[1]الحد من الإصابة بمرض السرطان

ترجمة أ. عمر الترك*

العدد السابع والأربعون خريف 2018 – 47

كشفت دراسة جديدة عن مخطط وقائي لخفض خطر الإصابة بمرض السرطان عبر تجنب الكحول ولحم الخنزير. وفي الوقت ذاته، قال الباحثون إنه يجب تجنب جميع المشروبات السكرية، مشددين على “التمسك بالماء” كجزء من الجهود المبذولة لخفض مخاطر الإصابة بمرض السرطان بنسبة تصل إلى 40 في المائة.

وتأتي خطة النقاط العشر الصادرة عن صندوق أبحاث السرطان العالمي بعد دراسة أجريت على 51 مليون شخص – وهي الدراسة والتحليل الأكثر شمولاً حتى الآن لأسباب مرض السرطان. وتربط هذه الدراسة الوزن الزائد بما لا يقل عن 12 نوعًا من أنواع السرطان – أكثر من ضعف العدد في التحليل الذي أجري قبل عقد من الزمن، ويحدد نصائح محددة حول كيفية تقليل مخاطر الإصابة بمرض السرطان.قال الباحثون إن “أدلة قوية جدا” قد ازدادت منذ عام 2007 تربط بين نمط الحياة غير صحي والسرطان، مما دفعهم إلى إصدار هذه التوصيات الجدية.

وقالوا أنه على النمط السائد في المملكة المتحدة حالياً، من الممكن للسمنة تجاوز التدخين باعتباره السبب الرئيسي للسرطان خلال عقدين من الزمن.

وفي السنوات الأخيرة، ربطت العديد من الدراسات تناول الكحول واللحوم المصنعة مع زيادة خطر الإصابة بمرض السرطان وتبين أن تناول الكحول خصوصا هو الأكثر ارتباطًا بسرطان الثدي، بيد أن اللحوم المصنعة مثل لحم الخنزير تزيد من فرصة الإصابة بأمراض الأمعاء.
وتقول التوجيهات الجديدة: “من أجل الوقاية من السرطان، الأفضل عدم شرب الكحول نهائياً”. وتحذر من أن “الكحول مرتبط بشكل ملحوظ بزيادة خطر الإصابة بستة أنواع من السرطان”، بما في ذلك سرطان الثدي والأمعاء والكبد. وأضافوا أنه لا يوجد “مستوى محدد مقبول من تناول” اللحوم المصنعة التي لا تزيد من مخاطر الإصابة بالسرطان.

التوصيات الجديدة ، التي أطلقت في المؤتمر الأوروبي للسمنة في فيينا ، تسلط الضوء على المخاطر الناجمة عن الوزن الزائد. وتحدد الخطة المكونة من 10 نقاط “مجموعة” من التغييرات في نمط الحياة لتقليل خطر الإصابة بالسرطان ؛ مثل المحافظة على وزن صحي ، ممارسة الرياضة يومياً ، وتناول نظام غذائي متنوع يحتوي على الكثير من الفواكه والخضروات.

وقالت الدكتورة جيوتا ميتو ، مديرة التمويل لصندوق أبحاث السرطان العالمي أن المشروبات الوحيدة غير المسرطنة هي تلك التي لا تحتوي على سكر أو كحول. وقالت: “أفضل ما أوصي به هو ملازمة شرب الماء فقط”. ويحذر البحث أن أنماط الحياة غير الصحية تؤدي إلى ارتفاع أعداد حالات السرطان في جميع أنحاء العالم ، والتي من المتوقع أن ترتفع بنحو 60 في المائة بحلول عام 2035. وفي مراجعة هذه الدراسة بدقة ، تحت قيادة كلية إمبريال كوليدج في لندن، والتي قامت بتتبع جميع المنشورات المنشورة عن الروابط بين النظام الغذائي والنشاط البدني والسرطان ، في دراسات شملت 51 مليون شخص، 3.5 مليون شخص قد أصيب بالسرطان. وقالت الدكتور ميتو: “هذا دليل قوي على ما يؤثر ولا يؤثر على خطر الإصابة بالسرطان”. وقالت أن من المتوقع أن تزداد حالات السرطان الجديدة إلى 24 مليون سنويًا بحلول عام 2035 في جميع أنحاء العالم مع ازدياد تبني المزيد والمزيد من البلدان لأسلوب الحياة الغربي.

وأضافت “لدينا أدلة قوية جدا تربط زيادة الوزن والسمنة بالسرطان الذي نما خلال العقد الماضي”. وقالت: “لدينا الآن 12 موقع للسرطان مرتبطان بزيادة الوزن والسمنة، بعدما كانت 7 منذ أكثر من 10 سنوات مضت”.

وتوجه هذه الدراسة بالحفاظ على وزن صحي طوال الحياة، وتجنب أي زيادة في الوزن عند البلوغ. وقالت الدكتورة مترو: “إن توصيات الوقاية من السرطان موثوقة وتعمل معاً كمخطط للتغلب على السرطان لأنها تستند إلى أدلة أثبتت قطعيتها على مدى عقود”. وتقول الدراسة أن أولئك الذين يعملون في وظائف لا تتطلب مجهود بدني كبير يجب أن يأخذوا “عناية خاصة” وممارسة التمارين الرياضية في حياتهم اليومية – مما لا يقل عن 45 دقيقة من النشاط المعتدل الكثافة.

النقاط العشر للوقاية من السرطان[2]:
1. الحفاظ على وزن صحي سليم وتجنب زيادة الوزن.
2. المثابرة على التمارين الرياضية كجزء من الحياة اليومية – المشي أكثر من الجلوس
3. تناول نظام غذائي غني في الحبوب الكاملة والخضراوات والفواكه والحبوب. في حين أثبتت الدراسات أن أفضل نظام غذائي هو للبلدان المجاورة للبحر الأبيض المتوسط.
4. الحد من استهلاك “الأطعمة السريعة” والأطعمة المصنعة الأخرى عالية الدهون والنشويات والسكريات مما يساعد على التحكم في السعرات الحرارية والحفاظ على وزن صحي.
5. الحد من استهلاك اللحوم الحمراء والمصنعة.
6. الحد من استهلاك المشروبات السكرية وزيادة شرب الماء والمشروبات غير المحلاة.
7. للوقاية من السرطان، من الأفضل عدم شرب الكحول نهائياً.
8. لا تستخدم المكملات الغذائية للوقاية من السرطان. احرص على تلبية احتياجاتك الغذائية من خلال النظام الغذائي وحده.
9. للأمهات: أرضعن أطفالكم، إذا أمكن. الرضاعة الطبيعية جيدة لكل من الأم والطفل (أي الحد من السرطان).
10. بعد تشخيص السرطان: اتبع توصياتنا ، إذا استطعت. تحقق مع أخصائي الصحة لما هو مناسب لك.


*عضو منتدى الإعجاز العلمي في القرآن والسنة -لبنان

[1] https://www.telegraph.co.uk/news/2018/05/23/cut-alcohol-bacon-slash-cancer-risk-say-researchers/

[2] صندوق أبحاث السرطان العالمي

حِكم من سورة المائدة – لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر

أ.باسم وحيد الدين علي

العدد السابع والأربعون خريف 2018 – 47

{يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ، لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (41) } [المائدة].
قال تعالى: يسارعون في الكفر ولم يقل يسارعون إلى الكفر، والمعنى أنهم مصرون عليه مستغرقون فيه، يتوغلون في الكفر بمرور الأيام والأحداث، ولذلك بقي الإيمان ادعاءً ولم يخترق إلى القلب.
هم المنافقون، سمّاعون لما يقوله اليهود، سمّاعون أي أدمنوا الإصغاء لليهود الذين يديرون المعركة مع الداعي دون أن يظهروا إلى العلن أو أن يواجهوه.
وفي معنى: {يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا} قال أحبار اليهود: إذا أفتى لكم النبي بما يناسبكم فاقبلوه وإلا فاحذروا فإنه نبيّ. قال الطبري: كان رجل من اليهود قتله رجل من أهل دينه، فقال القاتل لحلفائهم من المسلمين: سلوا ليِ محمدًا صلى الله عليه وسلم، فإن بُعِثَ بالدية اختصمنا إليه، وإن كان يأمرنا بالقتل لم نأته.
{يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ}، والمقصود أنهم حرفوا حكم الرجم للزاني فجعلوه جلدا. وَكَانَ ذلك مكتوباً فِي التَّوْرَاةِ، فَكَانَ إِذَا زَنَى مِنْهُمْ حَقِيرٌ رَجَمُوهُ، وَإِذَا زَنَى مِنْهُمْ شَرِيفٌ حَمَّمُوهُ أي سوّدوا وجهه بالفحم، وَطَافُوا بِهِ على حمار ووجهه إلى الخلف، ليفدوه من الرجم بالتشهير، فَاسْتَفْتَوُا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَفْتَاهُمْ بِالرَّجْمِ، وَسَأَلَهُمْ عَمَّا يَجِدُونَهُ فِي كِتَابِهِمْ فَكَتَمُوهُ، إِلَّا رَجُلًا مِنْهُمْ أَعْوَرَ فَإِنَّهُ، قَالَ: كَذَّبُوكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهُ فِي التَّوْرَاةِ الرَّجْمُ “.
الحكمة الأولى: من علامات الكافرين والمنافقين، تطبيقهم ما يناسبهم من أحكام الشرع والكتاب دون أحكامٍ أخرى لا تناسبهم. قال الله تعالى في سورة الحجر:{الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ (91) فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (93) }.
الحكمة الثانية: لا يحزنك. وهو حزن الرسول والداعي ولحزنهما ثلاثة أوجه:
أ- الحزن الأول: حزنه أسفاً على من لا يصغي، من المنافقين والكافرين، لأن إصرار البعض على الكفر أو الغفلة سيودي بهم إلى العذاب، عذابي الدنيا والآخرة. قال تعالى: {مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ (99)} [المائدة]. وقال لنبيه صلى الله عليه وسلم: {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا} [الكهف: 6]، وقال له: {فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} [فاطر: 8].
ب-الحزن الثاني: حزنه خوفاً من بطش المنافقين والكافرين وحتى الحاسدين من أهل ملّته ويا للأسف. والحسد يضع الحاسد في خانة المنافقين والعياذ بالله إذا أراد بالداعي سوءا. والله تعالى يؤيد رسله فيقول: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (67)} [المائدة].
ج-الحزن الثالث: حزن الداعي لشعوره بالفشل والعجز والخيبة والتقصير لأنه عجز عن إقناع البعض وهدايتهم، فنسب العلة إلى نفسه. وجواب الله تعالى له في هذه الحالة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (105)} [المائدة].
الحكمة الثالثة: لوشاء الله تعالى أن يجعلهم مؤمنين لما جعل لديهم القدرة على الكفر. {تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (3) إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ (4) وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنَ الرَّحْمَنِ مُحْدَثٍ إِلَّا كَانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ (5) فَقَدْ كَذَّبُوا فَسَيَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (6)} [الشعراء].
ولو شاء ربنا لهدى الناس جميعاً، لكنه يريد من الانسان العاقل المخيّر أن يؤمن بقرار ذاتي منه، قال تعالى: {قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ} [الأنعام: 149].
الحكمة الرابعة: تخيير الناس هو الذي يحسم مصائرهم.
أينما تنزه بصرك في القرآن الكريم تجد الله تعالى قد قسم الناس إلى فئات:
أ‌- مسلمين على درجات مسلم باللسان ومؤمن بالقلب واللسان ومحسن يعيش مع الله تعالى بعنايته وتحت مراقبته.
ب‌- منافقين، عليمون باللسان مراؤون أمام الناس، وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزئون.قال تعالى:{إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا } [النساء: 145].
ت‌- كافرين، معادين محاربين وجاهرين بالعداء وبالمعصية. قال تعالى:{إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا } [النساء: 140].
الخلاصة: كيف نتوقى الفتنة إذن؟
أولاً- في الاعتقاد: عَنِ ابْنِ الدَّيْلَمِيِّ قَالَ أَتَيْتُ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ فَقُلْتُ لَهُ وَقَعَ فِي نَفْسِي شَيْءٌ مِنَ الْقَدَرِ فَحَدِّثْنِي بِشَيْءٍ لَعَلَّهُ أَن يذهبه عني من قلبِي قَالَ إِنَّ اللَّهَ لَوْعَذَّبَ أَهْلَ سَمَاوَاتِهِ وَأَهْلَ أرضه عذبهم وَهُوَ غَيْرَ ظَالِمٍ لَهُمْ وَلَوْ رَحِمَهُمْ كَانَتْ رَحْمَتُهُ خَيْرًا لَهُمْ مِنْ أَعْمَالِهِمْ وَلَوْ أَنْفَقْتَ مِثْلَ أُحُدٍ فِي سَبِيل ِاللَّهِ مَا قَبِلَهُ اللَّهُ مِنْكَ حَتَّى تُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ وَتَعْلَمَ أَنَّمَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ وَأَنَّمَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ وَلَوْ مُتَّ عَلَى غَيْرِ هَذَا لَدَخَلْتَ النَّارَ قَالَ ثُمَّ أَتَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ فقَالَ مِثْلَ قَوْلِهِ ثُمَّ أَتَيْتُ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ فقَالَ مِثْل َقَوْلِهِ ثُمَّ أَتَيْتُ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ فَحَدَّثَنِي عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْل َذَلِكَ.
ثانياً- في العمل: جواب الآية السابقة في هذه الآية: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (54) إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (55) وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ (56) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (57)} [المائدة].
وصلى الله على سيدنا محمد والحمد لله رب العالمين.

