إعداد أ.ع.
قال صلى الله عليه وسلم:” أنا دعوة أبي إبراهيم وبشرى أخي عيسى ورأت أمي حين ولدتني أنها خرج منها نور أضاءت له قصور الشام”.[1]
دعوة إبراهيم عليه السلام
قال الله تعالى: وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ {127} رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ {128} رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ {129}.(سورة البقرة).
بشارة عيسى عليه السلام
وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ {6} (سورة الصف).
شرف النسب
جاء في الحديث الشريف: “لم أزل أنقل من أصلاب الطاهرين إلى أرحام الطاهرات”[2] وعن أنس قال :قرأ النبي صلى الله عليه وسلم:”لقد جاءكم رسول من أنفَسكم” (بفتح الفاء) وقال:ح:” أنا أنفَسُكُمْ نسباً وصهراً وحسباً ، ليس في آبائي من لدن آدم سفاح كلها نكاح”[3] وفي رواية:” كلها نكاح كنكاح الإسلام”[4].
-ح:إن الله اختارني من بني هاشم واختار بني هاشم من قريش واختار قريشاً من العرب فأنا خيارٌ من خيارٍ من خيار”.[5]
إشارات الظهور:
وجاء في الحديث: “.. ورأت أمي حين ولدتني أنها خرج منها نور أضاءت له قصور الشام”.
وجاء في كتب السيرة من علامات ولادته صلى الله عليه وسلم: سقوط 14 شرفة من قصر كسرى الفرس في المدائن وجفاف بحيرة ساوة باليمن [6]، وعودة أبرها مهزوماً ممنوعاً من دخول مكة وذلك في عام الفيل (حوالي سنة 570 م)، وانتهاء فترة القحط والجفاف في قريش بولادته، وخمود نار فارس، على الرغم من إيقاد خدامها لها، وذلك بعد أن مضى عليها ألف عام لم تنطفئ خلالها أبدا. وغارت عيون مياه كثيرة في بلاد فارس، ويفهم من كل ذلك علامات على أوان زوال عهود واضمحلال أمجاد وحلول عصر جديد.
-وعن حسان بن ثابت رضي الله عنه:” إني لغلام ابن سبع سنين أعقل ما رأيته وسمعته إذا يهودي يصرخ: يا معشر يهود هل ولد فيكم الليلة مولود؟ قالوا لا نعلم، قال انظروا فإنه طلع اليوم الكوكب الأحمر الذي لم يطلع إلا لخروج نبي أو ظهوره ولم يبق إلا أحمد وهذا مهاجره”[7].
-كما كان اليهود ينتظرون ظهوره صلى الله عليه وسلم فيهم ويتوقعون أن يكون منهم، وكانوا يستفتحون في أزماتهم ومعاركهم بالنبي المنتظر، ويبتهلون إلى الله به، وكانوا يعدون العرب بقتالهم وقتلهم عندما سيظهر وتقوى شوكة اليهود به، قال تعالى في ذلك: وَلَمَّا جَاءهُمْ كِتَابٌ مِّنْ عِندِ اللّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَمَّا جَاءهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّه عَلَى الْكَافِرِينَ {89} (سورة البقرة).
آخر ما أذن للجن باستراق السمع
-ومن أهم العلامات منع استراق الجن للسمع من السماوات فكان آخر خبر سمح بنقله من السماء إلى الكهان هو خبر ولادته صلى الله عليه وسلم.[8]، قال الله تعالى:{ وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاء فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا {8} وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَن يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَّصَدًا {9} (سورة الجن)}.
-روى البخاري عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (إذا قضى الله الأمر في السماء، ضربت الملائكة بأجنحتها خضعانا لقوله، كالسلسة على صفوان (الصخر)، فإذا فزّع عن قلوبهم،(ذهب روعهم)، قالوا: ماذا قال ربكم، قالوا للذي قال: الحق، وهو العلي الكبير. فيسمعها مسترقو السمع، ومسترقو السمع هكذا واحد فوق الآخر، فربما أدرك الشهاب المستمع قبل أن يرمي بها إلى صاحبه فيحرقه، وربما لم يدركه حتى يرمي بها الذي يليه، إلى الذي هو أسفل منه، حتى يلقوها إلى الأرض، فتلقى على فم الساحر، فيكذب معها مائة كذبة، فيصدق فيقولون: ألم يخبرنا يوم كذا وكذا، يكون كذا وكذا، فوجدنا حقا؟ للكلمة التي سمعت من السماء)[9].
