارتكب جرائم كبرى في حق شعوب أمريكا الأصليين الهنود الحمر وليس كما صوره لنا الإعلام وما درسناه من حقائق وقصص زائفة في المناهج التعليمية…
ثم كرّت السبحة في أوائل شهر حزيران من عام 2020، حين أسقط متظاهرون تمثالاً لكريستوفر كولومبوس في مدينة ريتشموند بولاية فرجينيا الأمريكية. وحطم التمثال، الذي كان يستقر في حديقة بايرد بارك، محتجون ضد العنصرية على هامش المظاهرات المتواصلة منذ وفاة الأمريكي من أصل إفريقي جورج فلويد على يد ضابط شرطة في مينيابوليس. وأظهرت لقطات مصورة قيام عدد من الأشخاص بالإطاحة بالتمثال، ثم إشعال النار فيه قبل أن يتم رميه في بحيرة بالحديقة الكائنة في وسط مدينة ريتشموند. وبنفس التاريخ أزيل تمثال آخر لكولومبوس في مدينة سانت بول بولاية مينيسوتا الأميركية.
وتحت عنوان “كاليفورنيا تتخلص من تماثيل كريستوفر كولومبوس” خرجت مواقع التواصل في 19 حزيران وذلك في أعقاب تجمع تخللته خطابات لسكان البلاد الأصليين من قوميتي “اتفونغا” و”تاتافيام”، أزيل تمثال برونزي للمستكشف كريستوف كولومبوس من وسط حديقة في لوس أنجلوس؛ وكان التمثال أهداه اتحاد نقابات جنوب كاليفورنيا إلى إدارة الإقليم سنة 1973 (مصدر هنا).
وفي تعليقها، اعتبرت العضوة في هيئة مراقبي اقليم لوس أنجلوس هيلدا سوليس، إن التمثال “يعيد كتابة فصل مشوه من التاريخ الذي يمجد توسع الامبراطوريات الأوروبية، واستغلال البشر والثروات الطبيعية”.

وبدوره، أكد عضو مجلس المدينة ميتش أوفارال، أنّ الخطوة المقبلة تتمثل في إزالة الرواية الخاطئة التي تدعي أن كريستوف كولومبوس اكتشف أميركا، مبيناً أن “كولومبوس نفسه كان مسؤولا عن ارتكاب فظاعات، وأن اعماله تصنف في خانة كبرى عمليات الإبادة المسجلة عبر التاريخ، وأنه لا ينبغي أن يحتفل بهذه الشخصية مستقبلاً”.
وسحبت بلدية سان فرانسيسكو في كاليفورنيا تمثالا لكريستوفر كولومبوس فيما تنوي الولاية الواقعة في غرب الولايات المتحدة إزالة تمثال البحار الإيطالي من البرلمان المحلي.
وأزيل تمثال المستكشف الإيطالي كريستوفر كولومبوس المثير للجدل في مدينة سان فرانسيسكو الأميركية بعد أن أعرب المحتجون عن مخاوفهم من أنه يرمز للقمع.
وفي الثاني من تموز العام ذاته أزيل تمثال كريستوف كولومبوس من ولاية أوهايو استجابة للاحتجاجات على عدم المساواة (مصدر هنا).
وأزيل تمثال آخر لكولومبوس في ولاية فيرجينا وتمثال آخر لكولومبوس في مدينة بوسطن، ولاية ماساتشوستس. وفي 5/7/2020 حطم متظاهرون تمثالاً آخر للمكتشف المزعوم في مدينة بالتيمور الواقعة على الساحل الشرقي للولايات المتحدة. وفي 25/7/2020 أزيل تمثالان لكولومبوس في مدينة شيكاغو الأميركية. وتمت إزالة العديد من تماثيل كريستوفر كولومبوس أو تخريبها، لا سيما في بوسطن وميامي وفرجينيا وكامدن في نيوجيرسي.
ولم يسلم من أعمال الإزالة هذه حتى تمثال الممثل الفرنسي جيرار دوبارديو، بطل فيلم “1492 كريستوف كولومبوس”. بعد أن كان التمثال منصوباً في متحف غريفان في باريس الثلاثاء 2023/12/19.
وقد تقرر سحب التمثال بعد تسجيل ردود أفعال سلبية لعدد من الزوار خلال مرورهم أمام تمثال دوبارديو.
في خلاصة الأمر، أن التاريخ يكتبه المنتصرون، فينتقصون من الوقائع أو يزيدون، لكن لا بد للحقيقة أن تعود فترتفع خفاقةً ناصعة.

إعجاز التداوي بالعلق

أ. زينب ضاهر حيدر حث سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- على التداوي بالعلق في قوله صلى الله عليه وسلم: “خير الدواء المشي، والحجامة، والعلق”، فما هي العلق وكيف تعالِج هذه الدودة الأمراض؟ تعريف العلق العلق نوع من الحيوانات يتبع … Continue reading

يا غزة لك أسوة

حزنت وتألمت جداً عندما علمت أن كثيراً من شهداء غزة لم يستطع أهلهم انتشالهم من تحت الأنقاض، أو تعذّر دفنهم من شدّة القصف وكثرة الدمار، فدخلت الكلاب الضالّة لتنهش في أجسادهم وتأكل من جثثهم، ثم تذكرت الحديث الصحيح الذي قال … Continue reading