كيف يحفظ الشرع حق المرأة في الميراث!

ش.أ. محمد أسد صفصوف*

العدد السابع والأربعون خريف 2018 – 47

خلال العصور الوسطى وبينما كان الإسلام يشهد تألّق الحضارة وانوار العلم، كانت أوروبا تتخبط بالظلم والظلام، وكانت المرأة موضع بحث ودراسة وجدل عقيم ما إذا كانت مخلوقاً بشرياً أم لا! وكان المجتمع الأوروبي يمارس فيه ازدراءه وتحقيره للمرأة، وذلك بطبيعة الحال بما ورثه من الفلسفة اليونانية وما حفظه من العادات والتقاليد والقيّم السائدة آنذاك والتي أكدّت دونيّة المرأة عندهم.
عيّنة صغيرة عن أكبر فلاسفة اليونان اللذين رسخّا في الفكر الغربي عموماً بأن المرأة كائن دونيّ… أحدهما أفلاطون (427-347 ق.م) النبراس والمثال الأعلى الذي يحتذى به في علم الفلسفة وعالم مدارك الفكر والمعرفة، وهو للأسف أحد ركائز ودعامات هذا الفكر الغربي حيث كان له اليد الطولى في الاعتقاد بأن المرأة كائن الدنس والهوان! فقد ذهب هذا الفيلسوف إلى القول “بأن جنس الأنثى خلق من أنفس الرجال الشريرة، من أنفس غير العقلاء”(1).
أما أقصى ما وصل إليه أرسطو بعده (384-322 ق.م) فهو اعترافه بأن المرأة “تعرف بوظيفتها الإنجابية وواجباتها داخل المنزل”(2).
ولن نسترسل في بحثنا هذا ونتطرق إلى النظريات الفلسفية المدهشة التي يتشرّبها أولادنا في مسار منهاجهم الأكاديمي، ففي أخر المطاف يبقى على عاتق الأهل تلقيح أولادهم بجرعات تحمي جهاز مناعتهم الفكرية وأن يعلّموا أولادهم أن يكونوا كالنحلة ليأخذوا الخير من كل وردة ولو كان البستان أجنبياً آخذين بعين الإعتبار أنه لولا هذا الدين الحنيف لبقيت المرأة في هذه الدونية كما سيتم بيانه.
وتمضي السنوات والقرون والعالم يظن بالمرأة ظن السوء، بينما كان قد مضى على ظهور النبي العربي، عشرة قرون، يحمل كلام الله تعالى: (وإذا الموؤودة سئلت بأي ذنب قتلت)(3) . ويقول عليه الصلاة والسلام للناس: “استوصوا بالنساء خيرا” (4)، ويوصي أبا البنات فيقول:” من كان له ثلاث بنات فصبر عليهن وأطعمهن وسقاهن وكساهن من جدته ، كن له حجاب من النار يوم القيامة” (5).
وفي الوقت التي كانت فيه الديانة اليهودية تحرّم الاختلاط بأي إمراة أثناء حيضها! قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه مسلم عن أنس، رضي الله عنهم، أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة فيهم لم يؤاكلوها ولم يجامعوهن في البيوت فسأل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :”إصنعوا كل شىء إلا النكاح”. فبلغ ذلك اليهود فقالوا : ما يريد هذا الرجل أن يدع من أمرنا شيئاً إلا خالفنا فيه!!!
في هذا الوقت التي أظلمت فيه العصور وظلمت المرأة مظلومية عامة شملت الأم والشقيقة والزوجة والإبنة…، جاء هذا الدين الحنيف ليكرّمها.
فقد رحم الإسلام المرأة أيما رحمة، أسقط عنها النفقة فلا تُنفق على ولدها ولا والديها ولا زوجها بل لا تنفق على نفسها هي، ويلزم زوجها بالنفقة عليها، كما أوجب لها مهراً كاملاً يدفعه الزوج لمجرد الخلوة بها، أو نصفه بمجرد العقد عليها ورأف بها فورّثها من زوجها حتى لو مات بمجرد عقده عليها.
رحمها الإسلام فأسقط عنها فريضة الجهاد، وأسقط عنها فريضة الحج إذا لم يكن معها محرم يحرسها ويخدمها حتى ترجع، وما تقدّم إلا غيض من فيض لجهة تكريم المرأة في الإسلام.
جاء الإسلام وكرّم المرأة وأخرجها من الدونيّة والمظلومية، ومع أن المرأة لا تزال تستغل في الغرب والشرق وتعامل كالرقيق، وتلفظ كالسلعة ما أن يقضوا منها وطرهم وما أن يذبل جمالها، وبالرغم من ذلك ويا للأسف لا نزال نسمع أبواقاً من كل ناحية وصوّب، زوراً وبهتاناً، أن المرأة مهضومة الحقوق في الإسلام ولا يزالون يرددون آية واحدة بصوت واحد وبهدف واحد وبنيّة واحدة { يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ } (6)وهو كلام حق من عند الله الحق إنما اجتزاء هذة الآية ووضعها في غير سياقها وموضعها الطبيعي لتوجيه السهام إلى هذا الدين الحنيف إنما هو باطل ومردود وسنستعرض بالنسب المئوية عدالة المرأة في الشريعة اﻹسلامية.

لو تفحصنا المواضع التي ترث فيها المرأة لوجدنا ما يلي:
وفقاً لعلم الفرائض (المواريث)، نجد أن المرأة ترث في ثلاث وأربعين حالة، فتعالوا لنرى كيف ترث المرأة في تلك الحالات، وهل لو ساوينا بين الرجل والمرأة في الميراث في كل الحالات نكون بذلك قد أنصفنا المرأة أم بخسناها حقها!
المتعمق فعلاً، بعلم المواريث يدرك تماماً بأن قاعدة أن (للذكر مثل حظ الأنثيين)، ليست قاعدة مطلقة في الميراث، بل هي محصورة في أربع حالات فقط من ضمن ثلاث وأربعين حالة ترث فيها المرأة، والحالات الأربع هي:
1 – وجود البنت مع الإبن وإن تعددوا.
2- وجود الأخ والأخت الشقيقة وإن تعددوا.
3- وجود الأخت للأب مع الأخ للأب،
4- وجود بنت الأبن مع ابن الإبن وإن تعددوا.
أما في بقية الحالات الثلاثين الأخرى نجد أن المرأة مميزة عن الرجل بشكل واضح وبفارق كبير. ففي عشر حالات ترث المرأة مثل الرّجل، وفي عشر حالات أخرى ترث المرأة فيها أكثر من الرجل، وعشر حالات تحجب المرأة فيها الرّجل وتأخذ الإرث كاملاً ولا ينال الرجل من الإرث شيئًا.
بعملية حسابية بسيطة نجد أن المرأة قد تفوقت على الرجل في حقها في المواريث، فإذا قسمنا (30) وهي عدد الحالات التي ترث فيها المرأة أكثر من الرجل أو مثله أو بمفردها، على عدد (34) حالة ترث فيها المرأة نحصل على النسبة المئوية 88.23% تتفوق فيها المرأة على الرجل في الميراث . ويبقى أن نقول لمن يدعي تحرير المرأة المسلمة أرونا كيف تعاملون المرأة عندكم كسلعة ثم تهملوها بعد أن تقضوا منها إربكم، وها هي الحقائق الدامغة القطعية وبالأرقام تثبت كيف يحفظ الإسلام المرأة وحقوقها مهما طال بها العمر وجارت عليها الأيام.


*الشيخ المحامي محمد أسد صفصوف، عضو في منتدى الإعجاز العلمي في القرأن والسنة – لبنان
(1)سوزان موللر أوكين، النساء في الفكر السياسي الغربي ، ترجمة إمام عبد الفتاح إمام، دار التنوير، الطبعة الأولى 2009 ص 27.
(2) المرجع السابق، ص 115.
(3) سورة التكوير : الآيتان8،9 .
(4) أخرجه البخاري ومسلم والترمذي عن أبي هريرة.
(5) أخرجه إبن ماجه في سننه.
(6) سورة النساء، الآية 11.

