بقلم أ.ع.
للحديث الشريف سمة مميزة، فهو ليس بالسهل الممتنع كما قيل عن أسلوب ابن المقفع، وليس بالغريب المعجّم المستعصي على الأفهام كما في قصائد الشعر الجاهلي، وهو ليس بالطبع كسائر كلام العامة من الناس. فحديثه صلى الله عليه وسلم، يلفت انتباه السامع ويحفر في ذهن العاقل، ويحرك الأحاسيس والمشاعر، فيوقظ الهمم ويحرك القيم وينشط الذاكرة ويدفع إلى التذكر والتفكر والاتعاظ فالتغيير.
لأحاديثه صلى الله عليه وسلم وقع خاص في النفوس يعلو أثرها على كل حديث ويطيب تردادها في كل حين، ذهبت أقواله كالأمثال لروعتها ودقتها وحسن سبكها وصحة معناها وحكمها وحكمتها، قال الثعالبي: (فى سائر أمثاله، وروائع أقواله، وأحاسن حكمه في جوامع كلمه التي يلوح عليها نور النبوة، وتجمع فوائد الدين والدنيا)[1] ، ومنها على سبيل المثال:
«زر غباً تزدد حباً»[2] – «الحرب خدعة» – «ما عال من اقتصد» – «مِنى مناخ من سبق» – «يد الله مع الجماعة» -«لا جباية إلا بحماية» – «تهادوا تحابوا» – «القلوب تتشاهد» – «ترك الشر صدقة» -«أبدأ بمن تعول»[3] -«تخيروا لنطفكم»[4] -«خير الأمور أوسطها»-«إياك وما يعتذر منه»-«مطل الغني ظلم»[5]-«من غشنا فليس منا»-«الليل أمان»-«المجالس بالأمانة»-«الوحدة خير من جليس السوء»-«السعيد من وعظ بغيره»-«البركة في البكور»-«بلوا أرحامكم ولو بسلام»-«اليمين: حنث، أو مندمة»-«الندم توبة»-«الموت راحة»-«لا يكون المؤمن طعّانا ولا لعّانا»-«دع ما يريبك إلى ما لا يريبك» -«من كثّر سواد قوم فهو منهم» -«انصر أخاك ظالماً، كان أو مظلوماً»-«انتظار الفرج بالصبر عبادة» -«المرء على دين خليله» -«كاد الفقر أن يكون كفراً» -«لا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف» -«المستشير معان، والمستشار مؤتمن» -«لا خير في بدن لا يألم. ومال لا يزكى» -«خير المال عين ساهرة لعين نائمة» -«أنزلوا الناس منازلهم» [6]-«إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه» -«اليد العليا خير من اليد السفلى» -«من مات غريباً فقد مات شهيداً» .
وهذه الأمثلة تدل على وقع الحديث الشريف في النفوس وأثرها في العقول والقلوب وقد قرأت عن بعض محبي النبي صلى الله عليه وسلم من الصالحين قولهم أنهم يعرفون صحة الحديث الشريف من أثره الزكي الطيب في النفس، وتفاعل القلب والإحساس لدى سماعه. ويكفي المؤمنين شرفاً أنهم يتداولون الحديث الشريف في كلامهم بمثابة الحجة والدليل ويكفي أن سامعه يقتنع ويذعن ويرضى فهنيئاً لمن حفظها ووعاها.
[1] عبد الملك أبو منصور الثعالبي (ت 429هـ)، الإعجاز والإيجاز، مكتبة القرآن – القاهرة.
[2] أن تغيب عن العين حتى يشتاق إليك.
[3] الأقربون أولى بالمعروف.
[4] حسن اختيار الزوجة أم الأولاد.
[5] تأخر الغني في دفع ما استحق عليه.
[6] لا يرفع أحد فوق منزلته ولا يخفض دونها.