اجتنبوا العشرة لتتجنبوا العثرة

الشيخ المحامي محمد أسد صفصوف*

العدد الخامس والخمسون من مجلة الإعجاز 2021

نشر “ترافيس برادبيري” في مجلة الفوربس بتاريخ 10/11/2015 مقالاً بعنوان “عشر شخصيات سامة ينبغي تجنبها بأي ثمن”، (1)حيث أفاد بأن الشخصيات السامة تتحدى المنطق، وأفاد بأن بعض هؤلاء غير مدرك تماماً لمدى تأثيره السلبي على محيطه، وأن البعض الآخر يستمد اكتفاءه الذاتي وسعادته عبر نشر الفوضى والتأثير السلبي في محيطه.
ومن الأهمية بمكان معرفة آلية التعامل مع مختلف أنماط الشخصية عموماً، فكيف إذا كانت الشخصيات السامة على وجه الخصوص تسبب توتراً وهدراً للوقت وللجهود المبذولة، لأنها تقوم بنسج تعقيدات غير ضرورية وبإقحام الناس في صراعات لا طائل لها، والأسوأ هو جلب التوتر على مستوى العلاقات الشخصية.
في هذا السياق يقول السيد هانس هانسن: (بعض الأشخاص يلهمك وبعضهم الآخر يغرقك، لذلك أحسِن اختيار الأشخاص الذين من حولك بحكمة).
وقد أظهر بحث من جامعة “فريدريش شيلر” الألمانية عام 2015، مدى تأثير الشخصيات السامة، حيث تبيّن بأن التعرّض أو التعامل مع الشخصيات السامة يسبب توتراً وقلقاً، يماثل التعرّض للتأثيرات التي تسبب عواطف ومشاعر سلبية جياشة.
بأي حال من الأحوال، سواء كانت علّة هؤلاء الأشخاص السلبية أو الوحشية، أو متلازمة الضحية، أو شيء من الجنون، فإن مختلف الشخصيات السامة بشكل عام تقود الدماغ لا محالة إلى مكان واحد وهو التوتر النفسي، وينبغي على الإنسان أن يتجنب هذه الشخصيات تماماً.
لا تزال نتائج الدراسات لجهة تأثير التوتر المباشر والسلبي على العقل، تتوالى طيلة السنوات الماضية.
ويفيد البحث أن مجرد التعرّض للتوتر لأيام قليلة كافٍ للتأثير على فعالية الخلايا العصبية في منطقة الإيبوكمبوس-“” Hippocampus من الدماغ ألا وهي المنطقة المولجة بالذاكرة والمختصة بالمنطق السليم.
ويضيف بأن التعرض للتوتر خلال أسابيع يسبب التلف في خلايا الدماغ، وأما التعرّض خلال بضعة أشهر فهو كفيل بتدمير هذه الخلايا بشكل دائم.
تجدر الإشارة إلى أن الشخصيات السامة لا يقتصر دورها على تغيير حياة الأشخاص المحيطين بهم فتتحول إلى مزرية فحسب، بل يتوغلون إلى أعماق عقولهم.
والجدير بالذكر، بأن قدرة الإنسان الفعال المنتج ترتبط بشكل وثيق بقدرته على إدارة عواطفه، وكذلك المحافظة على هدوئه، وعليه فإن “Talent Smart” قد أجرت بحثاً على أكثر من مليون شخص بيّنت أن 90% من الأشخاص المنتجين الفعالين ماهرين بالتحكم بعواطفهم في أقصى أوقات التوتر بغية المحافظة على هدوئهم والسيطرة على أنفسهم.
إحدى أهم المواهب بلا منازع هي القدرة على تحديد ذوي الشخصيات السامة والتعرّف عليهم وتمييزهم ثم القدرة على تجنبهم.
(قل لي من تعاشر أقل لك من أنت)، إذ من الدائرة الصغيرة التي تحيط بالإنسان تتكون ملامح شخصيته ودقائقها، وفي حال وجود شخصية سامة ضمن المحيط، سرعان ما سيكتشف المخالط مع الوقت كيف كانت الشخصية السامة حجر عثرة أمام تقدمه.ولتجنّب أصحاب الشخصيات السامة ينبغي بدايةً أن نميّزهم ونتعرّف عليهم، وتكمن الحنكة في القدرة على التفريق فيما بينهم لجهة تحديد المزعجين منهم، ومن هم أصحاب المزاج الموتّر والمراس الصعب، ومن هي الشخصيات السامّة على وجه الخصوص.