كتابة السنة النبوية في زمن الوحي ورد شبهات المرجفين

الشيخ الدكتور وفيق حجازي*

49 – العدد التاسع والأربعون ربيع 2019

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين علم الإنسان ما لم يعلم، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، من أوتي جوامع الكلم ومحاسن الحكم ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه من حفظوا الدين وسادوا الأمم، وبعد: فإن الله تعالى حفظ الدين وأكمله وأتمّه، فقال جل جلاله {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}[الحجر9] ومن حفظ الدين حفظ السنة النبوية كذلك؛ لأن الأمر بالأخذ بها جاء في القرآن الكريم بقوله تعالى :{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ۖ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ}[الأنفال24]. لكنه بين الفينة وأختها تتجه سهام البعض نحوها طعناً وتشكيكاً وافتراءً وافتئاتاً تحت مسميات كثيرة، والغريب أن من يوجه سهامه نحو السنة ليس من ذوي الاختصاص في التشريع الإسلامي، وبالتالي فهو أحد اثنين إما جاهل بالإسلام وقواعده، وإما حاقد على الإسلام ومصادره وكلاهما شر.

تعريف بالسنة وبأهميتها:
فالسنة النبوية تطلق على كل ما أُثِر عن الرسول صلوات الله عليه من قول، أو فعل، أو تقرير، أو سيرة، أو خُلق، أو شمائل، أو أخبار، أو صفات خَلقية، دون نظر إلى ما قد يثبت به حكم شرعي، أو ما لا يثبت به حكم، وسواء في ذلك ما كان بعد البعثة، وما كان قبلها.
وإن أمر السنّة عظيم، لا يُتصور إسلام بلا سنّة، ولا يفهم بلا سنّة، ولا يقبل بلا سنّة، فالسنّة ميزان الأعمال والأقوال، العلم بها واجب لصحة العمل، والعمل بها واجب لصحة الإيمان، والطعن بها والزيغ عنها هلاك وخسران، بمتابعتها سعادة الدارين، وبمخالفتها شقاوة الثقلين، وبحسْب المتابعة للسنة تكون العزّة والكفاية والنصرة، والهداية والفلاح والنجاة.

علاقة السنة بالقرآن:
والسنّة مع القرآن تعتبر مبيِّنةً وشارحةً ومؤكدةً ومستقلة، وإنكارها بداية الطريق نحو عدة مزالق في هدر نصوص الوحي وهذا يميت في قلوب الناس الغيرة على الإسلام ويشكل لهم مناعة ضد أي سبيل للنصح أو بيان الحق، والسنّة هي البيان النبوي للبلاغ القرآني، والتطبيق العملي لآياته، من فرائض وعبادات وتكاليف وشعائر ومناسك ومعاملات، فكان تطَلَّبُ القرآن الكريم السنّةَ النبوية، باعتبارها أُسًّا لا يُستغنى بها عن القرآن ولا يغني عنها القرآن؛ لأنها أحد صنوي الوحي قال تعالى:{لَّا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُم بَعْضًا ۚ قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمْ لِوَاذًا ۚ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}[النور63] لذا تحوّل القرآن بالسنة إلى حياة ومعيشة، ودولة وأمة ومجتمع ونظام وحضارة، وكانت التطبيقات النبوية للقرآن عملاً وقولاً وشرحاً وتفصيلاً ضرورة قرآنية.
ولا يخفى أن السنة النبوية مع القرآن أشبه ما تكون بالعلاقة بين الدستور والقانون فالدستور مصدر ومرجع للقانون، والقانون تفصيل وتطبيق للدستور، ولا حُجة ولا دستورية لقانون يخالف أو يناقض الدستور، ولا غناء ولا اكتفاء بالدستور عن القانون، لذا قام رسول الله صلى الله عليه وسلم، بتبليغ وتطبيق وتنفيذ وإقامة دستور الدين، فتحول القرآن على يديه إلى حياةٍ عملية يحيياها المسلمون، فكان بيان القرآن وتفسيره وتفصيله فريضة إسلامية دائمة وقائمة على الأمة إلى يوم الدين، وأول من أقامها مُقيمُ الإسلام، نبينا صلى الله عليه وسلم.

إشكالية كتابة الحديث خلال حياة النبي صلى الله عليه وسلم:
اهتم الصحابة بالسنة ونقلها وكتابتها في زمن رسول الله على خلاف ما يدعيه المشككون بالسنة الذين يزعمون أن السنة لم تكتب إلا بعد مائة سنة ونيف من الهجرة، وأن التدوين الرسمي للسنة كان في زمن الأمير العادل عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى، وأيدوا تلك الدعوى ببيّنة ساقطة وهي أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن كتابة السنة من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه :”لا تكتبوا عني ومن كتب عني غير القرآن فليمحه”. وقد ذكر الإمام البخاري أن هذا الحديث ليس مرفوعا للنبي بل هو موقوف على أبي سعيد ومع هذا فالحديث في صحيح مسلم وهو صحيح لكن أبا سعيد نفسَه كتب أحاديثاً عن رسول الله، وهنا تعارض القول مع الفعل وعند التعارض يُقدَّم الفعل على القول.
ومع هذا فقد حاول بعض العلماء تعليل ذلك الحديث وأنه نهي خاص لمن خشي الاتكال على الكتابة دون الحفظ أو نهي عن كتابة الحديث مع القرآن في صحيفة واحدة وهذا ما رجحه العلماء كيف وقد كتب كثير من الصحابة أحاديث عن النبي عليه الصلاة والسلام كالصديق والفاروق حتى أن أبا هريرة يقول ما من الصحابة أحد أكثر حديثا مني إلا ما كان من عبد الله بن عمرو فإنه كان يكتب ولا أكتب ، فالصحيفة التي كان يكتب فيها عبد الله بن عمرو تسمى بالصحيفة الصادقة ، وهي من أشهر الصحف المكتوبة في العصر النبوي كتبها جامعها عبد الله بن عمرو بن العاص من فم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد اشتملت على ألف حديث، حتى لَيصحَّ أنْ توصف بأنها أصدق وثيقة تاريخية تثبت كتابة الحديث على عهده صلوات الله عليه، بل وكان له كُتَّاب وباللغات المختلفة.
والكتابة كانت متألقة في زمن النبي على خلاف ما يزعمه بعض المستشرقين لأن من طبيعة الرسالة أن يكون هنالك القراء والكتّاب والمتعلمون لأن الدولة تحتاج لمكاتبات ومراسلات وعهود ومواثيق فكان للنبي كتّاب وحي ينيفون على الأربعين كاتبا، ناهيك عن كتّاب الصدقات والرسائل والعهود.

من كتب الحديث في عصر النبوة؟
كانت مساجد المدينة محطّ أنظار المسلمين يتعلمون فيها القراءة والكتابة وكانت هنالك كتاتيب لتعليم الصبيان الكتابة والقراءة، وهذه الوثيقة -الصحيفة الصادقة- كانت نتيجة محتومة لفتوى النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمرو وإرشاده الحكيم له، يقول: كُنْتُ أَكْتُبُ كُلَّ شَيْءٍ أَسْمَعُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأُرِيدُ حِفْظَهُ، فَنَهَتْنِي قُرَيْشٌ عَنْ ذَلِكَ، قَالُوا: تَكْتُبُ كُلَّ شَيْءٍ تَسْمَعُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَكَلَّمُ فِي الرِّضَا وَالْغَضَبِ، قَالَ: فَأَمْسَكْتُ ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى فِيهِ، فَقَالَ: ” اكْتُبْ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ: مَا يَخْرُجُ مِنْهُ إِلَّا حَقٌّ “. وهنالك صحيفة سَمُرة بن جندب ، كان قد جمع أحاديث كثيرة في نسخة كبيرة ورثها ابنه سليمان ورواها عنه، وهي التي يقول فيها ابن سيرين: في رسالة سمرة إلى بنيه علم كثير، وسعد بن عبادة كان من كبار صحابة رسول الله كانت عنده صحيفة فيها أحاديث عن رسول الله وتوارثها أولاده واحفاده من بعده، ورافع بن خديج يقول للنبي صلى الله عليه وسلم إنا نسمع منك أشياء أفنكتبها قال اكتبوا ولا حرج، وفي فتح مكة قال النبي لرجل من أهل اليمن اكتبوا لأبي شاه، تقول السيدة عائشة جمع أبي الحديث عن رسول الله وكان خمسمائة حديث فبات ليلة يتقلب كثيرا فلما أصبح قال: أي بنيّة هلمي الأحاديث التي عندك فجئته بها فدعا بها فحرقها بالنار. والفاروق همّ بتدوين السنة كما جمع الصديق المصحف وبإشارة منه وإنما تريث في ذلك ولكن جاءته طعنة المجوسي أبي لؤلؤة عليه لعنات الله تعالى وهو القائل قيّدوا العلم بالكتابة، بل إن النبي صلى الله عليه وسلم نفسه أمر بكتابة صحيفة خطيرة الشأن في السنة الأولى للهجرة، فكانت أشبه (بدستور) للدولة الفتية الناشئة آنذاك في المدينة، وهي الصحيفة التي دون فيها كتابُ رسول الله صلى الله عليه وسلم حقوقَ المهاجرين والأنصار واليهود، ولفظ الكتابة صريح في مطلعها: “هذا كتاب محمد النبي رسول الله بين المؤمنين والمسلمين من قريش وأهل يثرب ومن تبعهم فلحق بهم وجاهد معهم أنهم أمة واحدة من دون الناس”. وكتاب الصدقات فصّل فيه رسول الله مقادير الزكاة الواجبة كتبه للصدّيق قبل وفاته، وكتبه الصديق لولاته في الأمصار. وكتاب عمور بن حزم لمّا بعثه النبي لليمن قاضيا فيه كثير من التشريعات الجنائية والاقتصادية والتعويضات المالية. وعلي بن أبي طالب كانت عنده صحيفة العاقلة.

بل كان النبي يكتب للملوك كتباً، وإلى عماله وقضاته كتباً كذلك، فالسنة حُفِظت وكُتِبت كلها في زمن رسول الله، صلى الله عليه وسلم. بل كان بعض الصحابة لَيؤكد حفظه للسنة يكتبها ثم حتى لا يتكل على الكتابة يمحوها. وكان كثير من الصحابة يكتب ما يحفظه من رسول الله ويرسله لصحابي آخر فكتب أسيد بن حضير الأنصاري لمروان بن الحكم، وجابر بن سمرة لعامر بن سعيد بن أبي وقاص، وزيد بن أرقم لأنس بن مالك، وزيد بن ثابت لعمر بن لخطاب، وعبد الله بن أبي أوفى لعمر بن عبيد الله، وغيرهم الكثير. بل إن أنس بن مالك كان يأمر بكتابة العلم ويقول كنا لا نعد علم من لم يكتب علمه علما، وعمر بن الخطاب وعبد الله بن عباس يقولان قيدوا العلم بالكتاب .