-وبعد ذلك لم يعد ينزل خبر من السماء إلا بواسطة النبي صلى الله عليه وسلم وخاصة القرآن الكريم محروساً عند نزوله إلى الأرض. وفي الحديث عن سورة الأنعام:” لقد شيع هذه السورة من الملائكة ما سد الأفق “.[10]
قصة جده عبد المطلب والملك سيف بن ذي يزن
عندما انتصر سيف بن ذي يزن الملك الحميري على ملك الحبشة، ذهب عبد المطلب في وفد قريش إلى ذلك الملك العربي للقيام بواجب التهنئة، مهنئاً: فقرّبه وأدناه وأسرّ إليه: (يا عبد المطلب إني مفوض لك من علمي أمراً فليكن مصوناً حتى يأذن الله ، أجد في العلم المخزون والكتاب المكنون خبراً فيه شرف الحياة .. إذا ولد مولود بتهامة بين كتفيه شامة كانت له الإمامة إلى يوم القيامة ..هذا حينه الذي يولد فيه أو قد ولد ، يموت أبوه وأمه ويكفله جده وعمه ، وقد وجدناه مرارا والله باعثه جهارا وجاعل له منا أنصارا يعز به أولياءه ويذل به أعداءه ..يخمد الأديان ويكسر الأوثان ويعبد الرحمن.. يأمر بالمعروف ويفعله وينهى عن المنكر ويبطله.. إنك يا عبد المطلب لجده من غير كذب فخر ساجدا قال ارفع رأسك وعلا أمرك ..قال.. احفظ ابنك واحذر عليه من اليهود وأما الوفد الذين معك.. فلست آمن أن تدخلهم النفاسة من أن تكون لكم الرئاسة ولولا أني أقيه الآفات لأعلنت ذلك..ثم أمر بالهدايا لكل عضو من الوفد ولعبد المطلب عشرة أضعاف ما أعطى سواه..)[11]. وكان عبد المطلب يقول لقومه : ( لا يغبطني رجل منكم بجزيل عطاء الملك فإنه إلى نفاد ولكن يغبطني بما يبقى لي ذكره وفخره لعقبي).
-وورد:” من ولد له مولود فسماه محمداً حباً بي وتبركاً باسمي كان هو ومولوده في الجنة”. وفي الخبر:قال الله تعالى:”وعزتي وجلالي لا أعذب أحداً تسمى باسمك في النار”.كما ورد “إذا سميتموه محمداً فلا تضربوه ولا تحرموه ” ..[12]
– وعن عليّ رضي الله عنه مرفوعاً قال:”ليس أحد من أهل الجنة إلا يدعى باسمه (ولا يكنى) إلا آدم عليه السلام فإنه يدعى أبا محمد تعظيماً له وتوقيراً للنبي صلى الله عليه وسلم.” (أي كنّي بأجلّ ولده)[13].
يتبع
[1] وشاهده حديث العرباض بن سارية قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ” إني عبد الله وخاتم النبيين وإن آدم لمنجدل في طينته، وسأخبركم عن ذلك: إني دعوة أبي إبراهيم، وبشارة عيسى بي، ورؤيا أمي التي رأت، وكذلك أمهات النبيين يرين، وإن أم رسول الله صلى الله عليه وسلم رأت حين وضعته نورا أضاءت له قصور الشام ” أخرجه أحمد وصححه ابن حبان والحاكم وفي حديث أبي أمامة عند أحمد نحوه.
[2] الحاوي للفتاوي، الإمام السيوطي، ج2، ص413.
[3] الجامع الصغير لجلال الدين السيوطي.” أنا محمد بن عبد الله، بن عبد المطلب، بن هاشم، بن عبد مناف، بن قصي، بن كلاب، بن مرة، بن إلياس، بن كعب، بن لؤي، بن غالب، بن فهر، بن مالك، بن النضر، بن كنانة، بن خزيمة، بن مدركة، بن مضر، بن نزار، بن معد، بن عدنان. وما افترق الناس فرقتين إلا جعلني الله في خيرهما، فأخرجت من بين أبوي فلم يصبني شيء من عهد الجاهلية، وخرجت من نكاح ولم أخرج من سفاح، من لدن آدم حتى انتيهت إلى أبي وأمي. فأنا خيركم نسبا، وخيركم أبا”.
[4] أخرجه البيهقي في “سننه”، والطبراني في “معجمه” عن هشيم حدثني المديني عن أبي الحويرث عن ابن عباس قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: “ما ولدني شيء من سفاح الجاهلية وما ولدني إلا نكاح كنكاح الإِسلام”.
[5] كان بنو هاشم من أجلّ بطون قريش وما افتقروا إلا لكرمهم ولكثرة ما أنفقوا على الحجيج في الجاهلية.
[6] السيرة الحلبية ج1 ص119.
[7] البداية والنهاية، ابن كثير،ج2، فصل فيما وقع من الآيات ليلة مولده عليه الصلاة والسلام.
[8] السيرة الحلبية ج1 ص112.
[9] صحيح البخاري 4424 –
[10] رواه الحاكم في المستدرك وتعقب البيهقي في شعب الإيمان عن جابر. راجع كنز العمال حديث رقم 2580.
[11] محمد رشيد رضا ، محمد رسول الله ص23.
[12] الجامع الصغير لجلال الدين السيوطي. البزار عن أبي رافع تصحيح السيوطي: ضعيف.
[13] كشف الخفاء ومزيل الإلباس عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس، للإمام إسماعيل العجلوني الجراحي، حرف الهمزة مع النون.