فيما يلي عشرة أنماط شخصية سامة ينبغي تجنبها والابتعاد عنها أو إبعادها بأي ثمن من الأثمان حتى لا يتأثر المرء منا ويتحوّل فيصبح واحداً منهم:
1. الثرثار النمام
يقول إليناور روسفلت: العقول العظيمة تناقش الأفكار، والمتوسطة تناقش الأحداث، والعقول الصغيرة تناقش الأشخاص، والثرثارون يستمدون لذتهم من عثرات غيرهم بحيث يبدو للوهلة الأولى أنه من المسلي والممتع أن يخوض الإنسان ويتوغل في خصوصية الأخرين، لكن مع الوقت يصبح الأمر متعباً جداً، بحيث تتضح نذالة الشخص وإيذاءه للآخرين. وفي آخر المطاف هنالك الكثير من الإيجابية في هذا العالم والكثير ليتعلمه الإنسان ممن حوله، عوضاً عن إضاعة الوقت وهدره في التحدث عن عثرات الأخرين.
2. المزاجي العصبي
بعض الأشخاص لا يملكون القدرة على التحكم بعواطفهم. حيث يُسقِطون مشاعرهم على الآخرين ويدور في أذهانهم بأن الآخرين هم السبب الأساسي لتعاستهم، ومن الصعب التخلص من الشخصيات المزاجية والعصبية ويعود ذلك إلى عجزهم عن السيطرة على عواطفهم مما يجعل المحيط حولهم يشعر بالحزن تجاههم.
وعند اشتداد الأزمات الشخصيات المزاجية العصبية لن توّفر البيئة المحيطة باستعمالها “كبيت خلاء عاطفي” إن صح التعبير حيث يعملون على إخراج كل المشاعر والعواطف والطاقة السلبية ليتم توزيعها على من حولهم، لذا ينبغي تجنبهم بأي ثمن.
3. الضحية
من الصعب أن تميّز الشخصية “الضحية”، حيث يتم التعاطف مع مشاكلهم في بادئ الأمر، ولكن بمرور الوقت يتضح بأن احتياجهم الدائم المزمن هو للوقت.
الشخصية الضحية تقوم بتصوير العثرات الصغيرة وتحويلها إلى جبال شاهقة لا يمكن المرور عبرها وتجاوزها.
لا تستطيع الشخصية “الضحية” أن تلاحظ بأن الأوقات الصعبة هي فرصة سانحة للنمو والتعلم والتقدم، بل على العكس من ذلك تماماً.
قديماً قيل:” لا مفر من الألم، لكن المعاناة أمر اختياري” حيث يقوم الشخص الذي يتسم بشخصية “الضحية” بالظهور بدور المعاني في كل مرة علماً بأن هذا قرار شخصي اختياري.
4. الغارق في حب نفسه
يحرص هؤلاء على المسافات بينهم وبين الأشخاص المحيطين بهم، ويقومون بجذبهم إلى الدرك الأسفل دائماً.
وبالإمكان تمييزهم بسهولة، لأنهم يشعرون المخالط بهم بالوحدة. وذلك من وجهة نظر الغارق في حب نفسه ولذلك تنتفي الغاية من تكوين ونسج العلاقات الحقيقية بينهم وبين أي شخص أخر. فهم يعتبرون بأن البيئة المحيطة بهم ليست إلا كناية عن أدوات لزيادة ثقتهم بأنفسهم فقط ليتمادوا في الغرق في حب ذاتهم.
5- الحسود
يرى أصحاب الشخصيات الحسودة أن الخير بعيد المنال عنهم، حتى عندما تتحقق لهم أمور إيجابية، فهم لا يشعرون بالسعادة، إذ سرعان ما يقومون بمقارنة وضعهم بعالمهم الخارجي وبالبيئة المحيطة بهم عوضاً عن استمداد الرضى من داخلهم.
ولنواجه الأمر فالحقيقة الدامغة مفادها بأن هنالك دائماً أشخاص يعملون وينتجون أفضل من أشخاص آخرين، لذا فإن تمضية الوقت الطويل مع الشخصية الحسودة مؤداها خطير للغاية، لأنها توحي إلى البيئة المحيطة بالشخصيات المنتجة بأن إنجازاتها ليست بذات بال وتعمل على تسفيه كل إنجاز وتحقيره.
6. المتحكم أو المسيطر
إن المتحكمين أو المسيطرين يستنزفون الكثير من الوقت والطاقة ممن حولهم وذلك بإسم الصداقة حتى بالإمكان أن يخدعوا من حولهم حيث يعاملونهم كأصدقاء.
يدرك المتحكمون أو المسيطرون خارطة الطريق تماماً، لا سيما لجهة ما يحبون، وما يجعل الشخص المحيط بهم سعيداً وما يعتقده فكاهياً، ولكن الفارق بأنه يستعملون هذه المعلومات برمتها كجزء من أجندة مخفية مستورة لديهم قوامها وأساسها التحكم بالأخر.
المتحكمون متطلبون دائماً وبالعودة السريعة إلى تاريخ العلاقة معهم يتبيّن بأنهم يأخذون ويأخذون ويأخذون المزيد وقلما تجد أي أثر للعطاء من جانبهم، هذا إن وجد.
بالنهاية سيفعلون أي شيء لينتصروا على الشخص المقابل ليتمكنوا من السيطرة عليه وتطويعه مجدداً.
7. الهدام
في مسلسل “هاري بوتر” الشهير هنالك شخصية “الهدام” وهي كناية عن مخلوقات شريرة تسحب أرواح الأشخاص من داخل أجسادهم، عندما تدخل هذه الشخصية إلى أي غرفة تصبح مظلمة ويشعر الماكثون بالبرد القارس ويسترجعون عندئذ أسوأ ذكرياتهم.
يقول “رولنغز ” أن مبدأ شخصية “الهدامين” تم ابتكارها حيث تستند إلى الأشخاص أصحاب الطاقة السلبية فوق العادية، وهم الأشخاص الذين فور دخولهم إلى الغرفة يمتصون روحانيتها عبر نشر الطاقة السلبية والتشاؤمية في كل الموجودين. ينظرون دائماً إلى النصف الفارغ من الكوب، وباستطاعتهم حقن الخوف والقلق على الذين من حولهم في أكثر الحالات.
أظهرت دراسة صادرة عن جامعة نوتردام بأن الطلاب الذين يخالطون زملاءً لهم يفكرون بطريقة سلبية ويتشاطرون حجرة المنامة الجامعية ذاتها، سرعان ما يكوّنون أفكاراً سلبية، تصل إلى درجة الإحباط جراء تلك المخالطة.
8. الملتوي:
هنالك نوع من الشخصيات السامة يبيّتون نيّات سيئة حيث يستمدون رضاهم وسعادتهم عبر آلام الآخرين وأوجاعهم وتعاسة الذين من حولهم. يقومون إما بالإيذاء أو يُشعرون من حولَهم بالسوء وذلك للاستحصال على غايتهم من الناس.
الأمر الوحيد الجيّد بنمط هذه الشخصية أنه يمكن تمييز نواياهم بسرعة، الأمر الذي يجعل عملية إخراجهم من حياتنا سهلة.
9. مصدِّر الأحكام
يصدرون الأحكام السريعة على كل الأمور، ولديهم القدرة على تحويل أكثر الأشياء التي يحبها الأشخاص المحيطين بهم إلى أكثر الأشياء كراهةً.
وعوضاً عن تقدير الأشخاص المختلفين عنهم والتعلّم منهم، يعمدون إلى مراقبتهم عن كثب. وهكذا فإن
مطلقي الأحكام يخنقون رغبة من يصاحبهم وحقّه في أن يكون شخصاً منطلقاً، شغوفًا ومعبِّرًا، ويبقى الحل الأمثل في أن يقطع الانسان علاقته بهم وأن يتصرف على طبيعته.
10. المتكبر أو المغرور
مصاحبة أصحاب الشخصيات المتعجرفة مضيعة للوقت، لأنهم يرون ما يقوم به الذين من حولهم بمثابة تحدٍ شخصيٍ لهم.
الغرور ما هو إلا ثقة مزورة بالنفس، وهي ثقة غالباً ما تكون مقنّعة، يكمن خلفها انعدام كلّي للأمان عند صاحبها.
أظهرت دراسة لدى جامعة “أكرن” بأن الغرور يترافق مع مشاكل جوهرية في مضمار العمل، فالشخصيات المغرورة قليلة الإنتاج عموماً، ومعارِضة على وجه الدوام، كما أن لدى أصحاب هذه الشخصيات مشاكل في الإدراك أكثر من الأشخاص العاديين.