التدوينات الأولى كانت أساساً لعلم موثّق وراسخ:
صارت هذه الكتب والصحف والأوراق بمثابة نواة للمجامع والمسانيد والمدونات للسنة في عصر التابعين وتابعيهم مع نقد وصيرفة تلك الروايات سنداً ومتنا، باعتباره المسبار الذي يحاكم كل ما يقال، لأن الحديث الذي لا سند له كبيت لا سقف له أو لا أساس له، فهذا العلم دين كما قال ابن سيرين فانظروا عمن تأخذون دينكم”، ولأنه سلاح المؤمن كما قال سفيان الثوري ذلك أنه بعد فتنة مقتل عثمان رضي الله عنه، اتخذ المحدثون اجراءات وقائية لمنع الكذابين من ترويج كذبهم، من خلال سلاح الإسناد. ويقول عبد الله بن المبارك: الإسناد من الدين ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء حتى قال أحد المستشرقين “سبرنجر”:(إن المسلمين درسوا تراجم ما يقرب من نصف مليون راوٍ بل إن فضل هذا العلم على غيره من العلوم أن تعدى استخدامه لكل العلوم كعلم الأدب العربي، والتاريخ والطب وغيرها من علوم).
تقول باحثة بريطانية وهي”كارين أرمسترونج”: (تكوِّن الأحاديث النبوية مع القرآن أصول الشريعة الإسلامية، كما أصبحت أيضاً أساساً للحياة اليومية والروحية لكل مسلم. فقد علَّمت السنَّة المسلمين محاكاة أسلوب محمد في الكلام، والأكل، والحب، والاغتسال، والعبادة، لدرجة يعيدون معها إنتاج حياة النبي محمد على الأرض في أدق تفاصيل حياتهم اليومية بأسلوب واقعي).

ويقول أحد القساوسة الانجليز وهو “دافيد صموئيل مرجليوث”: (ليفتخر المسلمون ما شاؤوا بعلم حديثهم) ويفند دعاية المستشرقين في طعنهم بالسنة وتاريخ تدوينها رغم عدائه للإسلام، حتى وإن لم نصدق أن جلّ السنة التي يعتمد عليها (الفقهاء) في استدلالاتهم صحيحة، فإنه من الصعب أن نجعلها اختراعًا يعود إلى زمن لاحق للقرن الأول. ويقول عالم ألماني “أشبره نكر”: (إن الدنيا لم تر ولن ترى أمة ًمثل المسلمين، فقد دُرس بفضل علم الرجال الذى أوجدوه حياة نصف مليون رجل، والباحث النصراني “أسد رستم” عندما أراد أن يؤصل لعلم حفظ الأخبار التاريخية: لم يسعه إلا التأثر بقواعد علم مصطلح الحديث، واعترف بأنها: (طريقة علمية حديثة لتصحيح الأخبار والروايات)، وقال بعد أن ذكر وجوب التحقق من عدالة الراوي، والأمانة في خبره: (ومما يذكر مع فريد الإعجاب والتقدير ما توصل إليه علماء الحديث منذ مئات السنين في هذا الباب).
إن القول بأن السنة لم تكتب في عهد النبي وأنه نهى عن كتابتها كما يزعم بعض المستشرقين وأدعياء العلم هو طعن بالنبي واعتباره سبب هذه المشكلة و[أن هذا الأمر أَدَّى إلى وجود الخلاف بين فِرَقِ المُسْلِمِينَ، وللوضع والكذب في الحديث فكان له أكبر الضرر في ضياع السُنَّةِ الحقيقية]، كلام لا يمكن لمسلم أن يسلّم له؛ لأن فيه مخالفة صريحة لكتاب الله، وقضاء على التراث التشريعي الإسلامي كله، ودعوة إلى فوضى في العقيدة والتشريع وهذا لا يقول بها من يحترم نفسه، وشريعته، وكيان أُمَّتِهِ الاجتماعي .

لكن السؤال المطروح بعد كل ما سبق :
لماذا يُتَكَلَّم عن الطعن بالسنة وروايتها ودعاية الأخذ بالقرآن دونها ؟
الجواب إن الحقيقة الدامغة هي العداء للإسلام بالكلية وإن بتظاهرٍ بالإسلام جعلت مبدأ الطعن والتشكيك بالسنة باباً للطعن بالقرآن ومنه بالإسلام تحت دعاية أن القرآن وحده كاف وأنه لا حاجة للسنة وقد بيّن النبي صلى الله عليه وسلم أحوال هؤلاء فقال «لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ مُتَّكِئًا عَلَى أَرِيكَتِهِ يَأْتِيهِ الْأَمْرُ مِنْ أَمْرِي مِمَّا أَمَرْتُ بِهِ أَوْ نَهَيْتُ عَنْهُ فَيَقُولُ لَا نَدْرِي مَا وَجَدْنَا فِي كِتَابِ اللَّهِ اتَّبَعْنَاهُ» وفي لفظ آخر يقول :”يوشك أن يقعد الرجل منكم على أريكته، يحدث بحديثي فيقول: بيني وبينكم كتاب الله، فما وجدنا فيه حلالا استحللناه، وما وجدنا فيه حراما حرمناه، وإن ما حرم رسول الله كما حرم الله ولذلك قال الإمام الأوزاعي عن أيوب السختياني:(إذا حدثت الرجل بالسنة فقال دعنا من هذا وحدثنا من القرآن فاعلم أنه ضال مضل)، وهو القائل:(القرآن أحوج إلى السنة من السنة الى الكتاب، والسنة قاضية على الكتاب وليس الكتاب قاضيا على السنة) أي هي شارحة ومبينه ومفصلة له.
وعليه فإن الحرب على الإسلام قديمة ولم تنته ولها امتدادات يقول شيخ الازهر الشيخ عبد الحليم محمود «المُسْتَشْرِقُونَ لَهُمْ صِبْيَانٌ مَعْرُوفُونَ، إِنَّ لَهُمْ صِبْيَانًا تَابِعِينَ مُقَلِّدِينَ». وللأسف ما ذهب إليه البعض من المفتونين بالفكر الغربي فضلا عن أنهم قليلو البضاعة في الحديث قصَروا الدفاع عن الإسلام بالفكر الفلسفي العقلي المجرد، ووصل بهم الأمر لتبرير دعايتهم أن كذبوا على الرواة، وزعموا تبعا أن ألوف الأحاديث هي من صنع العلماء، حتى وصل الأمر ببعضهم في طعنه بالسنة للقول بتواتر صلب المسيح في رفض تام للقرآن الكريم فهو بين إنكار للسنة ومناقضة للقرآن.
فعجبا لمن استرقته الأهواء والنزوات، وباع دينه بدنيا غيره، واتخذ من أعداء الإسلام وسائل لتقويض دعائمه وإذهاب ريح الأُمَّة الإسلامية، لكن الله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون، وستستمر الأحاديث النبوية مصدر تشريع وهداية ومبعث إشعاع ونور وستبقى مَرْجِعًا مُهِمًّا لعلماء الفقه والتشريع والآداب والأخلاق وعلماء النحو واللغة والبلاغة.

خاتمة: ما هي أسباب الطعن بالسنة وادعاء الاكتفاء بالقرآن؟
أمام افتراءات مستشرقٍ ومحاكاة مفتونٍ، مستغرباً، أسأل نفسي سؤالا بديهيا: ما السبب في الطعن بالسنة والاكتفاء بالقرآن؟ هل هو الحرص على الدين؟ أم التحلل منه؟ ليتم الجواب سراعا بأن النية خبيئة وخبيثة كيلا تكشف السنة أغراضهم وتحول دون أهوائهم فباستبعاد السنة يستطيعون الوصول إلى حرية وضع الأحكام المتفقة مع أهوائهم ومن معهم دون أن يوصَفوا بأنهم يهدِمون الدين، ودون أن يشعر المسلمون بذلك، حتى قال أحدهم يوما إن الله قد حرم الخبيث الضار وأحل النافع المفيد، وإن إمعان النظر إلى العاريات على شواطئ البحار ليس من الخبيث وبالتالي فليس من المحرم وكذلك ارتداء الفتيات الملابس القصيرة جدًا تمشيًا مع شرف العصر ليس من الخبيث لأن العبرة بالقلوب فإمعان النظر للعاريات بالشواطئ هو تفكر في خلق الله أي من العبادة، والتفكر واجب وهو واجب، فواعجباً كيف زين الشيطان لهم أعمالهم واستدرجهم من حيث يعلمون وهم لا يعلمون، لغاية مؤداها التحرر من الإسلام وأحكامه، فإذا كان الإلحاد قد أفرغ كُلَّ ما في حوزته من طُعُون، وانتقل من طور الشُبُهَات، إلى طور الجهالات، إلى طور المُفْتريات، فتفرَّقت بهم السُبُل، مُغْمِضِينَ على ما في ذلك من مُحال وناب ونافر، في نسج لإثارة غُبار من الأوهام في عيون المُتَطَلِّعين إلى نور الوحي، فإن تجارته كاسدة وخاسرة لأن نور الله لا بد وأن يمحو كل جهالة وظلمة، قال تعالى:{يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ، هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} [الصف8-9].


*أستاذ جامعي ورئيس قسم الدراسات الإسلامية في جامعة AUL، وعضو في منتدى الإعجاز العلمي في القرآن والسنة في لبنان.

“استعمار” اللغة العربية للغة الفرنسية

49 – العدد التاسع والأربعون ربيع 2019

دار جدلٌ في الفترة الأخيرة في فرنسا حول تعليم اللغة العربية في المدارس الحكومية، وذلك عقب إعلان وزير التربية الفرنسي ميشال بلانكيه “Jean-Michel Blanquer” دعمه لاقتراح قدمه معهد “مونتاني” للدارسات والبحوث حول تعليم اللغة العربية في المدارس العمومية من أجل “محاربة التطرف الإسلامي” على حد قولهم.
أشار حكيم القروي مُعدّ التقرير في تصريح لصحيفة “لوباريزيان” أن “تعليم اللغة العربية في المدارس سيؤدي إلى تقليل عدد التلاميذ الذين يدرسون هذه اللغة في المساجد والأماكن الدينية الأخرى”.(1)
وقد ردّ الوزير بلانكيه في 11 أيلول 2018 على اقتراح قروي إيجاباً قائلاً: “العربية لغة أدبية عظيمة يجب تعلّمها ليس فقط من قِبل من هم من أصول مغربية أو من بلاد ناطقة بالعربية”.(2)

واختلفت ردود الفعل بين مؤيدين ومعارضين، إذ صرّح رئيس حزب “انهضي فرنسا” نيكولا دوبون إنيان “Nicolas Dupont-Aignan” أنه”هناك خطة لتعريب فرنسا باسم فكرة محاربة التطرف الديني” ووصف وزير التربية بـ “الديماغوجي”. في حين رأى الصحافي فريديريك بيغن “Frédéric Béguin” مؤلف كتاب “العلمانية في المدرسة” أن تطوير اللغة العربية في المدارس الفرنسية “خطوة “إيجابية”.(1)
وردّاً على الجدل القائم، قام الكوميدي لوران دوتش “Lorànt Deutsch” في برنامج “C à vous” على قناة France 5، خلال الترويج لكتابه “Romanesque: la folle aventure de la langue française” بالقول: “لا أرى هناك أية حاجة لتعليم اللغة العربية في المدارس مع الإشارة إلى أنه هناك أكثر من 600 إلى 700 كلمة عربية في اللغة الفرنسية، لذا أجدادنا من ناحية اللغة هم عرب أكثر منهم فرنسيين”.
وأكد اللغوي لويس جان كالفين “Louis-Jean Calvet”، في مقابلة له مع Check News، أنّه لا شك هناك بين 500 إلى 600 كلمة فرنسية ذات أصل عربي، وقد يكون العدد أكبر إذا ما أخذنا بعين الاعتبار المفردات العلمية المتخصصة.

وهو ما قاله أيضاً عالم الألفاظ جان بروفوست ” Jean Pruvost”، البروفيسور الفخري في جامعة “Cergy-Pontoise” في مقابلة له على “France Inter” في كانون الأول عام 2017، قال فيها: “إن اللغة العربية حاضرة بشدة في اللغة الفرنسية، العربية هي ثالث لغة غذّت اللغة الفرنسية بعد اللغة الأولى هي الانجليزية، يليها الايطالية. لم ينقطع إغنائها للغتنا منذ القرن التاسع عشر وحتى يومنا هذا”. وأعطى مثالاً حول الملابس، فقال: “إذا ذهبتم إلى المحال (كلمة عربية)، لشراء تنورة (كلمة عربية) من قطن (كلمة عربية)، وجيليه وكابان (كلمات عربية)، لاستعملتم الكلمات العربية”.(3)
وكان بروفوست قد نشر بحثاً تحت عنوان “أسلافنا العرب” أشار في مقدمّته أن عدد الكلمات الغاليّة في اللغة الفرنسية محدود جداً (200 تقريباً) مقارنةً بالكلمات العربية التي تتجاوز الـ500. وتضمّن البحث طرق انتقال الكلمات العربية إلى اللغة الفرنسية كـ: الفتوحات العربية، الحملات الصليبية، التبادل التجاري، الإشعاع الحضاري الذي شهدته دمشق وبغداد والأندلس، مرحلة الاستعمار الفرنسي، مرحلة ما بعد هذا الاستعمار، وفي النهاية الهجرة العربية الكثيفة إلى فرنسا في العقود الخمسة الأخيرة.(4)

وكان صلاح غريميش، وهو روائي وباحث جزائري مقيم في فرنسا قد نشر قاموساً تحت عنوان “معجم الكلمات الفرنسية من أصل عربي”، عرض فيه “لتاريخ ما يقرب من أربعمائة كلمة عربية استُعملت طوال عهود وما زالت تُستعمل إلى يومنا هذا، في اللغة الفرنسية الشفوية منها أو المكتوبة في حقول شتى، في علم الزراعة والفلاحة في الطب في الفلك كذلك في الرياضيات في الصيدلة في فن الطبخ إلى آخره”.
مثال على هذه الكلمات، كلمة (لاكيه) هي لقيط. المسخرة بالفرنسية (ماسكراد) وكذلك الشأن بالنسبة للتعرفة، فهي بالفرنسية (لو تريف).(5)
ويجدر الإشارة أن “أن وضع اللغة العربية في النظام التعليمي الفرنسي بالغ التردي، وهو ما تدل عليه الأرقام الرسمية التي تفيد بأنه في عام 2017 كان عدد التلاميذ الذين يدرسون العربية 4573 تلميذاً من أصل أكثر من ثلاثة ملايين وثلاثمائة ألف تلميذ. أما في التعليم الثانوي، فإن العدد يصل إلى 6200 تلميذ من أصل 2.73 مليون تلميذ. وبكلام آخر، فإن نسبة التلاميذ الذين يدرسون العربية تتأرجح ما بين 0.01 و0.02 في المائة. كذلك، فإن وزير التربية كذّب الادعاءات التي تقول إنه «سيفرض تعليم العربية منذ الصفوف الابتدائية»، وليؤكد أن تعليمها في هذه الصفوف اختياري، ويأتي من خارج المنهج الرسمي المقرر وساعاته التعليمية المحددة. والعربية تدرس كبقية اللغات، مثل الروسية، والكرواتية، والتركية، والصربية… ويقوم بذلك معلمون يأتون من هذه البلدان وعلى نفقة حكوماتهم. أما اللغة الأجنبية الأكثر ذيوعاً فهي الإنجليزية تليها الإسبانية، والألمانية. وتحل اللغة الصينية قبل العربية؛ إذ يتعلمها في الثانوي لغةً ثالثة 18618 تلميذاً مقابل 6200 للعربية”.(6)
______________________________________________________
المراجع:
(1): مقالة على موقع France 24 لطاهر هاني تحت عنوان: “فرنسا: تقرير يقترح تعليم اللغة العربية في المدارس العمومية “، نُشرت في 11 أيلول 2018، رابط المقالة:
https://www.france24.com/ar/20180911
(2): مقالة على موقع “Le Parisien” تحت عنوان “L’enseignement de l’arabeestissud’une tradition séculaire et prestigieuse” نُشرت في: 16 أيلول 2018، رابط المقالة:
http://www.leparisien.fr/societe/l-enseignement-de-l-arabe-est-issu-d-une-tradition-seculaire-et-prestigieuse-16-09-2018-7890279.php
(3): مقالة على موقع “Liberation.fr” تحت عنوان “Y a-t-il plus de mot arabesdans la langue française que de mots gaulois, commel’affirmeLorànt Deutsch?” لـ لوك باييون Luc Peillon، نُشرت في 26 تشرين الأول 201، رابط المقالة:
https://www.liberation.fr/checknews/2018/10/26/y-a-t-il-plus-de-mot-arabes-dans-la-langue-francaise-que-de-mots-gaulois-comme-l-affirme-lorant-deut_1687976
(4): مقالة في جريدة الحياة لأنطوان جوكي تحت عنوان “عندما استعانت اللغة الفرنسية بـ «الأسلاف العرب»” نُشرت في 14 أيار 2017، رابط المقالة:
http://www.alhayat.com/article/864497/
(5): مقالة على موقع الجزيرة تحت عنوان “معجم الكلمات الفرنسية من أصل عربي لصلاح غريميش”، رابط المقالة:
http://www.aljazeera.net/programs/a-book-i-wrote-read/2008/11/23/
(6): مقالة في جريدة الشرق الأوسط لميشال أبو نجم تحت عنوان “تعليم العربية يثير جدلاً في فرنسا” نُشرت بتاريخ 15 أيلول 2018، رابط المقالة:
https://aawsat.com/home/article/1396146/

بالحساب تزوّجت السيدة عائشة رضي الله عنها في سن الثامنة عشرة

لين علوان*

49 – العدد التاسع والأربعون ربيع 2019

في كتاب “المرأة والإسلام”، أشارت ليلى أحمد بأنّه لا يوجد ما يشير إلى أنّ أيّ شخص اعتبر زواج السيدة عائشة (رضي الله عنها) من رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) غير لائق، علمًا بوجود أحاديث تدّعي أنّ عمرها لم يتجاوز التاسعة عندما اكتمل زواجها من سيدنا محمّد (صلّى الله عليه وسلّم) والذي كان يبلغ الخمسين من عمره في تلك الفترة. كما ورد في صحيحي البخاري ومسلم .
إن محاولة الدفاع عن الإسلام ونبيّه صلى الله عليه وسلم في وجه النقّاد لم يكن قط شيئًا سهلاً، بتنا في زمننا هذا مضطرّين إلى تبرير معتقداتنا أمام الجميع، حتّى لإخوتنا في الإسلام، في كلّ مكان وفي كل موقف من حياتنا اليوميّة. ولكن حتّى بعد دفاعي لسنوات توازي فترة وعيي عن الإسلام واعتقادي أنّه أصبح لديّ الأجوبة لكلّ الأسئلة “المسيئة” لهذا الدين، قرأت كتاب المصريّة ليلى أحمد واضطررت إلى الجلوس لساعات أستمع إلى الطلاب المسلمين قبل غير المسلمين وهم يتفوّهون بما لا أجروء على قوله.
وقعت هذه الحادثة في جامعتي، في صفّ لدرس نظريّة المساواة بين الرجل والمرأة. كان علينا أن نكتب مقالة مستوحاة من الكتب التي قرأناها، فبقيت في الصفّ بعد انتهائه لأعبّر لأستاذي عن مدى استيائي لما يقال في الصفّ، فطلب أن أكتب مقالتي عن تشجيع الدين الإسلامي للزواج من الأطفال!؟.
بقيت أكتب في المقالة لمدّة أسبوعين، محوتها وأعدت كتابتها عدة مرات، وأنا أتجنّب موضوع زواج السيدة عائشة في ذلك العمر، لكن لم أكن راضية عن المعلومات التي كانت أمامي على الورق. لذلك قرّرت التحدّث إلى الأستاذ الدكتور محمّد فرشوخ.
ولما سألته عن الموضوع توقّعت منه تبريراً وشرحاً للحالة والتقاليد الإجتماعيّة خلال فترة الجاهليّة، لكنّه فاجأني بقوله أنّ الحديث يحتمل الخطأ في الرواية، وأنني سأجد الجواب الشافي في حساب الوفيات بدلاً من حساب الولادات.
تحمّست لمعرفة المزيد فبدأت أقوم بالأبحاث اللازمة.
ففي احتمال الخطأ في رواية الحديث، قرأت في فتح الباري في شرح صحيح البخاري ان الراوي هشام بن عروة بن الزبير (وهو أحد رواة هذا الحديث في صحيحي البخاري ومسلم)، قد اختلطت عليه الأمور في آخر أيامه بالعراق، فقال ابن حجر فيه: (أَنه فِي كبره تغير حفظه فَتغير حَدِيث من سمع مِنْهُ فِي قَدمته الثَّالِثَة إِلَى الْعرَاق). حتى نسب إليه شيء من التدليس .
وعند التدقيق في حساب الوفيات، وجدت أن السيدة عائشة رضي الله عنها قد توفيت سنة 57 أو 58 هجرية، وانها تصغر أختها أسماء بعشر أو إحدى عشرة سنة ، وأن أسماء قد توفيت سنة 73 هجرية عن عمر بلغ مائة سنة .
فتبين لي حسابياً، أن عمر أسماء يوم وفاة السيدة عائشة كان لا يقل عن 84 سنة. أي أن السيدة عائشة وهي التي تصغر أسماء ببضع عشر سنة كان عمرها على الأقل 73 سنة. وذلك سنة 57 للهجرة، فتكون قد ولدت قبل الهجرة بـ 16 سنة.
قد تزوجت إذن وقد بلغت 18 سنة من العمر. للعقل والمنطق وللتحقيق دور في الإسلام، الحمد لله.