كيف تحمون أنفسكم فور لقائكم بهم؟

قد يدفع أصحاب الشخصيات السامة بعض الناس إلى فقد الأعصاب، لأن سلوكهم غير منضبط، ويتنافى مع المنطق السليم، وينبغي على المرء عدم الرد عليهم تجنباً للغوص في أية تعقيدات.
وكلما كان الشخص يعاني من سلوك متفلّت كلما كان من السهل على الأشخاص المحيطين به عدم الوقوع بكمائنه، فينبغي عدم محاولة الانتصار عليه في ملعبه، فهو سيد في الساحة التي يجيدها ويتقنها، وتلك هي لعبتهم في آخر المطاف.
ينبغي على المحيطين بالشخصية السامة أن يُبقوا على قدْرٍ من المسافة العاطفية بينها وبينهم ، (عدم التأثر بما تصوّره لهم)، وتنبغي مقاربتها والتفاعل معها على أساس أنها “بحث علمي”، وليس عليهم أن يردوا على الفوضى العاطفية التي تثار من قبلها، ولا ينبغي التجاوب إلا مع الحقائق الدامغة القطعية دون العاطفية منها.
وتتطلب المحافظة على المسافة العاطفية بعيداً عنها وعياً ومعرفةً، وإلا فإن هذه الشخصية قادرة على الاستفزاز والإيذاء وإثارة الفوضى، ما لم يقم الشخص المتضرر باستعادة زمام الأمور واستجماع قوته وإيجاد طريقة للتخلص من التأثيرات السلبية والمضي قدماً في حياته ومشاريعه. ولا ضير من صرف بعض الوقت والجهد لتعلم طرق التخلص من الشخصيات السلبية ومن حبائلها.
وقد يظن البعض أنه من الصعب التخلص من عبء هذه الشخصيات التي تعيش معهم أو إلى جانبهم، لكن الأمر يصبح سهلاً ما أن يعرف كيف يكشفها، فإنه يصبح أقدر من ذي قبل على فهم سلوكيات الشخصية السامة، وأكثر استعداداً لتدارك أذاها وخطرها.
وبمجرد تحديد الشخص السام، يصبح المرء جاهزاً للتفكير بعقلانية حول متى وأين يتعين عليه تحمّله، ومتى وأين عليه أن يضع له حداً. وتفقد الشخصية السامة المبادرة متى تم التصرف بوعي واستدراك، وهو أمر جيد ولا داعي للخوف من القيام بهذا الأمر وستجد الشخصية السامة نفسها مضطرة لتقبل الأسلوب الجديد في التعامل معها ولو على مضض.
أما إذا تُرِكت الأمور على طبيعتها، فإن العلاقات والأعمال سوف تزداد توتراً وتورطاً وصعوبة. وإذا رسم المرء حدوداً للشخصية السيئة، وقرر كيفية التعامل معها بالأسلوب والزمان والمكان المناسبين، فإنه يضع حداً للكثير من الفوضى، كي تستقيم الأمور، ولا مناص من التمسك بهذا القرار والتشدد في المحافظة على الحدود الجديدة، وخاصةً عندما يحاول الشخص المسيء عبورها، وغالباً ما يحاول.
بناءً لما تقدم وما ورد في متن المقال المترجم، نعم فرّوا! فرّوا بنقائكم، بصفائكم، بطاقتكم الإيجابية، فهي كنوز لا تقدّر بثمن ولا تعوَّض.
إن هذه الشخصيات السامة هي ثمرة ونتيجة طبيعية لبيئة سامة، لم تذق طعم التربية الإنسانية، ولا معنى عندها للأخوّة ولا للتضحية ولا للبذل ولا للإيثار، إنها قيَم تُعلّم منذ نعومة الأظفار، وتُراقَب وتُوجَّه في مرحلة الصبا، وهذه الشخصيات تعيث فساداً وأذىً في الأرض، وقد ذكر سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم هذا الأمر في حديثه الشريف فقال:” إن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم، أعظم أجراً من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم” (2). وفي هذا الحديث إشارة إلى احتمال الأذية جراء المخالطة وهذا ما نراه جلياً في الشخصيات السامة التي أسلفنا ذكرها.
ولذلك على الإنسان منا أن يكون على دراية بمن يخالط ويجالس، مصداقاً لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إنما مثل الجليس الصالح وجليس السوء: كحامل المسك إما أن يُحذِيَك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحاً طيبةً، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحا منتنةً” (3)
ولا بد من التنويه أنه ليس في هذا الدين لا تنسّك ولا عزلة عن الناس ولا استسلام، فلا يرتحل المرء منا هرباً، ولا يأوي إلى كهف تجنباً للناس، بل على العكس، فإن الكهف اليوم وغار حراء اليوم هو قلب الإنسان، ولا بد من الفصل بين الحياة العامة وما فيها من مشاغل ومشاكل، وبين الحياة الخاصة وما فيها من تعبدٍ وشفافيةٍ وطمأنينة، قالت رابعة رحمها الله:
فالجسمُ مني للجليسِ مؤانسٌ وحبيبُ قلبي في الفؤادِ أنيسي
وجلّ ما في الأمر أن يحسن المرء انتقاء الأشخاص الذين سيحيطون به فهم صورة عنه وهو صورة عنهم.
والوحدة خير من جليس السوء، والجليس الصالح خير من الوحدة ولذلك أدرسوا خياراتكم بطريقة علمية وعملية وواعية فإن في اجتنابكم العشرة تجنب للعثرة، يقول الله عز وجل في كتابه الكريم: {يا أيها الذين أمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين} (سورة التوبة-119). صدق الله العظيم.


*الشيخ المحامي محمد أٍسد صفصوف، أمين سر منتدى الإعجاز.
المصادر:
(1) مجلة الفوربس بتاريخ 10/10/11/ 2015 10 Toxic People You Should Avoid At All Costs (forbes.com)
(2) أخرجه إبن ماجه وأحمد بإختلاف يسير، والطبراني في المعجم الأوسط والبيهقي واللفظ لهما
(3) عن أبي موسى الأشعري، متفق عليه.