*طالبة جامعية
فتح الباري لابن حجر (1/ 448).
سير أعلام النبلاء ط الحديث (3/ 520).
سير أعلام النبلاء ط الحديث (3/ 523-524).

تقصير في الأبوّة خلل في الطفولة – دور الأب في تنمية شخصية الطفل السويّ

زينب ضاهر*

49 – العدد التاسع والأربعون ربيع 2019

أبرز ما يشكّل شخصية الإنسان هو ما يمرّ به في طفولته، وبناء الإنسان الصحي هو مسؤولية الوالدين والمجتمع والمؤسسات الدينية والاجتماعية، وعلى الأهل ممارسة الدور الأولي في تشكيل شخصية الطفل السويّ وتطوير مهاراته وتربيته التربية السليمة، وهي مهمة قلّما يلتفت إليها الأهل في أيامنا هذه.
نستعرض أدناه بعض الجوانب المهمة المتعلقة بالطفل في عمر السابعة، وعلاقة الأب بشكل خاص بابنه وابنته، وكيفية التأثير على هذه العلاقة من خلال الإعلام الذي يُظهر الأب بصورة مخالفة لدوره الطبيعي، ما يُحدث خللاً في شخصية الطفل المُشاهِد ويؤثر بالتالي على المجتمع بأكمله الذي بات التلفزيون مرجعيته الأولى هو ومواقع التواصل الاجتماعي، وغاب الأب عن دوره وعن عائلته، وغاب الإنسان بالتالي عن دوره في مجتمعه وتخلخلت الأدوار كافة، على أمل أن يستعيد كلّ منا وعيه وإدراكه بمسؤوليته ويقوم بواجبه من أجل تنشئة جيل قوي سوي يرتقي بالمجتمع.

تربية الطفل في سن السابعة

تحدث أهم التغيّرات في الدماغ في عمر السابعة، حيث يحصل النمو الأكبر لكل من الفص الجبهي والفص الصدغي أكثر من أي عمر آخر، وهما المسؤولان عن العمليات المعرفية. وتقوم هذه الفصوص في نفس الوقت بإجراء وصلات عصبية مع النظام الذي يسيطر على المشاعر. بمعنى آخر، تخضع عمليتا التفكير والمشاعر إلى تعديل شامل.

ويقول مايكل غوريان Michael Gurian المعالج وكاتب كتاب “NURTURE THE NATURE: Understanding and Supporting Your Child’s Unique Core Personality”: تزدهر مناطق في الدماغ متخصصة بعملية التعلم عبر العلاقات الاجتماعية لدى الأطفال من عمر السابعة إلى العاشرة. وهناك أربع مناطق تتغير هي الآتية:

– مناطق التعرف والتربية: في عمر السابعة، يبدأ الطفل باستعمال عدد أكبر من الكلمات، يتحسن كلامه وكتابته، ويتذكر بشكل أكبر الكلمات ومذاكرته المدرسية. ويصبح بشكل عام أنضج عما كان من قبل.

بحسب غوريان، يتطور النمو اللغوي لدى الصبيان والفتيات في عمر السابعة مع تفوّق الفتيات على الصبيان في استعمال الألفاظ. إذ لدى الفتيات قدرة أكبر من الصبيان على الكتابة واستعمال كلمات أكثر عند التكلم.

– المشاعر: يزداد تطور المشاعر، ويصبح لدى الأطفال في سن السابعة القدرة على التعامل مع مشاعرهم والتعبير عنها بكلمات. يميل الصبيان إلى البكاء أقل من الفتيات ويحاولون التعامل مع الصعوبات وعدم إظهار ضعفهم، ويميلون إلى الانسحاب من المواقف بشكل أكبر من الفتيات. بينما تميل الفتيات إلى البكاء للحصول على المساعدة بدلاً من الانسحاب ويطلقون السراح لمشاعرهم ويعبرون عنها بحرية.

– العلاقات الاجتماعية: في هذا العمر، تزداد العلاقات لدى الأطفال، وتميل الفتيات إلى الحصول على علاقات مع الأخرين، أكثرهم من الصبيان، وإن كانت متقلبة، وهو أمر طبيعي، فقد تصبح صديقة الفتاة عدوّتها في اليوم الثاني. أما الصبيان فلديهم علاقات أقل من الفتيات ولكن علاقاتهم أكثر ديمومة.
يقول غوريان أنه في هذه المنطقة، على الأهل القلق عندما يقوم طفلهم في عمر السابعة بالانسحاب الكلي وعدم محاولة تشكيل أية علاقة.

– الأخلاق: للمرة أولى، يطور الأطفال حسّ العدالة ويستطيعون فهم التوازن بين العدل والظلم بشكل أفضل. وهو أمر ينطبق على الصبيان والفتيات على حد سواء. ولكن لدى الفتيات نطاق أوسع بفهم ما هو جيد أو سيء. ولدى الصبيان اندفاع بدني أكبر في هذا العمر. وعلى أهلهم وضع حدود لأفعالهم الجسدية، التي من خلالها يعبرون عن حبّهم، لا من خلال الكلمات.
إن عمر السابعة هو عمر رائع لتطور الأطفال، لديهم شغف للتعلم وشغف للحياة، وليس من الضرورة ملء وقت الطفل بالنشاطات والرياضات، فالقليل يكفي الدماغ لأنه سيتخلص بدوره من كل ما هو زائد ولا حاجة له.
تكمن أهمية سن السابعة في أنها المحطة الاولى لوعي الصبيان لما يدور حولهم وللدور الذي يتمنون أن يقوموا به في هذا المحيط، وهم في الوقت ذاته لينون كالعجينة بيض على الفطرة كاللبن.
إنها سن استثارة العاطفة والعقل معاً للذهاب يميناً أو يساراً، وورد سن السابعة في الحديث الشريف: “مُرُوا أَوْلاَدَكُمْ بِالصَّلاَةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرِ سِنِينَ وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ في الْمَضَاجِعِ” (رواه أحمد وأبو داود)، وقد ورد في الأثر (قول لسيدنا علي رضي الله عنه): لاعِبْ ولدك سبعاً، وأدبه سبعاً، وراقبه سبعاً، وصاحبه سبعاً.

العلاقة الأبوية وأهميتها
بحسب ايفون داللير (Yvon Dallair, 2011)، أشار علماء النفس إلى وظيفة الأب في خمسة مجالات محددة:
1) الحماية: كانت الحماية سابقاً تعتمد على القوة الجسدية للحماية من الأخطار الخارجية، يقع على عاتق الرجل الآن تأمين الحماية لأولاده ولزوجته الذين يعتمدون عليه، لذلك يجب أن يكون متواجداً جسدياً ونفسياً، ومنحه من قبلهم القيمة والمكانة اللازمتين للقيام بهذه الوظيفة.
2) التعليم: على الوالد تعليم أولاده السيطرة على النفس، الابتعاد عن الاشباع الفوري لحاجاتهم ولذّاتهم. عليه أن يعلّمهم الصبر، ويساعدهم على وجه الخصوص على توجيه عدوانيتهم نحو التعبير الإيجابي والبناء. وبالتالي، على إدارة شؤونهم الخاصة.
3) المبادرة: من وظائف الأب تعريف الأولاد على الضغط والحاجة التي يتعرض لها الإنسان بشكل عام في الحياة، وذلك من أجل دمجهم في عالم الكبار والمجتمع. فيعرّفهم على قوانين المجتمع ليستطيعوا العيش فيه. وقد يكون من أسباب زيادة جنوح الأحداث، تراجع الأب عن تأدية هذا الدور، فيصبح الأولاد جانحين لاعتقادهم بأن كل شيء هو ملك لهم، والناس جميعاً في خدمتهم.

4) الفصل: من وظائف الأب فصل الأم عن الطفل والأم عن الأب، وليس تشكيل علاقة ثلاثية يضيع فيها هوية كل واحد من هؤلاء. يسمح الأب ببقاء ونمو طفله، كذلك يسمح ببقاء ونمو المرأة المتواجدة في الأم.
5) النسب: يحتاج كل طفل إلى معرفة بأن لديه أم وأب، وبأنه ينحدر من سلاسة لها تاريخ. يحتاج إلى الشعور بالارتباط بالإنسانية، وبأنه جزء من عائلة كبيرة.

وبحسب موقع (www.kidcentraltn.com) التابع لقسم الصحة والخدمات الإنسانية في ولاية تينيسي في الولايات المتحدة الأميركية، يلعب الأب دوراً مهماً في تنشئة شخصية الطفل، فالأب الحاضر في حياة الطفل يشارك بتنشئة صحته العاطفية، نموه الاجتماعي واحترامه لنفسه. ولدى استجابة الأب لبكاء طفله، الاهتمام به واحتضانه تأثير ايجابي على ثقة الطفل بنفسه وعلى سلوكه. وأظهرت الدراسات أن تواجد الأب في مرحلة الطفولة واشتراكه فيها يقلل نسبة إصابة ابنه بأعراض مشاكل الصحة العقلية عند بلوغه التاسعة من العمر، وتبنيه سلوكيات خطرة.
ومن العوامل التي تعزز نجاح الطفل في مدرسته، تشجيع الأب طفله عند قيامه بعمل جيد أو تحقيقه لعمل ما عبر تقبيله أو احتضانه، ومواساته عند حزنه أو خوفه. وذلك بغض النظر عن المستوى الاقتصادي للأسرة.
وأشارت بعض الدراسات إلى أن الأب المشجع والذي يتعامل بهدوء عندما يخطئ ابنه يربي صبياناً أقل عدوانية وفتيات أقل سلبية مع رفاقهنّ. وأظهرت دراسات أخرى أن الأب الذي يشارك في تربية ابنته منذ الصغر قد تتعرض بشكل أقل إلى البلوغ المبكر، التجارب الجنسية المبكرة وحمل المراهقات. يؤدي وجود الأب إلى تنشئة صبي ذو مشاكل سلوكية أقل، وفتاة ذات مشاكل نفسية أقل.
تؤدي مشاركة الأب في تنشئة الطفولة المبكرة إلى النمو الايجابي للطفل، بما فيه تطوير نمو اللغة إذ يستعمل الأب كلمات جديدة في حين تكرر الأم الكلمات نفسها.
يؤثر تعلق الطفل بأهله في طريقة فهم الطفل للعلاقات مع الآخرين من حيث تشكيل بناء نماذج عملية داخلية لديه. بحسب دراسة أجراها لامب وشركاؤه (Lamb et al 1982)، تبين لديه أن التعلق الآمن للطفل بأبيه يجعله اجتماعياً مع الغرباء. وبحسب بيلسكي، غاردوم وهرنسير (Belsky, Garduque and Hrncir 1984) ارتبط تعلق الطفل بأبويه خاصة بأمه، بارتفاع مستوى المهارات المعرفية لدى الطفل.

الأبوان في الاعلام

لم يساعد الاعلام بشكل عام، والمسلسلات والأفلام التي تتوجه للأطفال بشكل خاص على تقديم صورة بناءة تعزز الدور الإيجابي للأب، تقول الأم في فيلم “Honey, I Shrunk the Kids”: “الأباء يساوون التسلية، والأمهات تساوي العمل”.الصورة العامة للأباء هي الأب المُسلّي، غير المسؤول الذي يعرض أطفاله للخطر، المرح، إما غائب أو سيّئ. بينما الأم عاملة جدّية يُعتمد عليها، وعليها حماية أبنائها.
وأظهرت دراسة قامت بها سافانا كينان Savannah Keenan من جامعة يونغ بريغام Brigham Young University في الولايات المتحدة الأميركية، أن حولي 40% من السلوكيات الأبوية في المسلسلات المتلفزة التي تتوجه للأطفال بين التاسعة والرابعة عشر من العمر، كـ ” Good Luck Charlie” و “Girl Meets World” على قناة ديزني، هي سخيفة وتهريجية. ويرّد الأبناء على الآباء بنسبة 50% بشكل سلبي، غالباً ما يكون عبر تدوير العينين، الاستهزاء بآبائهم، انتقادهم بشكل لفظي أو سلوكي، المشي بعيداً والتعبير عن انزعاجهم.
بحسب هذه الدراسة، يتصرف الأب بشكل مهرج كل 3،24 دقيقة، وأصبحت السلوكيات على قناة ديزني هي المقياس الذي يتم على أساسه التصرف.
الاستهزاء ليس فقط من قبل الأبناء، بل الزوجات أنفسهن، أشارت دراسة لإريكا شارير (Erica Scharrer, 2001) من جامعة “ماساتشوسيتس أميرست” Massachusetts Amherst، بأنه ازدادت نسبة إلقاء الأم دعابة عن الأب من عام 1950 وحتى عام 1990 من 1.8 مرة بالحلقة إلى 4.29 مرة بالحلقة. وأشارت بأنه من يلقي الدعابة هو من يمتلك السلطة والقيمة الأكبر أكثر ممَّن يُستهزأ به.
فإذا كان الأب يمثّل السلطة، والحدود التي يجب على الطفل وضعها لنفسه، ويتم تصويره بأنه رجل غير مسؤول وسخيف، فكيف سيتماهى الأطفال مع هذه الصورة النمطية للأب؟ وهل سينتقل هذا التصرف إلى البيوت عبر التقليد؟
بناء شخصية الطفل السويّ مرتبط إذن ارتباطاً مباشراً بالعلاقة المدروسة بين الأبوين وبإيلاء الآباء إهتماماً أكبر بأولادهم، عبر تخصيصهم بالمزيد من الوقت والتوجيه، فلا يستخفن أبٌ بدوره في تنمية شخصية أولاده.


*من أعضاء منتدى الإعجاز العلمي في القرآن والسنة

المصادر:

  • مقالة تحت عنوان: Lucky Age 7: Why and How Kids Change – نُشرت بتاريخ 14 أيار 2014 على موقع: education.com، رابط المقالة:

https://www.education.com/magazine/article/Lucky_7_How/

  • مقالة على تحت عنوان: Fathers Play an Important Role in Child Development – على موقع kidcentraltn.com، رابط المقالة:

https://www.kidcentraltn.com/development/0-12-months/fathers-play-an-important-role-in-child-development.html

  • كتاب ايفون داللير “Homme et fier de l’être” (2001)
  • مقالة تحت عنوان: Millennial fathers are rejecting the ‘bad dad’ stereotypes – نُشرت بتاريخ 3 كانون الثاني 2018 على موقع: weforum.org، رابط المقالة:

https://www.weforum.org/agenda/2018/01/millennial-fathers-are-rejecting-on-screen-dad-stereotypes-research-finds/

العكبر: الذهب الأرجواني في خلية النحل – اكتشافات وأبحاث جديدة

د. ميساء بنات*

العدد الثاني والخمسون شتاء 2020

هناك العديد من المنتجات والمركبات التي يستطيع النحل إنتاجها غير العسل، ومنها العكبر فما هو العكبر؟ وما هي فوائده الصحية؟
عرف الإنسان فوائد صمغ النحل أو العكبر أو البربوليس منذ آلاف السنين وقد تجدد الاهتمام به حديثاً نظراً لكونه مصدراً طبيعياً في الطب الشعبي وفي الصناعة الكيميائية. توضح هذه المقالة التكوين والخصائص البيولوجية والدوائية والنشاط العلاجي لاستخدامات صمغ النحل.
تحمل النحلة فكرة العلاج الطبيعي إذ قد توفر هذه الحشرة “المتواضعة” علاجاً للفيروسات والأمراض التي تصيب الانسان وذلك بإفراز مادة راتنجية صمغية يستخدمها النحل في تثبيت خلية النحل ولصق أطرها، وسد الشقوق والفوهات التي يدخل منها الضوء، وتضييق مدخل الخلية في فصل الشتاء. كما يستعملها لتحنيط بعض القوارض والحشرات كبيرة الحجم التي يقتلها داخل خليته، ويصعب عليه إخراجها لكبر حجمها، فيقدم على تغليفها بالكامل بالعكبر، منعاً لتحللها وصدور روائح كريهة داخل الخلية .

ماذا قال الطب القديم عن صموغ النحل؟
عرف الإنسان فوائد العكبر منذ آلاف السنين، فاستعمله المصريون ثم الإغريق والرومان في العلاج. و استخدمه الإغريق قديماً لالتئام الجروح وتقليل التورم.
ويقول الخبراء أن العكبر موجود منذ أكثر من 45 مليون عاماً، وأنه استخدم من قبل الإنسان لآلاف السنين. واستعمل أبوقراط العكبر كمرهم في علاج الجروح والقروح. وبعد أربعة قرون كتب الطبيب الروماني الشهير ”ليني” عن فوائد العكبر في شفاء القروح وتخفيف التورمات وتليين المناطق القاسية. واستعمل العكبر في القرون الوسطى كمادة مضادة لالتهابات جوف الفم ومضاد لقلح الأسنان. كما استعمل في علاج الزكام وآلام المفاصل، ومن إحدى العادات المتبعة في ذلك الحين أن توضع كمية قليلة منه على سرة الوليد !!.

المحتويات الكيميائية لصمع النحل
يتكون العكبر من (55) بالمئة من موارد راتنجية وبلسم، و (30) بالمئة من الشمع، و (10) بالمئة من زيوت عطرية، و (5) بالمئة من حبوب اللقاح، ويحتوي على العديد من الفيتامينات وأهمها فيتامين (A)، ويحتوي أيضاً على المعادن الأربعة عشر المهمة للجسم البشري، منها الكالسيوم، والصوديوم، والبوتاسيوم وغيرهم .
ماذا قال عنه الطب الحديث؟
وحديثاً يجري الأطباء البريطانيون اختبارات لمعرفة ما إذا كان العكبر يساعد في علاج الاكزيما والتقرحات وقرحة المعدة. ويعتقد حتى انه ينفع لتخفيف مرض الزهايمر.
وقد تبيّن لباحثين في جامعة “بليموث” في بريطانيا،، (Plymouth University) ، أن غسول الفم المصنوع من مادة يستخدمها النحل لمقاومة الماء في الخلية، يمكن أن يساعد في مكافحة ارتفاع ضغط الدم وأمراض اللثة. وبالإضافة إلى استخدام هذه المادة في المجال الطّبي بفضل فوائدها المطهرة، كما كشفت الدّراسة أنّ هذا الصمغ يُستخدم أيضاً لخفض ضغط الدّم.