كونوا أبناء وقتكم وسادة عصركم

ع. د. محمد فرشوخ

الكلمة الأخيرة في العدد الخامس والخمسون 

عاد الحكيم من سفر، بعد أن طال الشوق المتبادل بينه وبين طلابه، وما أن أُعلِن عن موعد اللقاء حتى تداعى الأحبة وتهاتفوا، فامتلأت القاعة وكثر الذين لم يجدوا مقاعد لهم فاستندوا إلى الجدران وافترشوا الزوايا، عدا عن المسافرين والمهاجرين الذين تناقلوا الرابط الذي سينقل لهم وقائع الجلسة بثاً مباشراً.
دخل المربي فوقف الحضور له إجلالاً رغم نهيه عن أن يقف له أحد، بينما كان عدد من أصحاب الصوت الشجي، ينشدون مديحاً محبباً مطلعه “بدر من طيبة تجلّى” ولازمته “الله جليل”.
جلس الجميع وأطرق المربي متفكراً أو ذاكراً حتى ختم المنشدون، فاستفتح وسلّم على الجمع ثم قال: “كان مجلس الشيخ عبد الغني النابلسي رحمه الله يبدأ بالإنشاد وكان للمنشدين منصة خاصة في جانب المسجد، حتى إذا هدأت النفوس وذكرت القلوب ونزلت السكينة ينطلق الشيخ في وعظه وإرشاده”. ثم دخل الحكيم في الموضوع، فقال:
دخلنا عصراً جديداً غريباً كان مشايخنا رحمهم الله يخبروننا عن قدومه ويحذروننا من الاستهانة بخطره، وعن الوقوع في شراكه، ويوجهوننا عن طرق النجاة والخروج منه بسلام.
كنا نظنه بعيداً وإذ به يطرق أبوابنا بأسرع مما توقعنا. اجتمعت فيه فتن كثيرة لا ينجو منها إلا الموفقون، والهلكى من أثرها كثيرون.
أول فتنة بدأت كانت تطبيقاً عنيفاً سيئاً ومتعمداً للشرع الحنيف، بدأه متشددون وشجع عليه الغرب كله وقدم له التسهيلات وغطاه بالدعايات والمنشورات والإعلانات، جذبت شعاراته البراقة شباباً يافعاً متحمساً من كل الأقطار، ظنوا أنهم الرعيل المنقذ والشرارة الأولى لظهور الإسلام من جديد، وكانت نتائجه مدمرة لمدن إسلامية كانت آمنة، وهجّر على أيديهم أو بسببهم ملايين المسلمين، وأعطت الرأي العام العالمي أسوأ فكرة عن الإسلام وقرنته بالإرهاب، ثم تمت التضحية بالشباب الذين غُرِّر بهم، حيث تمت تصفية الآلاف منهم بمجازر تقشعر منها الأبدان وصاروا يصيدونهم من الطائرات كصيد الغزلان.
ثاني فتنة أطلقت واستناداً إلى المآسي والويلات التي جرّتها الفتنة الأولى كانت التفلّت من الدين بأسماء لمّاعة مثل “حرية الاعتقاد وكسر الأغلال” والاستجابة لرغبات النفس وإرضاء شهواتها. فظهرت الدعوات للمثلية وللأم العزباء ولاستعارة الأرحام ولاختيار النطف من بنوكها وصارت السخرية من الآباء أضحوكة وإهمال الوالدين في كبرهما عادة ووجدوا لزنا الأزواج تبريراً، وانفرط عقد عائلات كثيرة وصارت مسألة الشرف تقليداً بائداً.
إلى أن استكملت هذه الفتنة بضرورة عصرنة الدين وإعادة النظر بأصوله وفروعه، إذ لا يعقل (بنظر أسيادهم المستشرقين) الاستمرار بتطبيق شرع لم يتطور منذ 1400 سنة، وحمل لواءها عرب ليت أمهاتهم لم تلدهم.
ثم جاءت الفتنة الثالثة، وهي تشجيع المسلمين على الهجرة إلى اصقاع العالم “المتحضر” نظراً لحاجة هذا العالم إلى عنصر الشباب واليد العاملة والأدمغة الذكية الواعدة. ثم صارت الهجرة قسرية بالعنف والإرهاب حتى خلت مدن المسلمين من سكانها وتخلفت وافتقرت وصار عدد من أحيائها قاعاً صفصفاً، فعاث الفاسدون فيها عبثاً وسلباً وقتلاً واغتصاباً. حتى ان فكرة التغيير الديمغرافي لهذه المدن صارت فكرة رائجة، فجرى ويجري إحلال أقوام رعاع، جلبوا من عدة أصقاع، مكان السكان الأصليين.
ثم جاءت الفتنة الرابعة وهي فتنة الإفقار المتعمد، فما من بلد إلا ويعاني من العجز المالي وضعف في الدخل القومي والمديونية العالية. إلى أن تحين فرصة الانقضاض على ثرواته وعلى سيادته، بحيث يتم إملاء الشروط والتحكم بالرقاب.
ثم أتت الفتنة الخامسة وهي نشر الوباء، قيل إنه كان يستهدف الشعوب الفقيرة المغلوبة على أمرها لكن زمامه أفلت قبل ان تنجز أبحاث الوقاية منه، فأصاب الجناة والضحايا على السواء. وكان من أبرز نتائج هذه الفتنة على المستوى الديني والاجتماعي التباعد وتفريق الجماهير وإقفال المساجد وتقييد صلوات الجماعة ووقف مجالس الوعظ والإرشاد. وصار التجمع للتظاهر صعباً والمطالبة بالحقوق مستحيلة. بينما فتحت المقاهي والملاهي واستؤنفت المباريات الرياضية وحشدت الجماهير بلا قيود.
لن أكثر من سرد المزيد من تفاصيل ما يعدّه لنا “المتحضرون”، واكتفي بإضافة عنوانين هامّين، أحدهما تقليص عدد سكان الأرض وجعلها جنة للأغنياء تسود على قلة من العبيد وذلك اعتباراً من العام 2030، والثاني هو إعداد الشرق الأوسط وبلاد شمال أفريقيا، لاستقبال الشعوب الأوروبية النازحة من بلادها بسبب ظاهرة الاحتباس الحراري، ودخول أوروبا في العصر الجليدي، وجلّ سكان هذه المناطق عرب مسلمون، يحتار الغرب في طرق الإقلال من أعدادهم وطرق التخلص منهم، فلا يستغربن أحد بعد اليوم ظاهرة انحلال هذه الدول وهلهلة الأنظمة الحاكمة وزعزعة الجيوش فيها.
أردف الحكيم قائلاً: ربما أكثرت عليكم نوعاً ما، لكني لا أبالغ وما سبق ذكره ليس من كلامي ولا من أفكاري، إنها من تصريحات الغرب وتسريباته وأخباره وأبحاثه ونقاشاته، وقد ظهرت صحة أكثرها ونرجو ألا يتحقق ما خفي منها، لكن (سوء الظن من حسن الفطن) كما قال سيدنا عليّ رضي الله عنه.
هل نقف مكتوفي الأيدي كالغنم بين يدي الجزار؟ او نتغافل عما يجري ونكذبه ونستخف به ونستسخفه كالنعامة تدفن رأسها في الرمل ظناً منها أن الصياد لن يراها؟
بالطبع لا هذه ولا تلك، فالمبدأ الأول هو ألا نيأس ولا نفقد الأمل، فتاريخنا كله صمود أمام مؤامرات وغزوات باءت بالفشل لأنها قوبلت بالإرادة الصلبة والشجاعة والدفاع عن الحق والعدل، ومن لا يجرؤ ويُقدِم لا ينتصر ولا يجني. ومن يتخاذل مصيره إلى الذل ثم الزوال.
والمبدأ الثاني أن الذي يظن أن شياطين الأرض قد أطلقت أيديهم ليعيثوا فساداً، فقد غرق في الوهم ونسي أن الأرض أرض الله وأن الخلق خلق الله وان الله تعالى يحب عباده ولا يرضى لهم الظلم ولا الاستعباد ولا الفناء. وسيذهب ما ينفق الظالمون سدىً، فقد قال عزّ وجلّ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ (٣٦)﴾ [الأنفال].
المسألة مسألة وعي والتزام، أن نعيَ ملابسات ما يجري ونتحرّى الحقائق وأن نحرّك عقولنا فنفقه ونلتف على حيل الشياطين لا أن نستسلم لتدابيرهم، فنعمل على تحقيق التواصل ولو عن بعد في مرحلة أولى، فلا تتوقف اللقاءات ولا مجالس العلم ولا الندوات، حتى أن بعض أهل الفقه ممن نور الله قلوبهم أفتوا بصلاة التراويح عن بعد وكذلك في صلوات التهجد وقيام الليل، في وقت عجز آخرون عن الالتفاف وما فقهوا فتاوى الضرورات في الظروف القاهرة، فقعدوا عن الاجتهاد وصاروا كالمستسلمين.
وأما الالتزام فمعناه عدم المس بمسلمات هذا الدين والتمسك بالعقيدة وبالأحكام فلا تغيير في الفرائض ولا في النوافل ولا حتى في الآداب. ولا يحيد أحد عن شرع الله قيد أنملة، فلا بديلَ عن الزواج ولا حَمْلَ خارجه، ولا سبيل إلى التبني، ولا تعديل في أحكام الإمامة ولا تعديل لكلام الله تعالى ولا تبديل ولا إنقاص ولا زيادة، ولا سبيل إلى إعادة النظر بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد انتهى تحقيق علم الحديث وتدقيقه منذ قرون، وكلّ طاريءٍ عليه ومنتقدٍ له ومغيّرٍ في أصوله إنما هو فتّان مغرور مريض، أو منافق أجير.
قد أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفتن الآتية، وأمرنا أن نبادر بالأعمال الصالحة لكي نثبت فقال: «بادروا بالأعمال فتنا ‌كقطع ‌الليل المظلم، يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا، أو يمسي مؤمنا ويصبح كافرا، يبيع دينه بعرض من الدنيا».
لا تهيجكم الشعارات ولا تتحولوا إلى جماعات يقاتل بعضكم بعضاً، فالفقر عام والجوع شائع، ولن يفرقا بين المسلم وغير المسلم فكلنا مواطنون وكلنا مستهدفون، ويكفي وطننا ما جنى من قتل ودمار وفساد وخراب، وها قد آن أوان الوعي والتكاتف والعمل الصالح والجهد المثمر والكلمة الطيبة وجبر الخواطر وإطعام الجائع وإسعاف المريض مهما كان دينه ومذهبه وعقيدته أو بيئته. وسيدافع الله تعالى عن الذين آمنوا، وعن الفقراء والمظلومين مسلمين وغير مسلمين، ولن ينفع الكافرين مكرهم، قال تعالى: ﴿‌وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (٣٠)﴾ [الأنفال].
ووعد عليه الصلاة والسلام بالأجر العظيم لمن يصبر ويصمد ويلتزم فقال: «المتمسك بسنتي ‌عند ‌فساد ‌أمتي له أجر شهيد» .
وذكر الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم ان أجر الصابر في تلك الأيام كأجر خمسين من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: «بل ائتمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر، حتى إذا رأيت شحا مطاعا، وهوى متبعا، ودنيا مؤثرة، وإعجاب كل ذي رأي برأيه، فعليك بخاصة نفسك ودع العوام، فإن من ورائكم أياما الصبر فيهن مثل القبض على الجمر، للعامل فيهن مثل أجر خمسين رجلا يعملون مثل عملكم»، قيل: يا رسول الله أجر خمسين رجلا ‌منا ‌أو ‌منهم. قال: «بل أجر خمسين رجلا منكم».
ختم الحكيم مقالته بقوله: أيها الأحبة، ربنا حكيم عليم، لا يضل ربنا ولا ينسى، أروا الله استقامةً وثباتاً ومحبةً وإيثاراً وسلاماً وتعقلاً، واجتنبوا العنف والعصبية والجاهلية والطائفية والمذهبية، والعلي القدير يتربص بالظالمين أعداء الانسانية، قال تعالى: ﴿إِنَّ رَبَّكَ ‌لَبِالْمِرْصَادِ (١٤)﴾ [الفجر].ومن استمسك وثبت نودي كما نودي سيدنا موسى عليه السلام: ﴿قُلْنَا لَا تَخَفْ ‌إِنَّكَ ‌أَنْتَ ‌الْأَعْلَى (٦٨)﴾ [طه]. وقال لسيدنا محمد  : ﴿‌فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٤٣) وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ (٤٤)﴾ [الزخرف]. إنكم ترجون من الله ما لا يرجون، والأمر أقرب مما تتوقعون، ومن يعش يرَ. فالعاقبة للمتقين. وصلى الله على سيدنا محمد والحمد لله رب العالمين.


[2] «المعجم الأوسط» (5/ 315) عن أبي هريرة

[3] «سنن الترمذي ت شاكر» (5/ 257) عن أبي ثعلبة ‌الخشني.

بأيدينا.. أضعنا 77 ألف كلمة

أ.عواطف العلوي* العدد الخمسون صيف 2019 -50 في إحدى مقالاتي عن اللغة العربية، طرحت تساؤلا لطالما شغل تفكيري: ألا تلاحظون أن لغتنا باتت ضعيفة رغم انتشار المدارس، بينما كانت أقوى في زمن الأمية و«الكتاتيب»؟ لم أتمكن من وضع يدي على … Continue reading

التعامل مع مواقع التواصل

العميد الدكتور محمد فرشوخ

الكلمة الأخيرة من العدد السابع والأربعون 47 خريف 2018

لاحظ الطلاب المتوافدون أن أستاذهم الحكيم قد سبقهم إلى القاعة، فالتزموا الهدوء وساد جوٌ من السكينة والوقار، ثم خرق الصمت فجأة رنين جوّال أحدهم بنغمة موسيقية راقصة تبعتها كلمات لمغنية ماجنة، أصابت حامل الجوال بإرباك شديد؛ عالج الحكيم الموقف بابتسامة خفيفة فرجت اسارير الطلاب واستعاد الحاضرون هدوءهم وسكينتهم.
كان المشهد كافياً ليغتنم الحكيم الفرصة وينطلق إلى مشكلة العصر الأولى: كيفية التعامل مع مواقع التواصل، قال:
كان السلف الصالح يتأهبون ويحذرون، كلما بدت ظاهرة جديدة او اكتشاف او حتى علم جديد، يعرضون ذلك على كتاب الله وعلى هدي رسول الله، ثم على العقل والمنطق، فإذا وجدوا فيه خيراً لدينهم أو دنياهم أقروه واعتمدوه. وإذا وجدوا فيه ما يخالف شرع الله أو ما يحرف عن دين الله، أو ما يلهي الناس عن ذكر الله، حذروا منه وكرّهوا فيه حتى انهم كانوا يُصدِرون الفتاوى إذا ما اضطروا لنهي الناس عن الانغماس فيه والسعي إليه.

فكيف لو يروا الذي حل بالناس في هذه الأيام؟

صبية وصبيات يحملون الموبايلات، هاتف خاص لكل فتى وفتاة، موصول على الانترنت يتصل عبره بمن يشاء من الصين إلى الولايات. يسامرونه ثم يغازلونه ثم يتحرشون به ثم يستغلونه.
صبية موصولون بشياطين الأرض يشرِكونهم في ألعاب بريئة الظاهر خطيرة لدرجة تدفع الصبي إلى الانتحار.
أطفال أعمارهم بين السنتين والثلاث سنوات، يتلقون لوحة ذكية، كهدية، تسمى الآي باد، تدمر شخصية الطفل وتتلف بصره وسمعه، تعزله عن أهله وأقرانه، وتفتح له أبواب الشيطان وأعوانه، إلى أن يصبح مدمناً، وتقتصر اهتماماته على الألعاب والأغاني، ثم تراه بعد بضع سنوات، يتآلف مع ألعاب الحروب والقتل وسفك الدماء، وعندما يصل إلى سن المراهقة يصبح بحاجة للمعالجة النفسية من شدة التوتر والعصبية.