وفي هذا الإطار، يشرح الباحثون أنّ هذه المادة تُخفض ضغط الدم في الجسم عن طريق تحفيز نشاط البكتيريا الموجودة بشكل طبيعي في الفم وزيادة أعدادها، والتي تحول مادة النترات في الغذاء إلى مركب يوسّع الأوعية الدموية مما يخفض ضغط الدم.
وفي هذا السياق، يقول الدكتور راؤول بيسكوس: “لقد اختبرنا غسول الفم هذا على 50 متطوّعاً في الجامعة وقمنا بتحليل البكتيريا في أفواه المشاركين في بداية ونهاية التجربة. ويمكننا القول إن تعزيز عدد البكتيريا في الفم ونشاطها يساهم في الحفاظ على مستوى ضغط الدم الطبيعي وبالتّالي يُتناول الصمغ كبديل للأدوية المستخدمة في هذه الحالات.”
وسيدرس الفريق في المدى المنظور أيضاً ما إذا كان غسول الفم الذي يحتوي على صمغ النحل يمكن أن يساعد في مكافحة أمراض اللثة، بعد أن اقترحت ذلك دراسات سابقة. وإذا نجحت هذه الاختبارات التي تجري في ثلاثه مستشفيات بريطانية، فانها ستفتح الطريق لكي يتم ترخيص هذه المادة كدواء.
ويعتقد البروفيسور أرنولد بيكيت، وهو خبير في كيمياء الأدوية، أن البروبوليس أو العكبر قد يزود الأطباء بمضاد حيوي طبيعي لمكافحة العدوى. وأنه يعمل كمضاد للفيروسات، ومكافحة الفطريات المضادة للبكتيريا، وهو ما يعادل أياً من المخدرات الحديثة. وتبين الأبحاث أن هذه المادة فعالة جداً في مكافحة البق بسبب مزيج فريد من نوعه مكون من أكثر من 2,000 مكوناً كيميائياً.
وقد استخدم البروفيسور بيكيت أيضا مرهم صمغ النحل على مرضى الأكزيما لتخفيف الحكة، وقد تبين انه إذا كانت القروح موجودة بالفعل، فإنها تلتئم بسرعة. ويتم العمل على عدد من الإختبارات في مستشفى هامرسميث في لندن لمعرفة ما إذا كان صمغ النحل يقلل من أمراض الالتهابات الجلدية. وينظر الباحثون أيضاً في ما إذا كان يساعد على التئام الجروح الناجمة عن قرحة الساق.
واستنادا إلى التركيب الكيميائي المعقد جداً لصمغ النحل وخصائصه الدوائية والعلاجية، نستنتج أن صمغ النحل مادة طبيعية قوية يمكن استخدامها لعلاج الأمراض البشرية بنجاح كبير. وترتبط بعض المشاكل لهذا المنتج بمصدر تكوينه النباتي وبوقت جمع وإدراج ملوثات الشمع. كما أن الاختبارات الكيميائية الدقيقة لم تطبق بعد لغرض مراقبه الجودة .
مستقبل أبحاث العكبر
يلزم إجراء مزيد من البحوث بشأن التركيب الكيميائي لصمغ النحل وبشأن الأنشطة البيولوجية للمواد المعزولة عنه. على وجه الخصوص، يمكن أن يكون اكتشاف مصادر النباتات لصمغ النحل في مناطق جغرافية مختلفة ذات أهمية كبيرة. ويمكن أن تؤدي معرفة المركبات النشطة إلى صياغة عدد من أنواع البروبوليس “المحلي” استناداً إلى أصل النبات؛ على سبيل المثال “الأوروبيه”، “الروسية الشمالية”، وبعض الأنواع “البرازيلية”.
كما يجب الجمع بين الاختبارات الكيميائية والتجارب البيولوجية لأغراض مراقبة الجودة، وخاصة الاختبارات المضادة للميكروبات وخصائص النقاء، مثل النسبة المئوية من شمع العسل، وبقاياه غير القابلة للذوبان. ويتطلب هذا النهج إجراء تحقيقات منهجية في الكيمياء والعمل البيولوجي لصمغ النحل في المناطق الكبيرة, هذا لا يمكن تحقيقه إلا بالجهود المشتركة التي يبذلها العديد من العلماء ومربي النحل والمنظمات الوطنية والدولية العامة والحكومات وذلك لمعرفة المزيد حول العكبر: “الذهب الأرجواني من خليه النحل”.
من أوجه الإعجاز العلمي:
هذا الخليط العجيب، الذي تعجز أكبر المصانع التي بناها الانسان عن إنتاج شيء مثله، يخرجه ربنا ﷻ من بطون الشغالات من إناث النحل، ولذلك جاءت الإشارة اليه بقول الله ﷻ: {يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ} (سورة النحل)، والألوان لغةً تعني الأنواع أيضاً وليس الأصباغ فقط، وهو شراب لأنه خليط من عسل النحل و غذاء ملكات النحل وشمع النحل، وصموغ النحل وغرائه (أو العكبر) وسم النحل، وخبز النحل. وهذه حقائق لم يبدأ الإنسان بالتعرف عليها إلا بعد منتصف القرن التاسع عشر الميلادي، وأشار إليها القرآن الكريم من قبل ألف وأربع مئة سنة بهذه الدقة العلمية الفائقه بقوله ﷻ :{وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ (68) ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاء لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (69) } (سورة النحل).
كما وردت أحاديث نبوية عديدة عن فوائد منتوجات النحل، ومن ذلك ما ورد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عن رَسُولُ اللَّهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ:‏ “‏مَنْ لَعِقَ الْعَسَلَ ثَلاَثَ غَدَوَاتٍ كُلَّ شَهْرٍ لَمْ يُصِبْهُ عَظِيمٌ مِنَ الْبَلاَءِ ‏” ‏‏.‏


* أستاذة في جامعة رفيق الحريري، ومن أعضاء منتدى الإعجاز العلمي في القرآن والسنة وعضو في منتدى الإعجاز العلمي في القرآن والسنة

1- الإعجاز-العلمي/علم-الحيوان-والحشرات/وفي-العكبر-أسرار-وإعجاز https://www.iijazforum.org/-1

2- Pope, N. (1999, Jun 02). Bee healthy: Final 1 edition]. The Sun Retrieved from https://search.proquest.com/docview/369377100?accountid=158790

3- 3 Bankova, V. S., de Castro, S. L., & Marcucci, M. C. (2000). Propolis: recent advances in chemistry and plant origin. Apidologie, 31(1), 3-15.

4- رواه ابن ماجة في “سننه” (3450) ، والبخاري في “التاريخ (6/54) “

 

الإسلام يتصدر قائمة الأديان الأسرع نمواً في النرويج

 العدد الثاني والخمسون شتاء 2020

هناك نحو 175 ألف و500 مسلم مسجلون بالمنظمات الإسلامية كأعضاء مقارنة بـ 90 ألفا في 2009

أظهر إحصاء رسمي لرصد الأديان في النرويج، أن الدين الإسلامي يتصدر قائمة الأديان الأسرع نمواً في البلاد.
وكشفت هيئة الإحصاء النرويجية، في إحصائية نشرتها مؤخراً ترصد نمو الأديان خلال الفترة من 2009 إلى 2019، أن هناك نحو 175 ألفا و500 مسلم مسجلون بالمنظمات الإسلامية كأعضاء.
وأوضح أن هذا العدد يسجل زيادة تقارب 90 بالمائة على أعداد المسلمين المسجلين عام 2009، والذي كان آنذاك 90 ألف و700.
ووفق الإحصاء، ارتفع عدد الأعضاء المسيحيين المسجلين في المجتمعات الدينية من خارج الكنيسة النرويجية (منظمات وهيئات) من 431 ألفا في 2009، إلى 678 ألفا في 2019، أي بزيادة تقدر بـ57 بالمائة.
وفي الوقت نفسه، تظهر الأرقام الخاصة بأعضاء الكنيسة النرويجية، أنهم مستمرون في الانخفاض، حيث كان للكنيسة عام 2018 حوالي 3.72 ملايين عضو، بانخفاض قدره 75 ألفا مقارنة بالأعوام الثلاثة السابقة له.
أما عدد المسجلين، بحسب الإحصاء، في المجتمعات الدينية اليهودية بالنرويج إلى اليوم، فيبلغ حوالي 819 عضواً.


*نقلاً عن موقع عربي 21، تاريخ 6 كانون الأول 2019

الحجاب… لصحّة أفضل

د. هند فواز*

 العدد الثاني والخمسون شتاء 2020

تعليقاً على مقال بعنوان “ظلمنا الحجاب أم ظلمناه” الوارد في مجلة اﻹعجاز، العدد 51، ص 14: أحسنت الكاتبة تفنيد اﻷسباب الشرعية للحجاب، كما قدمت توصيات تفيض باللين والرقة. بينما غاب عن مقالها المنافع الصحية للحجاب؛ فمِما حصل مع كثير من اللواتي التزمن نعمة الحجاب أنهنّ ﻻحظن عشرات الفوائد للحجاب والحمد لله. منها:
1- قبل الحجاب كان شعر الرأس بمثابة مغناطيس للبكتيريا والغبار وسرعان ما يتلبد بفعل الرطوبة العالية. بعد الحجاب يظل الشعر محافظاً على رونقه، خالٍ من الفايروسات والبكتيريا.
2- قبل الحجاب كانت أطراف الشعر مُشققة، بحيث ترى في نهاية كل شعرة أكثر من رأس -أي ما يسمى “الحصة”.
3- قبل الحجاب، وعندما تضطر اضطراراً للمسير تحت أشعة الشمس تشعر بحمّ يخترق اﻷذنين ويسبب آﻻماً وجفافاً في الفم ونهاية الحلق.
4- قبل الحجاب كانت بشرة الوجه تعاني جفافاً يتسبب ظهور بقع غامقة -كلف- ما لبثت أن بدأت تختفي بعد ارتداء الحجاب.
5- وفر ارتداء الحجاب الكثير من الوقت الذي كانت تحتاجه المرأة لترتيب شعرها وتصفيفه عند الخروج من المنزل.
6- بعد ارتداء الحجاب زادت قدرة كظم الغيظ وضبط اﻷعصاب.
7- بعد ارتداء الحجاب شعرت المرأة بتميزها بشخصية قوية؛ لقد تعالت على كل المغريات البراقة لما يسمى “اكسسوارات”، وتسريحات “عالموضة”.
8- أثبتت المرأة أن الحجاب ﻻ يسبّب تسارع تساقط الشعر، بدليل أن نساء كثيرات غير محجبات شارفن على الصلع، لم يبقّ سوى بضع خصل من الشعر تغطي القليل من جلدة الرأس. بينما نرى الكثير من السيدات المحجبات منذ نعومة أظفارهن يتمتعن بفروة رأس كثيفة الشعر.
9- الحجاب يعطي قيمة أناقة إضافية.
10- لم يعد الشعر يتأذى بعوامل المناخ من حر أو صقيع.
11- ارتداء الحجاب يبعث الدفء في أيام البرد، وﻻ ضير منه أيام الحر؛ فالذي يدفع البرد يدفع الحر أيضاً. بل قد نرى المحجبة عندها قدرة على تحمل الحر أكثر من غير المحجبة.
12- الحجاب يعطي المحجبة شعوراً دائماً بأنها في رعاية الله في كل وقت وحين.

الحجاب نعمة وتركه نقمة:
عندما نكون خارج المنزل أول شيء نفعله عندما نعود هو خلع الحذاء خارجاً، وغسل اليدين بالماء والصابون، ويمكن ملاحظة تحلل اﻷوساخ بتغير لون رغوة الصابون والماء إلى اللون الغامق. إنها اﻷوساخ ذاتها التي تكون عالقة في شعر الرأس عند غير المحجبات وعند الذكور أيضاً، ومع ذلك ﻻ يلتفت الرجل إليها. والخطير باﻷمر في هذه الحالة أن تعمد المرأة إلى معانقة أهل البيت -خصوصاً اﻷطفال في حال وجودهم- تعبيراً عن شوقها لهم من دون أن تدرك ما يمكن أن يلحقهم من الميكروبات التي علقت في شعرها أثناء وجودها خارج المنزل، هذه بمثابة توصية لغير المحجبات.
وأما التوصية التالية فهي أن ينتبه الرجل إلى وجوب إبعاد وسادته عن وسادة زوجته ما لم تكن قد غسلت شعر رأسها قبل الذهاب إلى السرير. فمعظم غير المحجبات ﻻ يقمن بغسل شعرهن كل يوم حفاظاً على التسريحة، ولعدم تمكنهن من الذهاب إلى صالونات التزيين النسائي يومياً، اﻷمر مكلف ومتعب للغاية.
هذا وتبقى الحكمة اﻹلهية في إنبات الشعر في أماكن محددة من أجسامنا، وطريقة تعاملنا مع هذه الخلقة الربانية خارج نطاق تفكير بني البشر.
مثلاً: جاء في اﻷحاديث القدسية ما معناه أن شعر العانة يحلق وينتف شعر اﻹبط. بينما شعر رأس المرأة يجب تغطيته. وأن تحت كل شعرة جنابة يجب إزالتها باﻻغتسال. ومع عجزنا عن إدراك أبعاد ذلك كله ﻻ نقول إﻻ “سمعنا وأطعنا”.


*من أعضاء منتدى الإعجاز العلمي في القرآن.