أين الآباء وأين الأمهات؟
هم أيضاً في مأزق لا بل في غيبوبة، يحملون هواتفهم الذكية من غرفة إلى غرفة لا يتخلون عنها لا عند الطعام ولا عند المنام وحتى في الحمام. فرحين انهم انفتحوا على العالم ونسوا انهم صاروا هم أيضاً ضحية، إعلام يغزوهم في عقر دارهم، يغسل ادمغتهم ببطء، يغير عاداتهم ويتلاعب بمعتقداتهم، يعرّفهم على الحياة المترفة، فيروا حياتهم مقرفة، لم تعد تعجبه زوجته، ولا ترضيه ابنته، يريدهم ان يتصرفوا كالمشاهير مشيةّ ولباساً وحديثاً ولغةً ولكنةً.
صار يصوّر للناس ويكتب: أين سهرنا وأين تعشينا وماذا أكلنا وكيف لبسنا ورقصنا وغنينا. ذاك صار مقياس الحضارة والسعادة.
أما الزوجة والأم فقد ألهاها ما يجري في العالم عما يجري في بيتها ومع أولادها ومع خادمتها فصارت الخادمة سيدة البيت والسائق هو الخافق الرافق. ولم يعد تعليم الأولاد همها الأول ولا الطعام الصحي مشكلة، فالوجبات السريعة جاهزة، وتصل إلى البيت قبل ان يسخن الطعام، وعلى صحة العائلة السلام.
قال تعالى في سورة الكهف: {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا (104)}.
من ظن أن في الأمر مبالغة فليقم بزيارة المحاكم الشرعية والعيادات الطبية النفسية فيعجب لنسبة الطلاق المرتفعة وحالات اليأس والبؤس والانتحار، من مختلف الأعمار.
قد أدخلنا الشياطين إلى بيوتنا بأيدينا، ونحن نفاخر بأننا متمدنين ولتقنيات العصر متابعين.

نعم المعرفة ضرورية لكن أية معرفة فالذي يريد أن يعرف كل شيء لن ينفع في شيء، أصبح كجريدة الأخبار عنده من كل شيء، ليقال عنه انه فهيم، لكنه في حق نفسه وأهله عديم.
التواصل الاجتماعي كذلك ضروري لكن مع من وإلى أي حد؟ نتواصل مع غرباء في بلاد العالم وقد قطعنا الأرحام، وأهملنا الجد والأخوال والأعمام.
نسينا الخروج إلى الهواء الطلق وزيارة الأهل وعيادة المرضى وقضاء حوائج الناس وسجنّا أنفسنا بين الجدران ونحن نظن أننا نحسن صنعا، حتى وصل الأمر بنا إلى أن نؤخر الصلاة بانتظار مكالمة، وننام إلى ما بعد الشروق بسبب الصداع من أثر السهر مع الشاشة الزرقاء. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مثل هؤلاء: “ذاك رجلٌ بال الشيطان في أذنه”.
تكلم صديقتها وقد حسرت عن رأسها، يتبادلون المحادثات وهم بالثياب الداخلية، من داخل غرف النوم ونسوا أنهم يحملون بأيديهم أسلحة العدو المدمرة، صارت صورهم محفوظة وتستعمل عند اللزوم، وأخبارهم معروفة ومشاكلهم مفضوحة إذ ثمة من يسمع ويرى ويسجل.لا ينبغي التعامل مع هذه الوسائل ببراءة أقرب منها إلى الغباء. تغطي رأسها عندما يطرق الباب رجل غريب، وقد كشفتِ المستور للعالم كله.

أدخلوا الجوال إلى غرف النوم، ونسوا انه ينقل الصوت وهو مقفل، فأسمعوا المتنصتين ما لا ينبغي أن تسمعه الشياطين.
نعم لاستعمال وسائل التواصل لكن لقضاء الحاجات والاطمئنان وترتيب المواعيد. نعم لكن خلال وقت قصير لا يلهي عن واجبات العائلة والتربية والسلامة والأخلاق. نعم لكن ليس للأطفال لأنه سيتسبب لهم بأمراض صحية ونفسية. نعم لمراقبة ما يشاهده المراهقون والمراهقات من أولادنا، نعم لكن نقاطع المشاهد الخلاعية، نحن قبل بقية العائلة قال تعالى في سورة النور:{قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30) وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْآبَائِهِنَّأَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ…} إلى آخر الآية.
نعم لاستعمال وسائل الاتصال شرط أن نسيّرها لا أن تسيّرنا، وأن نسيطر عليها لا أن تعمي قلوبنا، وأن تخفف عنا متاعب الحياة لا أن تزيدها، وأن توفر علينا عناء الانتقال، لا أن تنقلنا لنعيش في الوهم، وتنقل أخبارنا وأسرارنا إلى آخر المعمورة، صوتاً وصورة.

ختم الحكيم بالدعاء: “اللهم استرنا ولا تفضحنا، عافنا واعف عنا، نوّر قلوبنا وعقولنا ووسع مداركنا، حتى نميز الخبيث من الطيب، فلا نتورط ولا نتضرر ولا نزِلّ ولا نُذَلّ. اللهم ألهمنا ما تحب واصرفنا عما لا تحب، ألهمنا دوام ذكرك ووفقنا لكمال طاعتك”. وانتهت الجلسة.

تقنيات النوم: عادات ووساوس من التعلّق بالوسادة إلى الأحذية المقلوبة

جنى جبّور*

العدد الثالث والخمسون ربيع وصيف 2020 – المجلة الإلكترونية


“ما فيني اغفى إذا الخزانة مفتوحة”، “ما فيني اغفى إلّا وقنينة المي حدّي”، “ما بحب أوعا ع صوت المنبه لأنو بيقلقني طول النهار”… قد تكون هذه العبارات مألوفة عند كثيرين منّا، فهذه العادات وغيرها يتمسك بها الانسان ويعتبرها مريحة لنفسيته. ولكن هل فكرتكم لو مرّة واحدة أنها تخبئ وراءها مشكلات نفسية تستدعي العلاج الدوائي؟ وهل تعلمون سبب ميل “جيل الحرب” إلى تناول الأدوية المساعِدة على النوم؟
على الرغم من تأكيد المؤسسة الطبية الأميركية للنوم “National Sleep Foundation” ضرورة حصول الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و64 سنة على قسط كاف من النوم يومياً، يتراوح ما بين 7 إلى 9 ساعات، إلّا أنّ ذلك لا ينطبق على معظم الشخصيات الأكثر نجاحاً وشهرة في العالم. وتظهر عدد ساعات نوم هؤلاء أنها أقل من المستويات الموصى بها من قبل المؤسسة. ففنان عصر النهضة ليوناردو دافينشي تبع في حياته نظام نوم يعتمد على النوم 20 دقيقة كل 4 ساعات. أمّا المخترع توماس إديسون فلم يعطِ أي أهمية للنوم ولطالما اعتقد أنه مجرد مضيعة للوقت، حيث كان ينام لمدة 3 ساعات يومياً، مقسمة على 6 فترات. رئيس الحكومة البريطانية وأحد أبرز القادة في القرن العشرين وينستون تشرشل، كان نومه قليلاً، ويكتفي بساعات رقاد معدودة كل 36 ساعة، وكان يؤمن بأن “القيلولة” تساعده في النجاح على البقاء مستيقظاً. أمّا المرأة الحديدية رئيسة وزراء بريطانية مارغريت تاتشر، فلم تكن تنام لأكثر من 4 ساعات في اليوم الواحد مثلها مثل الرئيس الفرنسي الراحل جاك شيراك. (…).

يشير رئيس قسم الطب الداخلي وأمراض النوم في مستشفى القديس جاورجيوس الجامعي الدكتور جورج جوفيليكيان لـ “نداء الوطن” إلى أنّ “ساعات النوم تختلف من شخص إلى آخر، فالبعض تكفيه 6 ساعات والبعض الآخر يحتاج الى 8 ساعات نوم أقله. أمّا الذين ينامون 4 ساعات،(…) فلا بدّ أن يحرصوا على أخذ قيلولة يومية نهاراً (Powernap) تتراوح مدتها بين 5 و 10 دقائق، وهذه الدقائق القليلة كافية لتزويدهم بالنشاط المطلوب. هذا النمط نلاحظه أيضاً عند تلامذة الطب جرّاء ضعط الدرس الذي يجبرهم على السهر ليلاً لنيل العلى”.
ويضيف جوفيليكيان “لا تحمل القيلولة قيمة أو نوعية نوم جيدّة، وتدل على حاجة الجسم إلى النوم، فالشخص الذي حصل على الكمية الكافية، بالطبع لن يحتاجها. ومن المفيد معرفة أنّ جسم الانسان لا يتحمل أكثر التفريط بـ 20 ساعة نوم وتبقى كدَين وجب تسديده لاحقاً، ما يفسر نوم تلامذة الطب مثلاً 16 الى 18 ساعة في أيام نهاية الأسبوع لتعويض النقص”.
قبل النوم؟
تختلف ساعات النوم بحسب عمر الأشخاص؛ فحديثو الولادة بحاجة إلى ما بين 16 و 19 ساعة نوم يومياً، بينما الصغار 12 ساعة تكفيهم، والمراهقون 9 ساعات، أمّا البالغون فبحاجة إلى 7 ساعات، والأشخاص فوق سن الـ 65، فينامون 6 الى 8 ساعات على فترات متقطعة (4 الى 5 ساعات في الليل وباقي الوقت في النهار). أمّا في لبنان، فيعاني المواطنون من قلة النوم أو الأرق لأسباب نفسية أو بسبب صدمة ما أو لما يعرف بالـ” post somatic stress disorder “، المصاب بها عدد كبير من الذين واكبوا الحرب اللبنانية. وقد تفسر هذه النقطة سبب تناول جيل الحرب أدوية تساعدهم على النوم كالـ”Lexotanil ” و “Valium” وغيرهما، من دون أن يعلموا إصابتهم بمشاكل مرضية مختلفة تستدعي حاجتهم إلى هذا النوع من الأدوية.
لكل “خَصلة”… تفسير نفسي!
لكل فرد فينا عادة يحرص على القيام بها قبل خلوده إلى النوم، وتؤمن له نوعاً من الراحة النفسية. وبحسب الاختصاصيّة في علم النفس العيادي الأستاذة الجامعيّة الدكتورة كارول سعادة “تعتبر العادات التي يتمسك بها الانسان طبيعية جدّاً، إلّا في حال شكل غيابها عائقاً ومعاناة للشخص المعني. وبالتالي يمكن القول إنّ معاناة الشخص هي المعيار الأساسي لتحديد التصرفات والعادات الطبيعية وتفرقتها عن الأمور المرضية أو القلق أو الوسواس. وعندما يمر الفرد بمرحلة ضغط نفسي أو ما يعرف بالـ “Stress”، يزيد تعلقه بالعادات التي تريحه، ولا يعتبر ذلك خطوة سلبية إلا في حال سببت له تداعيات جدّية على حياته اليومية من ناحية مضيعة الوقت، أو إذا شكلت عائقاً أمام حياته الاجتماعية والعائلية”.
لا تقتصر العادات على فترة محددة، بل هي مستمرة في كل مكان وزمان، وتتحول إلى روتين قد يكون الإقلاع عنه مكلفاً ويهدد استقرارنا النفسي. (…) يمكن أن تكون كل هذه الامور طبيعية ومرتكزة على عادات عائلية معينة يقوم بها الفرد في حياته اليومية، بهدف راحته. ومن الطبيعي أن تختلف بين الشخص والآخر فلكلٍ شخصيته وطريقته في العيش. ولكن عندما تصبح هذه العادات إلزامية ويتحول الشخص إلى أسيرٍ لها، عندها نتكلم عن اضطرابات في النوم وعن حالات مرضية وعن الإصابة بالوسواس القهري وحالات قلق عام، لا سيما اذا استمرت لنحو 6 أشهر، وإذا كانت تؤثر بشكل واضح على حياته الاجتماعية والعملية. وبحسب د. سعادة “يرتكز العلاج على حالة الشخص ويمكن أن يكون معرفياً سلوكياً أو حتّى دوائياً. في المقابل، يؤثر الضغط النفسي على النوم بشكل مباشر، كذلك يزيد من وتيرة العادات، ويحفز الشخصيات التي لديها استعداد للقلق والوسواس. كذلك، يسبب القلق وكثرة التفكير بأمور معينة، بالاكتئاب”.
نقاط مهمة:
– يمتد الوقت المثالي للنوم من 10 ليلاً حتّى 6 صباحاً.
– لا يجب تجاهل انخفاض حرارة جسمكم، بل عند حصول ذلك من المهم لجوءكم للنوم وإلّا “طارت النعوسة”.
– من الضروري والصحي الاستيقاظ يومياً في الوقت نفسه والا عانى الشخص من خلل في ساعته اليبولوجية.
– تؤثر قلة النوم على مستوى التركيز والذاكرة، والقدرة الجنسية والمزاج بالإضافة إلى تسببها بالضغط النفسي.
– الابتعاد عن الأكل والشرب قبل 3 ساعات من موعد النوم.
– من الأفضل النوم على الجانب.
– من المهم النوم في غرفة مظلمة وبعيداً عن الاصوات.
– يجب أن يكون الرأس أعلى من الجسم.
– يحتاج الجسم إلى نوعية نوم جيدة. (…)
___________________________________
* من بريد القراء نقلاً عن www.nidaalwatan.com بعنوان: يالله ينام يالله ينام